الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَسَدِ وَالْغِبْطَةِ: أَنَّ الْحَاسِدَ يَتَمَنَّى زَوَال نِعْمَةِ الْمَحْسُودِ وَتَحَوُّلَهَا عَنْهُ، وَالْغَابِطُ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْل مَا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَتَمَنَّى زَوَال النِّعْمَةِ وَلَا تَحَوُّلَهَا عَنِ الْمَغْبُوطِ.
قَال الْغَزَالِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا حَسَدَ إِلَاّ عَلَى نِعْمَةٍ، فَإِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى أَخِيكَ بِنِعْمَةٍ فَلَكَ فِيهَا حَالَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَكْرَهَ تِلْكَ النِّعْمَةَ وَتُحِبَّ زَوَالَهَا. وَهَذِهِ الْحَالَةُ تُسَمَّى حَسَدًا، فَالْحَسَدُ حَدُّهُ كَرَاهَةُ النِّعْمَةِ وَحُبُّ زَوَالِهَا عَنِ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا تُحِبَّ زَوَالَهَا، وَلَا تَكْرَهَ وُجُودَهَا وَدَوَامَهَا، وَلَكِنْ تَشْتَهِي لِنَفْسِكَ مِثْلَهَا وَهَذِهِ تُسَمَّى غِبْطَةً (1) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 -
الْغِبْطَةُ إِنْ كَانَتْ فِي الطَّاعَةِ فَهِيَ مَحْمُودَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَعْصِيَةِ فَهِيَ مَذْمُومَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْجَائِزَاتِ فَهِيَ مُبَاحَةٌ (2) .
فَتَكُونُ وَاجِبَةً إِنْ كَانَتِ النِّعْمَةُ دِينِيَّةً وَاجِبَةً كَالإِْيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ
(1) إحياء علوم الدين 3 / 189.
(2)
فتح الباري 1 / 167، والدر المنثور 1 / 403، والتعريفات.
وَالزَّكَاةِ؛ لأَِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ لِنَفْسِهِ ذَلِكَ، وَإِلَاّ كَانَ رَاضِيًا بِعَكْسِهِ وَهُوَ حَرَامٌ (1) .
وَقَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً كَأَنْ كَانَتِ النِّعْمَةُ مِنَ الْفَضَائِل، كَإِنْفَاقِ الأَْمْوَال فِي الْمَكَارِمِ وَالصَّدَقَاتِ، فَالْغِبْطَةُ فِيهَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا.
وَقَدْ تَكُونُ مُبَاحَةً، كَأَنْ تَكُونَ النِّعْمَةُ يُنْتَفَعُ بِهَا عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ، فَالْمُنَافَسَةُ فِيهَا مُبَاحَةٌ.
وَقَدْ تَحْرُمُ، كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَ غَيْرِهِ مَالٌ يُنْفِقُهُ فِي الْمَعَاصِي، فَيَقُول: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً مِثْل مَال فُلَانٍ لَكُنْتُ أُنْفِقُهُ فِي مِثْل مَا يُنْفِقُهُ فِي الْمَعَاصِي (2) .
(1) إحياء علوم الدين 3 / 189 - 191.
(2)
إحياء علوم الدين 3 / 190 وما بعدها.