الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْرْبَعَ لَا تُجْزِي فِي الأُْضْحِيَّةِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا كَانَ أَخَفَّ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ الأَْرْبَعَةِ لَا يُؤَثِّرُ، وَمَا كَانَ مِنَ الْعُيُوبِ أَشَدُّ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ الأَْرْبَعَةِ فَهِيَ أَحْرَى أَنْ تُمْنَعَ كَالْعَمَى وَكَسْرِ السَّاقِ مَثَلاً.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا كَانَ مِنَ الْعُيُوبِ مُسَاوِيًا لَهَا فِي نَقْصِ اللَّحْمِ (1) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أُضْحِيَّة ف 24 وَمَا بَعْدَهَا)
الْعَيْبُ فِي الْهَدْيِ:
44 -
الْهَدْيُ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا غَيْرَ وَاجِبٍ فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَيَّبَ بِعَيْبٍ يَمْنَعُ الإِْجْزَاءَ أَوْ عَطَبٍ أَوْ ضَل لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لأَِنَّهُ نَوَى الصَّدَقَةَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ (2) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ أَهْدَى تَطَوُّعًا ثُمَّ ضَلَّتْ، فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي نَذْرٍ فَلْيُبْدِل وَفِي رِوَايَةٍ قَال: مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً تَطَوُّعًا فَعَطِبَتْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلٌ، وَإِنْ كَانَ نَذْرًا فَعَلَيْهِ الْبَدَل (3) .
(1) بدائع الصنائع 5 / 75، حاشية الدسوقي 2 / 125، بداية المجتهد لابن رشد 1 / 430، القوانين الفقهية ص 127، وروضة الطالبين 3 / 216، المغني لابن قدامة 3 / 553.
(2)
فتح القدير 3 / 83، والدسوقي 2 / 882، وروضة الطالبين 3 / 211، وكشاف القناع 3 / 15.
(3)
حديث:: " " من أهدى تطوعًا. . . " ". أخرجه البيهقي 5 / 244 بروايتيه، وصوب وقفه على ابن عمر.
وَأَمَّا الْهَدْيُ الْوَاجِبُ، سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا بِالنَّذْرِ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ وَاجِبًا بِغَيْرِهِ، كَهَدْيِ التَّمَتُّعِ، أَوْ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْل مَحْظُورٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَتَعَيَّبَ أَوْ عَطِبَ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَبْحُهُ، وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ الَّذِي كَانَ وَاجِبًا.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (هَدْي) .
الْعَيْبُ فِي الْحَيَوَانِ الْمَأْخُوذِ فِي الزَّكَاةِ:
45 -
الْحَيَوَانُ الْمُصَابُ بِعَيْبٍ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ وَالْهَرَمِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعُيُوبِ، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَخْذِهِ فِي الزَّكَاةِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ حَيَوَانَاتِ النِّصَابِ إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا مَعِيبَةً فَإِنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ يُؤْخَذُ مِنَ الْمَعِيبِ، وَيُرَاعَى الْوَسَطُ، وَلَا يُكَلَّفُ رَبُّ الْمَال شِرَاءَ صَحِيحَةٍ لإِِخْرَاجِهَا فِي الزَّكَاةِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا بِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَال لَهُ إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ (1) وَقَوْلِهِ
(1) حديث:: " " إياك وكرائم أموالهم " ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 357) ، ومسلم (11 / 50) .
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْغَاضِرِيِّ مِنْ غَاضِرَةِ قَيْسٍ رضي الله عنه وَفِيهِ: وَلَا يُعْطِي الْهَرِمَةَ وَلَا الدَّرَنَةَ، وَلَا الْمَرِيضَةَ، وَلَا الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ (1) .
وَأَيْضًا فَإِنَّ أَخْذَ الصَّحِيحَةِ عَنِ الْمِرَاضِ إِخْلَالٌ بِالْمُوَاسَاةِ، وَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُوَاسَاةِ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ إِلَاّ صَحِيحَةٌ، فَفِي الْمُنْتَقَى لِلْبَاجِيِّ: وَلَا يُخْرِجُ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ مَعِيبَةً كَتَيْسٍ وَهَرِمَةٍ وَلَا ذَاتِ عَوَارٍ - بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْعَيْبُ - وَإِنَّمَا يَأْخُذُ فِي الزَّكَاةِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةُ النَّسْل، فَمَا كَانَ مِنَ الأَْنْعَامِ مَرِيضًا أَوْ جَرِبًا أَوْ أَعْوَرَ فَلَيْسَ عَلَى الْمُصَدِّقِ أَخْذُهُ، إِلَاّ أَنْ يَرَى الْمُصَدِّقُ أَنَّهَا أَغْبَطُ وَأَفْضَل مِمَّا يُجْزِئُ عَنْهُ مِنَ الصَّحِيحِ فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهَا، وَيُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ كُلُّهَا تُيُوسًا أَوْ هَرِمَةً أَوْ ذَاتَ عَوَارٍ فَإِنَّ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ أَنْ يَأْتِيَهُ
(1) حديث:: " " ولا يعطي الهرمة. . . " " أخرجه أبو داود (3 / 240) .
(2)
فتح القدير 2 / 247، الأم 2 / 5، المغني لابن قدامة 2 / 600.
بِمَا يُجْزِئُ.
وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ عَلَى عَدَمِ الأَْخْذِ مِنَ الأَْنْعَامِ الْمَعِيبَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَْرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} (1) .
وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا حَيَوَانٌ يَخْرُجُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ السَّلَامَةُ كَالضَّحَايَا (2) .
وَنُقِل عَنْ الإِْمَامِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلُهُ: يُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ كُل ذَاتِ عَوَارٍ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا، وَالْعَمْيَاءُ مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهَا وَلَا مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ (3) .
وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ حَيَوَانَاتُ النِّصَابِ كُلُّهَا مَرِيضَةً مَعِيبَةً، أَمَّا إِذَا كَانَتْ صَحِيحَةً فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْمَعِيبَةِ عَنِ الصَّحِيحَةِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.
وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مَعِيبًا وَبَعْضُهَا صَحِيحًا لَا يُقْبَل إِلَاّ الصَّحِيحُ عَنْهَا فِي الزَّكَاةِ (4) .
(1) سورة البقرة / 267.
(2)
المنتقى للباجي 2 / 130، 134، حاشية الدسوقي 2 / 435.
(3)
المدونة الكبرى 1 / 312.
(4)
المغني لابن قدامة 2 / 600.