الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(31) بَابُ فَرْضِ الْوُضُوءِ
59 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن قَتَادَةَ، عن أَبِي الْمَلِيح،
===
لنا أبو سعيد الأعرابي: هذا بما تفرد به أهل المدينة، ثم ذكر الحديث. وكتب بعد تمام الحديث: هذا الحديث عزاه لأبي داود، ثم قال: حديث أبي داود برواية أبي بكر بن داسة (1).
وفي النسخة المصرية أدخله في المتن "باب الرجل يستاك بسواك غيره"، ولا مناسبة له بترجمة الباب إلَّا أن يقال: أن دخوله بالبيت يعم الليل والنهار، فإذا كان استياكه كلما دخل بيته يلزم منه أنه صلى الله عليه وسلم يستاك عند دخوله البيت ليلاً كان أو نهاراً، فكان إذا قام من الليل وخرج ثم دخل يستاك، كما يدل عليه ما رواه ابن فضيل عن حصين، ذكره المصنف قبيل هذا مختصرًا، وأخرجه مسلم في "صحيحه في "باب السواك" مطولاً بأنه صلى الله عليه وسلم قام ذات ليلة من آخر الليل، فخرج فنظر إلى السماء، ثم تلا هذه الآية التي في آل عمران، ثم رجع إلى البيت فتسوّك وتوضأ.
(31)
(بَابُ فَرْضِ الْوُضُوء)(2)
أي هذا باب فرضية الوضوء وكون الوضوء فرضًا
59 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم) الأزدي (قال: حدثنا شعبة) بن الحجاج، (عن قتادة) بن دعامة، (عن أبي المليح) بن أسامة بن عمير، قيل:
(1) وكذلك هو في: "تحفة الأشراف"(11/ 225) رقم (16144).
(2)
وفي العبارة نوع إغلاق لإطلاق الفرض في الوضوء على المفروض، كذا في "التقرير". (ش).
عن أَبِيهِ، عن النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَقْبَلُ الله صَدَقَة مِنْ غُلُولٍ،
===
اسمه عامر، وقيل: زيد بن أسامة بن عمير، ثقة، مات سنة 98 هـ، وقيل: سنة 108 هـ، وقيل بعد ذلك. (عن أبيه)(1) أسامة بن عمير بن عامر بن الأقيشر الهذلي البصري، والد أبي المليح، صحابي (2)، تفرد عنه ولده.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (3): لا يقبل (4) الله صدقة من غلول) بضم الغين (5) وأصل الغلول (6) الخيانة في الغنيمة، والمراد ها هنا المال الذي حصل بسبب حرام، ولعل وجه تخصيصه بالذكر أن الغلول لما كان الخيانة
(1) انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(1/ 79) رقم (86).
(2)
وفي "الخلاصة"(ص 26): له سبعة أحاديث. (ش).
(3)
ذكر ابن العربي في "العارضة"(1/ 8) في أول هذا الحديث قصة وقال: في الحديث خمس مسائل. (ش).
(4)
قال ابن رسلان: هكذا رواية الخطيب، والرواية المشهورة للبخاري وغيره ببناء المجهول، والمراد بالقبول ها هنا ما يرادف الصحة، وهو الإجزاء، وأما المراد في مثل قوله عليه الصلاة والسلام:"من أتى عرافًا لم تقبل صلاته"، الحديث ، فهو القبول الحقيقي.
يشكل عليه بأن المراد قبول إجابة أو إثابة، فعلى الثاني يخالف الصلاة بغير طهور، فإن المنفي فيه قبول إجابة بالإجماع، وعلى الأول يخالف ما سيأتي من الجزئية في أداء ما اكتسب من الحرام، فإن هناك تحقيق الإجابة دون الإثابة، وتقدم عن ابن رسلان أن المراد قبول إجابة، فالجواب عن الإشكال بأن صدقة الغلول أيضًا لا تجاب من حيث هي صدقة، بل من حيث لا حل له إلَّا هذا ، وليس في الدين من حرج، نعم يشكل عليه ما صرح النووي في "المناسك" (ص 51): أن الحج بمال الحرام يصح عند الثلاثة خلافًا لأحمد، وعند بعض الحنفية تصح الزكاة أيضًا كما في "الشامي"(3/ 219). (ش).
(5)
كما ضبطه جماعة، كذا في "الغاية" و"ابن رسلان"، وقال القاري (1/ 335): لا يصح ما قال ابن حجر: إنه بالفتح مبالغة. (ش).
(6)
سمي به، لأن الأيدي مغلولة عنها، أي: ممنوعة. "ابن رسلان". (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في مال الغنيمة، والغنيمة فيها حق لجميع المسلمين، فإذا كان التصدق من المال الذي له فيه حق غير مقبول، فأولى أن لا يقبل من المال الذي ليس له حق فيه، فالحاصل أن التصدق من مال حرام غير مقبول، حتى قال بعض علمائنا: من تصدق بمال حرام يرجو الثواب كفر.
قلت: فإن قيل: صرح الفقهاء بأن من اكتسب مالاً بغير حق، فإما أن يكون كسبه بعقد فاسد، كالبيوع الفاسدة والاستئجار على المعاصي والطاعات، أو بغير عقد، كالسرقة والغصب والخيانة والغلول، ففي جميع الأحوال المال الحاصل له حرام عليه، ولكن إن أخذه من غير عقد ولم يملكه يجب عليه أن يرده على مالكه إن وجد المالك، وإلَّا ففي جميع الصور يجب عليه أن يتصدق بمثل تلك الأموال على الفقراء، فهذا القول منهم يخالف الحديث المذكور، فإن الحديث دال على حرمة التصدق بالمال الخبيث، وقد نص الله تعالى في كتابه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (1) الآية، وقولهم بوجوب التصدق معارض بالحديث والآية، فما وجه التوفيق بينهما؟
قلنا: الآية والحديث يدلان على حرمة التصدق بالمال الحرام لأجل تحصيل الأجر والثواب، وقد أشير إليه في الحديث بقوله:"لا يقبل الله" فإذا تصدق بالمال الحرام يريد القبول والأجر يحرم عليه ذلك، وأما إذا كان عند رجل مال خبيث، فإما إن ملكه بعقد فاسد، أو حصل له بغير عقد، ولا يمكنه أن يردّه إلى مالكه، ويريد أن يدفع مظلمته عن نفسه، فليس له حيلة إلَّا أن يدفعه إلى الفقراء، لأنه لو أنفق على نفسه فقد استحكم
(1) سورة البقرة: الآية 267.
وَلَا صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ" (1). [ن 139 - 2523، جه 271]
===
ما ارتكبه من الفعل الحرام، ودخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم:"ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام" الحديث، أو أضاعه واستهلكه، فد خل تحت قوله صلى الله عليه وسلم:"نهى عن إضاعة المال"، فيلزم عليه أن يدفعه إلى الفقراء، ولكن لا يريد بذلك الأجر والثواب، ولكن يريد دفع المعصية عن نفسه، ويدل عليه مسائل اللقطة.
(ولا صلاة (2) بغير طهور) (3) هو بالضم، الطهر، وبالفتح الماء الذي يتطهر به، قال ابن حجر (4): أي لا تصح، إذ نفي القبول إما بمعنى نفي
(1) قال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب، قال ابن سيد الناس في "شرحه": إذا قال الترمذي: "أصح شيء" لا يلزم منه أن يكون صحيحًا عنده، وكذلك إذا قال: أحسن "ابن رسلان".
واختلفت الأئمة في مسألة طهارة بدن المصلي وثيابه ومحل صلاته عن الأنجاس، فقال بها الجمهور مستدلبن بقوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ، وقالوا: دلالة الآية على طهارة البدن بالأولى، ولم يقل المالكية في المشهور بالوجوب، بل قالوا بالسُّنِّية كما في "الشرح الكبير"(1/ 200)، والأوجه عندي أنه يصح استدلال الجمهور بهذا الحديث، إذ الطهور بمعنى الطهارة، يعم الأحداث والأنجاس، كما جزم به القاري (1/ 319) فتأمل! فلم أر أحداً في فروع الأئمة الثلاثة استدل به. (ش).
[قال العيني في "شرح سنن أبي داود" (1/ 181): الحكمة في جمعه عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بين الصدقة والصلاة، أن العبادة على شوعين: مالىٌّ وبدني، فاختار من أنواع المال الصدقة ومن أنواع البدني الصلاة، انتهى ملخصًا].
(2)
قال ابن رسلان: في حديث جميع الرواة الصلاة مقدمة. (ش).
(3)
استدل بالحديث ابن رسلان على مسألة أخرى، وهي أنه مستدل الجمهور أن الوضوء لا يجب لكل صلاة، لأنه عليه الصلاة والسلام جعل الطهور غاية القبول، إلى آخر ماقال. (ش).
(4)
"فتح الباري"(1/ 235).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الصحة كما ها هنا، وإما بمعنى نفي الثواب كما في الحديث:"من أتى عَرَّافًا لم تقبل صلاته أربعين صباحًا"، والحديث يدل على فرضية الطهارة للصلاة، وقد أجمعت الأمة على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة، وعلى تحريمها بغير طهارة من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة وسجود التلاوة والشكر وصلاة الجنازة، إلَّا ما حكي عن الشعبي ومحمد بن جرير من قولهما: تجوز صلاة الجنازة (1) بغير طهارة، وهذا مذهب باطل، أجمع العلماء على خلافه، فلو صلى محدثًا متعمدًا بلا عذر يكفر عندنا لتلاعبه واستخفافه.
وأما من لم يجد ماء (2) ولا ترابًا، فقال النووي (3): فيه أربعة أقوال للشافعي، وهي مذاهب للعلماء، قال بكل واحد منها قائل، أصحها عند أصحابنا: يجب عليه أن يصلي على حاله، ويجب أن يعيد إذا تمكن من الطهارة، والثاني: يحرم عليه أن يصلي ويجب القضاء، والثالث: يستحب أن يصلي ويجب القضاء، والرابع: يجب أن يصلي ولا يجب القضاء، وهذا القول اختيار المزني، وهو أقوى الأقوال (4) دليلاً، فأما وجوب الصلاة فلقوله صلى الله عليه وسلم:"وإذا أمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم"، وأما الإعادة
(1) وحكي عن غيرهما أيضًا كما ذكره العيني (1/ 348)، وحكى ابن القيم في حاشية "السنن" (1/ 44) عن ابن حزم أنه قال: لا يحتاج الوتر إلى الطهارة، وبسط على الحديث أشد البسط، ومال إلى أن سجدة التلاوة لا تحتاج إلى الطهارة. (ش).
(2)
وذكر في "العارضة"(1/ 9) في المسألة ستة أقوال: منها مذهب مالك، لا أداء ولا قضاء، وفي "المنهل" (1/ 209): مذهب أحمد والمزني أقوى دليلاً، وهو وجوب الصلاة بلا إعادة، والمشهور عند الشافعية وجوب الصلاة بوجوب الإعادة، وسيأتي الكلام على المسألة في "باب التيمم". (ش).
(3)
"شرح صحيح مسلم" للنووي (2/ 105).
(4)
واختاره في "شرح المهذب" كما في القسطلاني (1/ 402). (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فإنما تجب بأمر مجدد، والأصل عدمه، وكذا يقول المزني في كل صلاة أمر بفعلها في الوقت على نوع من الخلل لا يجب قضاؤها، والله أعلم، انتهى. وهذا عند الشافعية.
وأما عندنا فقال في "البدائع"(1): وأما المحبوس في مكان نجس لا يجد ماء ولا ترابًا نظيفًا، فإنه لا يصلي عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: يصلي بالإيماء، ثم يعيد إذا خرج، وهو قول الشافعي (2)، وقول محمد مضطرب، وذكر في عامة الروايات مع أبي حنيفة، وفي "نوادر أبي سليمان" مع أبي يوسف.
وجه قول أبي يوسف: أنه إن عجز عن حقيقة الأداء فلم يعجز عن التشبه، فيؤمر بالتشبه، كما في "باب الصوم".
وقال بعض مشايخنا: إنما يصلي بالإيماء على مذهبه إذا كان المكان رطباً، أما إذا كان يابسًا فإنه يصلي بركوع وسجود، والصحيح عنده يُومئ كيف ما كان، لأنه لو سجد لصار مستعملاً للنجاسة.
ولأبي حنيفة أن الطهارة شرط أهلية أداء الصلاة، فإن الله تعالى جعل أهل مناجاته الطاهر لا المحدث، والتشبه إنما يصح من الأهل، ألا ترى أن الحائض لا يلزمها التشبه في باب الصوم والصلاة لانعدام الأهلية.
والظاهر أن المصلي بغير طهارة إذا قصد به حرمة الوقت لا يكفر، لأنه لا يصدق عليه أنه مستخفٌ، بخلاف ما إذا صلى بغير طهارة عمدًا لا لهذا القصد، فإنه يكفر؛ لأنه مُسْتخفٌّ بالشرع حينئذ، ولو صلى بلا طهارة حياءً أو رياءً أو كسلاً فهل يكون مستخفًّا أم لا؟ محل بحث، والأظهر في
(1)"بدائع الصنائع"(1/ 175).
(2)
انظر: "الأم"(1/ 45).
60 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عن هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْبَلُ اللَّه تَعَالَى صَلَاةَ أَحَدِكُمْ
===
المستحي أن لا يكون مُسْتَخِفًا بخلاف الآخرين، والله أعلم، ملخص من القاري والنووي (1).
60 -
(حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر) بن راشد، (عن همام بن منبه)(2) بن كامل الصنعاني اليماني، أبو عقبة أخو وهب، ثقة، مات سنة 132 هـ على الصحيح، وأصل منبه من خراسان من أهل هراة، أخرجه كسرى من هراة يعني إلى اليمن، فأسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فحسن إسلامه.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله تَعَالَى صلاة أحدكم) أي قبول إجابة وإثابة، فإن الطهارة شرط لصحة الصلاة، بخلاف المسبل إزاره والآبق، فإن صلاتهما لا تقبل أيضًا، لكنها لا تقبل إثابةً، وتقبل إجابةً، فلا يرد ما قيل من أنه لا يلزم من عدم القبول عدم الجواز والصحة.
قال الحافظ (3): والمراد بالقبول ها هنا ما يرادف الصحة وهو الإجزاء، وحقيقة القبول ثمرة وقوع الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة، ولما كان الإتيان بشروطها مظنة الإجزاء الذي القبول ثمرته عبّر عنه بالقبول مجازًا، وأما القبول المنفي في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافًا لم تقبل له
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(2/ 32)، و"شرح صحيح مسلم" للنووي (2/ 105).
(2)
قال ابن العربي في "العارضة"(1/ 8): هي صحيفة. (ش). [يعني: هذه الرواية في صحيفة همام بن منبه].
(3)
"فتح الباري"(1/ 235).
إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأ". [خ 135، م 225، ت 76، حم 2/ 308، خزيمة 11]
61 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ قَالَ: حدثنا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ،
===
صلاة"، فهو الحقيقي، لأنه قد يصح العمل، ويتخلف القبول لمانع.
(إذا أحدث)(1) أي صار ذا حدث (2) قبل الصلاة أو في أثنائها، والمراد بالصلاة المضافة صورتها أو باعتبار ما كانت (حتى يتوضأ) أي حقيقة أو حكمًا، أو يتوضأ بمعنى يتطهّر، فيشمل الغسل والوضوء والتيمم، قاله القاري (3).
قلت: والحديث تفسيرٌ وشرحٌ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} الآية (4)، فهذه الآية بظاهرها تدل على أنه يجب التوضؤ عند إرادة الصلاة في جميع الأحوال، وبَيَّن الحديث أن المراد في الآية وجوب التوضؤ عند إرادة القيام إلى الصلاة حالة الحدث، فعلى هذا معناها:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} وأنتم محدثون {فَاغْسِلُوا} الآية.
61 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع) بن الجراح،
(عن سفيان) تردد فيه صاحب "غاية المقصود" هل هو الثوري أو ابن عيينة؟
(1) قال ابن العربي (1/ 10): أحكام هذا الباب في ثمان مسائل، ثم عدها، وذكر الضابطة في الحدث عند الأئمة الثلاثة كما ستأتي في "باب الوضوء من الدم". (ش).
(2)
وقال ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام"(1/ 12): الحدث يطلق على ثلاثة معان، الخارج كما يقول الفقهاء: الأحداث كذا وكذا، والخروج، والمانع من العبادة كما يقال: نويت رفع الحدث. (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(1/ 334).
(4)
سورة المائدة: الآية 6.
عن ابْنِ عَقِيلٍ،
===
وقال: لم أقف على تعيينه، وأغرب الشيخ سراج أحمد في "شرحه" على "الترمذي" فقال فيما ذكر في أول السند الذي رواه الترمذي عن هناد وقتيبة ومحمود بن غيلان قالوا: حدثنا وكيع عن سفيان، فقال: ابن سعيد ابن مسروق الثوري الكوفي، أبو عبد الله، ثم ذكر الترمذي بعد التحويل: وحدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان، فقال هذا الشارح ها هنا: ابن عيينة أبي عمران الهلالي الكوفي، فما قال الشارح هو على خلاف اصطلاح المحدثين، فإن السندين يجتمعان على سفيان، فعلى اصطلاح القوم يجب أن يكون ما اجتمع عليه السندان واحدًا، فلعل هذا تسامح من الشيخ رحمه الله.
والذي يغلب على ظني أن الذي ها هنا هو الثوري، فإن الحافظ ابن حجر (1) ذكر سفيان الثوري في شيوخ وكيع الذي روى عنهم، ولم يذكر فيهم ابن عيينة، وقال في ترجمة وكيع في سلسلة من روى عن وكيع: وشيخه سفيان الثوري، فهذا يفيد بأن لوكيع خصوصية مع الثوري التي ليست بابن عيينة، فبهذا يتعين المبهم، قال الحافظ في "النخبة": وإن روى الراوي عن اثنين متفقي الاسم، ولم يتميزا فاختصاصه بأحدهما يتبين المهمل، انتهى.
(عن ابن عقيل) هو عبد الله بن محمد بن عقيل مكبرًا، ابن أبي طالب الهاشمي، نسب إلى جده، أبو محمد المدني، ضعفه كثير من المحدثين، مثل يحيى بن معين والنسائي، وقال الترمذي: صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل، قال محمد بن إسماعيل:
(1) انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 113).
عن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عن عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ،
===
وهو مقارب الحديث، وقال ابن عبد البر: هو أوثق من تكلم فيه، انتهى. وهذا إفراط، وقال الذهبي في "الميزان": قلت: حديثه في مرتبة الحسن، مات بعد سنة 140 هـ.
(عن محمد بن الحنفية) هو محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم المدني، ثقة عالم، المعروف بابن الحنفية، وهي خولة بنت جعفر من بني حنيفة، ويقال: من مواليهم، سبيت في الردة من اليمامة في خلافة أبي بكر، اختلف في موته، والراجح أنه مات سنة 80 هـ، وقال البخاري في "تاريخه الصغير": قال أبو نعيم: مات ابن الحنفية سنة 80 هـ.
(عن علي) بن (1) أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي (2)، أبو الحسن، أمير المؤمنين، كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا تراب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها، من السابقين الأولين، وروي عن أحمد بن حنبل أنه قال: لم يُروَ لأحد من الصحابة من الفضائل ما روي لعلي، قتل في رمضان سنة 40 هـ، قتله عبد الرحمن بن ملجم، وجهل موضع قبره.
(قال) أي علي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفتاح الصلاة (3) الطهور) بالضم ويفتح، أي مفتاحها الأعظم، فإنه من جملة شروطها، قاله القاري.
(1) قال ابن العربي: سند أبي داود أصح من سند الترمذي في ذلك، وقال أيضًا: في الحديث بحثان وعشر مسائل. (ش)[انظر: "عارضة الأحوذي" (1/ 15)].
(2)
انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(3/ 282) رقم (3789).
(3)
بسط شيئًا من الكلام على هذه الاستعارة صاحب "الغاية"، وسيأتي بعض الكلام على الحديث في "باب تحريمها التكبير". (ش).
وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ". [ت 3، جه 275، دي 687، حم 1/ 123، 129، ق 2/ 15، قط 1/ 360]
===
(وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) قال المظهر (1): سمى الدخول في الصلاة تحريمًا، لأنه يحرم الأكل والشرب وغيرهما على المصلي، وسمى التسليم تحليلًا لتحليل ما كان محرمًا على المصلي لخروجه عن الصلاة، قال الطيبي: شبه الشروع في الصلاة بالدخول في حريم الملك المحمى عن الأغيار، وجعل فتح باب الحرم بالتطهر عن الأدناس، وجعل الالتفات إلى الغير والاشتغال به تحليلًا تنبيهًا على التكميل بعد الكمال، انتهى، "زجاجة".
قلت: قد أجمعت الأمة على أن لا دخول في الصلاة إلَّا بتكبيرة الافتتاح، وهي قول العبد:"الله أكبر"، ولا خلاف فيه، أو "الله الأكبر"، وخالف فيه مالك وأحمد، أو"الله الكبير" أو"الله كبير" وخالف فيهما الشافعي أيضًا.
لمالك وأحمد النقل المتوارث من لدن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي قضية متلقاة من الشرع، فنهي فيها إلى ما أنهانا إليه الشرع، وكذلك قال الشافعي رحمه الله، إلَّا أنه يقول: الأكبر أبلغ في الثناء، لأن تعريف الخبر يقتضي حصره في المبتدأ، فكان مشتملًا على المنقول وزيادة، فيلحق به دلالة (2).
وقال أبو يوسف: إن كان يحسن التكبير لا يجوز بغير هذه الأربعة من الألفاظ، لأن النص ورد بلفظ التكبير، قال الله تعالى:
(1) انظر "مرقاة المفاتيح"(2/ 39).
(2)
قلت: وأباح الشافعية التلبية بغير العربية، كما صرح به النووي في "مناسكه"(ص 180)، وقال عليه الصلاة والسلام:"خذوا عني مناسككم". (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (1)، و"تحريمها التكبير"، وفي العبادات البدنية إنما يعتبر النصوص ولا يشتغل بالتعليل، ولذا لم يقم الخد والذقن مقام الجبهة في السجود، والأذان لا يتأدى بغير لفظ التكبير، فتحريمة الصلاة أولى، وإنما جاز بالكبير، لأن أفعل وفعيلاً في صفاته تعالى سواء، إذ لا يراد بأكبر إثبات الزيادة في صفته بعد المشاركة، لأنه لا يشاركه أحد في أجل الكبرياء، فكان أفعل بمعنى فعيل.
وقال أبو حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى-: إن قال بدلًا عن التكبير: "الله أجل" أو"أعظم"، أو "الرحمن أكبر"، أو "لا إله إلَّا الله"، أو "تبارك الله"، أو غيره من أسماء الله تعالى وصفاته التي لا يشارك فيها، كالرحمن والخالق والرزاق، وعالم الغيب والشهادة، وعالم الخفيات، والقادر على كل شيء، والرحيم لعباده، أجزأه ذلك عن التكبير، وذلك لأن التكبير المذكور في قوله تعالى:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} ، وقوله عليه الصلاة والسلام:"وتحريمها التكبير"، وحيث ما ذكر من النصوص معناه التعظيم، فكان المطلوب بالنص التعظيم، ويؤيده قوله تعالى:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (2)، وهو أعم من لفظة "الله أكبر" وغيرها ، ولا إجمال فيه، فالثابت بالفعل المتوارث حينئذ يفيد الوجوب لا الفرضية، وبه نقول، حتى يكره لمن يحسنه تركه، كما قلنا في القراءة مع الفاتحة، وفي الركوع والسجود مع التعليل.
وقال ابن عُليّة وأبو بكر الأصم: إن تكبيرة الافتتاح ليست بشرط، ويصح الشروع في الصلاة بمجرد النية بغير تكبير، فزعما أن الصلاة أفعال وليست بأذكار، حتى أنكرا افتراض القراءة في الصلاة، فأبو حنيفة ومحمد
(1) سورة المدثر: الآية 3.
(2)
سورة الأعلى: الآية 15.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
- رحمهما الله - احتجا بقوله تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ، والمراد منه ذكر اسم الرب لافتتاح الصلاة؛ لأنه عقب الصلاة (1) الذكر بحرف يوجب التعقيب بلا فصل، والذكر الذي تتعقبه الصلاة بلا فصل هو تكبيرة الافتتاح، فقد شرع دخول الصلاة بمطلق الذكر، فلا يجوز التقييد باللفظ المشتق من الكبرياء بأخبار الآحاد، وبه تبين أن الحكم تعلق بتلك الألفاظ من حيث هي مطلق الذكر، لا من حيث هي ذكر بلفظ خاص، وأن الحديث معلول به، لأنا إذا عللناه بما ذكر بقي معمولًا به من حيث اشتراط مطلق الذكر، ولو لم نعلل احتجنا إلى رده أصلًا لمخالفته الكتاب، فإذًا ترك التعليل هو المؤدي إلى إبطال حكم النص دون التعليل.
على أن التكبير يذكر ويراد به التعظيم، قال تعالى:{وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} أي عظمه تعظيمًا، وقال تعالى:{فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} أي عظمنه، وقال تعالى:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} أي فعظم، فكأن الحديث وارد بالتعظيم، وبأي اسم ذكر فقد عظم الله تعالى، وكذا من سبح الله تعالى، فقد عظّمه ونزّهه عما لا يليق به من صفات النقص وسمات الحدوث، فصار واصفًا له بالعظمة والقدم، وكذا إذا هلَّل، لأنه إذا وصفه بالتفرد والألوهية فقد وصفه بالعظمة والقدم لاستحالة ثبوت الإلهية دونهما.
والدليل على أن قوله "الله أكبر" أو"الرحمن أكبر" سواء، قوله تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (2) ولهذا يجوز
(1) ويظهر من كلام السندي على البخاري أنه يصح الاستدلال على كون تكبير التحريمة خارجًا عن الصلاة بحديث أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين. (ش).
(2)
سورة الإسراء: الآية 110.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الذبح باسم الرحمن أو باسم الرحيم فكذا هذا، والذي يحقق مذهبهما ما روي عن عبد الرحمن السلمي أن الأنبياء - صلوات الله عليهم -، كانوا يفتتحون الصلاة بلا إله إلَّا الله، ولنا بهم أسوة، قاله الحلبي والكاساني (1).
وأما الخروج (2) عن الصلاة بلفظ السلام فواجب عندنا على ما هو القاعدة عند الحنفية أن الخبر الواحد يفيد الوجوب، وعند مالك والشافعي فرض، حتى لو تركها تفسد صلاته، احتجا بقوله صلى الله عليه وسلم:"وتحليلها التسليم" خص التسليم بكونه محللاً، فدل أن التحليل بالتسليم على التعيين، فلا يتحلل بدونه.
ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن مسعود حين علَّمه التشهد: "إذا قلتَ هذا، أو فعلتَ هذا، فقد قضيت ما عليك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد". والاستدلال به من وجهين؛ أحدهما: أنه جعله قاضيًا ما عليه عند هذا الفعل أو القول، وما للعموم في ما لايعلم، فيقضى أن يكون قاضيًا جميع ما عليه، ولو كان التسليم فرضًا لم يكن قاضيًا جميع ما عليه بدونه، لأن التسليم يبقى عليه. والثاني: أنه خَيَّرَه بين القيام والقعود من غير شرط لفظ التسليم، ولو كان فرضًا ما خَيَّره، وأما الحديث فليس فيه نفي التحليل بغير التسليم، إلَّا أنه خص التسليم لكونه واجبًا، انتهى ما في "البدائع" ملخصًا.
قلت: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخرجه أحمد في
(1)"بدائع الصنائع"(1/ 334) وحديث السلمي لم أجده، واستدل علماء الحنفية بقوله تعالى:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ، والمراد تكبيرة الافتتاح، لأن الذكر الذي يتعقبه الصلاة بلا فصل هو تكبيرة الافتتاح. انظر:"إعلاء السنن"(2/ 158).
(2)
وهناك اختلاف آخر في عدد السلام، وسيأتي في "باب في السلام". (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
"مسنده"(1) قال: حدثنا يحيى بن آدم، ثنا زهير، ثنا الحسن بن الحرّ، ثني القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي وحدَّثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله فعَلَّمه التشهد في الصلاة، قال:"قل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، قال زهير: حفظت عنه إن شاء الله: "أشهد أن لا إله إلَّا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، قال: فإذا قضيت هذا، أو قال: فإذا فعلت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد"، انتهى.
وسياق هذا الحديث يوهم إلى أن قوله: "فإذا قضيت هذا، أو قال: فإذا فعلت هذا
…
إلخ" يحتمل أن يكون من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون مدرجًا من قول عبد الله بن مسعود، فلو سُلم أنه من قول ابن مسعود رضي الله عنه فهو في حكم المرفوع، لأنه لا دخل للرأي فيه.
ويؤيد رفعه ما أخرجه الترمذي (2) عن رفاعة بن رافع: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد"، الحديث. وفي آخره:"ثم اجْلِسْ فاطمأن جالسًا، ثم قم، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن انتقصت منه شيئًا انتقصت من صلاتك، قال: وكان هذا أهون عليهم"، الحديث. فهذا يدل صريحًا على أن قوله: "فإذا فعلت
…
إلخ" مرفوع من قوله صلى الله عليه وسلم.
وأما ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة برواية القعنبي وابن المثنى، ثم ذكر لفظ ابن المثنى، ثم قال في آخره: قال القعنبي:
(1)"مسند أحمد"(4007).
(2)
رقم الحديث (301).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة. وقال في آخره: "فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك، وما انتقصت من هذا فإنما انتقصته من صلاتك، وقال فيه: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء"، فهذا السياق أيضًا يدل على أن قوله:"فإذا فعلت هذا" يحتمل أن يكون مدرجًا من قول أبي هريرة، أو مرفوعًا من قوله صلى الله عليه وسلم، وأيضًا أنه مرفوع، لأن قوله:"وقال في آخره" معناه قال أبو هريرة في آخر الحديث مرفوعًا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمعنى هذا أن أبا هريرة زاد في آخره، وهذا على سبيل التسليم وإلَّا فيمكن أن يكون ضمير لفظ "قال" راجعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعلى هذا معنى هذا الكلام بتقدير "قال" أي قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخره، ويؤيده قوله في آخر الحديث:"وقال فيه: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء"، معناه قال أبو هريرة في هذا الحديث مرفوعًا:"إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء"، فإن هذه الجملة ليست مدرجة قطعًا، بل هو مرفوع من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويحتمل أن يكون ضمير "قال" في الموضعين أي قال في آخره، وقال فيه، راجعًا إلى القعنبي أي زاد القعنبي في آخره على خلاف رواية ابن المثنى، وأيضًا زاد القعنبي في هذا الحديث أي في أثنائه "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء"، فالظاهر يدل على أن هذا الكلام من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس مدرجًا من قول الصحابي.
وأما الخروج بصُنْعه فقال بعض الفقهاء: هو فرض عند أبي حنيفة رحمه الله خلافًا لهما، وقال الحلبي: اعلم أن كون الخروج بصنعه فرضًا لم يرو عن أبي حنيفة صريحًا، وإنما ألزم بعض علماء المذهب به استدلالاً من جوابه في المسألة الاثني عشرية، وهي الفساد برؤية المتيمم