الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إني إن كلمتك فلعمري ما كلامي إلا مثل كلام صاحبي قبل، فهل عندك جواب غير الذي أجبته به؟ فقال علي: نعم لك ولصاحبك جواب غير الذي أجبته به.
226-
خطبة علي بن أبي طالب:
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"أما بعد فإن الله جل ثناؤه بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق، فأنقذ به من الضلالة، وانتاش1 به من الهلكة، وجمع به من الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، صلى الله عليه وسلم، ثم استخلف الناس أبا بكر رضي الله عنه، واستخلف أبو بكر عمر رضي الله عنه، فأحسنا السيرة، وعدلا في الأمة، وقد وجدنا2 عليهما أن توليا علينا، ونحن آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغفرنا ذلك لهما، وولي عثمان رضي الله عنه فعمل بأشياء عابها الناس عليه، فساروا إليه فقتلوه، ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمورهم، فقالوا لي: بايع، فأبيت عليهم، فقالوا لي: بايع، فإن الأمة لا ترضى إلا بك، وإنا نخاف إن لم تفعل أن تفترق الناس، فبايعتهم، فلم يرعني إلا شقاق رجلين قد بايعاني3، وخلاف معاوية الذي لم يجعل الله عز وجل له سابقة في الدين، ولا سلف صدق في الإسلام، طليق4 بن طليق، حزب5 من هذه الأحزاب، لم يزل الله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وللمسلمين عدوًّا، هو وأبوه، حتى دخلا في الإسلام كارهين،
1 انتشل وأخرج.
2 وجد عليه: غضب.
3 يعني طلحة والزبير وما كان منهما من الخلاف عليه، وانضمامهما إلى السيدة عائشة.
4 الطلقاء: هم الذين عفا عنهم النبي عليه الصلاة والسلام بعد فتح مكة، فقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
5 حزب بدل من طليق الثاني: أي ابن حزب من هذه الأحزاب التي تألبت وتظاهرت على حربه صلى الله عليه وسلم من قريش، وغطفان، وبني مرة، وبني أشجع، وبني سليم، وبني أسد "في غزوة الأحزاب، وهي غزوة الخندق سنة 5هـ" وكانت عدة الجميع عشرة آلاف مقاتل، وقائدهم العام أبو سفيان.
فلا غرو1 إلا خلافكم معه، وانقيادكم له، وتدعون آل نبيكم صلى الله عليه وسلم، الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم، ولا أن تعدلوا بهم من الناس أحدًا، ألا إني أدعوكم إلى كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإماتة الباطل، وإحياء معالم الدين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولكل مؤمن ومؤمنة، ومسلم ومسلمة".
فقالا: "اشهد أن عثمان رضي الله عنه قتل مظلومًا" فقال لهما: "لا أقول إنه قتل مظلومًا ولا إنه قتل ظالمًا". قالا: "فمن لم يزعم أن عثمان قتل مظلومًا، فنحن منه برآء" ثم قاما فانصرفا، فقال علي:{إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} [النمل: 80- 81] .
"تاريخ الطبري 6: 4".
1 فلا غرو: أي لا عجب، وقوله: إلا خلافكم معه: أي خلافكم علي معه، أو هو "حلافكم معه" بالحاء: أي محالفتكم له، ومناصرتكم إياه.