الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
179-
خطبة الحسن بن علي:
وقام الحسن بن علي رضي الله عنه، فقال:
"أيها الناس: أجيبوا دعوة أميركم، وسيروا إلى إخوانكم، فإنه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه، والله لأن يليه أولو النهى أمثل في العاجلة، وخير في العاقبة، فأجيبوا دعوتنا، وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم، وإن أمير المؤمنين يقول: قد خرجت مخرجي هذا ظالمًا أو مظلومًا، وإني أذكر الله رجلاً رعى حق الله إلا نفر، فإن كنت مظلومًا أعانني، وإن كنت ظالمًا أخذ مني، والله إن طلحة والزبير لأول من بايعني، وأول من غدر، فهل استأثرت بمال، أو بدلت حكمًا؟ فانفروا، فمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر".
"تاريخ الطبري 5: 188، والكامل لابن الأثير 3: 114".
180-
وفادة القعقاع بن عمرو إلى أصحاب الجمل:
ولما نزل الإمام علي كرم الله وجهه بذي قار، دعا القعقاع بن عمرو، فأرسله إلى أهل البصرة، وقال له: الق هذين الرجلين –طلحة والزبير- يابن الحنظلية، "وكان القعقاع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" فادعهما إلى الألفة والجماعة، وعظم عليهما الفرقة، وقال له: كيف أنت صانع فيما جاءك منهما، مما ليس عندك فيه وصاة1 مني؟ فقال: نلقاهم بالذي أمرت به، فإذا جاء منهما أمر ليس عندنا منك فيه رأي، اجتهدنا الرأي، وكلمناهم على قدر ما نسمع ونرى أنه ينبغي، قال: أنت لها.
1 وصية.
فخرج القعقاع حتى قدم البصرة فبدأ بعائشة رضي الله عنها، فسلم عليها، وقال: أي أمه: ما أشخصك وما أقدمك هذه البلدة؟ قالت: أي بني: إصلاح بين الناس، قال: فابعثي إلى طلحة والزبير، حتى تسمعي كلامي وكلامهما، فبعثت إليهما فجاءا، فقال: إني سألت أم المؤمنين ما أشخصها وأقدمها هذه البلاد؟ فقالت: إصلاح بين الناس، فما تقولان أنتما؟ أمتابعان أم مخالفان؟ قالا: متابعان، قال: فأخبراني، ما وجه هذا الإصلاح؟ فوالله لئن عرفناه لنصلحن، ولئن أنكرناه لا نصلح، قالا: قتلة عثمان رضي الله عنه، فإن هذا إن ترك كان تركًا للقرآن، وإن عمل به كان إحياء للقرآن، فقال: قد قتلتما قتلة عثمان من أهل البصرة، وأنتم قبل قتلهم أقرب إلى الاستقامة منكم اليوم، قتلتم ستمائة إلا رجلًا، فغضب لهم ستة آلاف، واعتزلوكم، وخرجوا من بين أظهركم، وطلبتم ذلك الذي أفلت -يعني حرقوص بن زهير- فمنعه ستة آلاف وهم على رجل، فإن تركتموه كنتم تاركين لما تقولون، فإن قاتلتموهم والذين اعتزلوكم فأديلوا1 عليكم، فالذي خذرتم وقربتم2 به هذا الأمر أعظم مما أراكم تكرهون، وأنتم أحميتم مضر وربيعة من هذه البلاد، فاجتمعوا على حربكم وخذلانكم نصرة لهؤلاء كما اجتمع هؤلاء لأهل هذا الحدث العظيم، والذنب الكبير".
فقالت أم المؤمنين: فتقول أنت ماذا؟ قال: أقول هذا الأمر دواؤه التسكين، وإذا سكن اختلجوا3، فإن أنتم بايعتمونا فعلامة خيرٍ، وتباشير رحمة، ودرك بثأر هذا الرجل، وعافية وسلامة لهذه الأمة، وإن أنتم أبيتم إلا مكابرة هذا الأمر واعتسافه، كانت علامة شر وذهاب هذا الثأر، وبعثة الله في هذه الأمة هزاهزها4، فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح الخير، كما كنتم تكونون، ولا تعرضونا للبلاء، ولا تعرضوا
1 أي غلبوكم وانتصروا عليكم.
2 قربه "كسمع" قرب منه "ككرم".
3 اضطربوا وتفككوا.
4 الهزهزة والهزاهز: تحريك البلايا والحروب الناس.