الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(49) بابٌ فِى الرَّجُلِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا
103 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عن الأَعْمَشِ، عن أَبِى رَزِينٍ وَأَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ،
===
ففسر ربيعة حديث: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" بالنية لا التسمية، فإن من توضأ أو اغتسل ونوى الصلاة ورفع الجنابة، فكأنه ذكر بقلبه اسم الله عليه، وان لم يذكر اسم الله عليه بلسانه، فذكر اسم الله عليه عنده هو الذكر القلبي لا اللساني، ولهذا حمله على النية، وهذا التفسير لا يخالف الحنفية، فإن عندهم أيضًا النية شرط لتحصيل الأجر والثواب ولكونه عبادة، وإن لم يكن شرطًا لكونه مفتاحًا للصلاة (1).
(49)
(بَاب: في الرَّجُلِ يُدْخِلُ (2) يَدَهُ في الإنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا)
هل يجوز ذلك أم لا؟ وهل يتنجس الماء بذلك أم لا؟
103 -
(حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم التميمي، (عن الأعمش) سليمان بن مهران، (عن أبي رزين) مسعود بن مالك، (وأبي صالح) السمان، (عن أبي هريرة) - رضي الله تعالى عنه -. (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم من الليل)، وفي رواية:
(1) والمسألة خلافية شهيرة، قال ابن رشد في "البداية" (1/ 8): اختلف علماء الأمصار هل النية شرط في صحته أم لا؟ بعد اتفاقهم على اشتراطها في العبادات، فذهب فريق إلى أنها شرط، وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد وأبي ثور وداود، وذهب فريق آخر إلى أنها ليست بشرط، وهو مذهب أبي حنبفة والثوري، وسبب الخلاف ترددهم في أن الوضوء عبادة محضة أعني غير معقولة المعنى، أو العبادة المفهومة المعنى، والوضوء فيه شِبْه بالعبادتين
…
إلخ. (ش).
(2)
قال ابن العربي (1/ 41): في الحديث ثلاث مسائل. (ش).
فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ". [خ 162، م 278، ت 24، ن 1، جه 393، حم 2/ 253].
===
"إذا استيقظ أحدكم من نومه"(فلا يغمس يده (1) في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده).
والحديث يدل على المنع من إدخال اليد في إناء الوضوء عند الاستيقاظ من الليل، لكن التعليل بقوله:"فإنه لا يدري أين باتت يده"، يقضي بإلحاق نوم النهار بنوم الليل، وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة.
قال النووي (2): ومذهبنا ومذهب المحققين، أن هذا الحكم ليس مخصوصًا بالقيام من النوم، بل المعتبر فيه الشك في نجاسة اليد، فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإناء قبل غسلها، سواء كان قام من نوم الليل، أو نوم النهار، أو شك في نجاستها من غير نوم، انتهى.
وقد اختلف في ذلك، فالأمر عند الجمهور على الندب، وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل (3)، وقال الشافعي (4) وغيره من العلماء:
(1) أي كفه بالإجماع. "الغاية". (ش).
(2)
"شرح صحيح مسلم" للنووي (2/ 184).
(3)
وسَوَّى الحسن في نوم الليل والنهار، كذا في "الأوجز"(1/ 363)، وحكاه ابن رشد في "البداية"(1/ 9) عن داود، وحكى في المسألة أربعة مذاهب. (ش).
(4)
قال الباجي (1/ 48): الأظهر في سبب الحديث أن اليد في النوم لا تخلو عن الحك وغيره، انتهى. وفي "المنهل" (1/ 327): قال ابن القيم: هذا الحكم تعبدي، ورد بأنه محلل في الحديث بقوله:"فإنه" إلى آخره، والصحيح أنه معلل بمبيت الشيطان على يده كمبيته على خيشومه، فإن اليد أعم الجوارح كسبًا فيناسب مبيته
…
إلخ. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
إن السبب (1) في الحديث، أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة، فإذا نام أحدهم عرق، فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على قذر غير ذلك، فإذا كان هذا سببًا للحديث عرفت أن الاستدلال به على وجوب غسل اليدين قبل الوضوء ليس على ما ينبغي.
وقال في "البدائع"(2): ولنا أن الغسل لو وجب لا يخلو إما أن يجب من الحدث أو من النجس، لا سبيل إلى الأول؛ لأنه لا يجب الغسل من الحدث إلَّا مرة واحدة، فلو أوجبنا عليه غسل العضو عند استيقاظه من منامه مرة، ومرة عند الوضوء، لأوجبنا عليه الغسل عند الحدث مرتين ولا سبيل إلى الثاني؛ لأن النجس غير معلوم بل هو موهوم، وإليه أشار في الحديث، حيث قال:"فإنه لا يدري أين باتت يده"، وهذا إشارة إلى توهم النجاسة واحتمالها، فيناسبه الندب إلى الغسل واستحبابه لا الإيجاب، لأن الأصل هو الطهارة، فلا تثبت النجاسة بالشك والاحتمال، فكان الحديث محمولًا على نهي التنزيه لا التحريم.
فحملهم هذا الحديث على الاستحباب، مثل ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه"(3)، فإنه قد وقع الاتفاق على عدم وجوب الاستنثار عند الاستيقاظ، ولم يذهب إلى وجوبه أحد،
(1) وأبطله في حاشية "الإحكام"(1/ 20) لابن دقيق العيد، ومال إلى أن أمر الغسل تعبدي. (ش).
(2)
"بدائع الصنائع"(1/ 108).
(3)
أخرجه مسلم في "صحيحه"(ح 238).
104 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِى بِهَذَا الْحَدِيثِ - قَالَ: مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا رَزِينٍ. [انظر الحديث السابق]
===
وإنما شرع لأنه يذهب ما يلصق بمجرى النفس من الأوساخ وينظفه، فيكون سببًا لنشاط القارئ وطرد الشيطان.
والجمهور من المتقدمين والمتأخرين على أنه لا ينجس الماء إذا غمس يده فيه، وحكي عن الحسن البصري (1) أنه ينجس إن قام من نوم الليل. وحكي أيضًا عن إسحاق بن راهويه ومحمد بن جرير الطبري، قال النووي: وهو ضعيف جدًّا، فإن الأصل في اليد والماء الطهارة، فلا ينجس بالشك، وقواعد الشريعة متظاهرة على هذا.
104 -
(حدثنا مسدد) بن مسرهد (قال: حدثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق، (عن الأعمش) سليمان بن مهران، (عن أبي صالح) السمان، (عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم -يعني بهذا الحديث - قال) أي عيسى بن يونس عن الأعمش: (مرتين أو ثلاثًا، ولم يذكر) أي عيسى بن يونس (أبا رزين) مراده أنه كما روى مسدد برواية أبي معاوية عن الأعمش، كذلك روى مسدد برواية عيسى بن يونس هذا الحديث، ولكن وقع الاختلاف في موضعين: أحدهما في المتن، وهو أن في رواية أبي معاوية:"حتى يغسلها ثلاث مرات" من غير شك، وفي رواية عيسى بن يونس:"حتى يغسلها مرتين أو ثلاثًا" بالشك، والثاني في السند بأن في رواية أبي معاوية يروي الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح، وفي رواية عيسى بن يونس يروي الأعمش عن أبي صالح فقط، ولم يذكر أبا رزين.
(1) لرواية الأمر بالإراقة، وهو زيادة ضعيفة، بسطه صاحب "الغاية". (ش).