الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(64) بابٌ: كَيْفَ الْمَسْحُ
؟
161 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى الزِّنَادِ
===
والنعلين عندما نزل قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} بالجر، ثم نسخ، والدليل على النسخ قوله صلى الله عليه وسلم:"ويل للأعقاب من النار".
(64)
(بَابٌ: كَيْفَ الْمَسْحُ؟ )(1)
161 -
(حدثنا محمد بن الصباح البزاز (2) قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان القرشي مولاهم المدني، قال أبو داود عن ابن معين: أثبت الناس في هشام بن عروة عبد الرحمن بن أبي الزناد، وعن يحيى بن معين: ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث، ليس بشيء، وعنه: ضعيف، وقال صالح بن أحمد عن أبيه: مضطرب الحديث، وعن ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفًا، وعنه: ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون، وقال الساجي وعمرو بن علي: فيه ضعف، وقال النسائي: لا يحتج بحديثه، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق وفي حديثه ضعف، وقال الترمذي والعجلي: ثقة، وصحَّح الترمذي عدة من أحاديثه، وقال في اللباس: ثقة حافظ، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه، وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالحافظ عندهم، وقال الشافعي: كان ابن أبي الزناد يكاد يجاوز القصد في ذم مذهب مالك، مات ببغداد سنة 174 هـ.
(1) ومقدار المسح أدنى ما يطلق عليه الاسم عند الشافعي، وثلاثة أصابع عندنا، وأكثر ظاهره عند أحمد، واستيعاب الظاهر فقط عند مالك، كذا في "الأوجز"(1/ 454). (ش).
(2)
بزائين. "ابن رسلان". (ش).
قَالَ: ذَكَرَهُ أَبِى، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ".
وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ: "عَلَى ظَهْرِ الْخُفَّيْنِ".
[ت 98، ق 1/ 291، حم 4/ 246، قط 1/ 195]
===
(قال: ذكره) أي الحديث (أبي) أي رواه أبي مذاكرةً، وأبوه هو أبو الزناد عبد الله بن ذكوان (عن عروة بن الزبير، عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين، وقال غير محمد) أي غير محمد بن الصباح، وهو علي بن حجر، أخرج روايته الترمذي (1)، ولفظها:"مسح على الخفين على ظاهرهما"، وأبو داود الطيالسي، ولكن فيها عن عروة بن المغيرة عن المغيرة بن شعبة، ولفظها:"أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح ظاهر خفيه"، أخرجها البيهقي في "سننه" (2) ثم قال: كذا رواه أبو داود الطيالسي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وكذلك رواه إسماعيل بن موسى عن ابن أبي الزناد، ولكن ما وجدت رواية إسماعيل بن موسى في كتب الحديث، ثم قال البيهقي: ورواه سليمان بن داود الهاشمي، ومحمد بن الصباح، وعلي بن حجر [عن ابن أبي الزناد، عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة، انتهى.
قلت: سليمان بن داود الهاشمي أخرج روايته الدارقطني (3)، ولفظها: قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح"(على ظهر الخفين) والفرق بينهما أن رواية غير محمد من شيوخ أبي داود نص في المسح على ظاهر الخفين، وأما رواية محمد بن الصباح وإن كانت بظاهرها تدل على المسح على ظاهر الخفين، ولكنها ليست بنص فيه، بل يحتمل أعلى الخف وأسفله.
(1)"سنن الترمذي"(ح 98).
(2)
"السنن الكبرى"(1/ 291).
(3)
"سنن الدارقطني"(1/ 195).
162 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قال: حَدَّثَنَا حَفْصٌ - يَعْنِى ابْنَ غِيَاثٍ -، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ: "لَوْ كَانَ الدِّينُ
===
فثبت بروايات الشيوخ أن الراجح عن عبد الرحمن بن أبي الزناد هو المسح على ظاهر الخف، فالواجب أن يؤَوّل رواية محمد بن الصباح كان يمسح على الخفين بأن يقال: معناه يمسح على ظهر الخفين.
وقال الترمذي (1): حديث المغيرة حديث حسن، وهو حديث عبد الرحمن بن أبي الزياد، عن أبيه، عن عروة عن المغيرة، ولا نعلم أحدًا يذكر عن عروة عن المغيرة على ظاهرهما غيره، واستدل بهذا الحديث من قال بمسح ظاهر الخف.
162 -
(حدثنا محمد بن العلاء) بن كريب (قال: ثنا حفص يعني ابن غياث) بكسر معجمة وخفة مثناة تحت ومثلثة، ابن طلق بن معاوية النخعي، أبو عمرو الكوفي، قاضيها وقاضي بغداد، عن ابن معين: ثقة، وقال العجلي: ثقة مأمون فقيه، وقال يعقوب: ثقة ثبت إذا حدث من كتابه، ووثقه النسائي وابن خراش وابن سعد، وقال أبو زرعة: ساء حفظه بعد ما استقضي، فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح، وإلَّا فهو كذا، وقال داود بن رشيد: حفص كثير الغلط، وقال ابن عمار: كان لا يحفظ حسنًا وكان عسرًا، وقال أحمد بن حنبل: إن حفصًا كان يدلس، مات سنة 194 هـ.
(عن الأعمش) سليمان بن مهران، (عن أبي إسحاق) السبيعي، (عن عبد خير، عن علي) - رضي الله تعالى عنه - (قال) أي علي: (لو كان الدين
(1) قلت: ويظهر من مجموع كلام الشيخ والترمذي أن الصواب في حديث المغيرة: "مسح على الخفين"، وفي حديث عبد الرحمن:"مسح على ظهر الخفين".
بِالرَّأْىِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ". [حم 1/ 95، دي 715، ق 1/ 292]
===
بالرأي) أي بظاهر الرأي ومجرد العقل دون الرواية والنقل (لكان أسفل الخف) لقربه من الأوساخ (1) والقاذورات (أولى بالمسح من أعلاه) لبعده منها (وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه)(2)، فهذا صريح في أن الأسفل ليس بممسوح، فالمراد بظاهر خفيه أعلى ظاهرهما.
قال القاري (3): اعلم أن العقل الكامل تابع للشرع، لأنه عاجز عن إدراك الحكم الإلهية، فعليه التعبد المحض بمقتضى العبودية، وما ضل من ضل من الكفرة والحكماء والمبتدعة وأهل الأهواء إلَّا بمتابعة العقل وترك موافقة النقل، وقد قال أبو حنيفة رحمه الله: لو قلت بالرأي لأوجبت الغسل بالبول، لأنه نجس متفق عليه، والوضوء بالمني، لأنه نجس مختلف فيه، ولأعطيت الذكر في الإرث نصف الأنثى لكونها أضعف منه، ويمكن أن يقال: وجه الأولوية أن المقصود من المسح هو الطهارة، ولا شك أن الأسفل (4) أحوج إلى التطهر، فإنه اجتمع فيه الحدث والخبث، انتهى ملخصًا.
(1) وإن اشتركا في نسبة الحدث. (ش).
(2)
قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 251): إسناده صحيح، وقال في "بلوغ المرام": حسن، كذا في "المنهل"(2/ 143). (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 85).
(4)
ذهب جمع من شُرَّاح الحديث والفقه إلى أن المراد بالأسفل محل الوطء، وحكاه ابن الهمام (1/ 132) عن "النهاية" عن "المبسوط"، ثم قال: هذا يفيد أن المراد عندهم بالباطن محل الوطء لا ما يلاقي البشرة، ولكن بتقديره لا تظهر أولوية المسح لو كان بالرأي، بل المتبادر من قول علي رضي الله عنه ما يلاقي البشرة، لأن الواجب من غسل الرجل ليس لإزالة الخبث بل للحديث، ومحل الوطء من باطن =
163 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ
===
163 -
(حدثنا محمد بن رافع) بن أبي زيد، واسمه سابور القشيري مولاهم، أبو عبد الله النيسابوري الزاهد، قال البخاري: كان من خيار عباد الله، وقال النسائي: ثقة ثبت مأمون، وقال مسلم بن الحجاج: ثقة مأمون صحيح الكتاب، وقال محمد بن شاذان: ثقة مأمون، وقال أحمد بن سيار في ذكر مشايخ نيسابور: محمد بن رافع كان ثقة، حسن الرواية عن أهل اليمن، روى عنه البخاري 17 حديثًا، ومسلم 362 حديثًا، مات سنة 245 هـ.
(قال: ثنا يحيى بن آدم) الأموي (قال: نا يزيد بن عبد العزيز) بن سياه بكسر المهملة بعدها مثناة تحت وآخره هاء ساكنة، الأسدي الحماني بكسر المهملة وتشديد الميم، نسبة إلى بني حمان، وهي قبيلة نزلت الكوفة، أبو عبد الله الكوفي، وثَّقه أحمد وابن معين وأبو داود ويعقوب بن سفيان والدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن الأعمش) سليمان بن مهران (بإسناده) أي حدثنا محمد بن رافع بسنده عن الأعمش بإسناده أي بإسناد الأعمش المذكور في الرواية المتقدمة، وهو عن أبي إسحاق عبد خير عن علي (بهذا الحديث) أي بالحديث المتقدم.
= الرجل فيه كظاهره، وكذا روي عن علي: لكان أسفل الخف أولى، يجب أن يراد بالأسفل الوجه الذي يلاقي البشرة، انتهى.
وتعقبه الكبيري (ص 109) فقال: لا يلتفت إلى ما قاله ابن الهمام، لأن مسح ما يلاقي البشرة غير ممكن فكيف يقتضي الرأي أولويته، انتهى، قال ابن عابدين (1/ 498): المراد بالباطن ما يلي الأرض لا ما يلي البشرة، كما حقَّقه في "شرح المنية" خلافًا لما قاله ابن الهمام، انتهى. (ش).
قَالَ: "مَا كُنْتُ أُرَى بَاطِنَ الْقَدَمَيْنِ إِلَاّ أَحَقَّ بِالْغَسْلِ، حَتَّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَهْرِ خُفَّيْهِ". [ق 1/ 292، وانظر تخريج الحديث السابق]
164 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْىِ لَكَانَ بَاطِنُ الْقَدَمَيْنِ
===
(قال: ) الضمير يرجع إما إلى علي رضي الله عنه، ويمكن أن يرجع إلى يزيد بن عبد العزيز، أي قال يزيد بن عبد العزيز في هذا الحديث هذا اللفظ على خلاف ما قال حفص بن غياث (ما كنت أرى) بصيغة المجهول أي أظن (باطن القدمين إلَّا أحق بالغسل، حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر خفيه)، فالجملة الأولى في هذا الحديث الذي رواه يزيد بن عبد العزيز عن الأعمش يخالف سياق ما رواه حفص بن غياث عن الأعمش بأنه ذكر فيها القدمين والغسل، والمراد بباطن القدمين أسفل القدمين إذا كانا في خفين.
وأما الغسل فإما أن يؤول بالمسح، أو يكون معناه أني ظننت أن أسفل القدمين أحق بالغسل من ظاهرهما، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بالمسح على ظاهر خفيه ولم يمسح أسفلهما، استدللت على أن أسفل القدمين ليس بأحق بالغسل من ظاهرهما، بل كلاهما سواء في حكم وجوب الغسل.
164 -
(حدثنا محمد بن العلاء قال: ثنا حفص بن غياث، عن الأعمش بهذا الحديث، قال) أي علي: (لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدمين) المراد بالباطن أسفل الخف الذي هو محل الوطء لا ما يلاقي
أَحَقَّ بِالْمَسْحِ (1) مِنْ ظَاهِرِهِمَا، وَقَدْ مَسَحَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ظَهْرِ خُفَّيْهِ.
[انظر تخريج الحديث السابق]
وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: "كُنْتُ أُرَى أَنَّ بَاطِنَ الْقَدَمَيْنِ أَحَقُّ بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا، حَتَّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا". قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِى الْخُفَّيْنِ.
وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأَعْمَشِ، كَمَا رَوَاهُ وَكِيعٌ
===
البشرة، والمراد بالقدمين الخفان (أحق بالمسح من ظاهرهما، وقد مسح النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر خفيه، ورواه وكيع عن الأعمش بإسناده) المذكور فيما تقدم (قال: كنت أرى أن باطن القدمين) أي أسفل الخفين (أحق بالمسح من ظاهرهما، حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهرهما، قال وكيع: يعني الخفين) هذا تفسير للضمير في ظاهرهما أو تفسير للقدمين.
(ورواه عيسى بن يونس عن الأعمش كما رواه وكيع)، ولم أجد (2) في كتب الحديث التي تتبعتها رواية عيسى بن يونس (3)، إلَّا أن البيهقي (4) أخرج بسنده عن يونس بن أبي إسحاق عن عبد خير قال: رأيت عليًا ومسح ثم قال: "لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر القدمين لرأيت أن أسفلهما وباطنهما أحق بذلك".
(1) وفي نسخة: "بالغسل".
(2)
وكذا في "المنهل"(2/ 148). (ش).
(3)
قلت: رواية عيسى بن يونس عن الأعمش بإسناده، أخرجها النسائي في "الكبرى".
انظر: كتاب الطهارة باب المسح على الخفين رقم (118).
(4)
"السنن الكبرى"(1/ 292).
وَرَوَاهُ أَبُو السَّوْدَاءِ عَنِ ابْنِ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ ظَاهِرَ قَدَمَيْهِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ". وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
===
(ورواه (1) أبو السوداء) (2)، هو عمرو بن عمران النهدي الكوفي، وثَّقه أحمد وابن معين وابن نمير وغيره (عن ابن عبد خير) هو المسيب روى عن أبيه عن علي في الوضوء، عن ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال الذهبي في "الميزان": وضعفه أبو الفتح الأزدي.
(عن أبيه قال: رأيت عليًّا توضأ فغسل ظاهر قدميه، وقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، وساق الحديث)، هكذا في النسخ المطبوعة الهندية والمطبوعة بمصر، وأما في النسخة المكتوبة بعد قوله: يفعله، لظننت أن بطونهما أحق بالغسل (3)، فاختلفت هذه الروايات ففي بعضها المسح، وفي بعضها الغسل، وكذلك في بعضها ذكر القدمين، وفي بعضها الخفين.
قال البيهقي (4): وفي كل هذه الروايات المقيدات بالخفين دلالة على اختصار وقع في ما أخبرنا أبو علي الروذباري، ثنا أبو محمد بن
(1) هذا الحديث ذكر في نسخة "اللؤلؤي" معلقًا، وفي نسخة ابن داسة موصولًا بلفظ: حدثنا حامد بن يحيى، نا سفيان عن أبي السوداء
…
إلخ، كذا في "المنهل"(2/ 148). (ش).
(2)
بالمد. "ابن رسلان". (ش).
(3)
ذكر المزي هذا الحديث وقول أبي داود في "تحفة الأشراف"(7/ 89) رقم (10204) وزاد: "حدثنا حامد بن يحيى قال: حدثنا سفيان، عن أبي السوداء، به".
ثم قال المزي: من قوله: "لظننت"
…
إلى آخره في رواية أبي بكر بن داسة، ولم يذكره أبو القاسم.
(4)
"السنن الكبرى"(1/ 292).
165 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ
===
شوذب (1) المقرئ بواسط، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا أبو نعيم، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن عبد خير قال: رأيت عليًّا ومسح، ثم قال:"لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر القدمين لرأيت أن أسفلهما وباطنهما أحق بذلك".
ثم قال البيهقي: وكذلك رواه أبو السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه، وعبد خير عن علي في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أنه غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، انتهى.
فهذه الروايات تدل على أن المسح المشروع هو مسح ظاهر الخف دون باطنه، وإليه ذهب الثوري وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل، وذهب مالك والشافعي وأصحابهما والزهري وابن المبارك إلى أنه يمسح ظهورهما وبطونهما، قال مالك والشافعي: إن مسح ظهورهما دون بطونهما أجزأه، وقال مالك: من مسح باطن الخفين دون ظاهرهما لم يجزه، وكان عليه الإعادة في الوقت وبعده، وقال ابن شهاب والشافعي في قول: إن من مسح بطونهما ولم يمسح ظهورهما أجزأه، والواجب عند أبي حنيفة مسح قدر ثلاث أصابع من أصابع اليد، وعند أحمد مسح أكثر الخف، وروي عن الشافعي أن الواجب ما يسمى مسحًا، هكذا ذكره الشوكاني (2).
165 -
(حدثنا موسى بن مروان) البغدادي أبو عمران التمار، سكن الكوفة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 240 هـ أو بعدها
(1) وفي الأصل: "سودة" وهو تحريف، والصواب:"شوذب" كما أثبتناه من "سنن البيهقي"(1/ 292).
(2)
(1/ 240) وصاحب "المغني"(1/ 377) أيضًا، ولم يذكرا مذهب مالك، وذكر الشعراني والقاري مذهبه الاستيعاب. (ش).
وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِىُّ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ مَحْمُودٌ: قال: أَخْبَرَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:"وَضَّأْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ فَمَسَحَ عْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا (1) ". [ت 97، جه 550، حم 4/ 251، قط 1/ 195، ق 1/ 290]
===
(ومحمود بن خالد الدمشقي، المعنى، قالا: ثنا الوليد) بن مسلم، (قال محمود) شيخ المؤلف:(قال) أي الوليد: (أخبرنا ثور بن يزيد) بلفظ الإخبار، وأما موسى بن مروان فلم يقل بلفظ الإخبار، بل لعله روى بلفظ عن، أو قال بما لا يدل على الاتصال.
(عن رجاء بن حيوة) بفتح المهملة وسكون المثناة التحتانية وفتح الواو، ابن جرول الكندي، أبو المقدام، ويقال: أبو نصر الفلسطيني، قال ابن سعد: كان ثقة فاضلًا كثير العلم، وقال العجلي والنسائي: شامي ثقة، وقال أحمد بن حنبل: لم يلق رجاء ورّادًا كاتب المغيرة، وكذا حكى الترمذي عن البخاري وأبي زرعة، وروايته عن أبي الدرداء مرسلة، مات سنة 112 هـ.
(عن كاتب المغيرة بن شعبة) اسمه وراد بفتح الواو وتشديد الراء، الثقفي أبو سعيد، ويقال: أبو ورد الكوفي، كاتب المغيرة ومولاه، ذكره ابن حبان في "الثقات"، (عن المغيرة بن شعبة قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فمسح على الخفين) وفي نسخة: "أعلى الخفين"(وأسفلهما).
هذا الحديث يدل على أن محل المسح في الخفين أعلاهما
(1) وفي نسخة: "وأسفله".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وأسفلهما، ويؤيده ما رواه البيهقي في "سننه الكبير" (1): أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو الوليد الفقيه، ثنا مكي بن عبدان، ثنا عمار بن رجاء، ثنا زيد بن حباب، ثنا سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يمسح على ظهر الخف وباطنه، قال: وحدثنا عمار ثنا زيد، ثنا عبد الله العمري، عن نافع، عن ابن عمر مثله.
فهذا الحديث المرفوع قال فيه الترمذي: هذا الحديث (2) معلول لم يسنده (3) عن ثور غير الوليد، وسألت أبا زرعة ومحمدًا عن هذا الحديث فقالا: ليس بصحيح، ولهذا قال الشافعي وأصحابه: الأكمل في كيفية المسح أن يضع أصابع يده اليمنى مفرجة على مقدم ظهر الخف، وأصابع يده اليسرى على أسفل العقب، ثم يمرهما، فتنتهي أصابع اليمنى إلى آخر الساق، والأخرى من أطراف الأصابع من تحت، فمسح أعلى الخف عندهم واجب، ومسح أسفله سنة، لأن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال بالاتفاق.
قال القاري (4): والظاهر أن العمل بالحديث الضعيف محله إذا لم يكن مخالفًا للحديث الصحيح أو الحسن، وسيأتي ما يخالفه من حديثه المتصل، ومن حديث علي كرَّم الله وجهه، وأيضًا إنما يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال الثابتة بأدلة أخرى، وها هنا هذا الحكم ابتدائي مع أنه ليس فيه ما يدل على ثوابه وفضيلته، فتأمل حق التأمل وثبت العرش ثم انقش.
(1)(1/ 291).
(2)
وكذا قال ابن رسلان وبسط طرقه. (ش).
(3)
يعني يرسلونه ولا يذكرون المغيرة كما بسطه في "التلخيص الحبير"(1/ 251). (ش).
(4)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 83).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: وروى البيهقي في "سننه الكبير"(1): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو الوليد الفقيه، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة، عن أشعث، عن الحسن، عن المغيرة بن شعبة قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ، ومسح على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة، حتى كأني أنظر إلى أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين".
وكذلك أخرج البيهقي في "سننه الكبير" بسنده إلى حميد بن مخراق الأنصاري أنه رأى أنس بن مالك بقباء مسح ظاهر خفيه بكفيه مسحة واحدة.
فهذا الحديث المرفوع وأثر مالك بن أنس رضي الله عنه يدل على خلاف ما دل عليه حديث كاتب المغيرة عن المغيرة، فإنه يدل على أنه صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف الأيمن والأيسر بيده اليمنى واليسرى مسحة واحدة، فلو سلَّمنا مسحه صلى الله عليه وسلم أعلى الخف وأسفله لكان صورة المسح أن يمسح أعلى الخف الأيمن باليد اليمنى وأسفله باليسرى في أول مرة، ثم في المرة الثانية يمسح الخف الأيسر أعلاه باليمنى وأسفله باليسرى بماء جديد.
وهذه الصورة لا يثبتها رواية، بل تخالف الحديث الصحيح الذي رواه المغيرة بن شعبة، وأيضًا يخالفه ما روي عن جابر بن عبد الله وعلي بن أبي طالب وغيرهم، فما قال صاحب "غاية المقصود": وأما الحديث الثاني للمغيرة وحديث علي فليس بين حديثيهما تعارض
…
إلخ، نشأ من قلة التدبر.
(1)(1/ 292).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَبَلَغَنِى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ ثَوْرٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَجَاءٍ.
===
(قال أبو داود: وبلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء)، هذا ما في النسخ الموجودة عندنا، ولكن قال البيهقي في "سننه" (1): قال أبو داود: ويروى أن ثورًا لم يسمع هذا الحديث من رجاء، وغرض المؤلف بهذا الكلام بيان العلة في هذا الحديث بأن بين ثور بن يزيد ورجاء انقطاعًا.
قال في "الجوهر النقي": قلت: حاصله، أي حاصل ما قال البيهقي: أنه ذكر في الحديث علتين: إحداهما: أن ثورًا لم يسمعه (2) من رجاء، الثانية: أن كاتب المغيرة أرسله، ويمكن أن يجاب عن الأولى بما تقدم من رواية داود بن رشيد، فإنه صرح (3) فيها بأن ثورًا قال: حدثنا رجاء، وإن كان داود قد روى عنه أنه قال: عن رجاء، ويجاب عن الثانية بأن الوليد بن مسلم زاد في الحديث ذكر المغيرة، وزيادة الثقة مقبولة، وتابعه على ذلك ابن أبي يحيى، كذا أخرج عنه البيهقي في "كتاب المعرفة".
وبقي في الحديث علَّتان أخريان لم ينبه عليهما البيهقي، إحداهما: أن كاتب المغيرة مجهول، الثانية: أن الوليد مدلس، وقد رواه عن ثور بالعنعنة.
ويجاب عن الأولى بأن المعروف بكتابة المغيرة هو مولاه ورّاد، وهو مخرج له في الصحيحين، فالظاهر أنه هو المراد، وقد أدرج بعض الحفاظ هذا الحديث في ترجمة رجاء عن ورّاد، وذكره المزي في
(1)(1/ 290).
(2)
كما صرح به الحافظ في "التلخيص الحبير"(1/ 250). (ش).
(3)
وكذا أخرجه الدارقطني (1/ 195)، كذا قال ابن رسلان. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
"أطرافه"(1) في ترجمة وراد عن المغيرة، وأصرح من هذا أن ابن ماجه أخرجه في "سننه"، فقال: عن رجاء عن وراد كاتب المغيرة فصرح باسمه، وقال المزي في "أطرافه": رواه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك بن عمير عن ورّاد عن المغيرة (2).
ويجاب عن الثانية بأن أبا داود أخرج هذا الحديث في "سننه"، فقال: عن الوليد أخبرنا ثور، فأمن بذلك تدليسه (3)، انتهى.
قلت: ومع هذا كله بقي فيه علة أخرى، وهي أن رجاء لم يدرك ورّادًا كاتب المغيرة فثبت الانقطاع، وما وقفت لها على جواب.
تمَّ بحمد الله وتوفيقه المجلد الأول ويتلوه إن شاء الله تعالى المجلد الثاني
وأوله: "باب في الانتضاح"
وصلَّى الله تعالى على خير خلقه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وبارك وسلَّم تسليمًا كثيرًا
(1)(8/ 202).
(2)
وقال الدارقطني في "العلل"(7/ 1238): ليس في هذه الرواية ذكر المسح أسفل الخف.
(3)
وبسط في علله ابن رسلان وصاحب "الغاية". (ش).