الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُفْسَخُ وَيَرُدُّ مِثْل التَّالِفِ؟ وَلَوْ أَمْسَكَ هَل لَهُ أَخْذُ الأَْرْشِ؟ بَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ -
حُكْمُ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ الإِْمْضَاءُ أَوِ الْفَسْخُ
28 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبَيْنِ:
الْمَذْهَبُ الأَْوَّل لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْعِوَضَ فِي الصَّرْفِ إِذَا تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فُسِخَ الْعَقْدُ وَرَدَّ الْمَوْجُودَ، وَتَبْقَى قِيمَةُ الْمَعِيبِ فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ. سَوَاءٌ كَانَ الصَّرْفُ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، كَمَا إِذَا صَارَفَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقًا بِوَرِقٍ. وَلَا يَأْخُذُ الأَْرْشَ؛ لأَِنَّهُ يَحْصُل مَعَهُ فِي الْبَيْعِ تَفَاضُلٌ، وَلَا يُمْكِنُ الرَّدُّ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ تَالِفٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، يُمْكِنُ أَنْ يُقَال: إِنَّهُ يُقِرُّ الْعَقْدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لأَِنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ اسْتِدْرَاكِ ظِلَامَتِهِ، فَدَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى فَسْخِ الْعَقْدِ وَرَدِّ الْمَوْجُودِ، وَتَبْقَى قِيمَةُ الْمَعِيبِ فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ، فَيَرُدُّ مِثْلَهَا أَوْ عِوَضَهَا (1) .
وَفِي الْمُغْنِي إِنْ تَلِفَ الْعِوَضُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ، فُسِخَ
(1) تكملة المجموع شرح المهذب 10 / 125.
الْعَقْدُ وَرَدَّ الْمَوْجُودَ، وَتَبْقَى قِيمَةُ الْمَعِيبِ فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ. فَيَرُدُّ مِثْلَهَا أَوْ عِوَضَهَا إِنِ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ الصَّرْفُ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ (1)
الْمَذْهَبُ الثَّانِي لأَِبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ عَلَى الْبَائِعِ، فَلَوِ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا وَالدَّرَاهِمُ زُيُوفٌ فَأَنْفَقَهَا الْمُشْتَرِي وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: يَرُدُّ مِثْل مَا قَبَضَ وَيَرْجِعُ بِالْجِيَادِ.
وَذَكَرَ فَخْرُ الإِْسْلَامِ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْلَهُمَا قِيَاسٌ، وَقَوْل أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانٌ (2) .
وَحَيْثُ إِنَّ الْحَنَفِيَّةَ ذَكَرُوا الأَْمْثِلَةَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَهِيَ لَا تَتَعَيَّنُ عِنْدَهُمْ، وَالْكَلَامُ فِي الْمُعَيَّنِ، لَمْ نَجِدْ لَهُمْ نَصًّا صَرِيحًا فِي هَذَا، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ؛ لأَِنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَبِالتَّلَفِ تَسَاوَيَا فِي عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّدِّ أَوِ الاِسْتِبْدَال إِنْ قِيل بِهِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرُ يُمْكِنُ الْقَوْل بِهِ غَيْرَ هَذَا.
(1) المغني لابن قدامة 4 / 169.
(2)
الفتاوى الهندية 3 / 238، الجامع الكبير لمحمد بن الحسن ص228.