الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
239-
خطبة عبد الله بن بديل الخزاعي:
وقام عبد الله بن بديل الخزاعي في أصحابه فخطبهم، فقال:
"إن معاوية ادعى ما ليس له، ونازع الأمر أهله، ومن ليس مثله، وجادل بالباطل، ليدحض1 به الحق، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، وزين لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حب الفتنة، ولبس2 عليهم الأمور، وزادهم رجسًا3 إلى رجسهم، وأنتم والله على نور وبرهان، قاتلوا الطغام الجفاة، قاتلوهم ولا تخشوهم، وكيف تخشونهم؟ وفي أيديكم كتاب من ربكم ظاهر مبين، قوله سبحانه: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} لقد قاتلتهم مع النبي صلى الله عليه وآله، والله ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبر، انهضوا إلى عدو الله وعدوكم، بارك الله عليكم".
"شرح ابن أبي الحديد 1: ص 483 وتاريخ الطبري 6: 9".
1 دحضت الحجة: بطلت، وأدحضتها: أبطلتها.
2 التلبيس: التخليط.
3 الرجس: القذر والمأثم، وكل ما استقذر من العمل، والعمل المؤدي إلى العذاب.
240-
خطبة أبي الهيثم بن التيهان:
وكان أبو الهيثم بن التيهان يسوي صفوف أهل العراق، ويقول:
"يا معشر أهل العراق، إنه ليس بينكم وبين الفتح في العاجل، والجنة في الآجل، إلا ساعة من النهار، فأرسلوا أقدامكم، وسووا صفوفكم، أعيروا ربكم جماجمكم، واستعينوا بالله إلهكم، وجاهدوا عدو الله وعدوكم، واقتلوهم قتلهم الله وأبادهم. واصبروا فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين".
"شرح ابن أبي الحديد 1: ص 484".
241-
خطبة للإمام علي:
وخطب علي عليه السلام بصفين أيضًا فقال:
"الحمد لله على نعمه الفاضلة على جميع من خلق من البر والفاجر، وعلى حججه البالغة على خلقه من أطاعه منهم ومن عصاه، إن يرحم؛ فبفضله ومنه، وإن عذب؛ فبما كسبت أيديهم، وإن الله ليس بظلام للعبيد، أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، وأستعينه على ما نابنا من أمر الدنيا والآخرة، وأتوكل عليه، وكفى بالله وكيلًا. ثم إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، ارتضاه لذلك وكان أهله، واصطفاه لتبليغ رسالته وجعله رحمة منه على خلقه. فكان علمه فيه رءوفًا رحيمًا، أكرم خلق الله حسبًا، وأجملهم منظرًا، وأسخاهم نفسًا، وأبرهم لوالد، وأوصلهم لرحم، وأفضلهم علمًا، وأثقلهم حلمًا، وأوفاهم لعهد، وآمنهم على عقد، لم يتعلق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط، بل كان يظلم فيغفر ويقدر فيصفح، حتى مضى صلى الله عليه وآله مطيعًا لله، صابرًا على ما أصابه، مجاهدًا في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وآله، فكان ذهابه أعظم المصيبة على أهل الأرض البر والفاجر، ثم ترك فيكم كتاب الله يأمركم بطاعة الله، وينهاكم عن معصيته.
وقد عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدًا، فلست أحيد عنه، وقد حضرتم عدوكم، وعلمتم أن رئيسهم منافق يدعوهم إلى النار، وابن عم نبيكم معكم وبين أظهركم يدعوكم إلى الجنة، وإلى طاعة ربكم، والعمل بسنة نبيكم، ولا سواء1 من صلى قبل كل ذكر، لا يسبقني بصلاة مع رسول الله أحد. وأنا من أهل بدر، ومعاوية طليق،
1 أي ولا مثل من صلى.