المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(43) باب: أيصلي الرجل وهو حاقن - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ١

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌عملي في هذا الكتاب

- ‌تقديم

- ‌تَقْدِيمُ الْكِتَابِ

- ‌خصائص هذا الشرح

- ‌كلمة عن "سنن أبي داود" وشرحه "بذل المجهود" في غاية الوجازة

- ‌كلمة عن الإِمام أبي داود

- ‌التعريف بكتاب "السنن" له

- ‌ فقد تلخّص من كلمات الإِمام أبي داود وغيره أمور:

- ‌كلمة في المولِّف الإِمام وخصائص شرحه

- ‌كلمة في شرح سنن أبي داود

- ‌وبالجملة نلخِّص القول في شيء من خصائصه:

- ‌ترجمة مؤلِّف بذل المجهود من "نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر

- ‌ترجمة المؤلف الشيخ السهارنفوري بقلم أحد كبار العلماء

- ‌عصر أبي داود

- ‌الإِمَام أبو دَاوُدقبسات من سيرته، ولمحات من فضله

- ‌اسمه ونسبه ونسبته:

- ‌ولادته:

- ‌ارتحاله إلى الآفاق:

- ‌شيوخه:

- ‌ومن أعيانهم:

- ‌تلاميذه:

- ‌زهده وورعه:

- ‌اعتزازه بكرامة العلم والعلماء:

- ‌اعتراف الأئمة بفضله وكماله:

- ‌تحرِّيه في الإِسناد:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌وفاته:

- ‌ابنه أبو بكر:

- ‌مؤلَّفاته:

- ‌ سُنَن أبي دَاوُد" تأليفه - مكانته - خصائصه

- ‌موضوع الكتاب ومعظم مقصود الإِمام في تأليفه:

- ‌كتاب "سنن أبي داود" جامع للأحاديث التي استدلّ بها فقهاء الأمصار وبنوا عليها الأحكام:

- ‌ثناء الأئمة على "السنن

- ‌مكانة "سنن أبي داود" بين الكتب الستّة تدريسًا:

- ‌شروط الإِمام أبي داود في "السنن

- ‌مكانة "سنن أبي داود" بين الكتب الستّة صحّة:

- ‌الكلام على ما سكت عليه أبو داود:

- ‌مدة تأليف "السنن

- ‌عدد روايات "السنن

- ‌يكفي الإِنسان لدينه أربعة أحاديث:

- ‌خصائص الكتاب:

- ‌تجزئة الكتاب:

- ‌الأحاديث المنتقدة في "سنن أبي داود

- ‌درجات أحاديث "السنن

- ‌نسخ الكتاب:

- ‌ سنن أبي داود" ورواته:

- ‌شروح الكتاب والكتب المؤلفة حوله

- ‌رسالةُ الإِمامِ أَبي داودَ إِلى أَهلِ مكَّةَ في وصْفِ الكِتابِ وبَيان خصائِصِهِ والتِزاماتِهِ

- ‌مُقَدِّمَةُ "بَذْلِ الْمَجْهُودِ

- ‌(1) كِتابُ الطَّهَارَةِ

- ‌(1) بَابُ التَّخَلّي عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌(2) بَابُ الرَّجُلِ يَتبوَّأُ لِبَوْلِهِ

- ‌(3) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ

- ‌(4) بَابُ كَرَاهِيَّةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلةِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌(5) بَابُ الرُّخْصَة في ذَلِك

- ‌(6) بَابٌ: كيْفَ التَكَشُّفُ عِنْدَ الْحَاجَةِ

- ‌(7) بَابُ كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْخَلَاء

- ‌(8) بَاب: في الرَّجُلِ يَرُدُّ السَّلَامَ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌(9) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَذْكُرُ الله تَعَالَى عَلَى غيرِ طُهْرٍ

- ‌(10) بَابُ الْخَاتَمِ يَكُونُ فِيهِ ذِكرُ الله تَعَالَى يُدْخَلُ بِهِ الْخَلَاءُ

- ‌(11) بَابُ الاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ

- ‌(12) بَابُ الْبَوْلِ قَائِمًا

- ‌(13) بَاب: في الرَّجُلِ يَبُولُ بِاللَّيْلِ في الإِنَاءِ ثُمَّ يَضَعُهُ عِنْدَهُ

- ‌(14) بَابُ الْمَواضِعِ الَّتِي نُهِي عَنِ الْبَوْلِ فِيهَا

- ‌(15) بَابٌ: في الْبَوْلِ في الْمُسْتَحَمّ

- ‌(16) بَابُ النَّهْيِ عنِ الْبَوْلِ في الْجُحْرِ

- ‌(17) بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ

- ‌(18) بَابُ كَرَاهِيَّةِ مَسِّ الذَّكَر بِاليَمِينِ في الاستِبْرَاءِ

- ‌(19) بَابٌ: في الاِسْتِتَارِ في الْخَلاءِ

- ‌(20) بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ أَنْ يُستَنْجَى بِهِ

- ‌(21) بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالأَحْجَارِ

- ‌(22) بَابٌ: في الاسْتِبْرَاءِ

- ‌(23) بَابٌ: في الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌(24) بَابُ الرَّجُلِ يَدْلُكُ يدَهَ بِالأَرْضِ إِذَا اسْتَنْجَى

- ‌(25) بَابُ السِّواكِ

- ‌(26) بَابٌ: كَيْفَ يَسْتَاكُ

- ‌(27) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَسْتَاكُ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ

- ‌(28) بَابُ غَسْلِ السِّواكِ

- ‌(29) بَابٌ: السّوَاكُ مِنَ الْفِطْرَة

- ‌(30) بَابُ السِّوَاكِ لِمَنْ قَامَ بِاللَّيْلِ

- ‌(31) بَابُ فَرْضِ الْوُضُوءِ

- ‌(32) بَابُ الرَّجُلِ يُجَدّدُ الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ

- ‌(33) بَابُ مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ

- ‌(34) بَابُ مَا جَاءَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ

- ‌(35) بَابُ الْمَاءِ لَا يُجْنِبُ

- ‌(36) باب الْبَوْلِ فِى الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌(37) بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْكَلْبِ

- ‌(38) بَابُ سُؤْرِ الْهِرَّةِ

- ‌(39) بَابُ الْوُضُوءِ بفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ

- ‌(40) بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌(41) بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ

- ‌(42) بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌(43) بَابٌ: أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وهُوَ حَاقِنٌ

- ‌(44) بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْمَاءِ في الْوُضُوءِ

- ‌(45) بَابٌ: في الإِسْرَافِ في الْوُضُوءِ

- ‌(46) بابٌ فِى إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌(47) بَابُ الْوُضُوءِ في آنِيَةِ الصُّفْرِ

- ‌(48) بَابٌ: في التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌(49) بابٌ فِى الرَّجُلِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(50) بَابٌ: يُحَرِّكُ يَدَهُ في الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(52) بَابُ الْوُضُوءِ ثَلاثًا ثَلاثًا

- ‌(53) بَابٌ: في الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ

- ‌(54) بابُ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌(55) بَابٌ فِى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ

- ‌(56) بابٌ: فِى الاِسْتِنْثَارِ

- ‌(57) بَابُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ

- ‌(58) بَابُ الْمَسْحِ عَلَى العِمَامَةِ

- ‌(59) بَابُ غَسْلِ الرِّجْلِ

- ‌(60) بابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌(61) بَابُ التَّوْقِيتِ في الْمَسْحِ

- ‌(62) بابُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ

- ‌(63) بَابٌ

- ‌(64) بابٌ: كَيْفَ الْمَسْحُ

الفصل: ‌(43) باب: أيصلي الرجل وهو حاقن

(43) بَابٌ: أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وهُوَ حَاقِنٌ

؟

88 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عن أَبِيهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْقَمَ

===

(43)

(بَابٌ: أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وهُوَ حَاقِنٌ؟ )(1)

هو بفتح حاء وكسر قاف (2)، مَنْ به بول شديد ومن يحبس بوله، أي: هل يصلي الرجل في هذه الحالة التي يدافعه البول؟ وفي معناه الحاقب أي مدافع الغائط، والحازق أي مدافعهما، وقيل: مدافع الريح، فأراد به ما يعم البول والغائط، وكذا الريح.

88 -

(حدثنا أحمد بن) عبد الله بن (يونس قال: حدثنا زهير) بن معاوية، أبو خيثمة (قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير، (عن عبد الله بن أرقم)(3) بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة القرشي الزهري، صحابي أسلم عام الفتح، وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر، وكان على بيت المال أيام عمر - رضي الله تعالى عنه -، قال ابن السكن: توفي في خلافة عثمان، وكذا ذكره البخاري في "التاريخ الصغير"(4).

(1) قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه لا يصلي إذًا، لكن لو صلى روي عن مالك يعيد في الوقت، كذا في "الأوجز"(3/ 324)، وقال ابن العربي (1/ 235): اختلف في تعليله ثم بسطه. (ش).

(2)

قال في "الدسوقي": هو بالقاف والنون: الحصر بالبول، والقاف والباء: الحصر بالغائط، والفاء والنون: الحصر بهما، ويقال للحصر بهما معًا أيضًا حقم، والحصر بالريح حفز. "الشرح الكبير"(1/ 288). (ش).

(3)

قال ابن العربي (1/ 235): حسن صحيح، وبسط الكلام على ترجمة ابن أرقم هذا، وذكر فضائله ثم قال: ومع هذا سقط حديثه من الصحيح، ودخل فيه بدله حديث عائشة لاختلاف فيه على عروة. (ش).

(4)

(1/ 92 - 93)، وانظر ترجمته في:"أسد الغابة"(2/ 549) رقم (2811).

ص: 462

أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا وَمَعَهُ النَّاسُ وَهُوَ يَؤمُّهُمْ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْم أَقَامَ الصَّلَاةَ - صَلَاةَ الصُّبْحِ - ثُمَّ قَالَ: لِيَتَقَدَّمْ أَحَدُكُمْ، وذَهَبَ إِلى الْخَلَاءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَن يَذْهَبَ الْخَلَاء وَقَامَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَبْدَا بِالْخَلَاءِ".

[ن 852، ت 142، جه 616]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ،

===

(أنه خرج حاجًّا أو معتمرًا) شك من أحد الرواة، أي يريد الحج أو العمرة (ومعه) أي عبد الله (الناس) سافروا معه ورافقوه، ليتبرَّكوا به ويسألوه ما أشكل عليهم من المسائل (وهو يومهم) في الصلاة ويصلي بهم.

(فلما كان ذات يوم أقام) أي أمر عبد الله بإقامة (الصلاة) أو المكبر كبَّر وأقام الصلاة بتكبيره، والظاهر الأول (صلاة الصبح، ثم قال) عبد الله: (ليتقدم أحدكم، وذهب) أي عبد الله (إلى الخلاء) أي أراد الذهاب إلى قضاء الحاجة، وقال معتذرًا عن عدم تقدمه:(فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء) لئلا يشتغل (1) قلبه بالخلاء، ويصلي بعد ما يفرغ وقلبه مطمئن.

(قال أبو داود: روى وهيب بن خالد وشعيب بن إسحاق) بن عبد الرحمن بن عبد الله بن راشد الدمشقي الأموي، مولى رملة بنت عثمان، أصله من البصرة، روى عن أبيه وأبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه -

(1) قال ابن العربي (1/ 235): اختلف العلماء في علة المنع، فمنهم من علله بالشغل، فلو كان القلق كثيرًا يعيد الصلاة، وقال أحمد: علته انتقال الحدث وإن لم يظهر، فانتقال المني عنده يوجب الغسل وإن لم يظهر، ويقول: إن الشهوة حصلت بالانتقال فصار كالتقاء الختانين، انتهى. وقال أيضًا في موضع آخر: أجمعت الأمة على منعه، واختلفوا في تعليله

إلخ. (ش).

ص: 463

وَأَبُو ضَمْرَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عن هِشَام بْنِ عُرْوَةَ، عن أَبِيهِ، عن رَجُلٍ حَدّثَهُ، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَرْقَمَ، وَالأَكْثَرُ الّذِينَ رَوَوْهُ عن هِشَامٍ قَالُوا كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ.

===

وتمذهب له، قال أبو طالب عن أحمد: ثقة ما أصح حديثه وأوثقه، وقال أبو داود: ثقة، وهو مرجئ، وقا ل ابن معين ودحيم والنسائي: ثقة، مات سنة 189 هـ.

(وأبو ضمرة) أنس بن عياض بن ضمرة، وقيل: عبد الرحمن الليثي المدني، قال ابن سعد: كان ثقة كثير الخطإ، قال الدوري عن ابن معين: ثقة، وقال إسحاق بن منصور عنه: صويلح، وقا ل أبو زرعة والنسائي: لا بأس به، مات سنة 200 هـ.

(هذا الحديث عن هشام بن عروة، عن أبيه) أي عروة بن الزبير، (عن رجل) مجهول لم بسم (حدثه) أي حدث ذلك الرجل عروة، (عن عبد الله بن أرقم) يعني زاد وهيب وشعيب وأبو ضمرة بين عروة وعبد الله بن أرقم واسطة رجل مجهول. (والأكثر الذين روَوه عن هشام قالوا كما قال زهير) أي لم يزيدوا واسطة رجل، بل روَوا عن عروة عن عبد الله بن أرقم، ولم يدخلوا بينهما واسطة، فغرض أبي داود بهذا أن ما روى زهير ووافقه أكثر رواة هشام راجح على ما رواه وهيب وشعيب وأبو ضمرة.

وأخرج الترمذي برواية أبي معاوية عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن أرقم من غير زيادة رجل بين عروة وعبد الله، ثم قال بعد سَوق الحديث: حديث عبد الله بن أرقم حديث حسن صحيح، هكذا روى مالك بن أنس ويحيى بن سعيد القطان وغير واحد من الحفاظ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن أرقم، وروى وهيب وغيره عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل عن عبد الله بن الأرقم، انتهى.

فرجح الترمذي رواية أبي معاوية بكثرة الرواة وزيادة الحفظ، كما

ص: 464

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

رجح أبو داود رواية زهير بكثرة (1) الرواة، ويمكن أن يوجه (2) بأن عروة لعله لم يكن مع عبد الله بن أرقم في سفره فأخبره رجل عنه بهذا الحديث، ثم لقي عروة عبد الله، وتلقى منه من غير واسطة، فمرة يروي هكذا، ومرة هكذا.

ثم اعلم أن هذه المسألة اتفقت الأئمة عليها وقالوا بكراهة الصلاة في حال مدافعة البول والغائط.

قال الحلبي في شرح "المنية"(3): ويكره أن يدخل في الصلاة وقد أخذه غائط أو بول، لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا صلاة بحضرة الطعام (4) ولا وهو يدافعه الأخبثان"، والمراد نفي الكمال كما في نظائره، وهو يقتضي الكراهة، وإن كان الاهتمام بالبول والغائط يشغله، أي يشغل قلبه عن الصلاة ويذهب خشوعه يقطعها، وإن مضى عليها أجزأه، أي كفاه فعلها على تلك الحالة، وقد أساء، وكان آثمًا لأدائه إياها مع الكراهة التحريمية، وكذلك الحكم إن أخذه البول أو الغائط بعد الافتتاح، أي افتتح الصلاة ولم تكن به مدافعة، فحدثت به بعد إلافتتاح، فالحكم أنه يقطعها، وإن لم يقطعها أجزأه مع الإساءة "كبيري".

وفي "الدر المختار"(5): وكره صلاته مع مدافعة الأخبثين أو أحدهما أو الريح للنهي.

(1) ورجح البخاري كما نقل عنه الترمذي في "العلل المفرد" رواية الواسطة، كذا في "الغاية"، وكذا قال الحافظ في "تهذيبه". (ش).

(2)

يأبى هذا التوجيه رواية عبد الرزاق كما في "الأوجز"(3/ 323)، نعم يمكن أن يوجه

بأن عروة كان في هذا السفر، لكن لم يحضر إذ ذاك. (ش).

(3)

(ص 366).

(4)

حكى الترمذي عن أحمد وإسحاق: يبدأ بالعشاء وإن فاتته الصلاة. (ش).

(5)

انظر: "رد المحتار"(2/ 492).

ص: 465

89 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى - الْمَعْنَى - قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى حَزْرَةَ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ - قَالَ ابْنُ عِيسَى فِى حَدِيثِهِ: "ابْنُ أَبِى بَكْرٍ"، ثُمَّ اتَّفَقُوا - أَخُو الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ -

===

89 -

(حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، ومسدد، ومحمد بن عيسى، المعنى) أي معنى حديثهم واحد وإن اختلفت ألفاظهم.

(قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد) القطان، (عن أبي حزرة) بفتح المهملتين بينهما زاي ساكنة، يعقوب بن مجاهد القرشي المدني القاص، مولى بني مخزوم، يقال: كنيته أبو يوسف، وأبو حزرة لقبه، وهو بها أشهر، وكان قليل الحديث، عن ابن معين: صويلح، قال أبو زرعة: لا بأس به، وقال النسائي: ثقة، مات بالإسكندرية سنة 149 هـ أو بعدها.

(قال) أي أبو حزرة: (حدثنا عبد الله (1) بن محمد، قال ابن عيسى) أي شيخ أبي داود (في حديثه) بعد عبد الله بن محمد:(ابن أبي بكر)، وهذا زيادة لفظ "ابن أبي بكر" مختص بحديث محمد بن عيسى، وأما الشيخان الآخران لأبي داود أحمد بن محمد بن حنبل ومسدد فلم يزيدا لفظة "ابن أبي بكر".

(ثم اتفقوا) أي الشيوخ الثلاثة لأبي داود: أحمد ومسدد ومحمد بن عيسى فقالوا كلهم: (أخو القاسم بن محمد)، فعبد الله بن محمد هذا هو عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني، أخو القاسم، روى عن عائشة في قصة بناء الكعبة. وروى أبو داود في الطهارة من حديث أبي حزرة يعقوب بن مجاهد، قال: ثنا عبد الله بن محمد أبو عتيق

(1) وجعله ابن رسلان في "شرحه" عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ولعله أخذه من رواية مسلم. وصوّبه الحافظ كما في "البذل". (ش).

ص: 466

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أخو القاسم بن محمد، قال: كنا عند عائشة، فذكر حديث:"لا صلاة بحضرة الطعام"، كذا في روايته، والحديث قد رواه مسلم من حديث أبي حزرة عن عبد الله بن (1) أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهو المحفوظ، وأبو عتيق هو محمد والد هذا، وابن عم القاسم بن محمد وأخيه، وقال مصعب الزبيري: أمه أم ولد، قتل بالحَرَّة، وكانت الحَرَّة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين، هكذا قال الحافظ في "تهذيب التهذيب"(2).

ويدل ذلك الكلام على أنه وقع الاختلاف في مسمى ذلك الراوي، فعند أبي داود هو عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق أخو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعند مسلم: هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وليس هو أخو القاسم، بل هو ابن ابن عم القاسم، فكلاهما من الطبقة الثالثة يرويان عن عائشة رضي الله عنها، فقول عائشة في حديث مسلم: مالك لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا،

(1) وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن:

................................ أبو بكر .............................

....... محمد ............................................ عبد الرحمن

عبد الله ..... قاسم ....................................... محمد أبو عتيق

......................................................... عبد الله (ش)

(2)

(6/ 7).

ص: 467

قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ فَجِئَ بِطَعَامِهَا، فَقَامَ الْقَاسِمُ يُصَلِّى، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يُصَلَّى بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ» . [م 560]

===

يكون محمولاً على المجاز، لأن ابن أبي عتيق هذا ليس هو ابن أخي عائشة رضي الله عنها بل هو ابن ابن أخي عائشة.

(قال: كنا عند عائشة فجيء بطعامها، فقام القاسم يصلي) معرضًا عن الطعام؛ لأنه غضب عليها؛ لأنها نصحته وأدَّبته، وقالت: ما لك لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا عبد الله بن محمد، وعَيَّرته بأمه (1)، وكان يلحن في كلامه، لأن أمه كانت أم ولد، فتعلم الكلام منها ووقع اللحن في كلامه، وهذه القصة مذكورة في رواية مسلم.

(فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يُصَلَّى (2) بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)، أي لا يصلي في حالة يدافع المصلي الأخبثان البول والغائط، وقد مر حكم الصلاة عند غلبة البول والغائط.

فأما حكم الصلاة عند حضرة الطعام فقال العيني في "شرح البخاري": قالت الظاهرية: لا يجوز لأحد حضر طعامه بين يديه وسمع الإقامة أن يبدأ بالصلاة قبل العشاء، فإن فعل فصلاته باطلة (3)، والجمهور

(1) فقالت: مَا لَكَ لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا، أما إني علمت من أين أتيت، هذا أدبته أمه وأنت أدبتك أمك، الحديث، أخرجه مسلم (ح 560)، "ابن رسلان" راجع:"مشكل الآثار". (ش).

(2)

وفي معناه حضور الشراب الذي تتوقه النفس "ابن رسلان"، ظاهر كلام الحافظ في "الفتح"(2/ 160) أنه يعم أن يكون له أو لغيره، فينتقل إلى موضع آخر لئلا يشتغل به. (ش).

(3)

قال الشوكاني (1/ 415): ظاهر الأحاديث الإطلاق، وزاد الغزالي: قيد خشية فساد الطعام، والشافعية: الاحتياج، ومالك: أن يكون الطعام قليلًا، وابن حزم والظاهرية =

ص: 468

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

على الصحة، انتهى، فحمل الظاهرية قوله صلى الله عليه وسلم:"فابدأوا بالعشاء" على الوجوب، وحمل الجمهور على الندب.

وقال العيني (1): قال في "شرح السنة": الابتداء بالطعام (2) إنما هو فيما إذا كانت نفسه شديدة التوقان إلى الأكل، وكان في الوقت سعة، فالحديث يدل على كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله ، لما فيه من اشتغال القلب وذهاب كمال الخشوع، وهذه الكراهة إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة، فإن ضاق بحيث لو أكل خرج الوقت لا يجوز تأخير الصلاة، وقال ابن الجوزي: وقد ظن قوم أن هذا من باب تقديم حظ العبد على حق الحق عز وجل، وليس كذلك، إنما هو صيانة لحق الحق، ليدخل العباد في العبادة بقلوب غير مشغولة.

فإن قلت: روى أبو داود من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره".

قلت: هذا حديث ضعيف، فبالضعيف لا يعترض على الصحيح، ولئن سَلَّمنا صحته فله معنى غير معنى الآخر بمعنى إذا وجبت لا تؤخر، وإذا كان الوقت باقيًا يبدأ بالعشاء، فاجتمع معناهما ولم يتهاترا.

= وأحمد وإسحاق إلى الوجوب، فأبطلوا الصلاة إذا قدمت الصلاة، انتهى.

قلت: ما حكي عن أحمد تأباه كتب فروعه، صرح بصحة الصلاة في "المغني"(2/ 374)، و"الروض"(1/ 266)، و"الشرح الكبير"(2/ 82)، وقيد الحنفية باشتغال البال كما في "مشكل الآثار"(5/ 235)، و"شرح معاني الآثار"، وفي "الشرح الكبير" للمالكية: لم يأخذ به مالك لعمل أهل المدينة على خلافه. (ش).

(1)

"عمدة القاري"(4/ 275).

(2)

وقال ابن العربي (1/ 236): هذا للصائم خاصة، كما جاء مفسرًا في رواية الدارقطني، أو يكون منفردًا وفي الوقت سعة. (ش).

ص: 469

90 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قال: حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِىِّ، عَنْ أَبِى حَىٍّ الْمُؤَذِّنِ، عَنْ ثَوْبَانَ

===

90 -

(حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا ابن عياش) هو إسماعيل بن عياش، (عن حبيب بن صالح) الطائي، أبو موسى الحمصي، ويقال: حبيب بن أبي موسى، قال أبو زرعة الدمشقي: لا نعلم أحدًا من أهل العلم طعن عليه في معنى من المعاني، وهو مشهور في بلده بالفضل والعلم وسعته، وتركه الأخذ عن كل أحد، ذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة 147 هـ.

(عن يزيد بن شريح) مصغرًا (الحضرمي) الحمصي، قال يعقوب بن سفيان: ثنا محمد بن مصفى، ثنا بقية، ثنا حبيب بن صالح، وهو حسن الحديث، عن يزيد بن شريح وهو صالح أهل الشام، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: وقال الدارقطني: يعتبر به، لم يدرك نعيم بن همام، فروايته عنه مرسلة.

(عن أبي حي)(1) هو شداد بن حي الحمصي (المؤذن) ذكره ابن حبان في "الثقات"، له عندهم حديث واحد، قلت: قول المؤلف: ذكره ابن حبان في "الثقات" مجمل، فإن ابن حبان لم يذكره في التابعين، وإنما قال في أتباع التابعين "تهذيب التهذيب"(2).

(عن ثوبان)(3) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو عبد الله أو أبو عبد الرحمن

(1) قال ابن رسلان: كذا للترمذي، وذكره ابن عبد البر فيمن لم يذكر له اسم سوى كنيته. (ش).

(2)

(4/ 315).

(3)

وقد روي الحديث بطريق أبي أمامة وأبي هريرة، قال الترمذي: والأول أجود إسنادًا "الغاية". (ش).

ص: 470

قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ: لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ، وَلَا يَنْظُرُ فِى قَعْرِ بَيْتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ،

===

الهاشمي، صحابي مشهور، أصله من اليمن، أصابه سِبَاءٌ، فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه، وقال: إن شئت أن تلحق بمن أنت منهم فعلت، وإن شئت أن تثبت فأنت منا أهل البيت فثبت، ولم يزل معه في سفره وحضره يخدمه إلى أن مات، ثم تحول إلى الرملة، ثم حمص، مات بها سنة 57 هـ في إمارة عبد الله بن قرط (1).

(قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث) أي ثلاث خصال (لا يحل لأحد) من الرجال (أن يفعلهن)، أحدها:(لا يَؤمُّ رجل قومًا) ولا أحد أحدًا (فيخص نفسه (2) بالدعاء دونهم) أي لا يدخل المقتدين له في دعائه، (فإن فعل) أي خص نفسه بالدعاء ولم يشركهم (فقد خانهم) وأما إذا أمَّ قومًا وأدخلهم في دعائه في محل واحد فقد أدى حقهم.

(و) الثاني: (لا ينظر في قعر بيت) إذا كان عليه ستر (قبل أن يستأذن)

(1) انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(1/ 284) رقم (624).

(2)

ظاهر كلام ابن رسلان أن المراد به أن يأتي بصيغة الجمع بأن يقول: اللهم اهدنا فيمن هديت، ثم أشكل بمثل قوله عليه الصلاة والسلام:"اللهم باعد بيني وبين خطاياي": الحديث، ثم ذكر الكلام في الجمع لم أتحصله حق التحصل، والظاهر أنه حمله على غير القنوت والتشهد أو بغير الثابت، وحكم ابن القيم في "الهدي"(1/ 255) بوضع الحديث، وقال: لو صح يحمل على القنوت وإلَّا فجلُّ أدعيته صلى الله تعالى عليه وسلم بالإفراد، وبسط الكلام عليه في "السعاية"(2/ 245)، وفي "التقرير" قوله: فيخص

إلخ، بأن ينفي عنهم كما قيل: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فلا حاجة إلى تغليط الرواية. (ش).

ص: 471

فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ دَخَلَ، وَلَا يُصَلِّى وَهُوَ حَقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ». [ت 357، جه 923، حم 5/ 280]

91 -

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السّلَمِىُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِىٍّ

===

من رب (1) البيت وأهله، وكذلك إن استأذن فلم يؤذن له، فلا يحل له النظر (فإن فعل) أي نظر داخل البيت قبل الاستئذان من جُحر أو غيرها (فقد دخل) أي فقد ترتب عليه من الإثم ما يترتب عليه من أجل دخوله بغير استئذان.

(و) الثالث: (لا يصلي وهو حَقِن) أي حابس بوله أو غائطه (حتى يتخفف) عنهما.

91 -

(حدثنا محمود بن خالد) بن أبي خالد يزيد (السَّلَمي) بفتح المهملة واللام، إمام مسجد سلمية، أبو علي الدمشقي، ثقة، قال السمعاني في "الأنساب" (2): وأما أيوب بن سليمان القرشي السلمي منسوب إلى سلمية، وهي قرية بحمص، وكان أيوب إمام مسجدها، قال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ: سَلَمِيَّةُ بين حماة ورَفَنِيَّة (3)، وقال: سَلَمِيَّةُ بلدة من بلاد الشام، مات سنة 249 هـ.

(قال: حدثنا أحمد بن علي) النميري، أو يقال: النمري، إمام مسجد سلمية، قال أبو حاتم: أرى أحاديثه مستقيمة، لم يرو عنه غير محمود بن

(1) فلو نظر وفقأ عينه لرواية "الصحيحين"(خ 6902، م 2158)، عن أبي هريرة لا ضمان عليه عند الشافعي رحمه الله، وعليه الضمان عند أبي حنيفة رحمه الله ومالك رحمه الله. "ابن رسلان". (ش).

(2)

(3/ 280).

(3)

وفي الأصل "رقبة"، وهو تحريف، والصواب: رَفَنِيَّةُ كما في "الأنساب" للسمعاني.

ص: 472

قال: حَدَّثَنَا ثَوْرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِىِّ، عَنْ أَبِى حَىٍّ الْمُؤَذِّنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُصَلِّىَ وَهُوَ حَقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ» . ثُمَّ سَاقَ نَحْوَهُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، قَالَ: «وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إِلَاّ بِإِذْنِهِمْ،

===

خالد، وقال ابن منده: روى عنه يزيد بن عبد ربه ومحمد بن أبي أسامة، وقال الأزدي: متروك الحديث ساقط، وقال الحافظ في "التقريب": ضعفه الأزدي بلا حجة.

(قال: حدثنا ثور) بن يزيد، (عن يزيد بن شريح الحضرمي، عن أبي حي المؤذن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحلّ لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حقن حتى يتخفف) وقد مرَّ تفسيره.

(ثم ساق) أي ثم ساق ثور حديثه عن يزيد بن شريح (نحوه) أي نحو حديث حبيب بن صالح عن يزيد بمعناه (على هذا اللفظ) الذي يذكر فيما بعد وهو قوله: "لا يحل لرجل"، الحديث.

وحاصله: أن ليزيد بن شريح تلميذين: ثور بن يزيد وحبيب بن صالح، فيريد المصنف أن يُبَيِّن اختلاف الحديثين في اللفظ مع بيان الاتفاق في المعنى، فيقول: إن في رواية ثور قصة النهي عن صلاة الحقن مقدمة، وفي حديث حبيب مؤخرة، وأيضًا في رواية حبيب ذكر الثلاث أولاً مجملًا، ثم فصلها فيما بعد، وفي رواية ثور لم يذكر مجملاً في الأول، ثم ساق بقية حديث ثور.

(قال) أي قال ثور في حديثه، ويحتمل أن يرجع الضمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ولا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قومًا إلَّا بإذنهم) نهى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التسرع إلى الإمامة؛ لأن التسرع إليه

ص: 473

وَلَا يَخْتَصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ». [ك 1/ 168، جه 617 مختصرًا]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا

===

ينبعث عن الكبر، وهذا حكم الإمامة الصغرى، وكذلك حكم الإمامة "الكبرى" فإنها لا تنعقد إلَّا باتفاق أهل الحل والعقد من القوم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"ولا يُؤَمَّنَّ الرجلُ في "سلطانه، ولا يُجلس على تكرمته إلَّا بإذنه".

قال في "درجات مرقاة الصعود"(1): قال "طب"(2): أي ما لم يكن أقرأهم وأفقههم، وإلَّا فإن جمع أوصاف الإمامة فله الاستبداد، لأنه أولى بإمامتهم أذنوا له أم لا، إذ الحديث خاص بمن هو ببيت غيره ، انتهى.

(ولا يختص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم)، وقد مرَّ شرحه في الحديث المقدم، وهذا سياق حديث ثور، فالجملة الثانية منها وهي قوله: "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم

إلخ"، ليس في حديث حبيب بن صالح، وفي حديث حبيب بن صالح جملة ليست في حديث ثور، وهي قوله: "لا ينظر في قعر بيت

إلخ"، ففي الحديثين اختلاف باعتبار الألفاظ من التقديم والتأخير والزيادة والنقصان.

(قال أبو داود: وهذا) أي هذا الحديث الذي رواه أبو داود بسنده عن ثوبان وعن أبي هريرة، فالاقتصار في إرجاع الضمير إلى أبي هريرة،

(1)(ص 19).

(2)

وكذا قال ابن رسلان عن الخطابي. (ش).

[انظر: "معالم السنن" (1/ 68)].

ص: 474