الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال النَّوَوِيُّ: لَوْ قَبَّل امْرَأَةً فَأَحَسَّ بِانْتِقَال الْمَنِيِّ وَنُزُولِهِ، فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ فِي الْحَال شَيْءٌ، وَلَا عَلِمَ خُرُوجَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا غُسْل عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَبِهِ قَال الْعُلَمَاءُ كَافَّةً (1)، وَدَلِيلُهُ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَلأَِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحَسَّ بِالْحَدَثِ كَالْقَرْقَرَةِ وَالرِّيحِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، فَكَذَا هُنَا (2) .
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَابِلَةُ الْخُرُوجَ، بَل أَوْجَبُوا الْغُسْل بِالإِْحْسَاسِ بِالاِنْتِقَال، فَلَوْ أَحَسَّ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِانْتِقَال الْمَنِيِّ فَحَبَسَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَجَبَ الْغُسْل كَخُرُوجِهِ؛ لأَِنَّ الْجَنَابَةَ أَصْلُهَا الْبُعْدُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (3) أَيِ الْبَعِيدِ، وَمَعَ الاِنْتِقَال قَدْ بَاعَدَ الْمَاءُ مَحَلَّهُ، فَصَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْجُنُبِ، وَإِنَاطَةً لِلْحُكْمِ بِالشَّهْوَةِ، وَتَعْلِيقًا لَهُ عَلَى الْمَظِنَّةِ، إِذْ بَعْدَ انْتِقَالِهِ يَبْعُدُ عَدَمُ خُرُوجِهِ، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ يَرْجِعُ (4) .
وَهُنَاكَ مَسَائِل تَتَعَلَّقُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا:
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 107، وحاشية الدسوقي 1 / 126 - 127، والمجموع 2 / 140.
(2)
المجموع للنووي 2 / 140.
(3)
سورة النساء / 36.
(4)
كشاف القناع 1 / 141.
أ -
رُؤْيَةُ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرِ الاِحْتِلَامِ:
6 -
لَوِ اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ وَوَجَدَ الْمَنِيَّ، وَلَمْ يَذْكُرِ احْتِلَامًا فَعَلَيْهِ الْغُسْل، وَمَنْ احْتَلَمَ وَلَمْ يَجِدْ مَنِيًّا فَلَا غُسْل عَلَيْهِ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل عَنِ الرَّجُل يَجِدُ الْبَلَل وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا؟ قَال: يَغْتَسِل، وَعَنِ الرَّجُل يَرَى أَنَّهُ قَدِ احْتَلَمَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلاً؟ قَال: لَا غُسْل عَلَيْهِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (احْتِلَام ف 6 - 9) .
ب -
خُرُوجُ الْمَنِيِّ بَعْدَ الْغُسْل:
7 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِيجَابِ الْغُسْل فِي حَالَةِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ بَعْدَ الاِغْتِسَال.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اغْتَسَل ثُمَّ خَرَجَ الْمَنِيُّ، فَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ بَعْدَ النَّوْمِ أَوِ الْبَوْل أَوِ الْمَشْيِ الْكَثِيرِ فَلَا غُسْل عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ بِلَا شَهْوَةٍ قَبْل النَّوْمِ أَوِ الْبَوْل أَوِ الْمَشْيِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْغُسْل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لأَِبِي يُوسُفَ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ اللَّذَّةُ نَاشِئَةً عَنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، بَل بِمُلَاعَبَةٍ، فَيَجِبُ إِعَادَةُ الْغُسْل عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَلَوْ
(1) حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم " سئل عن الرجل يجد البلل. . . ". أخرجه الترمذي (1 / 190) ثم ذكر تضعيف أحد رواته.
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 108، وفتح القدير 1 / 43.