الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(33) بَابُ مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ
63 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شيْبَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِي وَغَيْرُهُمْ قَالُوا: حَدَّثنَا أَبُو أُسَامَةَ، عن الْوَليدِ بْنِ كَثِيرٍ،
===
(33)
(بَابُ ما يُنَجِّسُ المَاءَ)(1)
غرض المصنف من عقد هذا الباب بيان الأشياء النجسة التي إذا خالطت الماء تُنَجِّسُه
63 -
(حدثنا محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني، (وعثمان بن أبي شيبة (2)، والحسن بن علي) الخلال (وغيرهم قالوا: حدثنا أبو أسامة) حماد، (عن الوليد بن كثير) المخزومي مولاهم، أبو محمد المدني، ثم الكوفي، وثقه ابن معين وغيره، وقال الآجري عن أبي داود: ثقة إلَّا أنه إباضي، وقال ابن سعد: له علم بالسيرة والمغازي، وله أحاديث وليس بذاك، وقال الساجي: وكان إباضيًا ولكنه كان صدوقًا، وقال في "الخلاصة": وثّقه ابن معين وأبو داود، وقال ابن سعد: ليس بذاك.
وقال السمعاني في "الأنساب"(3): الإباضي، بكسر الألف وفتح الباء
(1) اختلفوا في نجاسة الماء، فقالت الظاهرية والإمام مالك: إنه لا يتنجس ما لم يتغير أحد أوصافه، وقالت الثلاثة: يتنجس القليل بملاقاة النجاسة، ثم اختلفوا في مقدار القليل والكثير، فقال الشافعي وأحمد: بالقلتين، ونحن: بالتحريك، كذا في "الأجز"(1/ 381). وبسط الكلام في "أنوار المحمود"(1/ 29)، وذكر صاحب "السعاية"(1/ 382) فيه خمسة عشر مذهبًا. (ش).
(2)
عثمان بن محمد بن أبي شيبة. (ش).
(3)
(1/ 70).
عن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن عُبَيْدِ اللَّه بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، عن أَبِيهِ قَالَ: "سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَاءِ وَمَا يَنُوُبهُ مِنَ الدَّوَابِّ والسِّبَاعِ ،
===
الموحدة في آخره الضاد المعجمة، هذه النسبة إلى جماعة من الخوارج، وهم أصحاب الحارث الإباضي، ويقال لهذه الفرقة: الحارثية أيضًا. وخالف الإباضية في قوله بالقدر على مذهب المعتزلة وفي دعواه أن الاستطاعة قبل الفعل، وأكفرته الإباضية في ذلك، والإباضية جماعة وفرق مختلفة العقائد يكفر بعضهم بعضًا، انتهى. قلت: ورمي برأي الخوارج، مات سنة 151 هـ.
(عن محمد بن جعفر بن الزبير) بن العوام الأسدي المدني، قال الدارقطني: مدني، ثقة، مات بعد سنة 110 هـ، (عن عبيد الله) مصغرًا (ابن عبد الله بن عمر) وهذا في نسخة، وأما في النسخة المصرية والنسخة المطبوعة الهندية القديمة ففيه: عبد الله مكبرًا، وكلاهما ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فكنية عبد الله أبو عبد الرحمن المدني كان وصي أبيه، وكنية عبيد الله أبو بكر، وهو شقيق سالم، وكلاهما ثقتان، مات عبيد الله سنة ست ومائة، ومات عبد الله سنة 105 هـ.
(عن أبيه) هو عبد الله بن عمر (قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم) السائل غير معلوم (عن الماء) أي عن طهارة الماء ونجاسته الذي يكون في الفلاة كما في بعض الروايات (وما ينوبه)(1) عطف على الماء على سبيل البيان، نحو أعجبني زيد وكرمه. يقال: ناب المكان وأنابه إذا تردد إليه مرة بعد أخرى (من الدواب والسباع) بيان لـ "ما"، قال الخطابي: فيه دليل على أن سؤر
(1) حكى الدارقطني أن ابن المبارك صحّفه "يثوبه" بالثاء المثلثة من ثاب إذا رجع. "ابن رسلان". (ش).
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ". [ن 52، ت 67، جه 517 - 518، ك 1/ 133، قط 1/ 15، دي 731، حم 2/ 12 - 26 - 38]
===
السباع نجس ، والَّا لم يكن لسؤالهم وجوابه بهذا الكلام معنى، أو ذلك لأن المعتاد من السباع إذا وردت المياه أن تخوض فيها وتبول، وربما لا تخلو أعضاؤها من لوث أبوالها ورجيعها، ذكرها الطيبي، والأول مذهبنا، والثاني مذهب الشافعية (1).
(فقال) النبي (صلى الله عليه وسلم: إذا كان الماء قلتين لم يحمل (2) الخبث) قيل: القلة الجرة الكبيرة التي تسع مئتين وخمسين رطلاً بالبغدادية، فالقلتان خمس مئة رطل، وقيل: ست مئة، سُمِّيَتْ بذلك، لأن اليد تُقِلُّها، وقيل: القلة ما يستقلها البعير، أخرجه الخمسة، وفي لفظ ابن ماجه ولفظ أحمد:"لم يُنَجّسْه شيء"، وأخرجه أيضًا الإمام الشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما وقد احتجّا بجميع رواته، وقال ابن منده: إسناد حديث (3) القلتين على شرط مسلم، قاله الشوكاني (4).
(1) والمالكية وعن أحمد روايتان، ففي الحديث مسألتان: سؤر السباع، والحديث يخالفهم، والثانية: مسألة تحديد الماء ولا يخالفنا فيه. (ش).
(2)
جمع ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث"(ص 402) بينه وبين قوله عليه الصلاة والسلام: "الماء لا ينجسه شيء". (ش).
(3)
وأجيب عن حديث القلتين بثمانية أجوبة في "تقرير المشكاة"(لهذا العبد الضعيف) منها: ما في "الهداية": أن أبا داود ضعفه، وأورد بأنه ليس هنا تضعيفه، ووجّه بتوجيهات؛ منها: أنه يفهم التضعيف إذ أورد فيه الروايات المضطربة، وأورد عليه بأنه رفع الاضطراب بقول أبي داود:"هو الصواب"، وقيل: إن النُّسَخَ فيها مختلفة، ولكن الاختلاف في حقنا لا في حق أبي داود، إذ رجح إحداها أيًّا منها، فلا يمكن أن يقال: إن أبا داود ضعفه. (ش).
(4)
انظر: "نيل الأوطار"(1/ 37).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ومداره على الوليد بن كثير فقيل: عنه عن محمد بن جعفر بن الزبير، وقيل: عنه عن محمد بن عباد بن جعفر، وقيل: عنه عن عبيد الله بن عمر، وقيل: عنه عن عبد الله بن عمر، وهذا اضطراب في الإسناد، وقد روي أيضًا بلفظ:"إذا كان الماء قدر قلتين أو ثلاث لم ينجس" كما في رواية لأحمد والدارقطني، وبلفظ:"إذا بلغ الماء قلة، فإنه لا يحمل الخبث"، كما في رواية للدارقطني وابن عدي والعقيلي، وبلفظ:"أربعين قلة" عند الدارقطني، وهذا اضطراب في المتن.
وقد أجيب عن دعوى الاضطراب في الإسناد بأنه على تقدير أن يكون محفوظاً من جميع تلك الطرق لا يعد اضطرابًا، لأنه انتقال من ثقة إلى ثقة، قال الحافظ: وعند التحقيق أنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عمر مكبرًا، وعن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عمر مصغرًا، ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم. وعن دعوى الاضطراب في المتن بأن رواية "أو ثلاث" شاذة ورواية "أربعين قلة" مضطربة. وأيضًا ضعفها الدارقطني (1) بالقاسم بن عبد الله العمري.
قلت: الجواب عن الاضطراب في الإسناد غير صحيح، فإن الاضطراب في الإسناد يكون بالمخالفة بإبدال الراوي، ولا مرجح لإحدى الروايتين على الأخرى، وإنما كان الاضطراب موجبًا لضعف الحديث لإشعاره بعدم ضبط الراوي، فالجواب عنه بأنه انتقال من ثقة إلى ثقة لا يدفع الاضطراب بل يؤكده.
وكذلك لو قيل في الجواب بأن الوليد بن كثير يحتمل أن يكون روى
عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عمر، ويحتمل أن يكون روى
(1) انظر: "سنن الدارقطني"(1/ 6).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عمر، فروى عنهما، فهذا لا يفيد أيضًا في دفع الاضطراب، فإن الاحتمال لا يؤثر فيه ولا يغني عنه شيئًا، ألا ترى أن الترمذي قال في "سننه" (1) في حديث زيد بن أرقم: وحديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب، فحكم بالاضطراب في إسناده مع أنه قال في آخره: قال أبو عيسى: سألت محمدًا عن هذا، فقال: يحتمل أن يكون قتادة روى عنهما جميعًا، فمع نقل الاحتمال عن شيخه لم يتوجه إليه، ولم يمتنع عن حكمه بالاضطراب في إسناده.
وقد اختلف الحفاظ في هذا الاختلاف، فمال المصنف إلى أن حديث محمد بن عباد هو الصواب، كما في بعض النسخ، وفي بعضهما:"الصواب محمد بن جعفر"، وليس في النسخة الأحمدية هذا ولا ذاك، وقال ابن أبي حاتم في "كتاب العلل" عن أبيه أنه قال: والحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير أشبه، ومال الدارقطني إلى الجمع بين الروايتين، وصحح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير وعن محمد بن عباد ابن جعفر جميعًا، واختاره البيهقي، ومشى خلفهما الحافظ ابن حجر، فهذا الاختلاف يؤكد الاضطراب ويقويه.
وأما الجواب عن الاضطراب في المتن فلا يصح أيضًا، فإن زيادة لفظ "أو ثلاث" ليس بشاذ، بل هو زيادة ثقة، وكذا رواية "أربعين قلة" ليس فيها اضطراب، فإنها رويت مرفوعة وموقوفة، فأما المرفوع فهو ما روي عن القاسم بن عبد الله العمري عن محمد بن المنكدر عن جابر، وضَعَّفه الدارقطني بالقاسم، وأما الموقوف فذكر الدارقطني أن الثوري ومعمر بن راشد وروح بن القاسم رووه عن ابن المنكدر عن عبد الله بن عمر موقوفًا.
(1)"سنن الترمذي"(1/ 11).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ثم روى بإسناد صحيح من جهة روح بن القاسم رووه عن ابن المنكدر عن ابن عمر قال: "إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس"، وأخرج رواية سفيان من جهة وكيع وأبي نعيم عنه:"إذا بلغ أربعين قلة لم ينجسه شيء"، وأخرج رواية معمر من جهة عبد الرزاق عن غير واحد عنه، فأخرج عن أبي هريرة من جهة بشر بن السري عن ابن لهيعة قال:"إذا كان الماء قدر أربعين قلة لم يحمل خبثًا".
وأنت تعلم أن الموقوف فيما لا مجال للقياس فيه في حكم المرفوع، فصحت رواية أربعين قلة، وثبت الاضطراب في حديث الباب، ولو سلمنا دفع الاعتراض عن السند والمتن، فاختلاف مقدار القُلَّةِ يمنع عن العمل به.
ولذا قال ابن عبد البر في "التميهد"(1): ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين، مذهب ضعيف من جهة النظر، غير ثابت من جهة الأثر؛ لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم، ولأن القلتين لم يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع.
وقال في "الاستذكار"(2): حديث معلول رده إسماعيل القاضي وتكلم فيه، وقال الطحاوي: إنما لم نقل به، لأن مقدار (3) القلتين لم يثبت، ثم بعد ذلك يعارضه ما ثبت في آثار الصحابة من تنجس البئر بوقوع الحيوان
(1)(1/ 335).
(2)
(2/ 102).
(3)
قال ابن رسلان: قلال هجر كانت معلومة عندهم حتى يضرب بها المثل في الكبير، ولذا ورد في حديث المعراج "مثل قلال هجر": قلت: فما الحاجة إلى تقييده في حديث المعراج، ولو سلم فإذًا يكون أكبر الكبير بحيث يسع عشر قرب كما قال به بعض الشافعية، فلا يكون أقل من عشر في عشر. (ش).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا لَفْظُ ابْن العَلَاءِ، وقَالَ عُثْمَانُ والْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: عن مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بنِ جَعْفرٍ.
===
فيها، ونزح الماء عنها، وقد أخرج الطحاوي (1) وغيره تلك الروايات مفصلة، من شاء فلينظر إليها (2).
(قال أبو داود: هذا لفظ ابن العلاء، وقال عثمان والحسن بن علي: عن محمد بن عباد بن جعفر) معناه: يقول أبو داود: هذا الذي ذكرنا في السند من قوله: "عن محمد بن جعفر بن الزبير" هو لفظ ابن العلاء، وقال عثمان والحسن بن علي على خلاف لفظ ابن العلاء فقالا: عن محمد بن عباد بن جعفر، بدل عن محمد بن جعفر بن الزبير.
وغرضه بيان الاختلاف بين ألفاظ الشيوخ، وهذا الاختلاف ليس مقصورًا على الاختلاف في اللفظ، فإن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر راويان مختلفان، وقد ذكرنا محمد بن جعفر، فأما محمد بن عباد بن جعفر، فهو محمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي المكي، وثّقه ابن معين وأبو زرعة وابن سعد، وقال أبو حاتم: لا بأس بحديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات"(3).
(1)"شرح معاني الآثار"(1/ 11 - 18).
(2)
وفي "عارضة الأحوذي"(1/ 84) في حديث القلتين: مداره على مطعون عليه، أو هو مضطرب، أو موقوف. ثم بسطه أشد البسط، وأجاب عن المالكية في مقابل الحنفية والشافعية معًا، فأرجع إليه.
والجواب اللطيف عن روايات القلتين والبضاعة كلها: أنه ليس في طريق واحد منها أنها كانت موجودة فيها، بل الغرض دفع الوسواس، كما هو من دأب الشرع. "العرف الشذي"(ص 60). (ش).
(3)
(3/ 9).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
===
(قال أبو داود: وهو الصواب) وفي نسخة: والصواب محمد بن جعفر، فعلى النسخة الأولى الضمير يرجع إلى محمد بن عباد بن جعفر، فعند أبي داود على هذه النسخة: الصواب محمد بن عباد بن جعفر، وأما من قال: محمد بن جعفر، فقد وهم. وأما على النسخة الثانية (1) فالصواب عند المؤلف: محمد بن جعفر، فمن قال: محمد بن عباد بن جعفر، فقد وهم، فاختار المؤلف (2) طريق الترجيح.
وبعضهم (3) اختار طريق الجمع فقال في "سنن الدارقطني"(4): قال الشيخ أبو الحسن: فاتفق عثمان بن أبي شيبة، وعبد الله بن الزبير الحميدي، ومحمد بن حسان الأزرق، ويعيش بن الجهم، ومحمد بن عثمان بن كرامة، والحسين بن علي بن الأسود، وأحمد بن عبد الحميد الحارثي، وأحمد بن زكريا بن سفيان الواسطي، وعلي بن شعيب، وعلي بن محمد بن أبي الخصيب، وأبو مسعود، ومحمد بن الفضيل البلخي، فرووه عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، وتابعهم الشافعي عن الثقة عنده، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، و [قال] يعقوب بن إبراهيم الدورقي ومن
(1) قلت: وهو أولى إذا كانت الرواية عن عبيد الله مصغرًا، وسيأتي في كلام الحافظ أن المصغر عنه ابن الزبير. (ش).
(2)
وكذا اختار بعض الآخرين طريق الترجيح، فقال أبو حاتم: اختلف فيه على أبي أسامة فقيل عنه: عن محمد بن عباد، وقيل: عن محمد بن جعفر، والحديث لمحمد بن جعفر أشبه، وقال ابن منده: هو الصواب، كذا في "الغاية". (ش).
(3)
منهم الدارقطني والبيهقي والحافظ كما تقدم، والحاكم كما يظهر من كتابه، قال ابن رسلان: قال ابن دقيق العيد: الحديث صحيح على طريقة الفقهاء وإن كان مضطرب الإسناد، فإنه يمكن الجمع بين الروايات. (ش).
(4)
(1/ 17).
64 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثَنَا حَمَّادٌ. (ح): وحَدَّثَنَا أَبُوكَامِلٍ، ثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِي ابْنَ زُريعٍ -؛
===
ذكرنا معه في أول الكتاب: عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير.
فلما اختلف على أبي أسامة في إسناده أحببنا أن نعلم من أتى بالصواب، فنظرنا في ذلك فإذا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير على الوجهين جميعًا، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ثم أتبعه عن محمد بن عباد بن جعفر، فصح القولان جميعًا عن أبي أسامة، وصح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير، وعن محمد بن عباد بن جعفر جميعًا، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه، فكان أبو أسامة مرة يحدث به عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة يحدث به عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر، والله أعلم.
قال الحافظ ابن حجر (1) رحمه الله: وعند التحقيق أنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن [عبد الله بن] عمر المكبر، وعن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن [عبد الله بن] عمر المصغر، ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم.
64 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل قال: ثنا حماد) بن سلمة، (ح: وحدثنا أبو كامل) الجحدري، فضيل بن حسين بن طلحة البصري، ثقة حافظ، ابن أخي كامل بن طلحة، وأوثق منه، مات سنة 237 هـ، (ثنا يزيد -يعني ابن زريع -) بتقديم الزاي على الراء مصغرًا، أبو معاوية البصري، ثقة ثبت، مات سنة 182 هـ
(1)"التلخيص الحبير"(1/ 24).
عن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ - قَالَ أَبُو كَامِلٍ: ابْنُ الزُّبَيْر -، عن عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، عن أَبِيهِ: أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الْمَاءِ يَكُونُ في الْفَلَاةِ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. [انظر الحديث السابق]
===
(عن محمد بن إسحاق) بن يسار، (عن محمد بن جعفر) بن الزبير، (قال أبو كامل: ابن الزبير) غرض المصنف بهذا الكلام أن شيخه موسى بن إسماعيل قال: محمد بن جعفر ولم يزد عليه شيئًا (1)، وأما شيخه أبو كامل فزاد في روايته بعد لفظة محمد بن جعفر صفة له، فقال: محمد بن جعفر بن الزبير، ثم اتفقا فقالا: عن عبيد الله إلى آخر السند.
(عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه) عبد الله: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء يكون في الفلاة، فذكر معناه) غرضه بإيراد هذه الرواية تقوية رواية وليد بن كثير برواية محمد بن إسحاق، وأنت تعلم أن الوليد بن كثير خارجي إباضي، ومحمد بن إسحاق اختلف في جرحه وتعديله، حتى قال بعض الأئمة فيه: إنه كذّاب، ودجّال، فما لا يكون قويًّا بنفسه لا يقوي غيره، فلا يبلغ درجة الصحة (2)، والغرض الثاني زيادة لفظ قوله:"يكون في الفلاة"، فإن هذا اللفظ ليس في رواية الوليد بن كثير، وبيان أن هذه الرواية موافقة لرواية وليد بن كثير في المعنى.
(1) فكان محتملاً، لأن تكون النسبة إلى الجد، ويكون المراد محمد بن عباد بن جعفر كما تقدم، فتأمل. (ش).
(2)
قال العلامة اللكهنوي في "إمام الكلام"(ص 280): إنه إن كان متكلمًا فيه من جانب كثير من العلماء، لكن جروحهم لها محامل صحيحة، قد يعارضها تعديل جمع من ثقات الأمة، ولذا صرح جمع من النقاد بأن حديثه لا ينحط عن درجة الحسن، بل صححه بعض أهل الاستناد
…
إلخ، وقد مر عليه الكلام سابقًا (ص 189).
65 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ: أنَا عَاصِمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بْن عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَنْجَسُ". [ق 1/ 262، جه 518، حم 2/ 23 - 107]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَقَفَهُ عَنْ عَاصِمٍ.
===
65 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أنا عاصم بن المنذر) بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، قال أبو زرعة: ثقة، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البزار: ليس به بأس، حدث بحديث واحد في القلتين، قال: ولا نعلمه حدث بغيره ولا روى عنه غير الحمادين.
(عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال: حدثني أبي) عبد الله (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس) وهذا اللفظ صريح في عدم تنجس الماء بملاقاة النجاسة إذا كان الماء قلتين، فبناءً على هذا يمكن أن يرد تأويل صاحب "الهداية" أنه يضعف عن تحمل النجاسة، ويمكن أن يجاب عن هذا الإيراد بأنه يحتمل أن يكون هذا اللفظ أورده الراوي حسب ما فهمه، ورواه بالمعنى الذي فهمه، وفهمه ليس بحجة فلا يكون حجة.
(قال أبو داود: حماد بن زيد وقفه عن عاصم) هذه العبارة موجودة في النسخة المجتبائية الدهلوية والمصرية، وأما في النسخة المطبوعة القديمة والمكتوبة الأحمدية فلم توجد فيهما، ولكن قال الدارقطني (1) بعد ما أخرج رواية محمد بن إسحاق وذكر رواية عاصم بن المنذر الذي حدث به
(1)"سنن الدارقطني"(1/ 22).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
حماد بن سلمة: وخالفه حماد بن زيد فرواه عن عاصم بن المنذر عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه موقوفًا غير مرفوع، وكذلك رواه إسماعيل بن علية [عن عاصم بن المنذر] عن رجل لم يسمه عن ابن عمر موقوفًا أيضًا، انتهى. فعُلِم بهذا أن هذه العبارة الموجودة في بعض النسخ معناها صحيح.
وحاصل المعنى: أن عاصم بن المنذر روى عنه حماد بن سلمة وحماد بن زيد هذا الحديث، فرفعه حماد بن سلمة، ووقفه حماد بن زيد، فاختلف الحمادان في رفعه ووقفه، والدارقطني قوى الرواية الموقوفة برواية إسماعيل بن علية، فالظاهر أن كونه موقوفًا أقوى من المرفوع، فالعجب من الذين يحكمون على هذا الحديث بالصحة من المحدثين، كيف يحكمون عليه بكونه صحيحًا على خلاف أصولهم؟ فإن الصحة درجة رفيعة لا يبلغها، إلَّا بعد تحقق جميع أجزائها وشروطها، وهو بعد في حيز المنع، كما سبقت الإشارة إليه، ولو سُلّم فكم من حديث بلغ درجة الصحة لا يكون موجباً للعمل، إلَّا بعد ارتفاع الموانع، مثلًا لو كان الحديث منسوخًا أو مجملًا وإن كان صحيحًا لا يوجب العمل.
ووجه مناسبة الحديث بترجمة الباب بأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء وعما ينوبه من الدواب والسباع، فهذا يدل على أن دخول الدواب في الماء يُنَجّسُه، لأنها تبول فيه غالبًا، وأيضًا تكون أكارعها ملطخةً بالبول، وكذلك السباع إذا وردت الماء وشربت فسؤرها نجس ، فدل هذا الحديث أن هذه تُنَجِّسُ الماء، فإنه ورد السؤال عنها، وخرج عن جوابه صلى الله عليه وسلم بطريق المفهوم أن الماء إذا خالطه هذه الأشياء وكان أقل من قلتين ينجس ، والله أعلم بالصواب.