الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاقتلوهم وقاتلوهم فإن قتيلكم المحتسب بنفسه شهيد عند الله، وهو في جنات النعيم، وقتيل عدوكم في النار".
فقال: قبلتم ما سمعتم مني فهو خير لكم، وإن أبيتم ذلك فابرزوا إلينا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين".
فقال الرومي: قد أبيتم إلا هذا؟ فقال له أبو عبيدة: نعم. فقال له الرومي: أما والله على ذلك، إني لا نراكم تتمنون أنكم قبلتم منا دون ما عرضنا عليكم.
"فتوح الشام ص 100".
120-
بين باهان وخالد بن الوليد:
وبعث باهان أمير الروم إلى خالد بن الوليد أن القني، فأقبل إليه خالد، فقال باهان:
إن شئت فتكلم، وإن شئت بدأتك فتكلمت، فقال له خالد: فتكلم، فقال باهان:
"الحمد لله الذي جعل نبينا أفضل الأنبياء، وملكنا أفضل الملوك، وأمتنا خير الأمم، فلما بلغ هذا المكان، قال خالد للترجمان، وقطع على صاحب الروم منطقه ثم قال: "الحمد لله الذي جعلنا نؤمن بنبينا ونبيكم وبجميع الأنبياء، وجعل الأمير الذي وليناه أمورنا رجلًا كبعضنا، فلو زعم أنه ملك علينا لعزلناه عنا، ولسنا نرى أن له على رجل من المسلمين فضلًا، إلا أن يكون أتقى منه عند الله وأبر، والحمد لله الذي جعل أمتنا تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقر بالذنب وتستغفر الله منه، وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئا" قل الآن ما بدا لك.
فاصفر وجه باهان ومكث قليلًا، ثم قال: "الحمد لله الذي أبلانا فأحسن البلاء عندنا، وأغنانا من الفقر، ونصرنا على الأمم، وأعزنا فلا نذل، ومنعنا من الضيم، فلا يباح حريمنا، ولسنا فيما أعزنا الله به وأعطانا من ديننا ببطرين ولامرحين ولا
باغين على الناس، وقد كانت لنا منكم يا معشر العرب جيران كنا نحسن جوارهم، ونعظم قدرهم، ونفضل عليهم، ونفي لهم بالعهد، وخيرناهم بلادنا، ينزلون منها حين شاءوا، فينزلون آمنين، ويرحلون آمنين، وكنا نرى أن جميع العرب ممن لا يجاورنا سيشكر لنا ذلك الذي أتينا إلى إخوانهم، وما اصطنعنا عندهم، فلم يرعنا منكم إلا وقد فاجأتمونا بالخيل والرجال، تقاتلوننا على حصوننا، وتريدون أن تغلبونا على بلادنا، وقد طلب هذا منا قبلكم من كان أكثر منكم عددًا، وأعظم مكيدة، وأوفى جندًا، ثم رددناهم عنها، فلم يرجعوا عنَّا إلا وهم بين قتيل وأسير، وأراد ذلك منا فارس، فقد بلغكم كيف صنع الله عز وجل بهم، وأراد ذلك منا الترك، فلقيناهم بأشد مما لقينا به فارس، وأرادنا غيركم من أهل المشرق والمغرب من ذوي المنعة والعز والجنود العظيمة، فكلهم أظفرنا الله بهم، وصنع لنا عليهم، ولم تكن أمة من الأمم بأرق عندنا منكم شأنًا، ولا أصغر أخطارًا1 إنما جُلكم رعاء الشاء والإبل، وأهل الصخر والحجر والبؤس والشقاء، فأنتم تطمعون أن نجلى لكم عن بلادنا؟ بئس ما طمعتم فيه منا، وقد ظننا أنه لم يأت بكم إلى بلادنا –ونحن يتقي كل من حولنا من الأمم العظيمة الشأن الكثيرة العدد، مع كثرتنا وشدة شوكتنا- إلا جهد نزل بكم من جدوبة الأرض وقحط المطر، وعثتم في بلادنا وأفسدتم كل الفساد، وقد ركبتم مراكبنا، وليست كمراكبكم، ولبستم ثيابنا وليست كثيابكم، وثياب الروم البيض كأنها صفائح الفضة، وطعمتم من طعامنا وليس كطعامكم، وقد لقيناكم الآن وذلك كله لنا، فهو في أيديكم، فنحن نسلمه لكم، فاخرجوا به، وانصرفوا عن بلادنا، فإن أبت أنفسكم إلا أن تحرصوا وتشرهوا، وأردتم أن نزيدكم من بيوت أموالنا ما يقوى به الضعيف منكم، ويرى الغائب أن قد
1 أقدارا.