الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7) بَابُ كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْخَلَاء
(1)
15 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، ثنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، ثنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ،
===
(7)
(بَابُ كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْخَلاءِ)
أي عند قضاء الحاجة وغيرها في الخلاء
15 -
(حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة)، هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري الجُشمي مولاهم، أبو سعيد البصري، هكذا ذكر كنيته الحافظ في "التقريب" و"تهذيب التهذيب"، وكذا ذكر كنيته البخاري في "التاريخ الصغير"، وذكر في "الخلاصة" (2): أبو شعيب البصري، ولعله غلط من الناسخ، ثقة ثبت، مات سنة 235 هـ.
(ثنا ابن مهدي) هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، وقيل: الأزدي مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة ثبت، الحافظ الإِمام العَلَم، حتى قال الشافعي: لا أعرف له نظيرًا في الدنيا، مات سنة 198 هـ، وهو ابن ثلاث وستين سنة.
(ثنا عكرمة بن عمار)، أبو عمار اليماني العجلي، أصله من البصرة، يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه الدارقطني، وكذا وثقه يعقوب بن شيبة والعجلي وابن معين، وقال: ثقة ثبت، وقال علي بن المديني: كان عكرمة عند أصحابنا ثقة ثبتًا، مات سنة 159 هـ بالبصرة.
(1) في نسخة "باب كراهية الكلام عند الحاجة".
(2)
(ص 252).
عن يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن هِلَالِ بْنِ عِيَاض قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ
===
(عن يحيى بن أبي كثير) الطائي مولاهم، أبو نصر- كتب في "التقريب"(1) و"تهذيب التهذيب"(2) بنون وصاد مهملة لم ينقط عليها، وأما في الخلاصة (3) فبضاد منقوط عليها ، ولعل النقطة غلط من الكاتب - اليمامي، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، قال في "الميزان" (4): قال يحيى القطان: مرسلات يحيى بن أبي كثير شبه الريح، وكذا في "تهذيب التهذيب"، قال أبو حاتم: لم يدرك أحدًا من الصحابة إلَّا أنسًا رآه رؤية، مات سنة 132 هـ، وقيل قبلها.
(عن هلال بن عياض)، وهو مرجوح، والراجح عياض بن هلال (5)، وقيل: ابن عبد الله، وقيل: ابن أبي زهير الأنصاري، قال الذهلي وأبو حاتم: هلال بن عياض أشبه، وقال ابن حبان في "الثقات": ومن زعم أنه هلال بن عياض فقد وهم، وقال الحافظ في "التقريب": مجهول، من الثالثة، تفرد يحيى بن أبي كثير بالرواية عنه.
(قال: حدثني أبو سعيد)، هو سعد بن مالك بن سنان بن عبيد الخدري الأنصاري، له ولأبيه صحبة، استصغر يوم أحد ثم شهد ما بعدها (6)، وروى الكثير، مات بالمدينة سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين.
(1)(1065).
(2)
(11/ 268).
(3)
(ص 427).
(4)
(4/ 403).
(5)
ذكره البخاري في تاريخه بالوجهين. "ابن رسلان". (ش).
(6)
أول مشاهده الخندق. (ش)[انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (2/ 365) و"الإصابة" (2/ 35)].
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَخْرُج الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتهمَا يَتَحَدَّثَانِ، فَإِنَّ الله عز وجل يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ". [جه 342، حم 3/ 36، ق 1/ 100، ك 1/ 175، خزيمة 71]
===
(قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخرُج الرجلان (1) يضربان الغائط) (2)، قال في "مجمع البحار" (3): ذهب يضرب الغائط والخلاء والأرض إذا ذهب لقضاء الحاجة، فالمعنى: يقضيان الحاجة، (كاشفين (4) عن عورتهما) حال من ضمير يضربان، (يتحدثان) أي وهما يتحدثان (5)(فإن الله عز وجل يمقت) المقت أشد البغض، يعني أن الله عز وجل يغضب (علي ذلك)(6) أي على كشف العورة عند آخر، والتحدث في تلك الحالة.
قال في "مجمع البحار"(7): استدلوا به على كراهة الكلام عند التغوط، ولا يدل المقت على الحرمة لحديث:"أبغض الحلال الطلاق"(8)، ويجوز التكلم لضرورة، كإنقاذ الحرقى والغرقى وقتل حية.
وقال "الشوكاني"(9): الحديث معلول يدل على وجوب ستر العورة
(1) ذكر الرجلين خرج مخرج الغالب وإلَّا فالمرأتان، والمرأة والرجل أقبح من ذلك. (ش).
(2)
يقال: ضرب الغائط إذا قضى حاجته وضرب في الأرض إذا سافر. (ش). [انظر: "شرح سنن أبي داود" للعيني (1/ 67)].
(3)
(3/ 394).
(4)
قال النووي: كذا ضبطناه في كتب الحديث بالنصب على الحال. (ش).
(5)
مع الكشف. (ش).
(6)
قال ابن رسلان: لأن الملكين ينعزلان عنه عند الخلاء، فإذا تكلم أحوجهما إلى أن يعودا فيلعنانه، ويستثنى منه إذا رأى الضرير مثلًا يسقط في البئر. (ش).
(7)
(4/ 616).
(8)
أخرجه أبو داود (2178)، وابن ماجه (2018).
(9)
"نيل الأوطار"(1/ 91).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وترك الكلام، فإن التعليل بمقت الله عز وجل يدل على حرمة الفعل المعلَّل ووجوب اجتنابه، وقيل: إن الكلام في تلك الحالة مكروه فقط، والقرينة الصارفة إلى معنى الكراهة الإجماع على أن الكلام غير محرم في هذه الحالة، ذكره الإِمام المهدي في "الغيث"، فإن صح الإجماع صلح للصرف عند القائل بحجيته، ولكنه يبعد حمل النهي على الكراهة ربطه بتلك العلة، انتهى ملخصًا.
قلت: لا يبعد حمل النهي على الكراهة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الفعلين علة للمقت، فلا يلزم أن يكون كل واحد منهما علة مستقلة، بل يجوز أن يكون المجموع من حيث المجموع علة، أو أن يكون أحد الفعلين أو كل واحد منهما علة، وقد اتفقت الأمة على أن التعري وكشف العورة حرام، وسبب لمقت الله عز وجل (1)، فضم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم التحدث لزيادة الشناعة والقبح، فعلى هذا لا يدل ربطه بالعلة على حرمة التحدث.
وأيضًا أخرج مسلم والنسائي (2) عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، فيبادرني وأبادره حتى يقول: دعي لي، وأقول أنا: دع لي"، هذا لفظ النسائي.
وأما لفظ مسلم: "قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد، فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي"، وهذه الرواية تدل على التحدث والكلام في حالة الغسل وهي حالة الكشف غالبًا، وهذه الرواية وإن كانت لا تدل صريحًا على التكشف ولا على التستر، ولكن
(1) وجاء في "مجمع الزوائد"(4/ 294): مقته عز وجل على الزوجين ينظر أحدهما إلى عورة صاحبه، سنده ضعيف. (ش).
(2)
صحيح مسلم (321)، و"سنن النسائي"(239).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
القرينة الظاهرة تدل على أن في هذه الحالة لم يكن بينهما حجاب ولا عليهما ثياب، فإنه ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل هو وعائشة رضي الله عنها يكون عندهما قليل من الماء، فلو كان عليهما ثياب لا يكفيهما ذلك الماء القليل.
أخرج النسائي (1) وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وهو قدر الفَرَقِ، والفرق مكيال يسع ستة عشر رطلًا، وهي اثنا عشر مدًا، وقد كانا هو صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها ذَوَي جمَّة من الشعر، ويبالغ في غسل الأيدي حتى إنه ليغسل بالتراب ويبالغ في الاستنجاء، فالذي يقتضيه الظاهر أنه لا يكون في هذه الحالة عليهما ثياب، لأنه لو كان عليهما ثياب لا يكفيهما ذلك الماء القليل، وينشف أكثره الثوب، ولو سلم نظرًا إلى كمال حيائه صلى الله عليه وسلم كونهما متسترين في هذه الحالة، فاحتمال التجرد عن الثوب لبيان الجواز غير مدفوع.
ويؤيده رواية أم هانئ رضي الله عنها، أخرجها البخاري وغيره (2): ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب، فسلَّمت، فقال:"من هذه"؟ فقلت: أم هانئ، الحديث. وهذا الحديث إن لم يكن فيه التصريح بعدم وجود الثوب عليه صلى الله عليه وسلم، ولكن الاحتمال غير مدفوع، واتفقت الأمة على جواز النظر إلى جميع بدن الزوجة والأمة للزوج والسيد وعكسه، فلو سلم أنه صلى الله عليه وسلم داوم على التستر من أزواجه وما ملكت يمينه يكون النظر من أحدهما إلى الآخر حرامًا.
وأيضًا يؤيده ما رواه الشيخان (3) من قصة موسى عليه السلام، قال:
(1)"سنن النسائي"(231)، و"صحيح مسلم"(319).
(2)
"صحيح البخاري"(280)، و"صحيح مسلم"(336).
(3)
"صحيح البخاري"(378)، و"صحيح مسلم"(339).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يُسْنِدْهُ إِلا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ (1).
===
"فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففَرَّ الحَجَرُ بثوبه، قال: فجمح موسى عليه السلام بأثره يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر"، الحديث، فتكلم حال كونه عاريًا، ولم يعاتبه الله تعالى على ذلك، فإن التعري كان للضرورة، ولم يكن بد منه، وأما التكلم فلم يكن مضطرًا إليه، فإن قيل: شرع من قبلنا ليس شرعنا، قلنا: قال الشوكاني (2): والذي يظهر وجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم قص القصتين ولم يتعقب شيئًا منهما، فدل على موافقتهما لشرعنا، فلو كان فيهما شيء غير موافق لبيَّنه، انتهى. فهذا يدل على أن هذا موافق لشرعنا.
فالحاصل أن حكم التكلم عند التعري لا يزيد على الكراهة، ولا يدخل في حد الحرمة، ولا دليل يدل على حرمته.
(قال أبو داود: لم يسنده إلَّا عكرمة بن عمار) يشير إلى أن هذا الحديث من طريق عكرمة بن عمار ضعيف لتفرد عكرمة في كونه مسندًا، ولأن بعض الحفاظ ضعَّف حديث عكرمة هذا عن يحيى بن أبي كثير. قال في "درجات مرقاة الصعود": وقد أخرجه البيهقي (3) بطريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. قال أبو حاتم: وهذا هو الصحيح، وما لعكرمة غلط، انتهى. قال الشوكاني (4): ولا وجه للتضعيف بهذا، فقد أخرج مسلم حديثه عن يحيى، واستشهد بحديثه البخاري عن يحيى أيضًا.
(1) قلت: قال المزي في "تحفة الأشراف"(3/ 481) رقم (4397): "كلام أبي داود على هذا الحديث في رواية أبي عمرو أحمد بن علي البصري وأبي سعيد ابن الأعرابي، عن أبي داود ولم يذكره أبو القاسم".
(2)
"نيل الأوطار"(1/ 318).
(3)
"السنن الكبرى"(1/ 100).
(4)
"نيل الأوطار"(1/ 91).