الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(48) بَابٌ: في التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ
101 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
===
(48)
(بَاب: في التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ)
هل هو واجب أم لا؟ ومعناه ذكر اسم الله تعالى في ابتداء الوضوء كقوله: بسم الله. قال ابن الهمام في "فتح القدير"(1): وفي "المحيط": لو قال: لا إله إلَّا الله، أو الحمد لله، أو أشهد أن لا إله إلَّا الله يصير مقيمًا للسنة، وهو بناء على أن لفظ "اسم" أعم بما ذكرنا، انتهى.
101 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا محمد بن موسى) بن أبي عبد الله الفطري، قال الحافظ في "التقريب": بكسر الفاء وسكون الطاء: وفي "الخلاصة": القطري، بكسر القاف، المدني مولاهم، أبو عبد الله بن أبي طلحة، قال أبو حاتم: صدوق، صالح الحديث كان يتشيع، وقال الترمذي: ثقة، وقال أبو جعفر الطحاوي: محمود في روايته.
(عن يعقوب بن سلمة) الليثي (2) مولاهم، حجازي، قال في "الميزان": شيخ ليس بعمدة، قال البخاري: لا يعرف له سماع من أبيه، ولا لأبيه من أبي هريرة.
(عن أبيه) هو سلمة الليثي مولاهم، المدني، روى عن أبي هريرة،
(1)(1/ 19).
(2)
دون أبي سلمة كما توهم الحافظ. (ش).
[قلت: إنما المتوهم هو الحاكم كما ذكر الشيخ في "البذل"، وأما الحافظ فقد نبه على خطأ الحاكم وتعقبه في "التلخيص الحبير" (1/ 72)، وقال: والصواب أنه الليثي، وانظر أيضًا: "تلخيص المستدرك" (1/ 147)].
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ» . [جه 399، حم 2/ 418، ق 1/ 50]
===
وعنه ابنه يعقوب بن سلمة، روى له أبو داود وابن ماجه حديثًا واحدًا، في ذكر اسم الله على الوضوء.
قلت: وهم الحاكم في "المستدرك" لما أخرج هذا الحديث، فزعم أن يعقوب هذا ابن الماجشون (1)، وسببه أن في روايته عن يعقوب بن أبي سلمة عن أبيه، فظن أنه الماجشون، وهو خطأ، وسلمة هذا لا يعرف إلَّا في هذا الخبر.
(عن أبي هريرة (2) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه) نقل القاري (3) عن القاضي: أن هذه الصيغة حقيقة في نفي الشيء، ويطلق مجازًا على نفي الاعتداد به لعدم صحته، كقوله عليه الصلاة والسلام:"لا صلاة إلَّا بطهور"، وعلى نفي كماله، كقوله عليه الصلاة والسلام:"لا صلاة لجار المسجد إلَّا في المسجد"، انتهى.
(1) ولذا صححه، ولا يصح، انتهى. قال ابن رسلان: هو وهم منه. (ش).
(2)
قال ابن العربي (1/ 43): الحديث ضعيف، قال أحمد: لا أعلم في هذا الباب حديثًا صحيحًا، لكنه أوجب التسمية. وقال ابن دقيق العيد: للحديث طرق تدل على أن له أصلاً. انتهى. قال ابن رسلان: أجاب أصحابنا وغيرهم عن الحديث بأجوبة: اْحسنها أنه ضعيف. والثاني: المراد الكامل، والثالث: جواب ربيعة شيخ مالك والدارمي وغيرهما أن المراد منه النية، وسيجيء، وذهب القاضي أبو بكر الباقلاني وبعض المعتزلة إلى أن هذه الصيغة التي دخل فيها النفي على ذوات شرعية مجملة، لأنها مترددة بين نفي الكمال ونفي الصحة كما في "لا نكاح إلَّا بولي"، و"لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب"، و"لا صيام لمن لم يُبَيِّتِ الصيام من الليل". (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 106).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فاتفقت الأمة على أن النفي في الجملة الأولى محمول على نفي الصحة، وأما في الجملة الثانية فاختلف فيها، فعند الظاهرية (1) وإسحاق وأحمد بن حنبل (2) محمول على الصحة، وذهبت الشافعية والحنفية ومالك (3)، وربيعة إلى أن التسمية في ابتداء الوضوء سنة، قاله الشوكاني، فالنفي عندهم محمول على الكمال.
احتج الأولون بأحاديث الباب، ولا شك أن الأحاديث التي وردت فيها وإن كان لا يسلم شيء منها عن مقال، فإنها تتعاضد لكثرة طرقها وتكتسب قوة، فالظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا.
واحتج الآخرون بحديث ابن عمر مرفوعًا: "من توضأ وذكر اسم الله عليه كان طهورًا لجميع بدنه، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورًا لأعضاء وضوئه"، أخرجه الدارقطني والبيهقي (4)، وفيه أبو بكر الداهري، وهو متروك ومنسوب إلى الوضع. ورواه الدارقطني والبيهقي أيضًا من حديث أبي هريرة، وفيه مرداس بن محمد عن أبيه وهما ضعيفان. ورواه الدارقطني والبيهقي أيضًا من حديث ابن مسعود، وفي إسناده يحيى بن هشام [السمسار]، هكذا في "النيل"(5)، وفي "الميزان": يحيى بن هاشم السمسار وهو متروك، قالوا: فيكون هذا الحديث قرينة لتوجه ذلك
(1) مطلقًا "ابن رسلان". (ش).
(2)
في العمد "ابن رسلان". (ش).
(3)
قال ابن العربي (1/ 43): سئل مالك عن ذلك فقال: أتريد أن تذبح، إشارة إلى أن التسمية مشروعة عند الذبح. وقال: ولا دليل عند الشافعي على الاستحباب. (ش).
(4)
"سنن الدارقطني"(233)، و"السنن الكبرى"(1/ 44).
(5)
"نيل الأوطار"(1/ 168).
102 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ
===
النفي إلى الكمال لا إلى الصحة، كحديث:"لا صلاة لجار المسجد إلَّا في المسجد"(1)، ويؤيد ذلك حديث:"ذكر الله على قلب المؤمن سمَّاه أو لم يسم"(2). وأما الجواب عن ضعف هذا الحديث فإنه تعاضد لكثرة طرقه واكتسب قوة كما قلنا في ضعف حديث الباب، واحتج البيهقي على عدم الوجوب بحديث:"لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله"(3).
واستدل الطحاوي بحديث مهاجر بن قنفذ أنه سلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه، فلما فرغ من وضوئه قال:"إنه لم يمنعني أن أرد عليك، إلَّا أني كرهت أن أذكر الله إلَّا على طهارة"، على أن التسمية عند الوضوء ليس بلازم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كره ذكر الله إلَّا على طهارة، فيدل على أنه عليه السلام توضأ قبل أن يذكر، فالراجح أن يقال: لا وضوء متكاملًا في الثواب.
قال ابن الهمام في شرح "الهداية"(4): (فرع): نسي التسمية فذكرها في خلال الوضوء فسمَّى؟ لا يحصِّل السنة، بخلاف نحوه في الأكل، كذا في "الغاية" معلِّلاً بأن الوضوء عمل واحد بخلاف الأكل، وهو إنما يستلزم في الأكل تحصيل السنة في الباقي لا استدراك ما فات.
102 -
(حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح) هو أحمد بن عمرو بن
(1) أخرجه الدارقطني في "سننه"(1552).
(2)
أخرجه البيهقي في "سننه"(9/ 240)، والدارقطني في "سننه" (4/ 295). بلفظ:"اسم الله على كل مسلم".
(3)
أخرجه أبو داود في "سننه"(858)، وابن ماجه في "سننه"(460).
(4)
"شرح فتح القدير"(1/ 21).
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عن الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ: وَذَكَرَ رَبِيعَةُ أَنَّ تَفْسِيرَ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ": أَنَّهُ الَّذِي يَتَوَضَّاُ وَيَغْتَسِلُ، وَلَا يَنْوِي وُضُوءًا لِلصَّلَاةِ، وَلَا غُسْلاً لِلْجَنَابَةِ.
===
عبد الله بن السرح بمهملات، الأموي مولاهم، أبو الظاهر، المصري، قال النسائي: ثقة، مات سنة 255 هـ. (قال: حدثنا ابن وهب) هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد، المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد، وقال ابن سعد: عبد الله بن وهب كان كثير العلم، ثقة فيما قال: حدثنا، وكان يدلس، مات سنة 197 هـ.
(عن الدراوردي) عبد العزيز (قال) أي الدراوردي: (وذكر ربيعة)(1) هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ التيمي مولاهم، أبو عثمان، المدني، المعروف بربيعة الرأي، وثقه العجلي وأبو حاتم والنسائي، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت أحد مفتي المدينة، وقال مصعب الزبيري: أدرك بعض الصحابة والأكابر من التابعين، وكان صاحب الفتوى بالمدينة، وكان يجلس إليه وجوه الناس بالمدينة، وكان يحصى في مجلسه أربعون مُعْتَمًّا، قال مطرف: سمعت مالكًا يقول: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة، وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: يا أهل العراق، تقولون: ربيعة الرأي، والله ما رأيت أحدًا أحفظ لسنة منه، مات سنة 136 هـ بالمدينة أو بالأنبار.
(أن تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" أنه الذي (2) يتوضأ ويغتسل، ولا ينوي وضوءًا للصلاة، ولا غسلًا للجنابة)
(1) قال صاحب "لغاية": أي ذكره في جملة كلامه، يعني ذكر أشياء وذكر تفسير هذا الحديث، انتهى. قلت: لا يحتاج إلى ذلك بل يذكر لفظ ذكر في المذاكرة. (ش).
(2)
قال في "التقرير": وبهذا أوله الشافعي أيضًا. (ش).