الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ: «ظَلَمَ وَأَسَاءَ» . [ن 140، جه 422، حم 2/ 180، خزيمة 174]
(53) بَابٌ: في الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ
===
بعضه، ثم في الثالثة أصاب الجميع، لا يكون غسل الأعضاء ثلاثًا، وقالوا: لو زاد لطمأنينة القلب أو لقصد الوضوء على الوضوء لا بأس به، وحديث:"فقد تعدَّى"، محمول على اعتقاد السنيَّة، ومع اعتقاد سنيَّة الثلاث لا كراهة في الزيادة والنقصان، فلهذا قالوا: لو زاد لقصد الوضوء على الوضوء، أو لطمأنينة القلب عند الشك، أو نقص لحاجة لا بأس به.
واعترض عليه علي القاري في شرحه على "المشكاة "(1): قلت: أما قوله: "لطمأنينة القلب عند الشك"، ففيه أن الشك بعد التثليث - هكذا في النسخة المطبوعة (2) بمصر، والظاهر قبل التثليث والله أعلم - لا وجه له، وإن وقع بعده فلا نهاية له، وهو الوسوسة، وأما قوله:"أو بنية وضوء آخر"، ففيه أن قبل الإتيان بعبادة بعد الوضوء لا يستحب له التجديد مع أنه لا يتصور التجدد إلَّا بعد تمام الوضوء لا في الأثناء.
(أو ظلم وأساء) شك من الراوي في تقديم أحد اللفظين على الآخر.
(53)
(بَابٌ: في الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ)
أي يغسل أعضاء (3) الوضوء مرتين
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(2/ 24).
(2)
هكذا في الأصل، والظاهر أن لفظ "بعد التثليث" صحيح، والمعنى أن الشك بعد الثلاث لا وجه له، ولو وقع فلا غاية له. (ش).
(3)
قال في "عارضة الأحوذي"(1/ 62): لا يخلو إما أرادوا الغرفات أو استيعاب العضو في كل مرة. (ش).
136 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قال: حَدَّثَنَا زَيْدٌ - يَعْنِى ابْنَ الْحُبَابِ - قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَوْبَانَ
===
136 -
(حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا زيد - يعني ابن الحباب -)(1) بضم المهملة وموحدتين مع خفة الأولى، أبو الحسين العكلي بطن من تميم، الكوفي، أصله من خراسان، ورحل في طلب العلم فأكثر منه، وسكن الكوفة، قال علي بن المديني والعجلي: ثقة، وكذا قال عثمان عن ابن معين، وقال أبو حاتم: صدوق صالح، وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زيد بن حباب كان صدوقًا لكن كان كثير الخطأ، وقال المفضل بن غسان الغلابي عن ابن معين: كان يقلب حديث الثوري، ولم يكن به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطئ، يعتبر حديثه إذا روى عن المشاهير، وأما روايته عن المجاهيل ففيها المناكير، وقال ابن خلفون: وثقه أبو جعفر السبتي وأحمد بن صالح، وقال الدارقطني وابن ماكولا: ثقة، وقال ابن شاهين: وثَّقه عثمان بن أبي شيبة، قال ابن عدي: هو من أثبات مشايخ الكوفة ممن لا يشك في صدقه، والذي قاله ابن معين عن أحاديثه عن الثوري، إنما له أحاديث عن الثوري يستغرب بذلك الإسناد، وبعضها ينفرد برفعه، والباقي عن الثوري، وغير الثوري مستقيمة كلها، مات سنة 203 هـ.
(قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثوبان)، هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان منسوب إلى جده، العنسي بفتح المهملة وسكون النون وفي آخرها مهملة، أبو عبد الله الدمشقي الزاهدي، قال الأثرم عن أحمد: أحاديثه مناكير، وقال محمد الوراق عن أحمد: لم يكن بالقوي في الحديث، وعن ابن معين: صالح، ومرة عنه: ضعيف، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين:
(1) قال ابن رسلان: زيد بن حسان، ورواية الخطيب زيد بن الحباب. (ش).
قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِىُّ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ. [ت 43، حم 2/ 288، 364، ق 1/ 79]
137 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ
===
لا شيء، وقال يعقوب بن شيبة: اختلف أصحابنا فيه، فأما ابن معين فكان يضعفه، وأما علي فكان حسن الرأي فيه، وقال النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي، وقال مرة: ليس بثقة، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وكان رجلًا صالحًا، ويكتب حديثه على ضعفه، وقال عثمان الدارمي عن دحيم: ثقة يرمى بالقدر، وقال أبو حاتم: ثقة يشوبه شيء من القدر، وتغير عقله في آخر حياته، وهو مستقيم الحديث، وقال أبو داود: كان فيه سلامة، وليس به بأس، وكان مجاب الدعوة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 165 هـ وهو ابن تسعين سنة.
(قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي)، هو عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم المدني، قال حرب عن أحمد: لا بأس به، قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي وابن المديني والعجلي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن الأعرج) هو عبد الرحمن بن هرمز، (عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين) (1) أي غسل أعضاء الوضوء لبيان الجواز ولبيان أوسط مراتب الغسل.
137 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة بن المختار الحافظ العبدي، أبو عبد الله الكوفي، قال عثمان
(1) منصوب على أنه مفعول مطلق لبيان العدد "الغاية". (ش).
قَالَ: حَدَّثنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثنَا زَيْدٌ ،
===
الدارمي عن ابن معين: ثقة، وقال النسائي وابن قانع: ثقة، وقال عثمان بن أبي شيبة: محمد بن بشر ثقة ثبت إذا حدث من كتابه، وقال الآجري عن أبي داود: هو أحفظ من كان بالكوفة، مات سنة 203 هـ.
(قال: حدثنا هشام بن سعد) المدني أبو عباد، ويقال أبو سعد القرشي مولاهم، عن أحمد: لم يكن هشام بالحافظ، وعنه: ليس هو محكم الحديث، وعن ابن معين: ضعيف، وعنه: ليس بذاك القوي، وعنه: ليس بشيء، وعنه: صالح ليس بمتروك الحديث، وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه، وقال العجلي: جائز الحديث حسن الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الآجري عن أبي داود: هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم، وقال النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث يستضعف، وكان متشيعًا، وعن علي بن المديني: صالح، وليس بالقوي، وذكره يعقوب بن سفيان في "الضعفاء"، وقال الحاكم: أخرج له مسلم في الشواهد، مات سنة 160 هـ.
(قال: حدثنا زيد) هو زيد بن أسلم العدوي أبو أسامة، ويقال: أبو عبد الله المدني، الفقيه، مولى عمر، قال أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم ومحمد بن سعد والنسائي وابن خراش: ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، من أهل الفقه والعلم، وكان عالمًا بتفسير القرآن، وقال ابن عيينة: كان زيد بن أسلم رجلًا صالحًا، وكان في حفظه شيء، وذكر ابن عبد البر في مقدمة "التمهيد"(1) ما يدل على أنه كان يدلس، كان علي بن الحسين يجلس إلى زيد بن أسلم ويتخطى مجالس قومه، فقال له نافع بن جبير بن مطعم:
(1)(1/ 31).
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتُحِبُّونَ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ؟ فَدَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَاغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ الْيُمْنَى، فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى، فَجَمَعَ بِهَا يَدَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى، فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً (1)
===
تتخطى مجالس قومك إلى عبد عمر بن الخطاب، فقال علي: إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه، مات سنة 136 هـ.
(عن عطاء بن يسار) الهلالي، أبو محمد المدني القاص، ويكنيه أهل الشام لما قدمهم بأبي عبد الله، وأهل مصر لما قدمها بأبي يسار، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن سعد: ثقة، مات بالإسكندرية سنة 104 هـ أو 103 هـ.
(قال: قال لنا ابن عباس: أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ ) وكان غرضه - رضي الله تعالى عنه - أن يريهم أدنى مراتب الغسل التي تجتزئ (فدعا بإناء فيه ماء، فاغترف غرفة (2) بيده اليمنى، فتمضمض واستنشق) أي جمع المضمضة والاستنشاق في غرفة واحدة، (ثم أخذ أخرى) أي غرفة أخرى، (فجمع بها يديه) بإضافة اليسرى إلى اليمنى، (ثم غسل وجهه) ولفظة "ثم" هذه بمعنى الفاء، (ثم أخذ أخرى) أي غرفة أخرى (فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ أخرى) أي غرفة أخرى (فغسل بها يده اليسرى، ثم قبض قبضة) والمراد بالقبضة الغرفة، كما تدل عليه الرواية التي أخرجها البيهقي بسنده عن زيد بن أسلم عن عطاء بن
(1) وفي نسخة: "قبضة أخرى".
(2)
بالفتح على المصدر، وبالضم على المغروف. "الغاية". (ش).
مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى مِنَ الْمَاءِ فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَفِيهَا النَّعْلُ، ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدَيْهِ: يَدٌ فَوْقَ الْقَدَمِ وَيَدٌ تَحْتَ النَّعْلِ،
===
يسار عن ابن عباس، وفيها:"ثم غرف غرفة فمسح رأسه وأذنيه، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى"، ولأن الماء لا يقبض بل يغرف.
(من الماء ثم نفض يده، ثم مسح بها رأسه وأذنيه) وهذا بظاهره يدل على أن مسح الرأس والأذنين كان بيد واحدة، ويحتمل أن يكون باليدين، فيكون التقدير: ثم قبض قبضة من الماء بيده اليمنى وأضاف إليها اليسرى، ثم نفض يده اليمنى واليسرى، وتؤيد ذاك الاحتمال الثاني رواية البيهقي.
(ثم قبض قبضة أخرى من الماء فَرَشَّ على رجله اليمنى، وفيها النعل، ثم مسحها بيديه: يد فوق القدم ويد تحت النعل)(1)، معناه أنه رضي الله عنه صَبَّ على رجله اليمنى قبضةً من الماء، ثم غسلها بصَبِّ الماء عليها باليد اليمنى، وبإيصال الماء عليها جميعها مستوعبًا بيده اليسرى غسلاً خفيفًا، والحال أن الرِّجل كانت في النعل، ولما كانت نعال العرب ليس فيها غير الشراك والجلدة، فلا يتعسر إيصال الماء إلى جميع الرجل وإن كانت الرجل في النعل، كما يدل عليه صنيع البخاري في "صحيحه"، فإنه عقد "باب غسل الرجلين في النعلين"، وأورد لها حديث ابن عمر وفيه:"وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها".
(1) وفي "التقرير": معنى قوله: تحت النعل أي بينه وبين القدم، ووجَّهه بأحسن التوجيه. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال العيني (1): ظاهره كان عليه الصلاة والسلام يغسل رجليه، وهما في نعلين، لأن قوله:"فيها"، أي في النعال، ظرف لقوله:"يتوضأ"، فإن قلت: قوله: "يد فوق القدم ويد تحت النعل" يأبى عنه، قلت: كون اليد فوق القدم في وقت لا يأبى أن يفضيها تحت القدم في النعل بعد أن كان فوق القدم، فالمسح في قوله:"ثم مسحها" بمعنى الغسل، كما تدل عليه الرواية التي أخرجها البخاري في "صحيحه"(2) في "باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة" بسنده عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، وكما تدل عليه الرواية المذكورة التي أخرجها البيهقي.
والرواية الثانية التي أخرجها البيهقي (3) في "باب غسل الوجه" عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، وفيها:"ثم أخذ غرفة من ماء، ثم رشَّ على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله اليسرى".
وهكذا أخرج الإِمام أحمد في "مسنده"(4)، وأيضًا تدل عليه رواية النسائي (5)، فإنه أخرج بسنده عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، وفيها:"ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى"، فاليد التي فوق القدم هي الغاسل لها بإيصال الماء عليها كلها ودلكها، وإلا فالغرفة الواحدة لا يمكن أن تستوعب
(1)"عمدة القاري"(2/ 465).
(2)
"صحيح البخاري"(ح 140).
(3)
"السنن الكبرى"(1/ 53).
(4)
(1/ 268).
(5)
"سنن النسائي" رقم الحديث (102).
ثُمَّ صَنَعَ بِالْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. [ت 36، ن 102، جه 439، ك 1/ 147]
===
القدم. وأما اليد الأخرى التي كانت تحت النعل، فلا مدخل لها في الغسل إلَّا أنها كانت تحمل القدم وترفعها ، ولكن ظن الراوي أنها ماسحة أيضًا، فلا حاجة إلى ما قال الشوكاني في "النيل" (1): وأما قوله: تحت النعل، فإن لم يحمل على التجوُّز عن القدم فهي رواية شاذة، وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما تفرد به، فكيف إذا خالف؟ قاله الحافظ. وما قال صاحب "مرقاة الصعود": هذا مؤول بأنه مسح على الخف ، فبعيد جدًّا بل لا يكاد يصح، فإن الروايات التي أخرجها البيهقي والنسائي والبخاري مصرّحة بالغسل، فلا معنى لحمله على المسح من غير دليل ولا قرينة.
وقد أخرج الطحاوي هذا الحديث في "باب فرض الرجلين في وضوء الصلاة" بسنده عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: "توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ ملء كفه ماءً فَرَشَّ به على قدميه، وهو متنعل".
والحديث لا مناسبة له بترجمة الباب، فإنه ليس فيه ذكر غسل أعضاء الوضوء مرتين، بل لو ذكر في الباب (2) الآتي "باب الوضوء مرة" لكان أنسب، ويمكن أن يوجه للمناسبة بين الحديث وترجمة الباب بأن الغسل مرة مرة، وهي أدنى المراتب تدل بالأولى على جواز الغسل مرتين مرتين، واستحبابه بالأولوية، والله أعلم.
(ثم صنع باليسرى مثل ذلك).
(1)(1/ 183).
(2)
ولذا بوّب البخاري والترمذي والنسائي على الحديث: "الوضوء مرة مرة""الغاية". (ش).