الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"من كان منكم ذا هم بعيد، وجمل شديد، ومزاد1 جديد؛ فليلحق بقصر عمان المشيد2؛ فكانت أزد عمان، ثم قالت: من كان منكم ذا جلد وقسر3، وصبر على أزمات الدهر؛ فعليه بالأراك4 من بطن مر5، فكانت خزاعة، ثم قالت: من كان منكم يريد الراسيات في الوحل، والمطعمات في المحل6؛ فليلحق بيثرب ذات النخل، فكانت الأوس والخزرج، ثم قالت: من كان منكم يريد الخمر الخمير، والملك والتأمير، ويلبس الديباج والحرير، فليحلق ببصرى وغوير، "وهما من أرض الشام"، فكان الذي سكنوها من آل جفنة من غسان، ثم قالت: من كان منكم. يد الثياب الرقاق، والخيل العتاق، وكنوز الأرزاق، والدم المهراق، فليلحق بأرض العراق، فكان الذين سكنوها آل جذيمة الأبرش، ومن كان بالحيرة وآل محرق7".
"مجمع الأمثال: 1: 186".
1 المزاد والمزايد جمع مزادة: وهي الراوية.
2 المشيد: المرفوع، قال مسلم بن الوليد في رثاه يزيد بن مزيد:
أما هدت لمصرعه نزار؟ بلى، وتقوض المجد المشيد.
3 قسره على الأمر: قهره.
4 الأراك: القطعة من الأرض، وموضع بعرفات، وجيل بهذيل.
5 مر بن أد بن طابخة.
6 المحل: الشدة والجدب.
7 هو عمرو بن هند؛ لأنه حرق مائة من بني تميم.
68-
حديث زبراء الكاهنة مع بني رئام من قضاعة:
كان ثلاثة أبطن من قضاعة مجتورين1 بين الشحر وحضرموت: بنو ناعب، وبنو داهن، وبنو رئام وكانت بنو رئام أقلهم عددًا، وأشجعهم لقاء وكانت لبني رئام عجوز تسمى خويلة، وكانت لها أمة من مولدات العرب تسمى زبراء وكان يدخل على خويلة أربعون رجلًا، كلهم لها محرم، بنو إخوة وبنو أخوات، وكانت خويلة عقيمًا، وكان بنو ناعب، وبنو داهن متظاهرين على بني رئام؛ فاجتمع بنو رئام ذات يوم في عرس لهم، وهم سبعون رجلًا، كلهم شجاع بئيس2، فطعموا وأقبلوا على شرابهم، وكانت
1 متجاورين.
2 البئيس: الشجاع، من بؤس ككرم بأسًا.
زبراء كاهنةً؛ فقالت لخويلة: انطلق بنا إلى قومك أنذرهم، فأقبلت خويلة تتوكأ على زبراء، فلما أبصرها القوم، قاموا إجلالًا لها. فقالت:"يا ثمر الأكباد، وأنداد1 الأولاد، وشجا2 الحساد، هذه زبراء، تخبركم عن أنباء، قبل انحسار الظلماء، بالمؤيد3 الشنعاء، فاسمعوا ما تقول". قالوا: وما تقولين يا زبراء؟ قالت:
"واللوح4 الخافق، والليل الغاسق5، والصباح الشارق، والنجم الطارق6، والمزن الوادق7، إن شجر الوادي ليأدو ختلًا8، ويخرق أنيابًا عصلًا9، وإن صخر الطود لينذر ثكلًا10، لا تجدون عنه معلًا11".
فوافقت قومًا أشارى12 سكارى، فقالوا:"ريح خجوج13، بعيدة ما بين الفروج، أتت زبراء بالأبلق النتوج14".
فقالت زبراء: "مهلًا يا بني الأعزة، والله إني لأشم ذفر15 الرجال تحت الحديد"
1 أنداد: جمع ند بالكسر، وهو المثل والنظير.
2 الشجا: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه.
3 المؤيد: الداهية والأمر العظيم.
4 اللوح بالضم والفتح "والضم أعلى": الهواء بين السماء والأرض.
5 غسق الليل كجلس: اشتدت ظلمته.
6 الطارق: في الأصل، كل من أتى ليلًا، ثم استعمل النجوم لطلوعها ليلًا.
7 المزن: السحاب أو أبيضه أو ذو الماء، والوادق من ودق المطر كوعد: قطر.
8 أدوت له آدو أدوا إذا ختلته وخدعته "ودأيت له، ودألت له أيضًا" والختل: الخدع.
9 حرق أنيابه: إذا حك بعضها ببعض، والعرب تقول عند الغضب بغضبه الرجل على صاحبه:"هو يحرق على الأرم" والأرم كسكر: الأضراس، والعصل: المعوجة جمع أعصل.
10 الطود: الجيل، والثكل، الفقد.
11 المعل: المنجى.
12 الأشر محركة: المرح.
13 الخجوج: السريع المر.
14 الأبلق: وصف من البلق محركة، وهو ارتفاع البياض في قوائم القرس إلى الفخذين، والأبلق لا يكون نتوجًا، والعرب تضرب هذا مثلًا للشيء الذي لا ينال، تقول "طلب الأبلق العقوق؛ فلما فاته أراد بيض الأتوق" والعقوق كصبور: الحامل، والأفوق كصبور أيضًا، الذكر من الرخم ولا بيض له، هذا قول بعض اللغويين؛ فالمعنى أنه طلب ما لا يمكن، فلما لم يجد طلب أيضًا ما لا يكون ولا يوجد، وعامتهم يقولون: الأنوق الرخمة وهي تبيض في مكان لا يوصل فيه إلى بيضها إلا بعد عناء؛ فالمعنى أنه طلب ما لا يقدر عليه، فلما لم ينله طلب ما يجوز أن يناله.
15 الذفر: حدة الريح، يكون في النتن والطيب "والدفر لا يكون إلا في النتن".