الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
90-
وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس:
فلما حملت إلى زوجها قالت لها أمها أمامة بنت الحارث:
"أي بنية: إن الوصية لو تركت لفضل أدب، تركت لذلك منك؛ ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدة جاجتها إليها، كنت أغنى الناس عنه؛ ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه1 عليك رقيبًا ومليكًا؛ فكوني له أمة يكن لك عبدًا وشيكًا2. يا بنية: احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرًا وذكرًا، الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضوع أنفه؛ فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود، والتعهد لوقت طعامه، والهدو عنه عند منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيض النوم مغضبة، والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله؛ فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير، ولا تفشي له سرًا، ولا تعصي له أمرًا؛ فإنك إن أفشيت سره، لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره، أو غرت صدره، ثم انقي من
1 أملكه إياها: زوجه فملكها ملكًا، مثلث الميم.
2 الوشيك، السريع: أي يكن عبدًا سريع الإجابة.
ذلك الفرح إن كان ترحًا، وإلا كتئاب عنده إن كان فرحًا؛ فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشد ما تكونين له إعظامًا، يكن أشد ما يكون لك إكرامًا، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافقة، واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين، حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك".
"مجمع الأمثال 2:143، والعقد الفريد 3: 223".