الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأميركم، لقد عرفتم الحق إذ ضيعه من أنكره، ودعوتم إلى الهدى إذ تركه من لم يعرفه" ثم قرأ عليهم كتاب علي عليه السلام، فقام صبرة بن شيمان، فقال: "سمعنا وأطعنا، ونحن لمن حارب أمير المؤمنين حرب، ولمن سالم سلم، إن كفيت يا جارية قومك بقومك فذاك، وإن أحببت أن ننصرك نصرناك" وقام وجوه الناس فتكلموا بمثل ذلك، فلم يأذن لأحد منهم أن يسير معه، ومضى نحو بني تميم.
337-
خطبة زياد:
فقام زياد في الأزد فقال:
"يا معشر الأزد: إن هؤلاء كانوا أمس سلمًا، فأصبحوا اليوم حربًا، وإنكم كنتم حربًا فأصبحتم سلمًا، وإني والله ما اخترتكم إلا على التجربة، ولا أقمت فيكم إلا على الأمل، فما رضيتم أن أجرتموني، حتى نصبتم لي منبرًا وسريرًا، وجعلتم لي شرطًا وأعوانًا، ومناديًا وجمعة، فما فقدت بحضرتكم شيئًا إلا هذا الدرهم لا أجيبه اليوم، فإن لم أجبه اليوم أجبه غدًا إن شاء الله، واعلموا أن حربكم اليوم معاوية أيسر عليكم في الدنيا والدين من حربكم أمس عليًّا، وقد قدم عليكم جارية بن قدامة، وإنما أرسله علي ليصدع أمر قومه، والله ما هو بالأمير المطاع، ولو أدرك أمله في قومه لرجع إلى أمير المؤمنين، ولكان لي تبعًا، وأنتم الهامة العظمى، والجمرة الحامية، فقدموه إلى قومه، فإن اضطر إلى نصركم، فسيروا إليه إن رأيتم ذلك".
338-
خطبة أبي صبرة شيمان:
فقام أبو صبرة شيمان فقال:
"يا زياد، إني والله لو شهدت قومي يوم الجمل رجوت ألا يقاتلوا عليًا، وقد مضى الأمر بما فيه، وهو يوم بيوم، وأمر بأمر، والله إلى الجزاء بالإحسان أسرع منه إلى الجزاء بالسيئ، والتوبة مع الحق، والعفو مع الندم، ولو كانت هذه فتنة لدعونا القوم إلى إبطال الدماء، واستئناف الأمور، ولكنها جماعة، دماؤها حرام، وجروحها قصاص ونحن معك نحب ما أحببت".
فعجب زياد من كلامه، وقال:"ما أظن في الناس مثل هذا".
339-
خطبة صبرة بن شيمان:
ثم قام صبرة ابنه فقال:
"إنا والله ما أصبنا بمصيبة في دين ولا دنيا، كما أصبنا أمس يوم الجمل، وإنا لنرجو اليوم أن يمحص1 ذلك بطاعة الله وطاعة أمير المؤمنين. وأما أنت يا زياد، فوالله ما أدركت أملك فينا، ولا أدركنا أملنا فيك، دون ردك إلى دارك، ونحن رادوك إليها غدًا إن شاء الله تعالى، فإذا فعلنا فلا يكن أحد أولى بك منا، فإنك إلا تفعل لم تأت ما يشبهك، وإنا والله نخاف من حرب علي في الآخرة، ما لانخاف من حرب معاوية في الدنيا، فقدم هواك، وأخر هوانا، فنحن معك وطوعك".
1 من محص الذهب بالنار كقطع: أخلصه مما يشوبه.