الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"يا بني أسد: إن عدي بن حاتم ضمن لعلي قومه، فأجابوه، وقضوا عنه ذمامه1، فلم يعتل الغني بالغنى، ولا الفقير بالفقر، وواسى بعضهم بعضًا حتى كأنهم المهاجرون في الهجرة، والأنصار في الأثرة2، وهم جيرانكم في الديار، وخلطاؤكم3 في الأموال، فأنشدكم الله لا يقول الناس غدًا: نصرت طيئ، وخذلت بنو أسد، وإن الجار يقاس بالجار، كالنعل بالنعل، فإن خفتم، فتوسعوا في بلادهم، وانضموا إلى جبلهم، وهذه دعوة لها ثواب من الله في الدنيا والآخرة".
"الإمامة والسياسة 1: 46".
1 العهد والحرمة.
2 أي يؤثر كل منهم أخاه على نفسه، ويفضله كما فعل الأنصار بالمهاجرين {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} .
3 الخلطاء: جمع خليط، وهو الشريك.
168-
خطبة علي بالربذة:
روى الطبري قال:
لما أتى عليًّا الخبر –وهو بالمدينة- بأمر عائشة وطلحة والزبير أنهم قد توجهوا نحو العراق، خرج يبادر وهو يرجو أن يدركهم ويردهم، فلما انتهى إلى الربذة1 أتاه عنهم أنهم قد أمعنوا، فأقام بالربذة أيامًا، وبقي بها يتهيأ، وأرسل إلى المدينة، فلحقه ما أراد من دابة وسلاح، وقام في الناس فخطبهم وقال:
"إن الله عز وجل أعزنا بالإسلام، ورفعنا به، وجعلنا به إخوانًا بعد ذلة وقلة، وتباغض وتباعد، فجرى الناس على ذلك ما شاء الله، الإسلام دينهم، والحق فيهم، والكتاب إمامهم، حتى أصيب هذا الرجل بأيدي هؤلاء القوم الذين نزغهم الشيطان، لينزغ بين هذه الأمة، ألا إن هذه الأمة لا بد مفترقة كما افترقت الأمم قبلهم، فنعوذ بالله من شر ما هو كائن.
1 قرب المدينة.
ثم عاد ثانية فقال: إنه لا بد مما هو كائن أن يكون. ألا وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، شرها فرقة تنتحلني ولا تعمل بعملي، فقد أدركتم ورأيتم، فالزموا دينكم واهدوا بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، واتبعوا سنته، واعرضوا ما أشكل عليكم على القرآن، فما عرفه القرآن فالزموه، وما أنكره فردوه، وارضوا بالله عز وجل ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا، وبالقرآن حكمًا وإمامًا".
"تاريخ الطبري 5: 185".