الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(27) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَسْتَاكُ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ
===
قيس" قال: فقلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل، قال: وكأني انظر إلى سواكه تحت شفته وقد قلصت"، فهذه القصة فيها ذكر السواك، واللفظ لمسلم.
فما جمعه أبو داود في حديثه بين قصة الاستحمال وذكر السواك فيها، فلم أجده فيما تتبعت من كتب الحديث، فذكر الاستحمال في هذا الحديث، لعله غير محفوظ.
وقد ورد في رواية البخاري في قصة الاستحمال، ولفظها: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين أستحمله وهو يقسم نَعَمًا من نعم الصدقة، قال أيوب أحسبه قال: وهو غضبان، الحديث. وهاتان الحالتان من الغضب وقسمة النعم بظاهرهما تأبيان أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك في هاتين الحالتين، فهذا يؤيد أيضًا أن الجمع بين قصة الاستحمال وذكر السواك كما ذكره أبو داود بعيد، والله تعالى أعلم.
(27)
(بَاب: في الرَّجُلِ يَسْتَاكُ (1) بِسِوَاكِ غَيْرِهِ)
هل يجوز ذلك الفعل أو لا يجوز؟
(1) ولعل الغرض من الترجمة رد ما قيل فيه من كراهته مطلقًا، كما نقل عن الحكيم الترمذي، وقال شارح "مشكاة المصابيح" (2/ 7): الحديث دليل على أنه لا يكره بشرط أن يكون برضاء صاحبه، "ابن رسلان". وفي "شرح الإقناع" (1/ 119): ذكر صاحب "الفتاوى الخيرية في مذهب الحنفية": سئل: هل يكره الاشتراك في المشط والميل والسواك، كما هو شائع بين العوام، يقولون: ثلاثة ليس فيها اشتراك؟ أجاب: لا بأس به، والكراهة لكراهة نفوسهم الاشتراك.
فالأوجه غرض المصنف الرد على هذا المشهور، ويحتمل أن يكون الغرض إثبات طهارة البزاق، فإن النخعي حكم بنجاسته كما حكاه ابن العربي. (ش). [قلت: كذا حكاه الخطابي عنه، وقال النووي: ولا أظنه يصح عنه، "شرح النووي"(3/ 46)].
50 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أَبِيهِ، عن عَائَشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَنُّ، وَعِنْدَهُ رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَأُوحِيَ إِلِيهِ في فَضْلِ السِّواكِ: أَنْ كَبِّرْ: أَعْطِ السِّوَاكَ أَكْبَرَهُمَا (1)
===
50 -
(حدثنا محمد بن عيسى، نا عنبسة بن عبد الواحد) بن أمية بن عبد الله بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، أبو خالد الكوفي، الأعور، ثقة عابد، (عن هشام بن عروة، عن أبيه) وهو عروة بن الزبير، (عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنُّ) (2) أي يستاك، (وعنده رجلان، أحدهما كبر من الآخر) أي سنًا أو فضلًا (فأوحي إليه) أي من غير أن يميل إلى الآخر، فيكون تأكيدًا للوحي المنامي، أو بعد إرادته لمقتضى ما هو تقديم الأصغر، فتكون القضية واحدة (في فضل السواك) أي فضيلته وزيادته (أن كَبِّرْ) هو الموحى به أي قَدِّمْ الكبير، يعني: ادفع السواك إلى الأكبر منهما، الظاهر أنهما كانا في أحد جانبيه أو في يساره وهو الإنسب، فأراد تقديم الأقرب، فأمر بتقديم الأكبر، فلا ينافي حديث ابن عباس أو الأعرابي في إيثاره بسؤره عليه الصلاة والسلام من اللبن لكونه على اليمين على الأشياخ من أبي بكر وعمر وغيرهما.
(أعط السواك أكبرهما) الظاهر أن هذا تفسير من أحد الرواة، قاله علي القاري (3).
قلت: وقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1) زاد في نسخة: "قال لنا أبو داود: قال أبو جعفر محمد بن عيسى: عنبسة بن عبد الواحد كنا نعدُّه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي".
(2)
إما لأن السواك يمر على الأسنان، أو لأنه يحددها، بسطه صاحب "الغاية". (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(2/ 99).
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَزْمٍ: قَالَ لَنَا أَبُو سَعِيدٍ - هُوَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ -: هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (1)[م 3003 معناه، خت 246]
===
"أراني في المنام" وليس في رواية البخاري لفظة "في المنام" فهذا يقتضي أن تكون القضية وقعت في المنام، ورواية أبي داود عن عائشة رضي الله عنها تقتضي أن القضية وقعت في اليقظة.
ويجمع بينهما أن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم صلى الله عليه وسلم بما رآه في النوم تنبيهًا على أن أمره بذلك بوحي متقدم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعضهم، هكذا جمع الحافظ ابن حجر، فعلى هذا قال علي القاري: والظاهر أن هذا الحديث محمول على حال حكايته المنام، وإلَّا يشكل تعدد الوحي في أمر واحد.
قال الحافظ (2): قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السنن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام، وقال المهلب: هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنَّة حينئذ تقديم الأيمن.
وها هنا عبارة كتبت في بعض النسخ المطبوعة بالهند، والنسخة المطبوعة بمصر، وليست في النسخة المكتوبة المقروءة على الشيخ الأجل مولانا محمد إسحاق الدهلوي، وهي هكذا:
(قال أحمد بن حزم: قال لنا أبو سعيد - هو ابن الأعرابي -: هذا بما تفرد به أهل المدينة)، فهذا أبو سعيد ابن الأعرابي الراوي عن المصنف
(1) وقع هناك حديث في نسخة من رواية ابن داسة وكذلك هو في "تحفة الأشراف"(11/ 225) رقم (16144). وهو كما يلي:
[حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، حدثنا عيسى بن يونس، عن مسعر، عن المقدام بن شريح، عن أبيه قال: قلت: لعائشة: بأي شيء كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك].
وقال المزي: حديث أبى داود في رواية أبى بكر بن داسة ولم يذكره أبو القاسم.
(2)
"فتح الباري"(1/ 357).