الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجُوزُ، قَال مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لأَِنَّ الْجُعْل مَجْهُولٌ قَدْ دَخَلَهُ غَرَرٌ. (1)
ثَانِيًا - الْغَرَرُ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ:
أ -
عَقْدُ الْهِبَةِ:
18 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَأْثِيرِ الْغَرَرِ عَلَى عَقْدِ الْهِبَةِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْغَرَرَ يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْهِبَةِ، كَمَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَيْعِ، يَدُل لِذَلِكَ أَنَّهُمُ اشْتَرَطُوا فِي الْمَوْهُوبِ مَا اشْتَرَطُوهُ فِي الْمَبِيعِ.
قَال الْكَاسَانِيُّ: الشَّرَائِطُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى الْمَوْهُوبِ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْهِبَةِ، فَلَا تَجُوزُ هِبَةُ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَقْتَ الْعَقْدِ، بِأَنْ وَهَبَ مَا يُثْمِرُ نَخْلُهُ الْعَامَ، وَتَلِدُهُ أَغْنَامُهُ السَّنَةَ. (2)
وَقَال النَّوَوِيُّ: وَمَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ هِبَتُهُ، وَمَا لَا - كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ وَضَالٍّ - فَلَا. (3)
وَعَرَّفَ الْحَنَابِلَةُ الْهِبَةَ: بِأَنَّهَا التَّبَرُّعُ بِتَمْلِيكِ مَالِهِ الْمَعْلُومِ الْمَوْجُودِ فِي حَيَاتِهِ غَيْرَهُ، قَال الْبُهُوتِيُّ: خَرَجَ بِالْمَال نَحْوُ
(1) المرجع السابق.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 119.
(3)
المنهاج مع مغني المحتاج 2 / 399.
الْكَلْبِ، وَبِالْمَعْلُومِ الْمَجْهُول، وَبِالْمَوْجُودِ الْمَعْدُومُ، فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِيهَا. (1)
كَمَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ عَقْدِ الْهِبَةِ فِي حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَالإِْضَافَةِ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْغَرَرَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْهِبَةِ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُول وَالْمَعْدُومِ الْمُتَوَقَّعِ الْوُجُودُ، وَبِالْجُمْلَةِ كُل مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي الشَّرْعِ مِنْ جِهَةِ الْغَرَرِ. (3)
وَالْقَاعِدَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْغَرَرِ عَلَى عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ، قَال الْقَرَافِيُّ: انْقَسَمَتِ التَّصَرُّفَاتُ فِي قَاعِدَةِ مَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ وَمَا لَا يُجْتَنَبُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: طَرَفَانِ وَوَاسِطَةٌ، فَالطَّرَفَانِ:
أَحَدُهُمَا: مُعَاوَضَةٌ صِرْفَةٌ، فَيُجْتَنَبُ فِيهَا ذَلِكَ إِلَى مَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ عَادَةً،
وَثَانِيهُمَا: مَا هُوَ إِحْسَانٌ صِرْفٌ لَا يُقْصَدُ بِهِ تَنْمِيَةُ الْمَال كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَالإِْبْرَاءِ، فَإِنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا يُقْصَدُ بِهَا تَنْمِيَةُ الْمَال، بَل إِنْ فَاتَتْ عَلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ بِهَا لَا
(1) كشاف القناع 4 / 298.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 118، المهذب 1 / 453، المغني 5 / 658.
(3)
بداية المجتهد 2 / 300 ط المكتبة التجارية الكبرى.