الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجع إلى أهله بخير، فعلنا، ونأمر للأمير منكم بعشرة آلاف دينار، ونأمر لك بمثلها، ونأمر لرؤسائكم بألف دينار ألف دينار، ونأمر لجميع أصحابك بمائة دينار مائة دينار، على أن توثقوا لنا بالأيمان المغلظة ألا تعودوا إلى بلادنا" ثم سكت.
212-
جواب خالد:
فقال خالد رحمه الله: الحمد لله الذي لا إله إلا هو، فلما فسر له الترجمان قوله: الحمد لله الذي لا إله إلا هو رفع يده إلى السماء، ثم قال لخالد: نعم ما قلت، ثم قال خالد: وأشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فسر له الترجمان قال باهان: الله أعلم، ما أدري، لعله كما تقول، فأخبر خالد الترجمان. ثم قال خالد رحمه الله:
"أما بعد: فإن كل ما ذكرت به قومك من الغنى والعز ومنع الحريم والظهور على الأعداء، والتمكن في البلاد، فنحن به عارفون، وكل ما ذكرت من إنعامكم على جيرانكم منا، فقد عرفناه، وذلك لأمر كنتم تصلحون به دنياكم، وإصلاحكم كان إليهم وإحسانكم إليهم، كان ذلك زيادة في ملككم وعزا لكم، ألا ترون أن ثلثيهم أو شطرهم دخلوا معكم في دينكم فهم يقاتلوننا معكم؟.
وأما ما ذكرتنا به من رعي الإبل والغنم، فما أقل من رأيت واحدًا منا يكرهه، وما لم يكن يكرهه منا فضل على من يفعله، وأما قولكم: إنا أهل الصخر والحجر والبؤس والشقاء، فحالنا والله كما وصفته، ما ننتفي من ذلك ولا نتبرأ منه، وكنا على أسوأ وأشد مما ذكرت، وسأقص عليك قصتنا، وأعرض عليك أمرنا، وأدعوك إلى حظك إن قبلت، ألا إنا كنا معشر العرب أمة من هذه الأمم، أنزلنا الله –وله الحمد- منزلًا من الأرض. ليست به أنهار جارية، ولا يكون به من الزرع إلا القليل، وكل أرضنا المهامه1 والقفار، فكنا أهل حجر ومدر2 وشاء وبعير، وعيش شديد، وبلاء
1 جمع مهمه: القفر.
2 المدر: قطع الطين اليابس.
دائم لازم، نقطع أرحامنا ونقتل خشية الإملاق أولادنا، ويأكل قوينا ضعيفنا، وكثيرنا قليلنا، ولا تأمن قبيلة منا قبيلة إلا أربعة أشهر من السنة1، نعبد من دون الله أربابًا وأصنامًا، ننحتها بأيدينا من الحجارة التي نختارها على أعيننا، وهي لا تضر ولا تنفع، ونحن عليها مكبون، فبينما نحن كذلك على شفا2 حفرة من النار، من مات منا مات مشركًا، وصار إلى النار، ومن بقي منا بقي كافرًا مشركًا بربه، قاطعًا لرحمه، إذ بعث الله فينا رسولًا من صميمنا وشرفائنا وخيارنا وكرمائنا وأفضلنا، دعانا إلى الله وحده أن نعبده ولا نشرك به شيئًا، وأن نخلع الأنداد التي يعبدها المشركون دونه، وقال لنا لا تتخذوا من دون الله ربكم إلهًا ولا وليًّا ولا نصيرًا، ولا تجعلوا معه صاحبة ولا ولدًا، ولا تعبدوا من دونه نارًا ولا حجرًا، ولا شمسًا ولا قمرًا، واكتفوا به ربا وإلها من كل شيء دونه، وكونوا أولياءه، وإليه فادعوا، وإليه فارغبوا، وقال لنا: قاتلوا من اتخذ مع الله آلهة أخرى، وكل من زعم أن لله ولدًا وأنه ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة حتى يقولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له ويدخلوا في الإسلام، فإن فعلوا حَرُمَت عليكم دماؤهم وأموالهم وأعراضهم إلا بحقها، وهم إخوانكم في الدين، لهم ما لكم وعليهم ما عليكم، فإن هم أبوا أن يدخلوا في دينكم، وأقاموا على دينهم، فاعرضوا عليهم الجزية أن يؤدوها عن يد وهم صاغرون، فإن هم فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، وإن أبوا فقاتلوهم؛ فإنه من قتل منكم كان شهيدًا حيًّا عند الله مرزوقًا، وأدخله الله الجنة، ومن قتل من عدوكم قتل كافرًا، وصار إلى النار مخلدًا فيها أبدًا، ثم قال خالد:
وهذا والله الذي لا إله إلا هو أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم، فعلمنا، وأمرنا به أن ندعو الناس إليه ونحن ندعوكم إلى ما دعانا إليه نبينا صلى الله عليه وسلم، وإلى ما أمرنا به أن ندعو إليه الناس، فندعوكم إلى الإسلام، وإلى أن تشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإلى أن تقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتقروا بما جاء من عند الله
1 هي الأشهر الحرم: رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
2 حرف.