الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي طَهُورِهِ (1) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَل مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، ثُمَّ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَْيْمَنِ ثُمَّ الأَْيْسَرِ (2) .
و
الْبَدْءُ بِأَعْلَى الْبَدَنِ:
34 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ عِنْدَ غُسْل الْجَسَدِ الْبَدْءُ بِأَعْلَاهُ.
وَوَافَقَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ، لَكِنَّهُمْ عَدُّوهُ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ (3) .
ز -
تَثْلِيثُ الْغُسْل:
35 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ تَثْلِيثَ غُسْل الأَْعْضَاءِ فِي الْغُسْل سُنَّةٌ، لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها: ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ (4) ، وَفِي
(1) حديث: " كان يعجبه التيمن في طهوره ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 269) ومسلم (1 / 226) .
(2)
حديث عائشة: " كان إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 369) ومسلم (1 / 255) .
(3)
المجموع شرح المهذب 2 / 184، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 137.
(4)
حديث ميمونة: " ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات. . . ". أخرجه مسلم (1 / 254) .
حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِل أَصَابِعَهُ فِي أُصُول الشَّعْرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ، حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ (1) ، وَأَمَّا بَاقِي أَعْضَاءِ الْجَسَدِ فَقِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ.
قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: إِنْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا كَفَى فِي التَّثْلِيثِ أَنْ يُمِرَّ عَلَيْهِ ثَلَاثًا جِرْيَاتٍ، وَإِنْ كَانَ رَاكِدًا انْغَمَسَ فِيهِ ثَلَاثًا، بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ وَيَنْقُل قَدَمَيْهِ، أَوْ يَنْتَقِل فِيهِ مِنْ مَقَامِهِ إِلَى آخَرَ ثَلَاثًا، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى انْفِصَال جُمْلَتِهِ وَلَا رَأْسِهِ، فَإِنَّ حَرَكَتَهُ تَحْتَ الْمَاءِ كَجَرْيِ الْمَاءِ عَلَيْهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى نَدْبِ تَثْلِيثِ غُسْل الرَّأْسِ فَقَطْ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَْعْضَاءِ فَاعْتَمَدَ الدَّرْدِيرُ كَرَاهَةَ غُسْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَاعْتَمَدَ الْبُنَانِيُّ تَكْرَارَ غُسْل الأَْعْضَاءِ (2) .
36 -
وَهُنَاكَ سُنَنٌ أُخْرَى مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْمَاءِ الْمُغْتَسَل بِهِ صَاعًا لِحَدِيثِ سَفِينَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ مِنَ الْمَاءِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَيُوَضِّئُهُ
(1) حديث عائشة: " ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه. . . ". أخرجه مسلم (1 / 253) .
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 107، وحاشية الدسوقي 1 / 137، والبناني على شرح الزرقاني 1 / 103، ومغني المحتاج 1 / 74، والمجموع 2 / 184، وكشاف القناع 1 / 152.
الْمُدُّ (1) . وَقَدَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ بِالصَّاعِ الْعِرَاقِيِّ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ، وَقَدَّرَهُ صَاحِبَاهُ بِالصَّاعِ الْحِجَازِيِّ وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: نَقَل غَيْرُ وَاحِدٍ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَا يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِقْدَارٍ، وَمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ أَدْنَى مَا يَكْفِي فِي الْغُسْل صَاعٌ وَفِي الْوُضُوءِ مُدٌّ لِحَدِيثِ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِل بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ (2) " لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ، بَل هُوَ بَيَانُ أَدْنَى الْقَدْرِ الْمَسْنُونِ، حَتَّى إِنَّ مَنْ أَسْبَغَ بِدُونِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ زَادَ عَلَيْهِ. لأَِنَّ طِبَاعَ النَّاسِ وَأَحْوَالَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ.
وَقَال الدَّرْدِيرُ: الْمَدَارُ عَلَى الإِْحْكَامِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْجْسَامِ.
وَبَعْدَ أَنْ قَرَّرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْغُسْل عَنْ صَاعٍ، قَالُوا: وَلَا حَدَّ لَهُ فَلَوْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ وَأَسْبَغَ
(1) حديث سفينة: " أنه صلى الله عليه وسلم كان يغسله الصاع. . . ". أخرجه مسلم (1 / 258) .
(2)
حديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 304) ومسلم (1 / 258) من حديث أنس بن مالك، واللفظ للبخاري.
كَفَى (1) .
37 -
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ سُنَنَ الْغُسْل كَسُنَنِ الْوُضُوءِ سِوَى التَّرْتِيبِ وَالدُّعَاءِ، وَآدَابَهُ كَآدَابِ الْوُضُوءِ.
وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَبْتَدِئَ فِي حَال صَبِّ الْمَاءِ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ عَلَى مَيَامِنِهِ، ثُمَّ عَلَى مَيَاسِرِهِ كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَيُسَنُّ السِّوَاكُ أَيْضًا فِي الْغُسْل.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ مُطْلَقًا، أَمَّا كَلَامُ النَّاسِ فَلِكَرَاهَتِهِ حَال الْكَشْفِ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ فَلأَِنَّهُ فِي مَصَبِّ الْمُسْتَعْمَل وَمَحَل الأَْقْذَارِ وَالأَْوْحَال.
وَصَرَّحُوا بِأَنَّ مِنْ آدَابِ الْغُسْل: أَنْ يَغْتَسِل بِمَكَانٍ لَا يَرَاهُ فِيهِ أَحَدٌ لَا يَحِل لَهُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ؛ لاِحْتِمَال ظُهُورِهَا فِي حَال الْغُسْل أَوْ لُبْسِ الثِّيَابِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسِّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَل أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ (2) .
وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ سُبْحَةً بَعْدَ الْغُسْل كَالْوُضُوءِ لأَِنَّهُ
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 107، وحاشية الدسوقي 1 / 137، ومغني المحتاج 1 / 74، ومطالب أولي النهى 1 / 183.
(2)
حديث: " إن الله حيي ستير يحب. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 302) من حديث يعلى بن أمية.