الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
332-
خطبة شيمان الأزدي:
فقام شيمان الأزدي –ولم يكن شهد يوم الجمل وكان غائبًا- فقال:
"يا معشر الأزد: ما أبقت عواقب الجمل عليكم إلا سوء الذكر، وقد كنتم أمس على علي عليه السلام، فكونوا اليوم له، واعلموا أن إسلامكم1 له ذل، وخذلانكم إياه عار، وأنتم حي مضماركم الصبر، وعاقبتكم الوفاء، فإن سار القوم بصاحبهم فسيروا بصاحبكم، وإن استمدوا معاوية فاستمدوا عليًّا عليه السلام، وإن وادعوكم فوادعوهم".
1 أسلمه: خذله.
333-
خطبة صبرة بن شيمان:
ثم قام صبرة ابنه، فقال:
"يا معشر الأزد: إنا قلنا يوم الجمل نمنع مصرنا، ونطيع أمنا، ونطلب دم خليفتنا المظلوم، فجددنا في القتال، وأقمنا بعد انهزام الناس، حتى قتل منا من لا خير فينا بعده، وهذا زياد جاركم اليوم، والجار مضمون، ولسنا نخاف من علي ما نخاف من معاوية، فهبوا لنا أنفسكم، وامنعوا جاركم، أو فأبلغوه مأمنه".
فقالت الأزد: إنما نحن لكم تبع فأجيروه.
334-
خطبة الإمام علي:
واستنفر علي بني تميم أيامًا لينهض منهم إلى البصرة من يكفيه أمر ابن الحضرمي، ويرد عادية بني تميم الذين أجاروه بها، فلم يجبه أحد فخطبهم وقال:
"أليس من العجب أن ينصرني الأزد1، وتخذلني مضر؟ وأعجب من ذلك تقاعد تميم الكوفة بي، وخلاف تميم البصرة علي، وأن أستنجد بطائفة منها تشخص إلى إخوانها فتدعوهم إلى الرشاد، فإن أجابت وإلا فالمنابذة والحرب، فكأني أخاطب صمًّا بكمًا، لا يفقهون حوارًا، ولا يجيبون نداءً، كل هذا جبنًا عن البأس، وحبًّا للحياة، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نقتل آباءنا وأبناءنا، وإخواننا وأعمامنا2، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانًا وتسليمًا، ومضيًّا على اللقم3، وصبرًا على مضض الألم، وجدًّا في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان4 تصاول الفحلين يتخالسان5 أنفسهما، أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت6، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقيًا جرانه7، ومتبوئًا أوطانه، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم، ما قام للدين عمود، ولا اخضر للإيمان عود، وايم الله لتحتلبنها دمًا8، ولتتبعنها ندمًا".
فقام إليه أعين بن ضبيعة المجاشعي9 فقال:
"أنا إن شاء الله أكفيك يا أمير المؤمنين هذا الخطب، وأتكفل لك بقتل ابن الحضرمي، أو إخراجه عن البصرة" فأمره بالتهيؤ للشخوص، فشخص إلى البصرة.
1 هم من العرب اليمانيين.
2 قتلهم الأقارب في ذات الله كثير، قتل علي عليه السلام الجم الغفير من بني عبد مناف وبني عبد الدار في يوم بدر وأحد وهم عشيرته وبنو عمه، وقتل عمر بن الخطاب يوم بدر خاله العاص بن هاشم بن المغيرة، وقتل حمزة بن عبد المطلب شيبة بن ربيعة يوم بدر وهو ابن عمه، ومثل ذلك كثير مذكور في كتب السيرة.
3 لقم الطريق: الجادة الواضحة منها.
4 التصاول: أن يصول كل من القرنين على صاحبه.
5 التخالس: التسالب، أي يبغي كل أن يسلب روح الآخر.
6 الإذلال.
7 جران البعير: مقدم عنقه، وهو كناية عن التمكن كالبعير يلقى جرانه على الأرض.
8 يقال لمن أسرف في الأمر: لتحتلبن دمًا، وأصلها الناقة يفرط في حلبها فيحلب الحالب الدم.
9 مجاشع بن دارم: أبو قبيلة من تميم، وأعين بن ضبيعة، هو الذي عقر الجمل الذي كانت عليه عائشة يوم الجمل.