الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ قُتَيْبَةُ: عَنْ سِنَانٍ أَبِى رَبِيعَةَ. (1).
(52) بَابُ الْوُضُوءِ ثَلاثًا ثَلاثًا
135 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ،
===
أنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأذنان من الرأس، وكان يمسح رأسه مرة، وكان يمسح المأقين"، فهذا الحديث فيه تصريح بأن قوله "الأذنان من الرأس" قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قول أبي أمامة، وكذلك الحديثان اللذان أخرجهما ابن ماجه عن عبد الله بن زيد وعن أبي هريرة فيهما تصريح بأنه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(قال قتيبة: عن سنان أبي ربيعة) غرض المصنف بيان اختلاف شيوخه في سنان بن ربيعة، فقال سليمان بن حرب ومسدد: سنان بن ربيعة، وخالفهما قتيبة فقال: عن سنان أبي ربيعة، وهذا الاختلاف لا يرجع إلَّا إلى اللفظ فقط، فإن سنان اسم والده ربيعة فيصح قولهما:"سنان بن ربيعة" وكنيته أبو ربيعة صرح به الحافظ في "التقريب"، فيصح قول قتيبة:"عن سنان أبي ربيعة"، ولعله لسنان ابن اسمه ربيعة، فاكتنى به، والله أعلم.
(52)
(بَابُ الْوُضُوءِ ثَلاثًا ثَلاثًا)(2)
135 -
(حدثنا مسدد) بن مسرهد (قال: ثنا أبو عوانة) اليشكري
(1) وفي نسخة "الغاية" بعده: "قال أبو داود: وهو ابن ربيعة كنيته أبو ربيعة"، انتهى، "الغاية". (ش).
(2)
نقل الشوكاني (1/ 224) عن النووي: أجمع المسلمون على أن الواجب واحد، والسنة ثلاثة، وقد جاءت الآثار بهما وبالاثنين أيضًا، والاختلاف دليل جواز كله، وبسط اختلاف الروايات فيه ابن العربي (1/ 61). (ش).
عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِى عَائِشَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ،
===
الوضاح (عن موسى بن أبي عائشة) المخزومي الهمداني أبو الحسن الكوفي مولى آل جعدة بن هبيرة، كان الثوري يُحْسن الثناء عليه، ووثَّقه ابن عيينة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: تُريبني رواية موسى بن أبي عائشة حديث عبيد الله بن عبد الله في مرض النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: عني أبو حاتم أنه اضطرب فيه، وهذا من تعنته، وإلَّا فهو حديث صحيح، وقال يعقوب بن سفيان: كوفي ثقة، قال الحافظ في "التقريب": وكان يرسل.
(عن عمرو (1) بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي، أبو إبراهيم، ويقال: أبو عبد الله المدني، ويقال: الطائفي، قال أبو حاتم: سكن مكة، وكان يخرج إلى الطائف، قال صدقة بن الفضل: سمعت يحيى القطان يقول: إذا روى عنه الثقات فهو ثقة يحتج به، وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: حديثه عندنا واهٍ، وقال علي عن ابن عيينة: حديثه عندنا فيه شيء، وقال أبو عمرو [بن] العلاء: كان يعاب على قتادة وعمرو بن شعيب أنهما كانا لا يسمعان شيئًا إلَّا حدثا به، وقال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: له أشياء مناكير، وإنما يكتب حديثه ويعتبر به، فأما أن يكون حجة فلا، وقال أبو داود عن أحمد بن حنبل: أصحاب الحديث إذا شاؤوا احتجوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وإذا شاؤوا تركوه.
وقال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين، قال البخاري: مَنِ الناس بعدهم؟
(1) ولم يخرج له الشيخان لأن غالب رواياته عن أبيه عن جده. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: إذا حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فهو كتاب، ومن ها هنا جاء ضعفه، وإذا حدث عن سعيد بن المسيب أو سليمان بن يسار أو عروة فهو ثقة عن هؤلاء، وقال الآجري: قلت لأبي داود: عمرو بن شعيب عندك حجة؟ قال: لا، ولا نصف حجة، وقال العجلي والنسائي: ثقة، وقال أحمد بن سعيد الدارمي: ثقة، وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري: صح سماع عمرو عن أبيه، وصح سماع شعيب عن جده، وقال ابن عدي: روى عنه أئمة الناس وثقاتهم وجماعة من الضعفاء، إلَّا أن أحاديثه عن أبيه عن جده مع احتمالهم إياه لم يدخلوها في صحاح ما خرَّجوا، وقال: هي صحيفة.
قلت: عمرو بن شعيب ضعفه ناس مطلقًا، ووثَّقه الجمهور، وضعف بعضهم روايته عن أبيه عن جده حسب، ومن ضعَّفه مطلقًا فمحمول على روايته عن أبيه عن جده، فأما روايته عن أبيه فربما دلّس ما في الصحيفة بلفظ: عن، فإذا قال: حدثني أبي فلا ريب في صحتها، وأما رواية أبيه عن جده فإنما يعني بها الجد الأعلى عبد الله بن عمرو (1) لا محمد بن عبد الله، وقد صرح شعيب بسماعه من عبد الله في أماكن وصح سماعه منه كما تقدم.
وقال الشافعي في ما أسنده البيهقي في "المعرفة" تحته يخاطب الحنفية حيث احتجوا عليه بحديث عمرو بن شعيب: عمرو بن شعيب قد روى أحكامًا توافق أقاويلنا، وتخالف أقاويلكم عن الثقات، فرددتموها ونسبتموه إلى الغلط، فأنتم محجوجون إن كان ممن ثبت حديثه، فأحاديثه
(1) وسيأتي في "باب في الغسل للجمعة" رواية عنه مصرِّحة باسمه، وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (1/ 99): إنه احتج به الأئمة الأربعة والفقهاء قاطبة، وقال ابن العربي في "العارضة" (2/ 119): صح سماع بعضهم عن بعض إلى آخر ما قال.
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
===
التي وافقناها وخالفتموها أو أكثرها وهي نحو ثلاثين حكمًا حجة عليكم وإلَّا فلا تحتجوا به، ولا سيما إن كانت الرواية عنه لم تثبت، وقال الذهبي: كان أحد علماء زمانه، وقال: قيل: إن محمدًا والد شعيب مات في حياة أبيه فربَّاه جده، قال خليفة وغيره: مات سنة 118 هـ (1). هذا كله من "تهذيب التهذيب" للحافظ.
قلت: وقال الحلبي في "شرحه الكبير"(2) بعد نقل هذا الحديث: هو حديث صحيح رواته ثقات إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأن المراد بجده عند الإطلاق جده أبو أبيه، وهو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
(عن أبيه) هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص الحجازي السهمي، وقد ينسب إلى جده، ذكر البخاري وأبو داود وغيرهما أنه سمع من جده، ولم يذكر أحد منهم أنه يروي عن أبيه محمد، ولم يذكر أحد لمحمد هذا ترجمة إلَّا القليل، قلت: قال ابن حبان في التابعين من "الثقات": يقال: إنه سمع من جده عبد الله بن عمرو، وليس ذلك عندي بصحيح، وقال في الطبقة التي تليها: يروي عن أبيه، ولا يصح سماعه من عبد الله بن عمرو، قلت: وهو قول مردود.
(عن جده) الضمير (3) في جده يرجع إلى أبيه وهو شعيب لا إلى
(1) قال الزيلعي (1/ 58): فعمرو له ثلاثة أجداد، محمد وروايته مرسلة، لأنه تابعي، وعمرو بن العاص صحابي وروايته منقطعة، لأنه لم يدرك عمرًا قطعًا، وعبد الله وهو أيضًا صحابي إلَّا أن روايته عنه تحتاج إلى معرفة السماع، وصرح الترمذي بسماعه عنه، بسطه صاحب "الغاية"، ورجح الاستدلال به، انتهى. (ش).
(2)
(ص 26).
(3)
قال في "مرقاة الصعود": لا تعلق لمحمد في روايات الحديث إلَّا في رواية واحدة، =
قال: أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الطُّهُورُ؟ فَدَعَا بِمَاءٍ فِى إِنَاءٍ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأَدْخَلَ (1) إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِى أُذُنَيْهِ، وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ، وَبِالسَّبَّاحَتَيْنِ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:«هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ» ،
===
عمرو، فحاصله أن والد عمرو وهو شعيب يروي عن جده، فالمراد بالجد عبد الله بن عمرو بن العاص (قال: إن رجلًا) أي أعرابيًّا (2)(أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف الطهور؟ ) أي سأل عن كيفية الطهور، فأجابه صلى الله عليه وسلم بالفعل؛ لأنه أبلغ من القول لقربه من الضبط.
(فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه) أي مع المرفقين (ثلاثًا، ثم مسح برأسه) أي مرة (وأدخل إصبعيه السبَّاحتين) أي اليمنى واليسرى، وأما إطلاق السبَّاحة على اليسرى مع أنه لا يسبح بها، إنما هو على التغليب (في أذنيه) أي في صماخهما، (ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه) أي مما يلي الرأس (وبالسباحتين باطن أذنيه) أي بما يلي الوجه، (ثم غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هكذا الوضوء) أي الكامل، (فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء) أي بترك السنة (وظلم) أي على نفسه بمخالفة النبي صلى الله عليه وسلم، أو لأنه أتعب نفسه فيما زاد على الثلاثة من غير حصول ثواب له، أو لأنه أتلف الماء بلا فائدة.
= وهي التي أخرجها ابن حبان في "صحيحه"(رقم 485) برواية عمرو عن أبيه عن محمد عن عبد الله مرفوعًا: "ألا أخبركم باحبكم إلى وأقربكم إلى يوم القيامة"، الحديث، كذا في الحاشية. (ش).
(1)
وفي نسخة: "فأدخل".
(2)
كما في رواية النسائي "ابن رسلان". (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الشوكاني في "النيل": وقد أشكل ما في رواية أبي داود من زيادة (1) لفظ "أو نقص" على جماعة، قال الحافظ في "التلخيص" (2):(تنبيه): يجوز (3) أن تكون الإساءة والظلم وغيرهما بما ذكر مجموعًا لمن نقص ولمن زاد، ويجوز أن يكون على التوزيع، فالإساءة في النقص والظلم في الزيادة، وهذا أشبه بالقواعد، والأول أشبه بظاهر السياق، انتهى، ويمكن توجيه الظلم في النقصان بأنه ظلم نفسه بما فوتها بالثواب الذي يحصل بالتثليث، وكذا الإساءة لأن تارك السنَّة مسيء، وأما الاعتداء في النقصان فمشكل، فلا بد من توجيهه إلى الزيادة، ولهذا لم يجتمع ذكر الاعتداء والنقصان في شيء من روايات الحديث، ولا خلاف في كراهة الزيادة على الثلاث. قال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم ، وقال أحمد وإسحاق: لا يزيد على الثلاث (4) إلَّا رجل مبتلى، انتهى كلام الشوكاني (5).
وذكر الحنفية في سنن الوضوء تثليث الغسل المستوعب، فلو غسل في المرة الأولى وبقي موضع يابس، ثم في المرة الثانية أصاب الماء
(1) قال "ابن رسلان": وأكثرهم اقتصروا على قوله: نقص، وكذا رواه ابن خزيمة وغيره "ابن رسلان"، وكذا أنكر مسلم هذه الزيادة على عمرو، وقال ابن العربي: الحديث لا يثبت. (ش).
(2)
(1/ 121).
(3)
وقيل: هذا مجمل، والصواب الزيادة على الثلاث والنقص عن الواحدة، كما هو مصرح في مرسل عن نعيم بن حماد "الغاية". (ش).
(4)
والوجه الثالث في "الروضة" أنه حرام "ابن رسلان"، ومن الغرائب ما حكاه أبو حامد الإسفرائيني عن بعض العلماء أنه يفسد الوضوء بالزيادة قياسًا على الصلاة "الغاية". (ش).
(5)
"نيل الأوطار"(1/ 225).