الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى عن فاتك بن فضالة، وعنه مروان بن معاوية الفزاري، روى له الترمذي، ذكره أبو إسحاق الصريفيني وغيره ولم يبنه عليه المزي.
2245 - (ع) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد اللَّه الكوفي. من ثور بن عبد مناة، وقيل: إنه من ثور همدان، والصحيح الأول
(1)
ذكر الحافظ أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني، في كتابه المسمى بـ "الأقران" أنه ورى عن: حماد بن سلمة بن دينار، وهشيم بن بشير الواسطي، ومسلم بن خالد الزنجي، وأبي حنيفة النعمان بن ثابت، وقيس بن الربيع، وأبي بكر بن عياش، وأبي إسحاق الفزاري، إبراهيم بن محمد، وحماد بن زيد، وشعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد القطان، ومعمر بن راشد، وإسماعيل بن عياش، وجعفر بن سليمان الضبعي، والحسن بن عمارة.
روى عنه: جعفر بن محمد الصادق، وهشيم بن بشير، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وحماد بن زيد، وإسماعيل بن عياش.
وقال الحاكم في "تاريخ نيسابور": هو إمام عصره في: الحديث، والفقه، والزهد، كان أزهد أهل زمانه، وأورعهم، وأكثرهم اجتهادا وجهادا، وقد اشتهر سماعه من جماعة من التابعين، ومن روى عنه من أئمة المسلمين فأغنى عن ذكره هنا ورد نيسابور عند توجهه إلى بخارى في طلب ميراث لأبي إسحاق السبيعي وهو غلام حين نفل وجهه وفي لفظ، وهو ابن ثماني عشرة سنة فسمع منه نفر من أهل نيسابور ونواحيها، واستفتوه في مسائل كثيرة، منهم: عمر، ومبشر، ومسعود، والجارود بن يزيد، والنضر بن محمد النسفي، وعبد الوهاب بن حبيب، وأخوه الحكم العبديان، والحسين بن الوليد، وحفص بن عبد الرحمن، وخالد بن سليمان الأزدي، وعبد الصمد بن حسان خادمه، وأبو زنبور الذي تنسب إليه السكة، وقديد بن إبراهيم الضبي، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مليحة النيسابوري.
(1)
انظر: تهذيب الكمال 1/ 512، تهذيب التهذيب 4/ 11، تقريب التهذيب 1/ 311، خلاصة تهذيب الكمال 1/ 396، الكاشف 1/ 378، تاريخ البخاري الكبير 4/ 92، تاريخ البخاري الصغير 2/ 151، 154، الجرح والتعديل 4/ 972، ميزان الاعتدال 2/ 169، لسان الميزان 7/ 233، الوافي بالوفيات 15/ 278، سير الأعلام 7/ 229، طبقات ابن سعد 6/ 334 - 7/ 328 - 839، الحلية 6/ 7، طبقات الحفاظ 88، نسيم الرياض 4/ 337، ديوان الإسلام 1103، الثقات 6/ 401.
وزعم المزي أن ابن سعد ذكر وفاته، ثم ذكر مولده من عند العجلي وكأنه ما رأى الكتابين حالة تصنيفه إنما تبع صاحب الكمال في ذلك إذ لو رآهما لوجد ابن سعد ذكر مولده سنة سبع وتسعين كما ذكره العجلي ولوجده يقول: كان ثقة ثبتًا مأمونًا كثير الحديث حجة.
وعن سفيان قال: كان أبي إذا راَني وما آخذ فيه من الحديث لا يعجبه، قال: وكانوا يرون أن سفيان أخذ مرة من بعض الولاة صلة، ثم ترك ذلك بعد فلم يقبل من أحد شيئًا.
ولوجد في "كتاب العجلي": سفيان بن سعيد، كوفي ثقة، رجل صالح، زاهد، فقيه، صاحب سنة واتباع، لم يخالفه أحد إلا كان القول قول سفيان وهو أفقه من ابن عيينة.
قال بعض الكوفيين: ما زلنا نسمع السائل يسأل عن منزل سفيان؛ يعني: للفتيا.
قال العجلي: وكان عابدًا ثبتًا، وأخوه عمر، وكان يفضل على سفيان.
وتوفي سفيان سنة ستين ومائة، وهو ابن ثلاث وستين في شعبان، ويقال: مات سنة تسع وخمسين، وكان من أقول الناس بكلمة شديدة عند سلطان يُتقى، دخل على المهدي، فقال له: كيف أنتم أبا عبد اللَّه؟ ثم جلس، فقال: حج عمر بن الخطاب فأنفق في حجته ستة عشر دينارًا وأنت حججت فأنفقت في حجتك بيوت الأموال.
قال: فأيش تريد أكون مثلك؟ !
قال: فوق ما أنا فيه ودون ما أنت فيه، فقال وزيره أبو عبد اللَّه: يا أبا عبد اللَّه، قد كانت كتبك تأتينا فننفذها.
قال: من هذا؟
قال: أبو عبد اللَّه وزيري.
قال: احذره، فإنه كذاب، أنا كتبت إليك؟
ثم قام فقال له المهدي: أين أبا عبد اللَّه؟
قال: أعود، وكان قد ترك نعله حين قام فعاد فأخذها، ثم مضى فانتظره، ثم قعد، فقال: وعدنا أن يعود فلم يعد، قيل: إنه عاد لأخذ نعله فغضب.
وقال: قد أمن الناس؛ إلا سفيان بن سعيد.
ويقال: إن سفيان ما رئي مثله، وكان ممرورًا لا يخالطه شيء من البلغم، لا يسمع
شيئًا إلا حفظه حتى كان يخاف عليه الجذام، سمع شريكًا يقرأ على سالم الأفطس مائة حديث فحفظها كلها، وكانت بضاعته ألفي درهم عند حمزة بن المغيرة.
وقال ابن أبي ذئب: ما رأيت رجلا أشبه بالتابعين من سفيان، وأحسن إسناد الكوفيين: الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه.
وألقى أبو إسحاق الفزاري فريضة فلم يصنعوا فيها شيئًا، فقال: لو كان الغلام الثوري هنا فصلها الساعة فلما أقبل سفيان سأله عنها، فقال: أنت أول حدثتنا بكذا والأعمش حدثنا بكذا.
قال أبو إسحاق: كيف ترون ما أسرع ما فصلها ألا تكونوا مثله، وكان له ولد فلم يزل يدعو عليه حتى مات انتهى كلامه العجلي، وإن كنت قد تركت منه شيئًا لا يليق بهذا المختصر.
وذكر أبو القاسم البلخي أن يحيى، قال: قال سفيان لمبارك بن سعيد: يا خالي؛ خالي سفيان لم يكن عنده من العلم ما يستحق هذه الشهرة إلا أن يكون شيئًا كان في قلبه، قال يحيى: ومرسلاته شبه الريح.
وقال سفيان بن عيينة: من يزعم أن سفيان بن سعيد لم يأخذ من السلطان أنا أخذت له منهم، وقال حفص بن غياث: رأيته يشرب النبيذ حتى يحمر وجهه.
وقال الكرابيسي: أخطأ في عدة أحاديث.
وقال ابن القطان: ويقال: إنه من ثور تميم، وهو أحد الأئمة في الفقه والحديث وأحد المقدمين في الزهد.
وقال أبو حيان في كتاب "البصائر والذخائر": كان يحيى بن خالد يجري على سفيان كل شهر ألف درهم فسمع يومًا يقول في سجوده: اللهم إن يحيى كفاني أمر دنياي، فاكفه أمر آخرته؛ فرئي في النوم بعد موته فسئل، فقال: غفر لي ربي بدعاء سفيان.
وقال ابن حبان: سفيان بن سعيد بن مسروق بن حمزة بن حبيب بن عبد اللَّه بن موهب بن منقذ بن نصر بن الحكم بن الحارث بن مالك بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طانجة، وله ثلاثة إخوة: جيب، والمبارك، وعمر، وكان سفيان من سادات الناس فقهًا، وورعًا، وإتقائا شمائله في الصلاح والورع أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في ذكرها، وكان مولده سنة خمس وتسعين في إمارة سليمان بن عبد الملك
فلما قعد بنو العباس راوده المنصور أن يلي الحكم فأبى وخرج إلى الكوفة هاربًا للنصف من ذي القعدة سنة خمس وخمسين، ثم لم يرجع إليها حتى مات بالبصرة في دار ابن مهدي في شعبان سنة إحدى وستين، وقبره في مقبرة بني كليب وقد زرته وكان قد أوصى إلى عمار بن سيف بكتبه أن يمحوها ويدفنها وليس له عقب.
وفي "تاريخ البخاري": قال لنا عبدان عن ابن المبارك كنت إذا شئت رأيت سفيان مصليًا، وإذا شئت رأيته محدثًا، وإذا شئت رأيته في غامض الفقه.
وقال لي أحمد: ثنا موسى بن داود: سمعت سفيان يقول سنة ثمان وخمسين: لي إحدى وستون سنة، وخرج من الكوفة سنة أربع وخمسين.
وفي "كتاب ابن أبي حاتم": ولد بأثير.
أنبا أبو العباس بن الوليد، أخبرني أبي، عن الأوزاعي، أنه ذكر العلماء وزهادهم، فقال: لم يبق منهم يجتمع عليه العامة بالرضا والصحة؛ إلا ما كان من رجل واحد بالكوفة.
قال العباس: يعني: الثوري.
وقال زائدة: كان أعلم الناس في أنفسنا.
وقال حماد بن أبي سليمان لسفيان، وكان يأتيه إن هذا الفتى مصطنعا ما بالعراق أحد يحفظ الحديث إلا الثوري، وما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام منه وأنا من غلمانه، وكان وهيب يقدمه في الحفظ على مالك.
وقال عبد الرحمن بن الحكم: ما سمعت بعد التابعين بمثل سفيان.
وقال ابن مهدي: أئمة الناس في زمانهم أربعة، فبدأ بالثوري.
وقال الوليد بن مسلم: رأيته بمكة يُستفتى ولما يخط وجهه بعد، وكان يقول: سلوني عن المناسك والقرآن، فإنني بهما عالم، وقيل لمعاذ بن معاذ: أي أصحاب أبي إسحاق أثبت؟
فقال: شعبة، وسفيان، ثم سكت.
وقال أحمد بن حنبل: سفيان أحفظ للإسناد، وأسماء الرجال من شعبة، وهو أحب إلي في حديثه عن الأعمش من شعبة.
وقال أبو حاتم: هو أحفظ أصحاب الأعمش وهو ثقة حافظ زاهد إمام أهل العراق وأتقن أصحاب أبي إسحاق وهو أحفظ من شعبة وإذا اختلف الثوري وشعبة فالثوري
أحفظ وهو أحب الناس إلي في إسماعيل بن أبي حكيم. وقال يحيى بن معين: لم يكن أحد أعلم بحديث منصور منه ولا أعلم بحديث أبي إسحاق والأعمش منه.
وقال أبو زرعة: أثبت أصحاب أبي: إسحاق الثوري، وشعبة، وإسرائيل.
ومن بينهم: الثوري، أحب إلي، كان أحفظ من شعبة في إسناد الحديث وفي متنه.
وذكر المنتجيلي: أنه ولد بدَسْتبا قرية من قرى الري، ومات سنة تسع وخمسين ومائة، وله أربع وستون سنة، وقيل: مات سنة إحدى وستين في أولها، ودفن بين العشاء والعتمة.
وقال الفريابي: نزل على عجوز في الحي من بني تميم فمات عندها.
وقال يحيى بن معين: يكتب حديثه ورأيه، كان سفيان إماما يقتدى به.
وقال ابن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: أيما أحب إليك رأي سفيان أو رأي مالك؟
قال سفيان: لا شك في هذا، سفيان فوق مالك في كل شيء.
وقال هشام بن يوسف القاضي وذكر سفيان، فقال: من الناس من يقطع ولا يخيط، ومنهم من يخيط ويقطع، وكان سفيان ممن يخيط ويقطع.
وقال حماد بن زيد: قال لي سفيان بن سعيد: ربما تحركت الفأرة، فأقول: قد جاءوا يطلبوني، فقلت: لو طلبت الأمان من القوم أمنوك، قال: إني سأكتب.
فكتب: من سفيان بن سعيد إلى محمد بن عبد اللَّه -يعني: - المهدي، قال: فقلت: تبدأ باسمك، فقال: ألم يكتب العلاء بن الحضرمي للنبي صلى الله عليه وسلم فبدأ باسمه فكتب فلم يكتب أمير المؤمنين، فقال: وأمير المؤمنين هو؟ دعوني ما بيني وبين الظهر أفكر، قال: فحم من يومه وكان موته فيه.
وقال أبو أسامة: لقيت يزيد بن إبراهيم التستري صبيحة الليلة التي مات فيها سفيان، فقال لي: قيل لي في منامي: الليلة مات أمير المؤمنين، فقلت: ردًا علي فقيل لي في المنام: مات الثوري، فقلت له: قد مات الليلة ولم يكن علم.
وقال ابن اليمان: ما رأيت مثله ولا رأى مثل نفسه أقبلت الدنيا عليه فصرف وجهه عنها، وقد أتعب القراء بعده.
وقال علي بن ثابت: قومت كل شيء على سفيان في طريق مكة بدرهم وأربعة دوانيق، وما رأيته في صدر مجلسه قط إنما كان يقعد إلى جنب الحائط، ويجمع ما بين
ركبتيه، ولو رأيته ومعك فلس، وأنت لا تعرفه لظننت أنه لا يمتنع أن تضعه في كفه.
وقال أبو بكر ابن عياش: إني لأرى الرجل قد صحب سفيان فيعظم في عيني ولما أتى الرملة، أرسل إليه إبراهيم بن أدهم تعال فحدثنا، فقيل له: فقال: أردت أن انظر تواضعه فجاء فحدثه.
وقال قتيبة: لما مات الثوري؛ مات الورع، ومرض مرة، ثم نقه فاختبر حفظه فبلغ خمسة وعشرين ألفا، وقيل له: ما لك لم تدخل إلى الزهري، فقال: لم يكن لي دراهم.
وقال المثنى بن الصباح: هو عالم الأمة وعابدها، وقال ابن المبارك: لم يكن في زمنه أحد أعلم منه.
وقال مالك: كانت العراق تجيش علينا بالدراهم والثياب، ثم صارت تجيش علينا بالعلم منذ جاء سفيان وقد فارقني على أن لا يشرب النبيذ.
ولما مات مسعر لم يشهده سفيان؛ لأنه كان ينسب إلى الإرجاء، وكان سفيان يتشيع فلما لقي أيوب وابن عون بالبصرة ترك التشيع. انتهى كلامه. وفيه نظر لما ذكره الآجري، عن أبي داود: إنما سمع يزيد وابن علية من سفيان الثوري حين قدم البصرة على يونس ولم يلق سفيان وأيوب بالبصرة قدم سفيان البصرة بعد موت أيوب وإنما لقي أيوب بمكة.
وقال وكيع: ما زال الناس يخالطون السلطان ولا يعتبونهم بذلك حتى جاء سفيان.
وقال أحمد الزبيري: لقد رأيت منادي المهدي ينادي على الثوري، وإنه لفي الطوارف ما يرى، وخلف لما مات ثلاث مائة دينار جعل ماله كله لأخته ولم يورث المبارك أخاه شيئًا.
وقال أبو إسحاق الفزاري: لو خيرت لهذه الأمة لما اخترت لها إلا سفيان.
وقال ابن عيينة: متجنبو السلطان في زمانهم ثلاثة: أبو ذر في زمانه، وطاوس في زمانه، وسفيان في زمانه، وكان عمر بن ذر يؤذي سفيان ويلقبه البقري.
وقال أبو داود: قال سفيان: ما رأيت على الجمل وصفين فضيلة.
وكان يقول: إذا مر بك المهدي، وأنت في البيت فلا تخرج إليه حتى يجتمع عليه الناس وذكر صفين، فقال: ما أدري أخطئوا أم أصابوا، وكان لسفيان ثلاثة عشر قمطرًا ورئي معه خرج عن ابن جريج، وأصحاب سفيان فيما ذكره يحيى وأحمد: يحيى، وعبد الرحمن، ووكيع، وأبو نعيم، وابن المبارك، والأشجعي، وولد سفيان سنة
خمس وتسعين.
وقيل لأبي داود: مراسيل الثوري؟ قال: لا شيء لو كان عنده شيء لصاح به.
قال أبو داود: وولد سفيان بقزوين.
وفي كتاب "الجرح والتعديل" لأبي الوليد: عن عبد الرزاق، قال مالك بن أنس: سفيان بن سعيد ثقة.
وقال ابن المبارك: جاء عاصم بن أبي النجود إلى سفيان يستفتيه، ويقول: يا سفيان؛ أتيتنا صغيرًا، وأتيناك كبيرًا.
وقال البخاري: سمعت علي بن عبد اللَّه يقول: كان بين مالك والثوري حسن فلما رآه يكتب عن كل أحد جفاه، وسئل سفيان: هل رأيت ابن أشوع؟
قال: لا.
قيل: فمحارب، قال: وأنا غليم رأيته يقضي في المسجد، ولما قدم ابن المنكدر الكوفة لم أعقله.
وقال عبد الرزاق: بات عندنا الثوري ليلة فسمعته قرأ القرآن من الليل، ثم قام يصلي، ثم قعد فجعل يقول: الأعمش والأعمش والأعمش، ومنصور ومنصور ومنصور، ومغيرة ومغيرة ومغيرة، فقلت: أبا عبد اللَّه ما هذا؟ !
قال: هذا حزبي من الصلاة، وهذا حزبي من الحديث، وقال بشر بن الحارث: سمعت ابن داود، يقول: ما رأيت أفقه من سفيان، وذكره في الحديث يزين الحديث.
وقال ابن عيينة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان في زمانه.
وقال يزيد بن أبي حكيم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول اللَّه؛ حدثنا عنك رجل صالح سفيان بن سعيد في مسراك، فقال: نعم، هو رجل صالح.
وقال قبيصة: رأيته في النوم، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ فقال
(1)
: [الطويل]
نظرت إلى ربي كفاحًا
…
وقال هنيئًا رضاي عنك يا ابن سعيد
لقد كنت قوامًا إذا أظلم الدجى
…
بعبرة مشتاق وقلب عميد
(1)
انظر: التاريخ الكبير للبخاري 4/ 91، الثقات لابن حبان 4/ 319، الجرح والتعديل 4/ 221، تهذيب الكمال 11/ 148، تهذيب التهذيب 4/ 98.
فدونك فاختر أي قصر أردته
…
وزرني فإني منك غير بعيد
وفي "سؤالات الميموني": قال ابن المغيرة الكندي ينشد:
طلب على الوحدة نفسا
…
وارض بالعزلة أنسا
لم أجد خلا يساوي لي
…
على الخيرة فلسا
وقال ابن زبر: ولد سنة ست وتسعين.
وقال النسائي: هو أجل من أن يقال فيه ثقة، وهو أحد الأئمة الذين أرجو أن يكون اللَّه تعالى ممن جعله للمتقين إماما.
وقال اللالكائي: أجمع الحفاظ إن أثبت الناس في ابن إسحاق، ومنصور، والأعمش: سفيان، وهو إمام من أئمة المسلمين، وحبر من أحبارهم، مجمع على إمامتهم، وله من الفضل ما يستغنى به عن التزكية في الحفظ، والإتقان، والتثبت رحمه الله.
وقال الفلاس: أصحاب الثوري الأثبات المعروفون: يحيى بن سعيد، وهو أثبتهم، وابن مهدي، ووكيع وهو: من أحسنهم عنه حديثا، وأبو نعيم رابع القوم، والأشجعي أرواهم وأكثرهم رواية وهو متقدم الموت.
وهؤلاء الأربعة أعلم بالحديث من الأشجعي، والناس بعد هؤلاء في سفيان متقاربون: أبو أحمد الزبيري، وأبو عاصم مقدمان بعد هؤلاء، الفريابي، وقبيصة، وعبد الرزاق، ومحمد بن كثير، ونائل، ونحوهم متقاربون فيه، وهم أهل صدق، وأبو حذيفة لا يحدث عنه من تبصر الحديث، وهو صدوق، وعبد اللَّه بن رجاء: صدوق، كثير الغلط، والتصحيف ليس بحجة.
وذكر مسلم بن الحجاج في كتابه "أشياخ سفيان": روى عن: محمد بن عبد اللَّه بن أبي عون، وأبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة، ومحمد بن عبد الرحمن بن زرارة الأنصاري، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد القاري مديني كذا سماه سفيان وهو عندي عبد الرحمن بن محمد، ومحمد بن جحادة، ومحمد أبو عمرو الملائي والد أسباط بن محمد، ومحمد بن قيس الأسدي الكوفي، ومحمد بن قيس المرهبي، ومحمد بن سوقة كوفي، ومحمد بن أبي الجعد كوفي، ومحمد بن عبد اللَّه بن أفلح مكي، ومحمد بن سالم كوفي؛ يكنى: أبا سهل، ومحمد بن مسلم الطائفي، وهو غير أبي الزبير، ومحمد بن زيد عن سعيد بن جبير، ومحمد بن السائب الكلبي كوفي؛
يكنى: أبا هشام، ومحمد بن سعيد المصلوب، ومحمد بن خالد الضبي أبو خبينة، ويقال أيضًا: أبو يحيى، ومحمد بن جابر اليمامي، وعبد اللَّه بن شريك العامري كوفي، وعبد اللَّه بن بشر الخثعمي كوفي، وعبد اللَّه بن أبي السفر سعيد بن يحمد، وعبد اللَّه بن حسين كوفي، وعبد اللَّه بن محمد ابن زياد بن حدير كوفي، وعبد اللَّه بن أبي محزورة مكي، وعبد اللَّه بن يزيد الهزلي مديني، وعبد اللَّه ابن مسلم بن هرمز المكي، وعبد اللَّه بن خالد كوفي، وعبد اللَّه بن ربعي التميمي، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن كنيته أبو نصر كوفي، وعبد اللَّه بن حميد العنزي، وعبد اللَّه بن محمد بن حفص بن عاصم؛ يكنى: أبا عبد الرحمن مديني، وعبد اللَّه ابن مؤمل المخزومي مكي، وعبيد اللَّه بن موهب مديني، وعبيد اللَّه ابن الوليد الرصافي كوفي، وعبد الرحمن بن الأصم كان يسكن المدائن، وعبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث الزرقي مديني، وعبد الرحمن بن حرملة؛ يكنى: أبا حرملة مديني، وعبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس الثقفي كوفي، وعبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه ابن عتبة بن عبد اللَّه بن مسعود، وعبد الرحمن بن أبي الموالي مدني، وعبد العزيز بن حكيم الحضرمي، وعبد العزيز بن قرير بصري، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وعبد العزيز بن أبي رواد، وعبد الملك بن أعين كوفي، وعبد الملك بن سعيد بن حيان بن الأبجر، وعبد الكريم بن أبي المخارق، وعبد الوارث بن سعيد التنوري، وعبد الحميد بن أبي رأفع، وعبد الحميد بن أبي يزيد، وعبد الحكيم بن عبد اللَّه بن أبي فروة، وعبيد بن عبيده بصري، وإبراهيم بن محمد بن حاطب الجمحي، وإبراهيم بن عامر بن مسعود الجمحي، وإبراهيم بن أبي حفصة، وإبراهيم بن مسلم الهجري، وإبراهيم بن عبد اللَّه بن عبد القاري، وإبراهيم بن نافع المكي، وإبراهيم العقيلي، وإسماعيل ابن عبد اللَّه بن أبي ربيعة المديني، وإسماعيل بن مسلم، وإسماعيل بن أبي إسحاق؛ يكنى: أبا إسرائيل الملائي، وإسحاق بن أبي إسحاق الملائي، وإسحاق ابن شرقي مولى لعمر بن الخطاب، وإسحاق بن المغيرة، ويقال له: ابن أبي نباتة، وآدم بن سليمان مولى خالد بن خالد بن عميرة، وآدم بن علي البكري، ويعقوب بن القعقاع من أهل مرو، ويعقوب العجلي كوفي، ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح، ويعقوب بن مجمع مديني، وإسحاق ابن أبي هند، وسليمان ابن أبي مسلم الأحول، وسليمان بن طرخان التيمي، وسليمان ابن فيروز، وسليمان بن أبي المغيرة، وسليمان بن سوية، وسليمان بن بشير، وسليمان بن
قسيم، وزكريا بن أبي زائدة، وزكريا رجل لقيه بالري، ويحيى بن سعيد بن حبان، ويحيى بن سلمة الهمداني، ويحيى بن دنيار الرماني، ويحيى بن قيس الكوفي، ويحيى بن أبى صالح كوفي، ويحيى بن غسان كوفي، ويحيى بن عبد اللَّه الجابر، ويحيى بن أبي حية، ويحيى بن أبي سليم الواسطي، ويحيى بن عبد اللَّه الأجلح مكي، ويونس بن عبد اللَّه الجرمي، ويونس بن حباب كوفي، وموسى بن أبي عثمان كوفي، وموسى بن عبد اللَّه الجهني، وموسى بن سالم بصري، وموسى بن أبي كثير الواسطي، وموسى ابن المسيب الثقفي، وعيسى بن المغيرة الحزامي، وعيسى الأنصاري عن أنس، وعيسى ابن أبي عيسى موسى الخياط، وأيوب بن مجمع كوفي، وأيوب بن عائذ الطائي، كوفي، وعلي بن أبي الحسن عن عبد اللَّه بن معقل، وعلي بن عبيد اللَّه الغطفاني، وعلي بن أبي طلحة، وحسن بن يزيد أبي بشر القوي، وحسن التميمي، عن أبي معشر، وحميد بن عبد اللَّه الكندي، وحميد بن أبي عتبة كوفي، وحجاج بن أرطاة، وخالد بن علقمة الهمداني، كوفي، وخالد بن دينار النيلي، وخالد الأعور الكومي، وخالد بن أبي عمرو طهمان، وخالد بن يزيد، وخالد ابن أبي كريمة، وعمرو بن أبي سفيان الجمحي، وعمرو بن عمرو أبي الزعراء الجشمي، وعمرو بن عمران النهدي، وعمرو بن عثمان بن موهب، وعمرو بن مسلم، وعمرو بن عبيد بن ثابت البصري، وعمر بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي المقرئ، وعمر بن قيس الماصر، وعمر بن أيوب البجلي، وعمر الأنصاري كوفي، وعمر بن شبة القارظي، وعمر بن عطية الكوفي، وعمر بن بشير، وعمر بن راشد، وعمران بن أبي عطاء القصاب، واسطي، وعمران بن ظبيان، وعمران بن عمير كوفي، وعامر بن شقيق بن حمزة، وعامر بن السميط، وعروة ابن عبد اللَّه بن بشير الجعفي، وعروة بن الحارث أبي فروة الهمداني كوفي، وعطاء بن ميسرة الخراساني، وعطاء بن أبي مروان الأسلمي، وعاصم بن سليمان الأحول، وعثمان بن عبد اللَّه بن موهب، وعثمان بن الحارث ختن الشعبي، والعلاء ابن أبي العباس السائب الشاعر، والعلاء بن المسيب بن رافع، وشبيب بن محمد، وعتبة بن عبد اللَّه أبي العميس، وعطية بن الحارث، وعطية بن عبد الرحمن، وليث أبي المشرقي كوفي، ومغيرة بن النعمان، ومغيرة بن مقسم الضبي، ومغيرة بن مسلم السراج، ومغيرة بن زياد، ومصعب بن المثنى أبي المثنى، ومصعب بن محمد، وميمون أبو منصور الجهني، وميمون عن طاوس، ومجمع بن يحيى، ومجمع بن صمعيان
الكوفيين، ومالك بن مغول، ومالك بن أنس، ومسلم ابن أبي مريم، ومسلم بن سالم الجهني، ومسلم بن كيسان الملائي، وهشام بن أبي عبد اللَّه الدستوائي، وهشام بن أبي كليب كوفي،
وطلحة بن عمرو الحضرمي، وطلحة الأعلم كوفي، وبكير بن عامر البجلي، وسعد بن طارق بن أشيم الأشجعي، وسعيد بن عبيد الطائي، وسعيد بن المرزبان أبي سعد البقال، وسعيد بن عبد الرحمن الزبيدي، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي، وسعيد بن صالح الأسدي، وسلمة بن تمام الشقري، وسلمة بن وردان الجندعي، وسالم بن أبي حفصة، وسالم الخياط بصري، وسماك اليماني بن عبيد، وشعبة بن دينار، وطعمة بن عمرو الجعفري، ويوسف بن صهيب كوفي، ويوسف بن يعقوب صنعاني، ويزيد ابن حيان، ويزيد بن خصيفة، ويزيد بن عبد الرحمن ابن أبي خالد الدالاني، ويزيد بن أبي الأزهر، وزياد بن فياض، وزياد مولى مصعب، يقال له: المصفر، وزيد بن طلحة التيمي، وصالح المعلم، وصالح الثوري، وصالح العكلي، وصالح بن مسلم العجلي، وصلت بن بهرام، وصلت بن دينار، وصلت الربعي، وفضيل بن عياض، وقيس بن مسلم بن بشير بن عمرو، والقاسم بن محمد الأسدي، والقاسم بن شريح، وثور الهمداني كوفي، وأشعث بن سوار، والربيع بن قريع، والربيع ابن أبي راشد، والربيع بن المنذر الثوري، وواصل بن سليمان، وواقد بن يعقوب العبدي، وواقد أبي عبد اللَّه مولى زيد، وقدامة بن موسى، وقدامة بن حماطة، وكثير بن زيد، وكثير ابن أبي إسماعيل كوفي، وهارون بن أبي إبراهيم ميمون مولى عثمان ابن المغيرة ابن شعبة، وزهير بن أبي ثابت، وزهير بن مالك أبي الوازغ، وهلال بن حبان، وهلال بن سلمان أبي محلم، وأبان بن عبد اللَّه البجلي، وأبان ابن أبي عياش، وأبي موسى، عن وهب بن منبه، وأبي موسى، عن الشعبي، وأبي بكر الزهري، وأبي بكر بن الضحاك، وأبي حاتم الحنفي، وأبي حاتم، عن الحسن كأنه بصري لا يعرف أسماء هؤلاء، وكذا أبي الأزهر، عن يزيد، عن مذكور، وأبو معاوية، وأبو عبد الرحمن، عن الشعبي، وأبو الأغر، وأبو سليمان، عن وهب، وأبو عامر شيخ لقيه ببخارى، وأبو إسرائيل، عن الحسن، وأبو رجاء الجزري، وأبو محمد من بني نصر، عن ابن عمر، وسرية الربيع بن خثيم، وروى أيضًا عن: عبد ربه بن سعيد، وحسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عباس بن عبد المطلب، وعثيم بن نسطاس، وأفلح بن حميد، وأيمن بن
نابل، وسيف بن أبي سليمان مكي، والسائب بن عمرو، وزمعة بن صالح، وأحنف الهلالي أبي بحر، وعون بن أبي جحيفة، ومهاجر أبي الحسين، وشوذب أبي معاذ، وحطان بن خفاف الجرمي، ومعن ابن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، ومسعود بن مالك، ووهب بن عقبة البكائي، ومرزوق بن بكير، ومجاهد بن رومي، ومحل بن محرز، وجميل بن زيد، والقعقاع بن يزيد، ووائل بن داود، والنعمان بن قيس، ورديني بن مخلد، وطلق بن معاوية النخعي، وسفيان بن زياد العصفري، وحيان صاحب الأنماط، والجعد بن ذكوان، وفرقد أبي الربيع الكوفي، وهلوات الكوفي، وشيبة بن نعامة، وبشير بن إسماعيل، كنيته: أبو إسماعيل، وعقبة الأسدي، وبسام ابن عبد اللَّه الضبي، وسديد بن حكيم الصيريفي، وزبرقان بن عبد اللَّه الأسدي، وعلوان بن أبي مالك، وسدوس رجل من الحي كوفي، وزاذان بن أبي يحيى القتَّات، وهمام التيمي، وأزهر العطار، وجحش بن زياد، وحريش عن أبيه، وصبيح أبي الجهم، وزفر الكوفي، وناجية المحاربي، ومجالد بن سعيد، وعبيد بن معتب، وعبدة بن حيدا، وجزي الأودي، وسلامة الصيرفي، وسماعة الكوفي، وجحدب بن جَرْعَب، وعقبة الكندي، ومسعر بن كدام، ومطرح أبي المهلب، والسري بن كعب، وعلي أبي الحسن، عن ابن معقل، ودينار أبي عمر البزار، والحارث بن حصيرة، وبكر بن قيس بصري، وعوف بن أبي جميلة رُزَيْنة الأعرابي، وجرير بن حازم الأزدي، وجَلْد بن أيوب، وشداد بن أبي العالية، وطريف بن شهاب، وعباد بن منصور الناجي، وعباد قال: رأيت الحسن، ومحرز البصري، ومبارك ابن حسان، وزويد البصري، وصدقة بن سيار الجزري، ومعقل بن عبيد اللَّه الجزري، وجويبر بن سعيد، والحكم البصري، وجهضم بن عبيد اللَّه الخراساني:
أغفلت من أشياخه حتى لقد
…
جاء بمثل ما ذكرت وأزيدا
ويقول قوم جهلهم
…
متركب لا فرق ما قد قلته وقد أعيدا
وفي "كتاب البغوي": ثنا صالح، ثنا علي، عن يحيى، قال: لم يسمع سفيان من سعيد بن أبي بردة، ولم يلق أبا بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص، ولم يلق حيان بن إياس الأزدي.
قال البغوي: ولم يسمع من يزيد الرقاشي شيئًا بينهما الربيع بن صبيح.
وفي "العلل" لعبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: لم يسمع الثوري من أبي عون إلا
حديثًا واحدًا ولم يسمع من خالد بن سلمة الفأفاء إلا حديثًا واحدًا، ولم يسمع من سلمة بن الكهيل حديث السائبة يضع ماله حيث شاء.
وفي "تاريخ جرجان" لحمزة السهمي: ذكر محمد بن بسام عن الحماني: أن سفيان ولد بجرجان، ثم حمل إلى الكوفة، ثم رجع لما كبر إليها وحدث بها، روى عنه سعدويه "سؤالات".
قال حمزة: ولد بقرية من قرى جرجان، تعرف بالثوريين، تنسب إلى قبيلته.
وفي كتاب "الورع" تأليف الإمام أحمد بن حنبل، ورواية المروذي: سئل سفيان عن الشرب من زمزم، قال: إن وجدت دلوا فأشرب.
وفي كتاب "أخبار النساء المهبرات" لابن الأنباري: قيل لسفيان بن سعيد: ما أحوجك إلى امرأة تأنس بها.
فقال: لا آنس اللَّه بها أبدًا، ثم قال:
يا حبذا الغرفة والمفتاح
…
ومسكن يخرقه الرياح
خال من الورى به براح
…
لا صخب فيه ولا صياح
ما في النساء أنس ومستراح
…
ولا نجاح لا ولا فلاح
بل كل ثقل مجهد مقداح
وذكر الطرطوسي في "فوائده المنتخبة": أن سفيان لما دخل البصرة عند بعض أصحابه وكان لابن المبروك طائر يلعب به فاستوهبه سفيان من أبيه وأطلقه فكان ذلك الطائر يسرح بالنهار ويدخل البيت في الليل مع سفيان إلى أن توفي سفيان، فلما دفن أتى الطائر فقعد على قبره كئيبًا حزينًا، ثم طار فذهب فكان ذلك دأبه كل يوم حتى مات، فعمد صاحبه فدفنه إلى جنب قبر سفيان.
قال الطرطوسي: ولما وقفت أنا على قبر سفيان سنة ثمانين وأربع مائة أروني قبر الطائر صغيرًا في قدر شبر إلى جنب قبر سفيان وهذه الحكاية في كتاب "الأولياء" لابن شاهين.
وقال مسعود عن الحاكم: مذهب سفيان بن سعيد أن يكني المجروحين من المحدثين إذا روى عنهم مثل: بحر السقا، يقول: ثنا أبو الفضل، والقلب بن دينار، يقول: ثنا أبو شعيب والكلبي، يقول: ثنا أبو النضر، عن سليمان بن أرقم، ثنا أبو معاذ.
وفي "كتاب الساجي": قال عبيد اللَّه الأشجعي: كتبت عن الثوري ثلاثين ألف حديث أو أكثر من ثلاثين ألف حديث.
وفي كتاب "الثقات" لأبي العرب: الذي ظهر لسفيان عشرون ألف حديث، ولم يكن له كتاب إنما كان يحدث من حفظه.
وفي "تاريخ بغداد": قال أبو حنيفة: لو مات سفيان في زمن إبراهيم لدخل على الناس فقده.
وقيل له مرة: ألا ترى إلى ما يرويه سفيان، فقال: أتأمرني أن أقول: سفيان يكذب في الحديث، لو كان سفيان في عهد إبراهيم لاحتاج الناس إليه في الحديث، ولو كان في التابعين لكان له فيهم شأن.
وقال الفضل بن زياد: سئل أحمد بن حنبل: سفيان كان أحفظ أو ابن عيينة؟
فقال: الثوري أحفظ، وأقل الناس غلطا.
فقيل له: فإن فلانًا يزعم أن ابن عيينة كان أحفظهما، فضحك، ثم قال: فلان كان حسن الرأي في ابن عيينة فمن ثم، وسئل صالح: عن سفيان ومالك؟
فقال: سفيان ليس يتقدمه عندي أحد في الدنيا أحد وهو أحفظ وأكثر حديثا، ولكن مالك كان ينتقي الرجال، وسفيان يروي عن كل أحد وهو أكثر حديثًا من شعبة وأحفظ، يبلغ حديثه ثلاثون ألفًا، وحديث شعبة قريب من عشرة آلاف.
ولما مات تقدم جرير وصلى على قبره، ثم بكى وقال:
إذا بكيت على ميت لتكرمه
…
فابك الغداة على الثوري سفيان
وقال علي بن صالح: ولد سنة مائة، وكان سفيان أسن منا بخمس سنين.
وقال خليفة بن خياط: مات سنة اثنتين وستين ومائة.
وقال أبو زياد الفقيمي يرثي سفيان فيما ذكره في "الجعديات": [الطويل]
لَقَدْ مَاتَ سُفْيَانُ حَمِيدًا مُبْرِزًا
…
عَلَى كُلِّ قَارٍ هَجَنَتْهُ الْمَطَامِعُ
يَلوذُ بِأَبْوَابِ الْمُلُوكِ يُنَبِه
…
بِبَهْرَجةٍ وَالزِّيُّ فِيهِ تَواضُعُ
يُشَمِّرُ عَنْ سَاقَيهِ وَالرَّأْسُ فَوْقَهُ
…
قَلَنسِوَةٌ فِيهَا اللَّصِيصُ الْمُخَادِعُ
جَعَلْتُم فِدًى لِلَّذِي صَانَ دِينَهُ
…
وَفَرَّ بِهِ حَتَّى احْتَوَتْهُ الْمَضَاجِعُ
عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ كَانَ إِلا تَنَزهَا
…
عَنِ النَّاسِ حَتَّى أَدْرَكَتهُ الْمَصارعُ
بَعيدًا مِنْ أَبْوابِ الْمُلوكِ مُجانِبُ
…
وَإِنْ طَلَبُوهُ لَم تَنَلْهُ الأصَابعُ
فَعَيْنِي عَلَى سُفْيانَ تَبْكِي حَزِينَةً
…
شُجَاهَا طَرِيدٌ نَازِحُ الدَّارِ شَاسِعُ
يُقَلِّبُ طَرَفًا لا يرى عند رَأْسِهِ
…
قَرِيبًا حَمِيمًا أَوْجَعَتُهُ الْفَواجِعُ
فُجِعْنَا بِهِ حَبْرًا فَقِيهًا مُؤَدَّبًا
…
بِفِقْهِ جَمِيعُ النَّاسِ قَصْدُ الشَّرَائِعِ
عَلَى مِثْلِهِ تَبْكِي الْعُيونُ لِفَقْدِهِ
…
عَلَى وَاصِلِ الأَرْحَامِ وَالْخُلُقُ وَاسِعُ
وقال الهيثم بن عدي: هو سفيان بن سعيد الفقيه ابن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد اللَّه بن موهبة بن أبي عبيد اللَّه بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن ملكان، وقال أبو عبد اللَّه محمد بن خلف التميمي: هو سفيان بن سعيد بن مسروق بن حمزة بن حبيب بن نافع بن موهب.
وسئل عيسى بن يونس: هل رأيت مثل سفيان؟
فقال: لا، ولا رأى سفيان مثل نفسه.
وقال ابن المبارك: لا أعلم على الأرض أعلم منه.
وقال ابن مهدي: ما عاش رجلا أرق منه.
وقال أبو أسامة: اشتكى سفيان فذهبت بمائه فأريته ديرانيا، فقال: بول من هذا ينبغي أن يكون هذا بول راهب، هذا رجل قد فتت الحزن كبده ما لهذا دواء.
وقال أبو داود: قدمت المسجد الحرام فرأيت حلقة نحو من خمس مائة ورجل في وسطها، قلت من هذا قالوا: أمير المؤمنين سفيان بن سعيد.
وقال شعيب بن حرب: إني لأحسب يجاء سفيان يوم القيامة حجة من اللَّه تعالى على معاصرته، فيقال لهم: قد رأيتم سفيان ألا اقتديتم به.
وقيل لإسماعيل بن إبراهيم: كان شعبة أكثر علمًا أو سفيان؟
فقال: ما علم شعبة عند علم سفيان إلا كتفلة في بحر. وقال يحيى بن سعيد: شعبة أحب إليّ من سفيان؛ يعني: في الصلاح، فماذا جاء الحديث فسفيان أثبت وأعلم بالرجال، وكان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش، ولم أر أحفظ منه، ولو اتقى اللَّه رجل لم يحدث إلا عن: سفيان، وشعبة، وشعبة معلمي، وسفيان أحب إلي منه. وكان أبو نعيم ووكيع يذهبان إلى أن سفيان أقل خطأ في الحديث من شعبة.
وقال زائدة: كنا نأتي الأعمش فنكتب عنه، ثم نعرضه على سفيان، فيقول لبعضها: ليس هذا من حديثه اذهبوا إليه فنذهب إليه فنقول له فيقول: صدق سفيان فيمحاه. وفي كتاب "الثقات" لابن شاهين: قال يحيى بن يمان: كان سفيان أمير المؤمنين في
الحديث، وابن عيينة حاجب شرطته.
وقال عبد الرزاق: كنا عند الثوري، فقال: أنبا منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه، ثم قال: هذا واللَّه السند العربي.
وقال أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه "أخبار سفيان بن سعيد": روى عنه أكثر من عشرين ألفًا.
وذكر الخطيب أنه روى عن مالك بن أنس.
وقال ابن قانع، والقراب، وأبو جعفر بن أبي خالد: مات وله أربع وستون سنة، زاد: وعن عبد الرزاق، قال: قلت لسفيان: كم جملة الحديث المسند؟
فجعل ما روى أهل كل بلد من: مكة، والمدينة، والكوفة، والبصرة، فإذا هو أربعة آلاف وأربع مائة، وسأله رجل عن شيء، فقال القاضي: يأخذ خمس مائة، وتسألني وسئل بعض العلماء عنه، فقال: هو أعلم الناس بما كان.
وقال أحمد بن حنبل: كان الحفظ لسفيان بالكوفة، ولمالك بالمدينة، ولليث بمصر، والأوزاعي بالشام.
قال يوسف بن أسباط: رأيت سفيان في النوم، فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟
فقال: القرآن، فقلت: فالحديث؟
فحول وجهه، ولوى عنقه، وقطب.
وعند أبي بكر التاريخي: بلغ شريكًا أن سفيان يعتبه بولاية القضاء، فقال شريك: نلي القضاء فنقضي بالحق ونرد مظلمة، وسفيان ينوب عن أبيه يحرس جذع زيد بن علي وهو مصلوب لئلا ينزل عن جذعه فبلغ ذلك سفيان فتلقى شرًا، أنبا بذلك ابن شبيب، أنبا ابن عائشة فذكره، قال: وثنا محمد بن سماعة، ثنا مهدي بن إبراهيم، ثنا مالك، وذكر له سفيان، فقال: ألحق الثور بالبقر.
وفي "تاريخ ابن أبي خيثمة الكبير": قال المدائني: هو من ثور الرباب.
وقال أبو سفيان: كان من أذكى الناس.
وقال سفيان: أنا فيه -يعني: الحديث- منذ ستين سنة ووددت أني خرجت منه كفافًا.
وعن ابن المبارك، قال: حدثت سفيان بحديث فجئته وهو يدلسه فلما رآني استحيا، وقال: نرويه عنك نرويه عنك.
وقال ابن مهدي: ما رأيت أعلم بالمناسك من سفيان لو سألته عن موضع كل حجر حجر لأخبرك، وما رأيت بالعراق أعلم منه، وكان ينزل على عمار بن سيف فيشرب عنده النبيذ فنزل عليه بآخره فأتاه بنبيذ فأبى أن يشربه.
قال ابن أبي خيثمة: ورأيت في "كتاب علي": مالك عن سعيد بن المسيب أحب إلي من سفيان عن إبراهيم، قال يحيى: وكل ضعيف.
وقال يحيى: رأيته بالكوفة لا يخضب، ثم خضب بأخرة. قال: ومرسلاته شبه الريح، وكان صاحب أبواب.
وقال الأشجعي: دخلت مع سفيان على هشام بن عروة فجعل سفيان يسأل وهشام يحدثه، قال: فلما فرغ قال: أعيدها عليك؟
قال: نعم.
فأعادها عليه، ثم خرج وأذن هشام لأصحاب الحديث وتخلفت معهم، وجعلوا يسألونه، فقال لهم: احفظوا كما حفظ صاحبكم، فيقولون: لا نقدر نحفظ كما حفظ.
قال يحيى بن معين: وربما روى سفيان عن أبي الفضل بحر بن كنيز.
وقال يحيى بن سعيد: قال لي سفيان بعد ثماني عشرة سنة أو تسع عشرة سنة: حديث طليق قد حدثتك به مرة.
وفي "الجعديات": عن أمية بن شبل، قال: رأيت في المنام كأن عكرمة مولى ابن عباس قدم علينا، فقدم علينا سفيان بن سعيد بعد فأخبرت سفيان فسره ذلك.
وقال ابن إدريس: ما جعلت بينك وبين الرجال مثل سفيان، وما رأيت بالكوفة أحدًا أود أني في مسلاخه غيره.
وقال يحيى بن سعيد: ما أخشى على سفيان إلا حبه للحديث.
وقال أبو نعيم: كان لا يقبل من أحد شيئًا، وإن أعطي شيئًا يقسمه لم يقبله.
وروى عنه: حاتم الفاخر ولقب بذلك لجودة خطه، وعبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن الأسود الحارثي، وعبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر.
وفي "كتاب الكلاباذي": مات من سنة ثمان وخمسين إلى إحدى وستين.
وقال السمعاني: هو إمام أهل الكوفة، ومن سادات أهل زمانه: ورعًا، وفقهًا، وحفظًا، وإتقانًا، مات وله ست وستون سنة.
وقال ابن الكلبي في كتابه "الجامع": سفيان الفقيه، الإمام العابد.
وقال أبو محمد الرشاطي: كان رحمه اللَّه تعالى من الثقات الحفاظ المتقنين مع ورعه وزهده وتقلله من الدنيا.
وفي "تاريخ يعقوب بن سفيان الفسوي": عن ابن مهدي، قال: ذهبت مع سفيان إلى عكرمة بن عمار فإذا هو ثقيل الكتاب، رديء الخط، فقلت: أكتبه لك يا أبا عبد اللَّه؟
فقال: لا أحب إلا أن يكون بخطي.
وعن أحمد بن حنبل: أبو بكر بن عياش يضطرب في حديث الصغار فأما حديثه عن الكبار فما أقربه عن أبي حصين وعاصم، وإنه ليضطرب عن أبي إسحاق، أو نحو ذا، ثم قال: ليس هو مثل: سفيان، وزائدة، وزهير، وكان سفيان فوق هؤلاء وأحفظ.
وقال أبو عبد اللَّه محمد بن إسماعيل، الأزدي، الأونبي: كان إمامًا من أئمة المسلمين، وفقيهًا عالمًا من علمائهم، وزاهدًا من زهادهم، حجة ثقة فيما نقل، وحمل من أثر في الدين، وله أصحاب وأتباع.
وقال النسائي: أصحاب سفيان: ابن المبارك، ووكيع، وأبو إسحاق الفزاري، وابن مهدي.
وقال عباس: قلت ليحيى: ما ترى في رجل فرط في العلم حتى كبر فلم يقو على الحديث يكتب جامع سفيان ويعمل بما فيه؟
فقال يحيى: كان سفيان إمامًا يقتدى به.
قلت: فمن كرهه؟
قال: ليس يكره جامع سفيان إلا أحمق.
وفي "طبقات الشيرازي": قال ابن أبي ذئب: ما رأيت أحدًا من أهل العراق يشبه ثوريكم هذا.
وقال أحمد بن حنبل: دخل الأوزاعي وسفيان على مالك فلما خرجا قال:
أحدهما: أكثر علمًا من صاحبه ولا يصلح للأمانة.
والآخر: يصلح للأمانة.
قيل لأحمد: فمن الذي عنى مالك أنه أعلم الرجلين، أهو سفيان؟
قال: نعم، سفيان أوسعهما علمًا.
وأخبار سفيان كثيرة، وفضائله غزيرة، اقتصرنا منها على هذه النبذة اليسيرة.
ولهم شيخ آخر يروي عن الشافعي، اسمه: سفيان بن سعيد، الثقفي، الخباز، ذكره