الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لك ويوم عليك؛ فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر؛ فكلاهما سينحسر1، فإنما تعز2 من ترى ويعزك من لا ترى، ولو كان الموت يشترى، لسلم منه أهل الدنيا؛ ولكن الناس فيه مستوون، الشريف الأبلج، واللئيم المعلهج3، والموت المفيت؛ خير من أن يقال لك هبيت4، وكيف بالسلامة، لمن ليست له إقامة، وشر من المصيبة سوء الخلف، وكل مجموع إلى تلف، حياك إلهك.
"الأمالي 1: 102، وشرح ابن أبي الحديد 4:154".
1 ينكشف.
2 تغلب. عزه يعزه كنصره عزا، وعزيعز كضرب عزا وعزة صار عزيزا.
3 المتناهي في الدناءة واللؤم.
4 الأحمق الضعيف.
74-
وصية ذي الإصبع العدواني لابنه أسيد
لما احتضر1 ذو الإصبع دعا ابنه أسيدًا؛ فقال له: يا بني إن أباك قد فني وهو حي، وعاش حتى سئم العيش، وإن موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته، فاحفظ عني، ألن جانبك لقومك يحبوك، وتواضع لهم يرفعوك، وابسط لهم وجهك يطيعوك، ولا تستأثر عليهم بشيء يسودوك، وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم، يكرمك كبارهم، ويكبر على مودتك صغارهم، واسمح بمالك، وارحم حريمك، وأعزز جارك، وأعن من استعان بك، وأكرم ضيفك، وأسرع النهضة في الصريخ2؛ فإن لك أجلًا لا يعدوك، وصن وجهك عن مسألة أحد شيئًا، فبذلك يتم سؤددك.
"الأغاني 3: 6".
1 حضره الموت.
2 أي في وقت الصريخ وهو نداء المستغيث.
75-
وصية عمرو بن كلثوم لبنيه:
أوصى عمرو بن كلثوم التَّغْلَبي؛ فقال: يا بني إني بلغت من العمر ما لم يبلغ أحد من آبائي وأجدادي، ولا بد من أمر مقتبل، وأن ينزل بي ما نزل بالآباء والأجداد، والأمهات والأولاد، فاحفظوا عني ما أوصيكم به: إني والله ما عيرت رجلًا قط أمرًا إلا عير بي مثله، إن حقًّا فحقًّا، وإن باطلًا فباطلًا، ومن سب سب، فكفوا عن الشتم فإنه أسلم لأعراضكم، وصلوا أرحامكم، تعمر داركم، وأكرموا جاركم يحسن ثناؤكم، وزوجوا بنات العم بني العم؛ فإن تعديتم بهن إلى الغرباء، فلا تألوا بهن الأكفاء، وأبعدوا بيوت النساء من بيوت الرجال؛ فإنه أغض للبصر، وأعف للذكر، ومتى كانت المعاينة واللقاء؛ ففي ذلك داء من الأدواء ولا خير فيمن لا يغار لغيره. كما يغار لنفسه، وقل من انتهك حرمة لغيره إلا انتهكت حرمته، وامنعوا القريب من ظلم الغريب، فإنك تذل على قريبك، ولا يحل بك ذل غريبك وإذا تنازعتم في الدماء فلا يكن حقكم للقاء، فرب رجل خير من ألف، وود خير من خلف، وإذا حدثم فعوا، وإذا حدثتم فأوجزوا، فإن مع الإكثار يكون الإهذار1، وموت عاجل خير من ضنى آجل، وما بكيت من زمان إلا دهاني بعده زمان، وربما شجاني من لم يكن أمره عناني، وما عجبت من أحدوثه إلا رأيت بعده أعجوبة، واعلموا أن أشجع القوم العطوف، وخير الموت تحت ظلال السيوف، ولا خير فيمن لا روية له عند الغضب، ولا فيمن إذا عوتب لم يعتب2، ومن الناس من لا يرجى خيره، ولا يخاف شره، فبكؤه3 خير من دره، وعقوقه خير من بره، ولا تبرحوا في حبكم، فإنه من برح في حب، آل
1 أهذر: هذى.
2 لم يرض.
3 بكأت الناقة بكئًا قل لبنها.