الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا: كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ.
(ر: سَلَم ف 15 - 22) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ هَل يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا مَعْلُومًا أَمْ لَا؟
فَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا مَعْلُومًا (1)، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ قَالُوا بِصِحَّةِ الْخُلْعِ بِالْمَجْهُول. (ر: خُلْع ف 26)
ب -
التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا تَقْدِيرُ الْعِوَضِ:
19 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَتَقْدِيرِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمِ النِّسَاءَ مَا لَمْ
(1) مغني المحتاج 3 / 265.
تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} ، (1) وَيُسَمَّى النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ.
بَل ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى صِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ مَعَ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ، قَال الْكَاسَانِيُّ: لَا خِلَافَ فِي أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَمَعَ نَفْيِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمِ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} ، رَفَعَ سُبْحَانَهُ الْجُنَاحَ عَمَّنْ طَلَّقَ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَكُونُ إِلَاّ بَعْدَ النِّكَاحِ فَدَل عَلَى جَوَازِ النِّكَاحِ بِلَا تَسْمِيَةٍ. (2)
وَخَالَفَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ (3) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَفْوِيض ف 5 وَمَا بَعْدَهَا)
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَمُقَدَّرًا، وَنَصُّوا عَلَى صِحَّةِ الْخُلْعِ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (خُلْع ف 26)
الأَْعْوَاضُ الَّتِي قَدَّرَهَا الشَّارِعُ:
20 -
قَامَ الشَّارِعُ بِتَقْدِيرِ بَعْضِ الأَْعْوَاضِ، وَلَمْ يَتْرُكْ تَقْدِيرَهَا لأَِحَدٍ وَذَلِكَ حَسْمًا لِمَادَّةِ النِّزَاعِ، وَتَقْدِيرُ الشَّارِعِ لِلْعِوَضِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِتَحْدِيدِهِ، أَوْ بِوَضْعِ ضَابِطٍ
(1) سورة البقرة / 236.
(2)
بدائع الصنائع 2 / 274.
(3)
تبيين الحقائق 2 / 136، حاشية الدسوقي 2 / 303، 313، مغني المحتاج 3 / 229، كشاف القناع 5 / 156.
يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي تَقْدِيرِ الْعِوَضِ.
وَمِنَ الأَْعْوَاضِ الَّتِي حَدَّدَهَا الشَّارِعُ الدِّيَةُ، فَقَدَّرَ الشَّارِعُ دِيَةَ الْخَطَأِ مَثَلاً مِائَةً مِنَ الإِْبِل أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنَ الْوَرِقِ. وَكَذَلِكَ دِيَةُ الْقَتْل شِبْهَ الْعَمْدِ، وَالْقَتْل الْعَمْدُ إِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ، لَكِنْ مَعَ التَّغْلِيظِ فِي الْحَالَيْنِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دِيَات ف 12 وَمَا بَعْدَهَا)
وَأَيْضًا قَدَّرَ الشَّارِعُ دِيَةَ الأَْطْرَافِ وَإِتْلَافِ الْمَعَانِي وَالشِّجَاجِ وَالْجُرُوحِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دِيَات ف 34 وَمَا بَعْدَهَا)
وَمِنَ الأَْعْوَاضِ الْمُقَدَّرَةِ مِنَ الشَّارِعِ فَدِيَةُ الْحَامِل وَالْمُرْضِعِ وَالشَّيْخِ الْهَرِمِ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ، وَهِيَ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ لِمِسْكِينٍ إِذَا كَانَ مِنَ الْبُرِّ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ عَنْ كُل يَوْمٍ حَصَل فِيهِ إِفْطَارٌ.
(ر: صَوْم ف 90)
وَفِي كَفَّارَاتِ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ الْفِدْيَةُ، وَهِيَ أَنْ يَذْبَحَ هَدْيًا أَوْ يَتَصَدَّقَ بِإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِين أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
(ر: إِحْرَام ف 148)
وَمِنَ الأَْعْوَاضِ الَّتِي قَدَّرَهَا الشَّارِعُ بِوَضْعِ ضَابِطٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ عِنْدَ تَقْدِيرِهَا
الْعِوَضُ فِي الإِْتْلَافَاتِ، وَالضَّابِطُ فِيهِ: رَدُّ مِثْل الْهَالِكِ (الْمُتْلَفِ) إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتِهِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَالأَْصْل فِيهِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَاءٌ مِثْل إِنَاءٍ وَطَعَامٌ مِثْل طَعَامٍ. (1)
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَأَمَّا بَيَانُ مَاهِيَّةِ الضَّمَانِ الْوَاجِبِ بِإِتْلَافِ مَا سِوَى بَنِي آدَمَ، فَالْوَاجِبُ بِهِ مَا هُوَ الْوَاجِبُ بِالْغَصْبِ، وَهُوَ ضَمَانُ الْمِثْل إِنْ كَانَ الْمُتْلَفُ مِثْلِيًّا، وَضَمَانُ الْقِيمَةِ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْل لَهُ؛ لأَِنَّ ضَمَانَ الإِْتْلَافِ ضَمَانُ اعْتِدَاءٍ، وَالاِعْتِدَاءُ لَمْ يُشْرَعْ إِلَاّ بِالْمِثْل، فَعِنْدَ الإِْمْكَانِ يَجِبُ الْعَمَل بِالْمِثْل الْمُطْلَقِ، وَهُوَ الْمِثْل صُورَةً وَمَعْنًى، وَعِنْدَ التَّعَذُّرِ يَجِبُ الْمِثْل مَعْنًى وَهُوَ الْقِيمَةُ. (2)
(ر: ضَمَان ف 6، 18، 91)
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الصَّدَاقُ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَالضَّابِطُ فِيهِ: وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْل، وَيَتَقَرَّرُ هَذَا الْمَهْرُ بِالْمَوْتِ أَوِ الْوَطْءِ (3) .
(ر: تَفْوِيض ف 8)
(1) حديث: " إناء مثل إناء وطعام مثل طعام ". . أخرجه أبو داود (3 / 828) من حديث عائشة، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (5 / 125) .
(2)
بدائع الصنائع 7 / 168، والقوانين الفقهية 358 - 360 ط دار العلم للملايين 1979م.
(3)
حاشية ابن عابدين 2 / 350، حاشية الدسوقي 3 / 454، مغني المحتاج 2 / 286، 3 / 233، كشاف القناع 5 / 161.