الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ سُنَنِ أَهْلِ الشَامِ لَمْ يَشْرَكْهُمُ فِيهَا أَحَدٌ.
(44) بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْمَاءِ في الْوُضُوءِ
92 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ
===
كما فعله صاحب "غاية المقصود" ومقلده، قصور (من سنن أهل الشام) بضم السين المهملة، أي من الأحاديث المرفوعة المروية عن أهل الشام (لم يشركهم فيها) أي في رواية هذا الحديث (أحد) أي غير أهل الشام، أما حديث ثوبان فرواته كلهم شاميون ليس فيها من غير أهل الشام أحد، فمحمد بن عيسى، وإن كان أصله من غير الشام يعني من بغداد، لكنه نزل "أذنة"، وهو بلد بساحل الشام عند طرسوس، وكذلك جميع رواته، وأما حديث أبي هريرة فرواته كلهم شاميون إلَّا أبا هريرة.
(44)
(بَابُ ما يُجْزِئُ) أي ما يكفي (مِنَ الْمَاءِ في الْوُضُوءِ)(1)
92 -
(حدثنا محمد بن كثير قال: ثنا همام) بن يحيى، (عن قتادة، عن صفية (2) بنت شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار العبدرية، لها رؤية، وحدثت عن عائشة وغيرها من الصحابة، وفي "البخاري" التصريح بسماعها عن النبي صلى الله عليه وسلم تعليقًا، قال أبان بن صالح: عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا رد على من أنكر إدراكها، قال الدارقطني: لا تصح لها رؤية.
وأخرج ابن منده من طريق محمد بن جعفر، عن عبيد الله بن عبد الله بن
(1) ذكر فيه بعض ما ورد في تحديد وضوئه صلى الله عليه وسلم، وبسط الروايات مجملاً ابن العربي (1/ 75)، فأجاد. (ش).
(2)
انظر ترجمتها في: "أسد الغابة"(5/ 328) رقم (7067).
عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ". [ن 347، جه 268، حم 6/ 121]
===
أبي ثور، عن صفية بنت شيبة قالت: والله لكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين، وأبوها شيبة أسلم يوم الفتح، وقيل: أسلم يوم حنين، قال الزبيري: خرج شيبة يوم حنين يريد أن يغتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى منه غرة، فأقبل يريده، فرآه فقال: يا شيبة هلم، فقذف الله في قلبه الرعب، ودنا منه صلى الله عليه وسلم، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على صدره، فثبت الإيمان في قلبه، وقاتل بين يديه، دفع النبي صلى الله عليه وسلم إليه وإلى ابن عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة مفتاح الكعبة، وقال:"خذوها يا بني أبي طلحة خالدةً تالدةً لا يأخذها منكم إلَّا ظالم".
(عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع (1) ويتوضأ بالمُد) والصاع مكيال يسع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث بالبغدادي ، وهذا عند الشافعي، وأما عند أبي حنيفة - رحمهما الله- فالمد رطلان، والصاع ثمانية أرطال لخبر النسائي بذلك، ولفظه هكذا: وعن موسى الجهني قال: أتي مجاهدٌ بقدح حزرته ثمانية أرطال، فقال: حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا (2)، ورجاله رجال الصحيح، وقد قال النووي: وذكر جماعة من أصحابنا وجهًا لبعض أصحابنا أن الصاع ها هنا ثمانية أرطال، والمد رطلان.
(1) ظاهر الحديث كما تدل عليه الترجمة أنه من باب بيان مقدار الماء، وقال الباجي (1/ 95): يحتمل بيان الإناء، يعني: يغتسل بهذا الإناء وإن استعمل اليسير من مائه أو كله أو أكثر منه، كذا في "الأوجز"(1/ 50)، ويأبى عن هذا التأويل لفظ أبي عبيد في "كتاب الأموال" (ص 618) برواية هشام عن قتادة بهذا السند بلفظ:"يتوضأ بقدر المد ويغتسل بقدر الصاع". (ش).
(2)
أخرجه النسائي (226).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ صَفِيَّةَ.
93 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى زِيَادٍ،
===
واختلفت الروايات في قدر الماء في الوضوء والغسل، والقدر المجزئ من الغسل ما يحصل به تعميم البدن على الوجه المعتبر، سواء كان صاعًا (1) أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ في النقصان إلى مقدار لا يسمى مستعمله مغتسلًا، أو إلى مقدار في الزيادة يدخل فاعله في حد الإسراف، وهكذا الوضوء القدر المجزئ منه ما يحصل به غسل أعضاء الوضوء، سواء كان مدًّا أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ في الزيادة إلى حد السرف، أو النقصان إلى حد لا يحصل به الواجب.
(قال أبو داود: رواه أبان) بن يزيد العطار، (عن قتادة قال: سمعت صفية)، غرض المصنف بهذا الكلام أن قتادة مدلس، وهمام روى عنه بصيغة "عن"، وعنعنة المدلس غير معتبرة ما لم يثبت سماعه، فصرح المصنف برواية أبان أن قتادة قال: سمعت صفية، فثبت بهذا أن رواية قتادة عن صفية بصيغة "عَنْ" معتبرة ومحمولة على السماع.
93 -
(حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا هشيم) بن بشير (قال أنا يزيد (2) بن أبي زياد) القرشي الهاشمي، أبو عبد الله مولاهم، الكوفي،
(1) نقل القاري عليه الإجماع، وقال في "المغني" (1/ 293): عليه أكثر أهل العلم، ونقل الخلاف عن أبي حنيفة، وأنت خبير بأنه لا يصح النقل عن الحنفية، كذا في "الأوجز"(1/ 501)، وقال ابن رسلان بعد ذكر الروايات المختلفة في مقدار ماء غسله عليه الصلاة والسلام: وهذا يدل على اختلاف الحال في ذلك، وفيه رد على من قدر الغسل والوضوء بما في الباب كابن شعبان من المالكية. (ش).
(2)
أخرج له مسلم في الأطعمة. "ابن رسلان". (ش).
عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ". [حم 3/ 303، جه 269]
===
قال نضر بن شميل عن شعبة: كان رفاعًا، وقال علي بن المنذر عن ابن فضيل: كان من أئمة الشيعة الكبار، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس حديثه بذاك، وقال مرة: ليس بالحافظ، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ليس بالقوي، وقال أبو يعلى الموصلي عن ابن معين: ضعيف، وقال العجلي: جائز الحديث، وكان بأخرة يلقن، وقال أبو زرعة: لين يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال الجوزجاني: سمعتهم يضعِّفون حديثه، وقال ابن المبارك: ارم به، وقال يعقوب بن سفيان: وإن كانوا يتكلمون فيه لتغيره فهو على العدالة والثقة، وإن لم يكن مثل الحكم ومنصور ، قال أحمد بن صالح المصري: يزيد بن أبي زياد ثقة، ولا يعجبني قول من تكلم فيه، وقال ابن سعد: كان ثقة في نفسه إلَّا أنه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب، وقال البرديجي: روى عن مجاهد، وفي سماعه منه نظر، وليس هو بالقوي، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الدارقطني: لا يخرج عنه في الصحيح، ضعيفٌ يخطئ كثيرًا، ويلقَّن إذا لُقِّن، مات سنة 137 هـ.
(عن سالم بن أبي الجعد) رافع الأشجعي مولاهم، الكوفي، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال العجلي: ثقة تابعي، وقال إبراهيم الحلبي: مجمع على ثقته، وكذلك وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي، واختلف في موته من سبع وتسعين إلى واحدة ومائة، وكان يرسل كثيرًا.
(عن جابر) بن عبد الله (قال) أي جابر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد) وقد مرَّ في الحديث المتقدم ما يتعلق بذاك الحديث من الشرح.
94 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ،
===
94 -
(حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي مولاهم، أبو عبد الله المدني البصري، المعروف بغُنْدر، بضم معجمة وسكون نون وفتح قال مهملة وقد تضم، صاحب الكرابيس، روى عن شعبة فأكثر وجالسه نحوًا من عشرين سنة، كان يقول: لزمت شعبة عشرين سنة لم أكتب عن أحد غيره شيئًا، وكنت إذا كتبت عنه عرضت عليه، قال أحمد: أحسبه من بلادته كان يفعل هذا، ثقة صحيح الكتاب إلَّا أن فيه غفلة، مات سنة 193 هـ، أو سنة 194 هـ.
(قال: حدثنا شعبة) بن الحجاج، (عن حبيب الأنصاري) هو حبيب بن زيد بن خلاد الأنصاري المدني، قال أبو حاتم: صالح، وقال النسائي: ثقة، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة، ووقع في "معاني الآثار" للطحاوي عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي أن عبد الله بن زيد بن عاصم هو جد حبيب بن زيد هذا، فلعله جده لأمه.
(قال: سمعت عباد بن تميم)(1) بن غزية الأنصاري المازني المدني، روى عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم المازني وهو أخو تميم لأمه، وجدته أم عمارة، قال عباد: كنت يوم الخندق ابن خمس سنين، قال محمد بن إسحاق [و]، النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال العجلي: تابعي مدني ثقة، هكذا قال الحافظ في "تهذيب التهذيب"، وقال الحافظ في "الإصابة" في ذكر تميم بن زيد الأنصاري والد عباد: وأخو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني في قول الأكثر، وقيل: هو أخوه لأمه،
(1) اختلف في اسم والد تميم هذا، والبسط في "الغاية" و"الأوجز"(3/ 552). (ش).
عَنْ جَدَّتِهِ - وَهِىَ أُمُّ عُمَارَةَ -: "أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَأُتِىَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَدْرُ ثُلُثَىِ الْمُدِّ". [ن 74]
===
وأما أبوه فهو غزية بن عبد عمرو بن عطية بن خنساء، وبذلك جزم الدمياطي تبعًا لابن سعد.
(عن جدته) أي جدة عباد بن تميم، وفي نسخة "عن جدتي". وكذا في النسائي، أي جدة حبيب (1) بن زيد الأنصاري، ولم يتحقق لي وجه كونها جدة لحبيب بن زيد (وهي أم عمارة)(2) الأنصارية، يقال: اسمها نسيبة بالتصغير، كذا في "التقريب"، وقيد ابن ماكولا بفتح النون، وقال في "مرقاة الصعود" (3): وهي نسيبة بنون فسين كسفينة، قال المنذري: كذا للأكثر، وقال بعضهم: لسينة بضم لامه ونون، بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول، وهي أم عبد الله بن زيد بن عاصم، شهدت أحدًا هي وابنها وزوجها، وشهدت بيعة الرضوان واليمامة، وقطعت يدها فيها، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنها ابن ابنها عباد بن تميم.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ) أي أراد التوضؤ (فأتي بإناء فيه ماء قدر ثلثي المد)(4) وأقل ما ورد في مقدار ماء الوضوء هذا، وأما أنه صلى الله عليه وسلم توضأ بنصف المد (5)،
(1) قال ابن رسلان: قال ابن عبد البر: أم عمارة الأنصارية اسمها نسيبة بنت كعب بن عمرو، وهي أم حبيب وعبد الله بن زيد بن عاصم، شهدت بيعة العقبة وشهدت أحدًا مع زوجها، وبسط الكلام عليه صاحب "الغاية". (ش).
(2)
انظر ترجمتها في: "أسد الغابة"(5/ 475) رقم (7551).
(3)
انظر: "درجات مرقاة الصعود"(ص 19).
(4)
وحمله ابن رسلان على مُدِّ هشام الذي كان أكثر من مُدِّ النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لا أحبُّ أن ينقص من مده صلى الله عليه وسلم. (ش).
(5)
وما روي بثلث المد، قال الحافظ: لم أجده، "التلخيص الحبير" (ح 195). وفي "سبل السلام": لا أصل له "الغاية". (ش).
95 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ البَزَّازُ قال: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ،
===
ففي إسناده صلت بن دينار وهو متروك، فالتقادير التي وردت في الحديث ليست على التحديد.
95 -
(حدثنا محمد بن الصباح) الدولابي، أبو جعفر البغدادي (البزاز) مولى مزينة، صاحب السنن، ولد بالري بقرية يقال لها: دولاب، ثقة حافظ، مات سنة 227 هـ، (قال: حدثنا شريك) بن عبد الله بن أبي شريك، (عن عبد الله بن عيسى) بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو محمد الكوفي، وكان أكبر من عمه محمد، قال ابن معين: ثقة، وقال: كان يتشيع، وقال النسائي: ثقة ثبت، وقال العجلي: ثقة، وقال ابن خراش والحاكم: هو أوثق ولد أبي ليلى، وعن ابن المديني: هو عندي منكر الحديث، مات سنة 135 هـ.
(عن عبد الله بن جبر) بفتح الجيم وسكون الموحدة، ابن عتيك الأنصاري المدني.
وقد وقع الاختلاف في تسمية اسم هذا الراوي في الروايات، ففي أبي داود في رواية محمد بن الصباح عن شريك عن عبد الله بن عيسى سماه عبد الله بن جبر، وفي أبي داود برواية شعبة قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر، وهكذا قال مسلم في رواية شعبة: عبد الله بن عبد الله بن جبر، وفي "النسائي" برواية شعبة: عن عبد الله بن جبر، وفي "أبي داود" برواية يحيى بن آدم عن شريك قال: ابن جبر بن عتيك، وهذا كله صحيح ليس فيه اختلاف، فإن الراوي هو عبد الله بن عبد الله بن جبر، ومن قال: عبد الله بن جبر أو ابن جبر فقد نسبه إلى جده.
والاختلاف الثاني أنه قال بعضهم: ابن جابر، وصححه، قال
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِإِنَاءٍ يَسَعُ رَطْلَيْنِ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ.
===
النووي (1): وقد أنكره عليه بعض الأئمة (2)، وقال: صوابه ابن جابر، وهذا غلط من هذا المعترض بل يقال فيه: جابر وجبر، وهو عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، وممن ذكر الوجهين فيه الإِمام أبو عبد الله البخاري، وأن مسعرًا وأبا العميس وشعبة وعبد الله بن عيسى يقولون فيه: جبر، وذكره الحافظ في "التهذيب": عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، وقيل: ابن جبر بن عتيك الأنصاري المدني، وقيل: إنهما اثنان، وقال أبو بكر بن منجويه: أهل العراق يقولون: جبر، ولا يصح إنما هو جابر.
قلت: هذا نقله ابن منجويه من كلام البخاري فإنه قال في "تاريخه": عبد الله بن عبد الله بن جابر، سمع ابن عمر وأنسًا، قاله مالك، وقال شعبة ومسعر وأبو العميس وعبد الله بن عيسى: عن عبد الله بن عبد الله بن جبر، ولا يصح جبر، إنما هو جابر بن عتيك، قال: وقال بعضهم: عن عبد الله بن عيسى عن جبر بن عبد الله، يعني قلبه، وثقه ابن معين والنسائي، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: ثقة.
(عن أنس) بن مالك الأنصاري (قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بإناء يسع رطلين)(3) من الماء، وهو قدر المد على قول أهل العراق، وموافق لرواية جابر التي تقدمت في هذا الباب (ويغتسل بالصاع) والصاع مكيال يسع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث أو رطلان، فيكون الصاع خمسة أرطال وثلث أو ثمانية أرطال.
(1)"شرح صحيح مسلم" للنووي (2/ 243).
(2)
ومنهم الذهبي كما قال ابن رسلان. (ش).
(3)
قال ابن رسلان: استدل به أبو حنيفة على أن المد رطلان، لأنه ثبت وضوؤه عليه الصلاة والسلام بمد، وثبت بهذا رطلان. (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قال: سَمِعْتُ أَنَسًا، إِلَاّ أَنَّهُ قَالَ: يَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ رَطْلَيْنِ.
===
(قال أبو داود: ورواه شعبة (1) قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنساً، إلَّا أنه) أي شعبة (قال) في حديثه:(يتوضأ بمكوك، ولم يذكر رطلين)، المكوك بفتح الميم وضم الكاف الأولى وتشديدها، جمعه مكاكيك ومكاكي: مكيال يسع صاعًا ونصفًا، قال النووي (2): ولعل المراد بالمكّوك ها هنا المد، وكذا قال البغوي، وقال في "النهاية" (3): أراد بالمكوك المد، وقيل الصاع، والأول أشبه، لأنه جاء في حديث آخر مفسرًا بالمد، وقال القرطبي: الصحيح أن المراد به ههنا المد بدليل الرواية الأخرى.
وغرض المصنف بذكر رواية شعبة بيان الاختلاف فيها وفي رواية عبد الله بن عيسى، فرواية عبد الله بن عيسى معنعنة، ورواية شعبة فيه التحديث والسماع، والثاني أن في رواية عبد الله بن عيسى: عن عبد الله بن جبر منسوبًا إلى جده، فقد قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (4): وأخرج أبو داود من طريق شريك القاضي عن عبد الله بن عيسى فقال: عن عبد الله بن جبر، نسبه لجده، وفي رواية شعبة ذكر منسوبًا إلى أبيه: عبد الله بن عبد الله بن جبر، والاختلاف الثالث، أن في رواية عبد الله بن عيسى ذكر رطلين، ولم يذكر رطلين في رواية شعبة.
(1) أخرجه النسائي (ح 73)، وأخرجه مسلم أيضًا (ح 325).
(2)
"شرح صحيح مسلم"(2/ 244).
(3)
(4/ 350).
(4)
(5/ 383).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدم، عن شَرِيكٍ قَالَ: عن ابْنِ جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ. قَالَ: وَرَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى قَالَ:"حدَّثَنِي جَبْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ".
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: الصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ صَاعُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ،
===
(قال أبو داود: ورواه يحيى بن آدم، عن شريك قال) أي شريك: (عن ابن جبر بن عتيك) بفتح العين المهملة، وكسر المثناة الفوقانية، وسكون الياء، وهذه الرواية تخالف (1) الروايتين المتقدمتين بترك اسم الراوي وهو عبد الله بن عيسى (قال) أي أبو داود:(ورواه سفيان، عن عبد الله بن عيسى قال: حدثني جبر بن عبد الله) غرضه بذكر رواية سفيان: أنها تخالف الروايات الثلاثة السابقة؛ بأن رواية سفيان قلب فيها اسم الراوي، فهذا من مقلوب الأسماء.
(قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: الصالح خمسة أرطال) وقد أسقط عنه (2) الكسر، وإلّا فالصاع خمسة أرطال وثلث عند أهل الحجاز.
(قال أبو داود: وهو) أي الصاع الذي هو خمسة أرطال وثلث. (صاع ابن أبي ذئب) وابن أبي ذئب هذا لا يدرى من هو على التعيين، فإن كان هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن حارث بن أبي ذئب المدني (3)، فلعل وجه نسبة الصاع إليه أنه كان عنده صاع كصاع النبي صلى الله عليه وسلم فاصطنع الناس أصواعهم (4) على صاعه، فاشتهر الصاع لأجل ذلك، أو لعله
(1) هذا إذا ثبت أنه ترك الواسطة وإلَّا فيحتمل بيان الاختلاف فقط. (ش).
(2)
كما سيجيء في "باب في مقدار الماء الذي يجزئ به الغسل". (ش).
(3)
وبه جزم ابن رسلان. (ش).
(4)
وفي الأصل: "صواع" وهو تحريف.