الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خطب الكواهن:
66-
الشعثاء الكاهنة تصف سبعة إخوة:
كانت عثمة بنت مطرود البجلية ذات عقل ورأي مستمع في قومها، وكانت لها أخت يقال لها خود، وكانت ذات جمال وميسم1 وعقل؛ فخطب سبعة إخوة غلمة من بطن الأزد خودًا إلى أبيها، فأتوه وعليهم الحلل اليمانية، وتحتهم النجائب الفره2؛ فقالوا: نحن بنو مالك بن غفيلة ذي النحيين، فقال لهم: انزلوا على الماء، فنزلوا ليلتهم، ثم أصبحوا غادين في الحلل والهيئة، ومعهم ربيبة3 لهم يقال لها الشعثاء: كاهنة، فمروا بوصيدها4 يتعرضون لها، وكلهم وسيم جميل، وخرج أبوها، فجلسوا إليه، فرحب بهم، فقالوا: بلغنا أن لك بنتًا، ونحن كما ترى شباب، وكلنا يمنع الجانب، ويمنح الراغب، فقال أبوها: كلكم خيار، فأقيموا نرى رأينا، ثم دخل على ابنته، فقال: ما ترين، فقد أتاك هؤلاء القوم؟ فقالت:"أنكحني على قدري، ولا تشطط في مهري، فإن تخطئني أحلامهم، لا تخطئني أجسامهم، لعلي أصيب ولدًا، وأكثر عددًا" فخرج أبوها، فقال: أخبروني عن أفضلكم.
قالت ربيبتهم الشعثاء الكاهنة: "اسمع أخبرك عنهم: هم إخوة، وكلهم أسوة5.
1 الميسم والوسامة: أثر الحسن.
2 النجائب جمع نجيب: وهو البعير والفرس إذا كانا كريمين عتيقين، والفره:"كقفل وركع وكتب" جمع فاره، وهو من الدواب الجيد السير النشيط الخفيف.
3 الربيبة: الحاضنة.
4 الوصيد: الفناء "بالكسر" والعتبة.
5 الأسوة: القدوة.
أما الكبير فمالِك، جريء فاتك، يتعب السنابك1، ويستصغر المهالك. وأما الذي يليه فالغمر، ببحر غمر2، يقصر دونه الفخر، نهد3 صقر. وأما الذي يليه فعلقمة، صليب المعجمة4، منيع المشتمة5، قليل الجمجمة6. وأما الذي يليه فعاصم، سيد ناعم7، جلد صارم، أبي حازم، جيشه غانم، وجاره سالم، وأما الذي يليه فثواب، سريع الجواب، عتيد الصواب8، كريم النصاب9، كليث الغاب. وأما الذي يليه فمدرك، بذول لما يملك، عزوب10 عما يترك، يفني ويهلك. وأما الذي يليه فجندل، لقرنه مجدل11، مقل12 لما يحمل، يعطي ويبذل، وعن عدوه لا ينكل13".
فشاورت أختها فيهم، فقالت أختها عثمة:"ترى الفتيان كالنخل، وما يدريك ما الدخل؟ 14" اسمعى مني كلمة، إن شر الغريبة يعلن، وخيرها يدفن، انكحي في قومك ولا تغررك الأجسام، فلم تقبل منها، وبعثت إلى أبيها: أنكحني مدركًا، فأنكحها أبوها على مائة ناقة ورعاتها، وحملها مدرك؛ فلم تلبث عنده إلى قليلا، حتى صبحهم فوارس من بني مالك بن كنانة، فاقتتلوا ساعة، ثم إن زوجها وإخوته وبني عامر انكشفوا، فسبوها فيمن سبوا؛ فبينما هي تسير بكت، فقالوا: ما يبكيك، أعلى فراق زوجك؟ قالت: قبحه الله، قالوا: لقد كان جميلًا! قالت: قبح الله جمالًا
1 السنابك جمع سنبك كقنفذ: وهو طرف الحاقر، أي أنه يجهد الخيل في حومة الوغى.
2 القمر: معظم البحر، والكريم: الواسع الخلق.
3 النهد: الأسد، والكريم.
4 من عجم العود إذا عضه ليعرف صلابته من خوره.
5 المشتمة: مصدر شتم، والمعنى: أنه في حرز من أن يشتم ويسب عرضه، لحسن فعله وكرم خلقه
6 الجمجمة: إخفاء الشيء في الصدر.
7 نعم كسمع ونصر وضرب فهو ناعم: أي ذو تنعم وترفه.
8 العتيد: الحاضر المهيأ.
9 النصاب: الأصل.
10 بعيد.
11 جدله: صرعه على الجدالة "كسحابة" وهي الأرض.
12 نكل عنه كضرب ونصر وعلم: نكص وجبن.
14 الدخل: ما يبطن في الشيء، وهو مثل يضرب للرجل له منظر ولا مخبر له.