الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له، فيصرعنا وإياكم، وايم الله إني لأقول هذا وأدعوكم إليه، وإني لخائف ألا يتم حتى يأخذ الله عز وجل حاجته من هذه الأمة، التي قل متاعها، ونزل بها ما نزل، فإن هذا الأمر الذي حدث ليس يقدَّر، وليس كالأمور، ولا كقتل الرجل الرجل، ولا النفر الرجل، ولا القبيلة الرجل".
فقالوا: نعم، إذن قد أحسنت وأصبت المقالة فارجع، فإن قدم علي، وهو على مثل رأيك صلح هذا الأمر، فرجع إلى علي فأخبره، فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح1.
"تاريخ الطبري 5: 191".
1 ولكن السبئيين أحبطوا مساعي الصلح، إذ خرجوا في الغلس دون أن يشعر بهم أحد، فقصد مضرهم مضر البصرة، وربيعتهم ربيعة البصرة، ويمنهم يمن البصرة، ووضعوا فيهم السلاح. فثار كل قوم في وجوه أصحابهم، ودارت رحى القتال بينهم، وكلا الفريقين لا يعلم بكنه تلك المكيدة، وكان بينهما ما كان.
181-
خطبة علي بن أبي طالب:
فلما رجع القعقاع من عند أم المؤمنين وطلحة والزبير، جمع الإمام علي الناس، ثم قام على الغرائر، فحمد الله عز وجل، وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الجاهلية وشقاها، والإسلام والسعادة، وإنعام الله على الأمة بالجماعة بالخليفة، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، ثم حدث هذا الحدث، الذي جره على هذه الأمة أقوام طلبوا هذه الدنيا، حسدوا من أفاءها الله عليه على الفضيلة، وأرادوا رد الأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره، ومصيب ما أراد، ألا إني راحل غدًا فارتحلوا، ألا ولا يرتحلن غدًا أحدٌ أعان على عثمان رضي الله عنه بشيء، في شيء من أمور الناس، وليغن السفهاء عني أنفسهم".
"تاريخ الطبري 5: 194".
182-
خطبة لعلي:
ولما أراد علي المسير إلى البصرة قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله وصلى على رسوله:
إن الله قبض نبيه صلى الله عليه وآله. استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة، فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين، وسفك دمائهم، والناس حديثو عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب1 يفسده أدنى وهن، وينكسه2 أقل خلق، فولي الأمر قوم لم يألوا في أمرهم اجتهادًا، ثم انتقلوا إلى دار الجزاء، والله ولي تمحيص سيئاتهم، والعفو عن هفواتهم، فما بال طلحة والزبير –وليسا من هذا الأمر بسبيل- لم يصبروا علي حولًا ولا أشهرًا حتى وثبا ومرقا، ونازعاني أمرًا لم يجعل الله لهما إليه سبيلًا، بعد أن بايعاني طائعين غير مكرهين، يرتضعان أما قد فطمت، ويحييان بدعة قد أميتت، أدم عثمان زعما؟ والله ما التبعة إلا عندهم وفيهم، وإن أعظم حجتهم لعلى أنفسهم، وأنا راضٍ بحجة الله عليهم وعلمه فيهم، فإن فاءا وأنابا فحظهما أحرزا، وأنفسهما غنما، وأعظم بهما غنيمة، وإن أبيا أعطيتهما حد السيف، وكفى به ناصرًا لحق، وشافيًا لباطل" ثم نزل.
"شرح ابن أبي الحديد م 1: 102".
1 الوطب: سقاء اللبن.
2 في الأصل "ويعكسه" وأراه محرفًا، نكسه: قلبه على رأسه.
183-
خطبة لعلي:
وخطب فقال:
"الحمد لله على كل أمر وحال، في الغدو والآصال، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، ابتعثه رحمة للعباد، وحياة للبلاد، حين امتلأت الأرض فتنة، واضطرب حيلها، وعبد الشيطان في أكنافها، واشتمل عدو الله إبليس على عقائد أهلها، فكان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الذي أطفأ الله به نيرانها، وأخمد به شرارها، ونزع به أوتادها، وأقام به ميلها، إمام الهدى، والنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فلقد صدع بما أمر به، وبلغ رسالات ربه، فأصلح الله به ذات البين، وآمن به السبل، وحقن به الدماء، وألف به بين ذوي الضغائن الواغرة في الصدور، حتى أتاه اليقين، ثم قبضه الله إليه حميدًا.
ثم استخلف الناس أبا بكر فلم يأل جهده، ثم استخلف أبو بكر عمر فلم يأل جهده، ثم استخلف الناس عثمان، فنال منكم ونلتم منه، حتى إذا كان من أمره ما كان، أتيتموني لتبايعوني فقلت: لا حاجة لي في ذلك، ودخلت منزلي فاستخرجتموني، فقبضت يدي فبسطتموها، وتداككتم علي حتى ظننت أنكم قاتلي وأن بعضكم قاتل بعض، فبايعتموني وأنا غير مسرور بذلك ولا جذل، وقد علم الله سبحانه أني كنت كارهًا للحكومة بين أمة محمد صلى الله عليه وآله، ولقد سمعته صلى الله عليه وآله يقول:"ما من وال يلي شيئًا من أمر أمتي إلا أتي به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه على رءوس الخلائق، ثم ينشر كتابه، فإن كان عادلاً نجا، وإن كان جائرًا هوى" حتى اجتمع علي ملؤكم، وبايعني طلحة والزبير، وأنا أعرف الغدر في أوجههما، والنكث في أعينهما، ثم استأذناني في العمرة فأعلمتهما أن ليس العمرة يريدان، فسارا إلى مكة واستخفا عائشة وخدعاها، وشخص معهما أبناء الطلقاء، فقدموا البصرة، فقتلوا بها المسلمين وفعلوا المنكر، ويا عجبا