المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(62) باب المسح على الجوربين - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ١

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌عملي في هذا الكتاب

- ‌تقديم

- ‌تَقْدِيمُ الْكِتَابِ

- ‌خصائص هذا الشرح

- ‌كلمة عن "سنن أبي داود" وشرحه "بذل المجهود" في غاية الوجازة

- ‌كلمة عن الإِمام أبي داود

- ‌التعريف بكتاب "السنن" له

- ‌ فقد تلخّص من كلمات الإِمام أبي داود وغيره أمور:

- ‌كلمة في المولِّف الإِمام وخصائص شرحه

- ‌كلمة في شرح سنن أبي داود

- ‌وبالجملة نلخِّص القول في شيء من خصائصه:

- ‌ترجمة مؤلِّف بذل المجهود من "نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر

- ‌ترجمة المؤلف الشيخ السهارنفوري بقلم أحد كبار العلماء

- ‌عصر أبي داود

- ‌الإِمَام أبو دَاوُدقبسات من سيرته، ولمحات من فضله

- ‌اسمه ونسبه ونسبته:

- ‌ولادته:

- ‌ارتحاله إلى الآفاق:

- ‌شيوخه:

- ‌ومن أعيانهم:

- ‌تلاميذه:

- ‌زهده وورعه:

- ‌اعتزازه بكرامة العلم والعلماء:

- ‌اعتراف الأئمة بفضله وكماله:

- ‌تحرِّيه في الإِسناد:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌وفاته:

- ‌ابنه أبو بكر:

- ‌مؤلَّفاته:

- ‌ سُنَن أبي دَاوُد" تأليفه - مكانته - خصائصه

- ‌موضوع الكتاب ومعظم مقصود الإِمام في تأليفه:

- ‌كتاب "سنن أبي داود" جامع للأحاديث التي استدلّ بها فقهاء الأمصار وبنوا عليها الأحكام:

- ‌ثناء الأئمة على "السنن

- ‌مكانة "سنن أبي داود" بين الكتب الستّة تدريسًا:

- ‌شروط الإِمام أبي داود في "السنن

- ‌مكانة "سنن أبي داود" بين الكتب الستّة صحّة:

- ‌الكلام على ما سكت عليه أبو داود:

- ‌مدة تأليف "السنن

- ‌عدد روايات "السنن

- ‌يكفي الإِنسان لدينه أربعة أحاديث:

- ‌خصائص الكتاب:

- ‌تجزئة الكتاب:

- ‌الأحاديث المنتقدة في "سنن أبي داود

- ‌درجات أحاديث "السنن

- ‌نسخ الكتاب:

- ‌ سنن أبي داود" ورواته:

- ‌شروح الكتاب والكتب المؤلفة حوله

- ‌رسالةُ الإِمامِ أَبي داودَ إِلى أَهلِ مكَّةَ في وصْفِ الكِتابِ وبَيان خصائِصِهِ والتِزاماتِهِ

- ‌مُقَدِّمَةُ "بَذْلِ الْمَجْهُودِ

- ‌(1) كِتابُ الطَّهَارَةِ

- ‌(1) بَابُ التَّخَلّي عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌(2) بَابُ الرَّجُلِ يَتبوَّأُ لِبَوْلِهِ

- ‌(3) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ

- ‌(4) بَابُ كَرَاهِيَّةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلةِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌(5) بَابُ الرُّخْصَة في ذَلِك

- ‌(6) بَابٌ: كيْفَ التَكَشُّفُ عِنْدَ الْحَاجَةِ

- ‌(7) بَابُ كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْخَلَاء

- ‌(8) بَاب: في الرَّجُلِ يَرُدُّ السَّلَامَ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌(9) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَذْكُرُ الله تَعَالَى عَلَى غيرِ طُهْرٍ

- ‌(10) بَابُ الْخَاتَمِ يَكُونُ فِيهِ ذِكرُ الله تَعَالَى يُدْخَلُ بِهِ الْخَلَاءُ

- ‌(11) بَابُ الاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ

- ‌(12) بَابُ الْبَوْلِ قَائِمًا

- ‌(13) بَاب: في الرَّجُلِ يَبُولُ بِاللَّيْلِ في الإِنَاءِ ثُمَّ يَضَعُهُ عِنْدَهُ

- ‌(14) بَابُ الْمَواضِعِ الَّتِي نُهِي عَنِ الْبَوْلِ فِيهَا

- ‌(15) بَابٌ: في الْبَوْلِ في الْمُسْتَحَمّ

- ‌(16) بَابُ النَّهْيِ عنِ الْبَوْلِ في الْجُحْرِ

- ‌(17) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ

- ‌(18) بَابُ كَرَاهِيَّةِ مَسِّ الذَّكَر بِاليَمِينِ في الاستِبْرَاءِ

- ‌(19) بَابٌ: في الاِسْتِتَارِ في الْخَلاءِ

- ‌(20) بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ أَنْ يُستَنْجَى بِهِ

- ‌(21) بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالأَحْجَارِ

- ‌(22) بَابٌ: في الاسْتِبْرَاءِ

- ‌(23) بَابٌ: في الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَدْلُكُ يدَهَ بِالأَرْضِ إِذَا اسْتَنْجَى

- ‌(25) بَابُ السِّواكِ

- ‌(26) بَابٌ: كَيْفَ يَسْتَاكُ

- ‌(27) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَسْتَاكُ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ

- ‌(28) بَابُ غَسْلِ السِّواكِ

- ‌(29) بَابٌ: السّوَاكُ مِنَ الْفِطْرَة

- ‌(30) بَابُ السِّوَاكِ لِمَنْ قَامَ بِاللَّيْلِ

- ‌(31) بَابُ فَرْضِ الْوُضُوءِ

- ‌(32) بَابُ الرَّجُلِ يُجَدّدُ الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ

- ‌(33) بَابُ مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ

- ‌(34) بَابُ مَا جَاءَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ

- ‌(35) بَابُ الْمَاءِ لَا يُجْنِبُ

- ‌(36) باب الْبَوْلِ فِى الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌(37) بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْكَلْبِ

- ‌(38) بَابُ سُؤْرِ الْهِرَّةِ

- ‌(39) بَابُ الْوُضُوءِ بفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ

- ‌(40) بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌(41) بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ

- ‌(42) بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌(43) بَابٌ: أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وهُوَ حَاقِنٌ

- ‌(44) بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْمَاءِ في الْوُضُوءِ

- ‌(45) بَابٌ: في الإِسْرَافِ في الْوُضُوءِ

- ‌(46) بابٌ فِى إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌(47) بَابُ الْوُضُوءِ في آنِيَةِ الصُّفْرِ

- ‌(48) بَابٌ: في التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌(49) بابٌ فِى الرَّجُلِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(50) بَابٌ: يُحَرِّكُ يَدَهُ في الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(52) بَابُ الْوُضُوءِ ثَلاثًا ثَلاثًا

- ‌(53) بَابٌ: في الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ

- ‌(54) بابُ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌(55) بَابٌ فِى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ

- ‌(56) بابٌ: فِى الاِسْتِنْثَارِ

- ‌(57) بَابُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ

- ‌(58) بَابُ الْمَسْحِ عَلَى العِمَامَةِ

- ‌(59) بَابُ غَسْلِ الرِّجْلِ

- ‌(60) بابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌(61) بَابُ التَّوْقِيتِ في الْمَسْحِ

- ‌(62) بابُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ

- ‌(63) بَابٌ

- ‌(64) بابٌ: كَيْفَ الْمَسْحُ

الفصل: ‌(62) باب المسح على الجوربين

السِّيْلَحِينِىُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِى إِسْنَادِهِ.

(62) بابُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ

159 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عن وَكِيعٍ،

===

(السَّيلحيني، عن يحيى بن أيوب، واختلف في إسناده)(1) ولم أجد (2) رواية يحيى بن إسحاق السيلحيني فيما تتبعت من كتب الحديث، وهذه العبارة موجودة في النسخ الهندية المطبوعة وفي نسخة "عون المعبود"، ولم يوجد في المصرية ولا المكتوبة ولا في نسخة "غاية المقصود"، ولكن كتب في المكتوبة على الحباشية: زادها على الحاشية بعض قارئ الكتاب، والسَّيلحيني بمهملة ممالة وقد تصير ألفًا ساكنة، وفتح اللام، وكسر المهملة، ثم تحتانية ساكنة، ثم نون، هو يحيى بن إسحاق، فالواو التي كتبت بين يحيى بن إسحاق وبين السيلحيني في بعض النسخ غلط من الكاتب، فإن السيلحيني هو يحيى بن إسحاق.

(62)

(بَابُ المَسْحِ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ)

أي هل يجوز المسح على الجوربين أم لا؟

والجورب (3): ما يلبس في الرجل لدفع البرد ونحوه بما لا يسمى خفًا ولا جرموقًا.

159 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع) بن الجراح،

(1) أي إسناد السيلحيني كما نقله صاحب "الغاية" عن "الأطراف"(1/ 109)، وسكت عنه ابن رسلان. (ش).

(2)

قلت: أخرج روايته ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 177)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 163) رقم (2145).

(3)

بفتح الجيم كفوعل جمعه جواربة، وربما حذفت هاؤه، كذا في "ابن رسلان"، وبسطه صاحب "الغاية" جدًا، وكذا في "الكوكب"(1/ 133). (ش).

ص: 673

عَنْ سُفْيَانَ (1) ، عَنْ أَبِى قَيْسٍ الأَوْدِىِّ - هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ -، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ".

[ت 99، جه 559، حم 4/ 252، خزيمة 198]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ لَا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، لأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. (2).

===

(عن سفيان) الثوري، (عن أبي قيسى الأودي هو عبد الرَّحمن بن ثروان) بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة، الكوفي، وثَّقه ابن معين والدارقطني وابن نمير، وقال العجلي: ثقة ثبت، وقال أحمد: يخالف في حديثه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي وليس بحافظ، وقال النسائي: ليس به بأس، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، مات سنة 120 هـ.

(عن هُزيل) مصغرًا (ابن شُرَحبيل) بضم أوله وفتح الراء وسكون المهملة، الأودي الكوفي الأعمى، أخو الأرقم بن شرحبيل، أدرك الجاهلية، وثَّقه ابن سعد والدارقطني، وقال العجلي: كان ثقة من أصحاب عبد الله، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين، قال أبو داود (3): كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث، لأن المعروف عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخُفين)

(1) زاد في نسخة: "الثوري".

(2)

زاد في نسخة: "قال أبو داود".

(3)

قلت: كذا أنكره النسائي أيضًا كما في حاشيته على طريق النسخة، انتهى.

والثوري وغيره، كما نقله عنهم صاحب "الغاية"، وضعفه ابن العربي أيضًا. (ش).

ص: 674

وَرُوِىَ هَذَا (1) أَيْضًا عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَلَيْسَ بِالْمُتَّصِلِ وَلَا بِالْقَوِىِّ.

(2)

وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ،

===

قلت: وهذا إذا كان حكايته فعل واحد، وأما إذا كان حكايته فعلين مختلفين وقعا في وقتين فحينئذ لا يضره الرواية المعروفة عن المغيرة رضي الله عنه في المسح على الخفين، بل يقال: إن المغيرة رآه صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين في وقت فرواه كما رأى، ورآه صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين في وقت آخر فرواه أيضًا كما رأى، كيف وقد قال الترمذي (3) بعد تخريج هذا الحديث: هذا حديث حسن صحيح.

(وروي هذا) الحديث (أيضًا عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين)، أخرجه ابن ماجه والبيهقي بسنديهما عن عيسى بن سنان، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب، عن أبي موسى الأشعري:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين"(4)

(وليس بالمتصل) لأنه رواه الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي موسى، قال البيهقي: لم يثبت سماعه (5) من أبي موسى (ولا بالقوي) لأن في إسناده (6) عيسى بن سنان ضعيف لا يحتج به.

(ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وأبو مسعود) هكذا في

(1) زاد في نسخة: "هذا الحديث".

(2)

زاد في نسخة: "قال أبو داود".

(3)

ورجح ابن العربي كلام أبي داود (1/ 149). (ش).

(4)

أخرجه ابن ماجه (560)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 285).

(5)

قال ابن رسلان: ضحاك عن أبي موسى منقطع. (ش).

(6)

وكذا قال ابن رسلان. (ش).

ص: 675

وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، وَرُوِىَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ.

===

المكتوبة والمصرية (1)، وفي بعضها:"ابن مسعود"، وأخرج البيهقي بسنده عن علي بن أبي طالب أنه مسح على الجوربين والنعلين، وكذلك أخرج بسنده عن شعبة عن منصور، مال: سمعت خالد بن سعد يقول: رأيت أبا مسعود الأنصاري يمسح على الجوربين والنعلين.

ولكن قال الشوكاني في "النيل"(2): قال أبو داود: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وأبو مسعود (3) والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس، ثم قال الشوكاني: وقد قال بجواز المسح عليه من ذكره أبو داود من الصحابة، وزإد ابن سيد الناس في "شرح الترمذي" عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص وأبا مسعود البدري عقبة بن عمرو.

(والبراء بن عازب، وأنس بن مالك) أخرج روايتهما البيهقي بسنده إليهما في "سننه الكبير"(4)(وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو بن حُريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس) ولم يخرج البيهقي روايتهم إلَّا رواية ابن عباس بسنده عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ومسح على نعليه"، هكذا رواه داود بن الجراح، وهو يتفرد عن الثوري

(1) وكذا في "ابن رسلان". (ش).

(2)

"نيل الأوطار"(1/ 235).

(3)

ونقله صاحب "الغاية" عن عبد الرزاق (1/ 199 - 200). (ش).

(4)

(1/ 285).

ص: 676

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بمناكير، هذا أحدها، والثقات رووه عن الثوري دون هذا اللفظ، وروي عن زيد بن الحباب هكذا وليس بمحفوظ.

ثم ساق البيهقي روايته بإسناده، ثم قال: والصحيح رواية الجماعة، فحكوا رشًا على الرجل، والحديث حديث واحد، والعدد الكثير أولى بالحفظ من العدد اليسير مع فضل من حفظ فيه الغسل بعد رش على من لم يحفظه.

ثم أخرج حديث أوس بن أوس برواية هشيم عن يعلى، وبرواية حماد بن سلمة عن يعلى، ثم قال: وهذا الإسناد غير قوي، وهو يحتمل ما احتمل الحديث الأول، يعني غسل الرجلين في النعلين.

قال البيهقي: كان الأستاذ أبو الوليد - رحمه الله تعالى- يؤول حديث المسح على الجوربين والنعلين على أنه مسح على الجوربين منعَّلين، لا أنه جورب على الانفراد، ونعل على الانفراد، أخبرنا بذلك [عنه] أبو عبد الله الحافظ، وقد وجدت لأنس بن مالك أثرًا يدل على ذلك، أخبرناه أبو علي الروذباري، ثنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد آباذي (1)، ثنا محمد بن عبيد الله المنادي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا عاصم الأحول، عن راشد بن نجيح قال: رأيت أنس بن مالك دخل الخلاء وعليه جوربان أسفلهما جلود وأعلاهما خز فمسح عليهما.

واختلف أقوال (2) العلماء في المسح على الجوربين، فعندنا إن كانا مجلدين أو منعلين يجزئه بلا خلاف عند أصحابنا، وإن لم يكونا مجلدين ولا منعلين، فإن كانا رقيقين يشفان الماء لا يجوز المسح عليهما

(1) بالذال المعجمة، انظر:"الأنساب" للسمعاني (4/ 244).

(2)

وقال ابن العربي (1/ 149): فيه للعلماء ثلاثة أقوال. (ش).

ص: 677

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بالإجماع، وإن كانا ثخينين لا يجوز عند أبي حنيفة، وعن أبي يوسف (1) ومحمد يجوز، وروي عن أبي حنيفة أنه رجع إلى قولهما في آخر عمره.

احتج أبو يوسف ومحمد بحديث المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين، ولأن الجواز في الخف لدفع الحرج لما يلحقه من المشقة بالنزع، وهذا المعنى موجود في الجورب بخلاف اللفافة والمكعب، لأنه لا مشقة في نزعهما.

ولأبي حنيفة أن جواز المسح على الخفين ثبت نصًا بخلاف القياس، فكل ما كان في معنى الخف في إدمان المشي عليه، وإمكان قطع السفر به، يلحق به، وما لا فلا، ومعلوم أن غير المجلد والمنعل من الجوارب لا يشارك الخف في هذا المعنى، فتعذر الإلحاق على أن شرع المسح إن ثبت للترفيه، لكن الحاجة إلى الترفيه فيما يغلب لبسه، ولبس الجوارب مما لا يغلب، فلا حاجة فيها إلى الترفيه فبقي أصل الواجب بالكتاب وهو غسل الرِّجلين، وأما الحديث يحتمل أنهما كانا مجلدين أو منعلين وبه نقول ولا عموم له، لأنه حكايته حال، ألا يُرى أنه لم يتناول الرقيق من الجوارب.

وعند الشافعي: لا يجوز المسح على الجوارب، وإن كانت منعلة إلَّا إذا كانت مجلدة إلى الكعبين، وهذا أحد الأقوال في مذهبه.

وقال الشوكاني في "النيل"(2): قال الشافعي: ولا يجوز المسح على

(1) كذا عند الشافعي كما في "الغاية" عن كتبهم، وكذا عند أحمد كما في "المغني"(1/ 373)، ونقل صاحب "الغاية" عن ابن العربي أن عند أحمد يجوز مطلقًا كما سيجيء. (ش).

(2)

"نيل الأوطار"(1/ 236).

ص: 678