الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14-
قيس بن رفاعة والحارث بن أبي شمر الغساني
.
كان قيس بن رفاعة يفد سنة إلى النعمان اللخمي بالعراق، وسنة إلى الحارث ابن أبي شمر الغساني بالشام1؛ فقال له يومًا وهو عنده: يابن رفاعة، بلغني أنك تفضل النعمان2 علي؟ قال:
"كيف أفضله عليك أبيت اللعن؟ فوالله لقفاك أحسن من وجهه، ولأمك أشرف من أبيه، ولأبوك أشرف من جميع قومه، ولشمالك أجود من يمينه، ولحرمانك أنقع من نداه، ولقليك أكثر من كثيره، ولثمادك3 أغزر من غديره، ولكرسيك أرفع من سريره، ولجدولك أغمر من بحوره، وليومك أفضل من شهوره، ولشهرك أمد من حوله، ولحولك خير من حقبه4، ولزندك أورى من زنده، ولجندك أعز من جنده، وإنك لمن غسان أرباب الملوك، وإنه لمن لخم الكثير النوك5. فكيف أفضله عليك6؟ ".
"الأمالي 1: 261 ومروج الذهب 1: 298".
1 كان المناذرة ملوك الحيرة من لخم، والغساسنة: ملوك الشأم من الأزد؛ فكلاهما من أصل يمني، وكان بينهما أحقاد وأضغان وحروب.
2 النعمان بن المنذر.
3 الثماد: الماء القليل لا مادة له.
4 الحقب بالضم وبضمتين: ثمانون سنة أو أكثر، والدهر، والسنة أيضًا.
5 النوك بالضم والفتح: الحمق.
6 وذكر المسعودي أن هذا الحديث كان بين حسان بن ثابت الأنصاري، وبين الحارث بن أبي شمر.
15-
قيس بن خفاف البرجمي وحاتم طيئ:
أتى أبو جبيل قيس بن خفاف البرجمي حاتم طيئ، في دماء حملها عن قومه، فأسلموه1 فيها، وعجز عنها، فقال: والله لآتين من يحملها عني، وكان شريفًا شاعرًا؛ فلما قدم عليه قال: "إنه وقعت بين قومي دماء فتواكلوها، وإني حملتها في مالي وأملي،
1 خذلوه.
فقدمت مالي، وكنت أملي، فإن تحملها فرب حق قد قضيته، وهم قد كفيته، وإن حال دون ذلك حائل لم أذمم يومك، ولم أيأس من غدك. ثم أنشأ يقول:
حملت دماء للبراجم جمة
…
فجئتك لما أسلمتني البراجم1
وقالوا "سفاهًا" لم حملت دماءنا
…
فقلت لهم يكفي الحمالة حاتم2
متى آته فيها يقل لي مرحبًا
…
وأهلًا وسهلًا أخطأتك الأشائم3
فيحملها عني، وإن شئت زادني
…
زياد من حنت إليه المكارم
يعيش الندى ما عاش حاتم طيئ
…
فإن مات قامت للسخاء مآتم
ينادين مات الجود معك فلا نرى
…
مجيبًا له ما حام في الجو حائم
وقال رجال أنهب العام ماله
…
فقلت لهم إني بذلك عالم4
ولكنه يعطي من أموال طيئ
…
إذا جلف المال الحقوق اللوازم5
فيعطي التي فيها الغنى وكأنه
…
لتصغيره تلك العطية جارم6
بذلك أوصاه عدي وحشرج
…
وسعد وعبد الله تلك القماقم7
فقال له حاتم: إن كنت لأحب أن يأتيني مثلك من قومك، هذا مرباعي8 من الغارة على بني تميم؛ فخذوه وافرًا، فإن وفى بالحمالة، وإلا أكملتها لك، وهو مائتا بعير سوى بنيها وفصالها، مع أني لا أحب أن تويس قومك بأموالهم، فضحك أبو جبيل وقال: لكم ما أخذتم منا، ولنا ما أخذنا منكم، وأي بعير دفعته إلي، ليس ذنبه في يد صاحبه، فأنت منه بريء، فدفعها إليه وزاده مائة بعير، فأخذها وانصرف راجعًا إلى قومه؛ فقال حاتم في ذلك:
1 البراجم من تميم.
2 السفاه: السفه. والحمالة: الدية يحملها قوم عن قوم.
3 الأشائم: ضد الأيامن.
4 أنهب المال: جعله نهبا يغار عليه.
5 أي جرفه وانتقصه.
6 جرم الرجل "بفتحتين": أذنب كأجرم.
7 جمع قمقام: وهو السيد.
8 المراباع: ربع الغنيمة، وكان يختص به قائد الغارة وفارسها.