الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل الشام، فيؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فإن أبوا نزلت عليهم فلم أزايلهم حتى أقتل مقاتلتهم وأسبي ذراريهم، فسيروا -رحمكم الله- إليهم، فإني أرجو أن يجمع الله لكم الغنيمة في الدنيا والآخرة".
"فتوح الشام ص251".
137-
وصية العباس بن عبد المطلب "المتوفى سنة 32هـ" لابنه عبد الله:
قال عبد الله بن عباس: قال لي أبي:
يا بني، إني أرى أمير المؤمنين -يعني عمر بن الخطاب- قد اختصك دون من ترى من المهاجرين والأنصار، وإني موصيك بخلال أربع: لا يجربن عليك كذبًا، ولا تغتابن عنده مسلمًا، ولا تفشين له سرًّا، ولا تطوِ عنه نصيحة، قال: فقلت: يا أبه، كل واحدة منها خير من ألف، فقال: كل واحدة منها خير من عشرة آلاف.
"تهذيب الكامل 1: 15 والعقد الفريد 1: 11".
138-
وصية عمر للخليفة من بعده:
وأوصى عمر الخليفة من بعده، فقال:
"أوصيك بتقوى الله لا شريك له، وأوصيك بالمهاجرين الأولين خيرًا، أن تعرف لهم سابقتهم، وأوصيك بالأنصار خيرًا، فاقبل من محسنهم، وتجاوز عن مسيئهم، وأوصيك بأهل الأمصار خيرًا، فإنهم ردء العدو، وجباة الفيء، لا تحمل فيئهم، إلا عن فضل منهم، وأوصيك بأهل البادية خيرًا، فإنهم أصل العرب، ومادة الإسلام أن تأخذ من حواشي أموال أغنيائهم، فترد على فقرائهم، وأوصيك بأهل الذمة خيرًا، أن
تقاتل من ورائهم، ولا تكلفهم فوق طاقتهم، إذا أدَّوا ما عليهم للمؤمنين طوعاً، أو عن يد وهم صاغرون، وأوصيك بتقوى الله وشدة الحذر منه، ومخافة مقته، أن يطلع منك على ريبة، وأوصيك أن تخشى الله في الناس، وتخشى الناس في الله، وأوصيك بالعدل في الرعية، والتفرغ لحوائجهم وثغورهم، ولا تؤثر غنيهم على فقيرهم، فإن ذلك بإذن الله سلامة لقلبك، وحط لوزرك، وخير في عاقبة أمرك، حتى تفضي من ذلك إلى من يعرف سريرتك، ويحول بينك وبين قلبك، وآمرك أن تشتد في أمر الله، وفي حدوده ومعاصيه، على قريب الناس وبعيدهم، ثم لا تأخذك في أحد رأفة حتى تنتهك منه، مثل ما انتهك من حرمة الله، واجعل الناس عندك سواء، لا تبالي على من وجب الحق، ثم لا تأخذك في الله لومة لائم، وإياك والأثرة والمحاباة فيما ولاك الله، مما أفاء الله على المؤمنين، فتجور وتظلم، وتحرم نفسك من ذلك ما قد وسعه الله عليك، وقد أصبحت بمنزلة من منازل الدنيا والآخرة، وأنت إلى الآخرة جد قريب، فإن اقترفت لدنياك عدلاًَ وعفة عما بسط الله لك، اقترفت به إيماناً ورضواناً، وإن غلبك الهوى، اقترفت به سخط الله، وأوصيك ألا ترخص لنفسك ولا لغيرك في ظلم أهل الذمة، وقد أوصيتك وحضضتك ونصحتك، فابتغ بذلك وجه الله والدار الآخرة، واخترت من دلالتك ما كنت دالا عليه نفسي وولدي، فإن عملت بالذي وعظتك، وانتهيت إلى الذي أمرتك، أخذت به نصيباً وافراً، وحظاً وافياً، وإن لم تقبل ذلك، ولم يهمك، ولم تنزل معاظم الأمور عند الذي يرضى الله به عنك، يكن ذلك بك انتقاصاً، ورأيك فيه مدخولاً؛ لأن الأهواء مشتركة، ورأس كل خطيئة إبليس، وهو داعٍ إلى كل هلكة، وقد أضل القرون السالفة قبلك، فأوردهم النار، ولبئس الثمن أن يكون حظ أمرئ موالاة عدو الله الداعي إلى معاصيه، ثم اركب الحق، وخض إليه الغمرات، وكن واعظا لنفسك، أنشدك الله لما رحمت على جماعة المسلمين، فأجللت كبيرهم، ورحمت صغيرهم، ووقرت عالمهم، ولا تضربهم فيذلوا، ولا تستأثر
عليهم بالفيء، فتبغضهم، ولا تحرمهم عطاياهم عند محلها، فتفقرهم، ولا تجمرهم1 في البعوث، فتقطع نسلهم، ولا تجعل المال دولة بين الأغنياء منهم، ولا تغلق بابك دونهم، فيأكل قويهم ضعيفهم. هذه وصيتي إياك، وأشهد الله عليك، وأقرأ عليك السلام.
"شرح ابن أبي الحديد م3: 96 والبيان والتبيين 2: 22 وتاريخ الطبري 5: 13".
وفي رواية الطبري:
قال: "وأوصى الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان أن يحسن إلى محسنهم، وأن يعفو عن مسيئهم، وأوصى الخليفة من بعدي بالعرب، فإنهم مادة الإسلام، أن يؤخذ من صدقاتهم حقها، فتوضع في فقرائهم، وأوصى الخليفة من بعدي بذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يوفي لهم بعهدهم، اللهم هل بلغت؟
تركت الخليفة من بعدي على أنقى من الراحة".
1 جمر الجيش: حبسهم في أرض العدو ولم يقفلهم.