الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
301-
خطبة علي حين بلغه مقتل محمد بن أبي بكر:
ولما بلغ عليا مقتل محمد بن أبي بكر، حزن عليه حتى رئي ذلك في وجهه وتبين فيه وقام في الناس خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم وقال:
"إلا إن مصر قد افتتحها الفجرة أولو الجور والظلم، الذين صدوا عن سبيل الله، وبغوا الإسلام عوجا، ألا وإن محمد بن أبي بكر قد استشهد رحمه الله، فعند الله نحتسبه، أما والله إن كان -ما علمت- لممن ينتظر القضاء، ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر، ويحب هدى المؤمن.
إني والله ما ألوم نفسي على التقصير، وإني لمقاساة الحرب نجد1 خبير، وإني لأقدم على الأمر وأعرف وجه الحزم، وأقوم فيكم بالرأي المصيب، فأستصرخكم معلنا، وأناديكم نداء المستغيث معربًا، فلا تسمعون لي قولًا، ولا تطيعون لي أمرًا، حتى تصير بي الأمور إلى عواقب المساءة، فأنتم القوم لا يدرك بكم الثأر، ولا ينقض بكم الأوتار، دعوتكم إلى غياث إخوانكم منذ بضع وخمسين ليلة، فتجرجرتم جرجرة2 الجمل الأشدق، وتثاقلتم إلى الأرض تثاقل من ليس له نية في جهاد العدو، ولا اكتساب الأجر، ثم خرج إلي منكم جنيد متذائب3 كأنما يساقون إلى الموت، وهم ينظرون، فأفٍّ لكم" ثم نزل:
"تاريخ الطبري 6: 62".
1 النجد: الشجاع الماضي فيما يعجز غيره.
2 الجرجرة: صوت تردده البعير في حنجرته، وأكثر ما يكون ذلك عند الإعياء والتعب.
3 جنيد: تصغير جند، متذائب: مضطرب. من قولهم: تذاءبت الريح أي اضطرب هبوبها، ومنه سمي الذئب ذئبًا لاضطراب مشيته.