الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَال يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} . (1)
الْغُرُورُ بِتَتَابُعِ النِّعَمِ:
10 -
رُبَّمَا اتَّكَل بَعْضُ الْمُغْتَرِّينَ عَلَى مَا يَرَى مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُ، وَأَنَّهُ يُعْطِيهِ فِي الآْخِرَةِ أَفْضَل مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنَ الْغُرُورِ (2) .
قَال الْغَزَالِيُّ: وَالْمَغْرُورُ إِذَا أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا ظَنَّ أَنَّهَا كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَإِذَا صُرِفَتْ عَنْهُ ظَنَّ أَنَّهَا هَوَانٌ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، إِذْ قَال:{فَأَمَّا الإِْنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُول رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُول رَبِّي أَهَانَنِ} (3) فَأَجَابَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ: {كَلًّا} ، أَيْ لَيْسَ كَمَا قَال، إِنَّمَا هُوَ ابْتِلَاءٌ، قَال الْحَسَنُ: كَذَّبَهُمَا جَمِيعًا بِقَوْلِهِ: {كَلًّا} يَقُول: هَذَا لَيْسَ بِإِكْرَامِي وَلَا هَذَا بِهَوَانِي، وَلَكِنَّ الْكَرِيمَ مَنْ أَكْرَمْتُهُ بِطَاعَتِي غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَالْمُهَانُ مَنْ أَهَنْتُهُ بِمَعْصِيَتِي غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا (4) .
(1) سورة هود / 45، 46.
(2)
الداء والدواء ص44.
(3)
سورة الفجر / 16.
(4)
إحياء علوم الدين 3 / 372.
وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَاّ مَنْ يُحِبُّ (1) .
أَصْنَافُ الْمَغْرُورِينَ:
11 -
يَقَعُ الاِغْتِرَارُ فِي الأَْغْلَبِ فِي حَقِّ أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ: الْعُلَمَاءُ، وَالْعُبَّادُ، وَالْمُتَصَوِّفَةُ، وَالأَْغْنِيَاءُ (2) .
أَوَّلاً: غُرُورُ أَهْل الْعِلْمِ:
12 -
الْمَغْرُورُونَ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ فِرَقٌ: مِنْهُمْ فِرْقَةٌ أَحْكَمُوا الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ وَالْعَقْلِيَّةَ وَتَعَمَّقُوا فِيهَا وَاشْتَغَلُوا بِهَا، وَأَهْمَلُوا تَفَقُّدَ الْجَوَارِحِ وَحِفْظَهَا مِنَ الْمَعَاصِي وَإِلْزَامَهَا الطَّاعَاتِ، وَاغْتَرُّوا بِعِلْمِهِمْ. وَظَنُّوا أَنَّهُمْ عِنْدَ اللَّهِ بِمَكَانٍ، وَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوا مِنَ الْعِلْمِ مَبْلَغًا لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ مِثْلَهُمْ، بَل يَقْبَل فِي الْخَلْقِ شَفَاعَتَهُمْ، وَهُمْ مَغْرُورُونَ، فَإِنَّهُمْ لَوْ نَظَرُوا بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ عَلِمُوا أَنَّ عِلْمَ الْعَامِلَةِ لَا يُرَادُ بِهِ إِلَاّ الْعَمَل وَلَوْلَا الْعَمَل لَمْ يَكُنْ لَهُ قَدْرٌ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
(1) حديث: " إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا. . . ". أخرجه أحمد في المسند (1 / 387) من حديث ابن مسعود، وأورده الهيثمي في المجمع (1 / 53) وقال: رواه أحمد، وإسناده بعضهم مستور، وأكثرهم ثقات.
(2)
مختصر منهاج القاصدين ص 248.