الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمِنَ الْغَرَرِ فِي صِيغَةِ عَقْدِ الإِْجَارَةِ: التَّعْلِيقُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُول: إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدْ آجَرْتُكَ، بِسَبَبِ أَنَّ انْتِقَال الأَْمْلَاكِ يَعْتَمِدُ الرِّضَا، وَالرِّضَا إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْجَزْمِ، وَلَا جَزْمَ مَعَ التَّعْلِيقِ، فَإِنَّ شَأْنَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَرِضَهُ عَدَمُ الْحُصُول، وَفِي ذَلِكَ غَرَرٌ. (1)
وَأَمَّا الْغَرَرُ فِي مَحَل الْعَقْدِ فَلَا يَخْتَلِفُ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْبَيْعِ، لِذَا يَشْتَرِطُ الْفُقَهَاءُ فِي مَحَل الإِْجَارَةِ مَا يَشْتَرِطُونَهُ فِي مَحَل الْبَيْعِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الأُْجْرَةُ وَالْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَتَيْنِ؛ لأَِنَّ جَهَالَتَهُمَا تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، (2) فَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ اسْتِئْجَارِ الأَْجِيرِ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُ أَجْرَهُ. (3)
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ مَحَل الإِْجَارَةِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَلَا تَجُوزُ
(1) الفتاوى الهندية 4 / 396، الفروق للقرافي 1 / 229، المنثور في القواعد 1 / 374.
(2)
حاشية ابن عابدين 5 / 3، حاشية الدسوقي 4 / 3، القوانين الفقهية ص301، مغني المحتاج 2 / 334، مطالب أولي النهى 3 / 582، 587.
(3)
حديث أبي سعيد: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره ". أخرجه أحمد (3 / 59) والبيهقي (6 / 120) ، وأعله البيهقي بالانقطاع بين أبي سعيد والراوي عنه.
إِجَارَةُ مُتَعَذِّرِ التَّسْلِيمِ حِسًّا، كَإِجَارَةِ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ، أَوْ شَرْعًا كَإِجَارَةِ الْحَائِضِ لِكَنْسِ الْمَسْجِدِ، وَالطَّبِيبِ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحٍ، وَالسَّاحِرِ عَلَى تَعْلِيمِ السِّحْرِ. (1)
ج -
الْغَرَرُ فِي عَقْدِ السَّلَمِ:
16 -
الْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ السَّلَمِ، إِذْ هُوَ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، وَإِنَّمَا جَوَّزَهُ الشَّارِعُ لِلْحَاجَةِ.
قَال الْكَمَال: وَلَا يَخْفَى أَنَّ جَوَازَهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، إِذْ هُوَ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ بِالنَّصِّ وَالإِْجْمَاعِ لِلْحَاجَةِ مِنْ كُلٍّ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. (2)
وَيُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ.
وَزَادَ الْفُقَهَاءُ شُرُوطًا أُخْرَى لِتَخْفِيفِ الْغَرَرِ فِيهِ مِنْهَا: تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، قَال الْغَزَالِيُّ: مِنْ شَرَائِطِهِ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَال فِي الْمَجْلِسِ جَبْرًا لِلْغَرَرِ فِي الْجَانِبِ. (3)
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ إِلَى
(1) بدائع الصنائع 4 / 187، حاشية الدسوقي 4 / 3، مغني المحتاج 2 / 336، 339، مطالب أولي النهى 3 / 604، 610، 616.
(2)
فتح القدير 5 / 324.
(3)
فتح العزيز شرح الوجيز بذيل المجموع 9 / 205.