الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
347-
خطبة الأحنف بن قيس، بين يدي عمر
بن الخطاب:
قدم الأحنف بن قيس التميمي على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أهل البصرة وأهل الكوفة، فتكلموا عنده في أنفسهم، وما ينوب كل واحد منهم، وتكلم الأحنف فقال:
"يا أمير المؤمنين: إن مفاتيح الخير، بيد الله، وقد أتتك وفود العراق، وإن إخواننا من أهل الكوفة والشام ومصر نزلوا منازل الأمم الخالية، والملوك الجبابرة، ومنازل كسرى وقيصر وبني الأصفر، فهم من المياه العذبة، والجنان المخصبة في مثل حولاء السلى1 وحدقة البعير الغاسقة2، تأتيهم ثمارهم غضة قبل أن تتغير، وإنا معشر أهل البصرة نزلنا أرضًا سبخة هشاشة، زعقة نشاشة3، طرف في فلاة، وطرف في ملح أجاج4، جانب منها منابت القصب، وجانب سبخة نشاشة لا يجف ترابها، ولا ينبت مرعاها، تأتينا منافعها في مثل مريء النعامة، يخرج الرجل الضعيف منا يستعذب5 الماء من فرسخين، وتخرج المرأة بمثل ذلك، ترنق6 ولدها ترنيق العنز تخاف عليه العدو والسبع، دارنا فعمة7، ووظيفتنا ضيقة، وعددنا كثير، وأشرافنا قليل، وأهل البلاء فينا كثير، ودرهمنا كبير، وقفيزنا8 صغير وقد وسع الله علينا وزادنا
1 الحولاء: جلدة خضراء مملوءة ماء تخرج مع الولد فيها أغراس وخطوط حمر وخضر ونزلوا في مثل حولاء الناقة. يريدون الخصب وكثرة الماء والخضرة، والسلى جلدة فيها الولد "من الناس والمواشي".
2 السوداء.
3 هشاشة: يسيل ماؤها. سبخة نشاشة: لا يجف ثراها ولا ينبت مرعاها، والسبخة بفتح الباء وسكونها أرض ذات نز وملح.
4 ملح مر.
5 استعذب: استقى عذبًا.
6 الترنيق: إدامة النظر.
7 ممتلئة "أي بساكنيها".
8 مكيال.
في أرضنا فوسع علينا يا أمير المؤمنين، وزدنا وظيفة توظف علينا ونعيش بها، فإلا ترفع خسيستنا1 وتنعش ركيستنا2 وتجبر فاقتنا وتزد في عيالنا عيالًا، وفي رجالنا رجالًا، وتصفر3 درهمنا، وتكبر قفيزنا، وتأمر لنا بحفر نهر نستعذب به الماء، هلكنا".
قال عمر: هذا والله السيد، هذا والله السيد. قال الأحنف: فما زلت أسمعها بعدها.
"العقد الفريد 1: 116، وسرح العيون 68 وتاريخ الطبري 4: 209".
انتهى الجزء الأول
ويليه: الجزء الثاني
وأوله: الباب الثالث في خطب ووصيا العصر الأموي.
1 رفعت من خسيسته: فعلت به فعلًا فيه رفعته.
2 الركس: قلب أول الشيء على آخره، وارتكس: انتكس ووقع.
3 صفره: صبغه بصفرة: أي تبدلنا بالدرهم الأبيض دينارًا أصفر وتجعل فضتنا ذهبًا.