الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِرْقَةٌ أُخْرَى يَحْفَظُونَ الأَْمْوَال وَيُمْسِكُونَهَا بُخْلاً، ثُمَّ يَشْتَغِلُونَ بِالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى نَفَقَةِ الْمَال، كَصِيَامِ النَّهَارِ وَقِيَامِ اللَّيْل وَخَتْمِ الْقُرْآنِ، وَهُمْ مَغْرُورُونَ؛ لأَِنَّ الْبُخْل مُهْلِكٌ، وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَى قَمْعِهِ بِإِخْرَاجِ الْمَال، فَقَدِ اشْتَغَلُوا عَنْهُ بِفَضَائِل لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ (1) .
التَّخَلُّصُ مِنَ الْغُرُورِ:
16 -
يُسْتَعَانُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنَ الْغُرُورِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
أ -
الْعَقْل:
وَهُوَ النُّورُ الَّذِي يُدْرِكُ بِهِ الإِْنْسَانُ حَقَائِقَ الأَْشْيَاءِ.
ب -
الْمَعْرِفَةُ:
وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ أَنْ يَعْرِفَ الإِْنْسَانُ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ: يَعْرِفَ نَفْسَهُ وَيَعْرِفَ رَبَّهُ وَيَعْرِفَ الدُّنْيَا وَيَعْرِفَ الآْخِرَةَ، فَيَعْرِفَ نَفْسَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالذُّل، وَبِكَوْنِهِ غَرِيبًا فِي هَذَا الْعَالَمِ وَأَجْنَبِيًّا مِنْ هَذِهِ الشَّهَوَاتِ الْبَهِيمِيَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُوَافِقُ لَهُ طَبْعًا هُوَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ فَقَطْ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَعْرِفَ هَذَا مَا لَمْ يَعْرِفْ نَفْسَهُ وَلَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ، فَإِذَا حَصَلَتْ
(1) إحياء علوم الدين 3 / 397، ومختصر منهاج القاصدين ص259.
هَذِهِ الْمَعَارِفُ ثَارَ مِنْ قَلْبِهِ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ حُبُّ اللَّهِ وَبِمَعْرِفَةِ الآْخِرَةِ شِدَّةُ الرَّغْبَةِ فِيهَا، وَبِمَعْرِفَةِ الدُّنْيَا الرَّغْبَةُ عَنْهَا، وَيَصِيرُ أَهَمُّ أُمُورِهِ مَا يُوَصِّلُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَنْفَعُهُ فِي الآْخِرَةِ، وَإِذَا غَلَبَتْ هَذِهِ الإِْرَادَةُ عَلَى قَلْبِهِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِي الأُْمُورِ كُلِّهَا، وَانْدَفَعَ عَنْهُ كُل الْغُرُورِ (1) .
ج -
الْعِلْمُ:
وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا غَلَبَ حُبُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قَلْبِ الإِْنْسَانِ لِمَعْرِفَتِهِ بِهِ وَبِنَفْسِهِ احْتَاجَ إِلَى الْعِلْمِ بِمَا يُقَرِّبُهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا يُبْعِدُهُ عَنْهُ، فَإِذَا أَحَاطَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَمْكَنَهُ الْحَذَرُ مِنَ الْغُرُورِ (2) .
(1) إحياء علوم الدين 3 / 399، ومختصر منهاج القاصدين ص260.
(2)
المراجع السابقة.