الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خذله، وإنه لأخوه في دينه، وابن عمه1، وسلفه2، وابن عمته3، ثم قد أقبلوا من عراقهم حتى نزلوا شامكم وبلادكم وبيضتكم4، وإنما عامتهم بين قاتل وخاذل، فاستعينوا بالله واصبروا، فلقد ابتليتم أيتها الأمة، ولقد رأيت في منامي في ليلتي هذه، لكأنا وأهل العراق اعتورنا5 مصحفا نضربه بسيوفنا، ونحن في ذلك جميعًا ننادي: ويحكم الله! ومع أنا والله لا نفارق العرصة6 حتى نموت، فيكم بتقوى الله، وليكن الثبات لله، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "إنما يبعث المقتتلون على الثبات" أفرغ الله علينا وعليكم الصبر، وأعز لنا ولكم النصر، وكان لنا ولكم في كل أمر، وأستغفر الله لي ولكم".
"شرح ابن أبي الحديد: 1: 484".
1 عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
2 السلف "بفتح فكسر وبكسر فسكون" من الرجل: زوج أخت امرأته وقد علمت أن عثمان تزوج السيدة رقية أخت السيدة فاطمة زوج الإمام علي.
3 أم عثمان هي أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
4 البيضة: ساحة القوم.
5 اعتوروا الشيء: تداولوه.
6 العرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء.
خطبة يزيد بن أبي أسد البجلي
…
231-
خطبة يزيد بن أسد البجلي:
وقام يزيد بن أسد البجلي في أهل الشأم يخطب بصفين، وعليه قباء من خز وعمامة سوداء، آخذًا بقائم سيفه، واضعًا نصل السيف في الأرض متوكئًا عليه، فقال:
"الحمد لله الواحد الفرد، ذي الطول1 والجلال، العزيز الجبار، الحكيم الغفار، الكبير المتعال، ذي العطاء والفعال2، والسخاء والنوال، والبهاء والجمال، والمن
1 الطول: الفضل والقدرة والغنى.
2 الفعال: اسم الفعل الحسن، والكرم.
والإفضال، مالك اليوم الذي لا بيع فيه1 ولا خلال2، أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، وفي كل حال من شدة أو رخاء، أحمده على نعمه التوام، وآلائه العظام، حمدًا يستنير بالليل والنهار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة النجاة في الحياة الدنيا وعند الوفاة، وفيها الخلاص يوم القصاص، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي المصطفى، وإمام الرحمة والهدى، صلى الله عليه وآله.
ثم كان من قضاء الله أن جمعنا وأهل ديننا في هذه الرقعة من الأرض، والله يعلم أني كنت كارهًا لذلك، ولكنهم لم يبلعونا ريقنا، ولم يتركونا نرتاد لأنفسنا، وننظر لمعادنا، حتى نزلوا بين أظهرنا، وفي حريمنا وبيضتنا3، وقد علمنا أن في القوم أحلامًا وطغامًا4، ولسنا نأمن طغامهم على ذرارينا ونسائنا، ولقد كنا نحب أن لا نقاتل أهل ديننا، فأخرجونا حتى صارت الأمور إلى أن قاتلناهم عدا حمية5، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين.
أما والذي بعث محمدًا بالرسالة لوددت أني مت منذ سنة، ولكن الله إذا أراد أمرًا لم يستطع العباد رده، فنستعين بالله العظيم، وأستغفر الله لي ولكم".
"شرح ابن أبي الحديد 1: 485 والأغاني 19: 55".
1 لا بيع فيه فيباع المقصر ما يتدارك به تقصيره، أو يفدي به نفسه.
2 الخلال والمخالة مصدر خال: المصادقة، أي ولا مخالة فيه فيشفع لك خليلك.
3 البيضة: ساحة القوم.
4 الحلم بالكسر: الأناة والعقل، وهو حليم والجمع حلماء وأحلام، والطغام: أوغاد الناس.
5 الحمية: الأنفة "وفي الأصل غدا، وأرى صوابه عدا أي أعداء".