الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجتمعا له، وكان الباطل أولى به، وإن الحق لم يزل ينفر من الباطل، ولم يزل الباطل ينفر من الحق.
يا معشر عدوان: لا تشمتوا بالذلة، ولا تفرحوا بالعزة، فبكل عيش يعيش الفقير مع الغني، ومن ير يومًا ير به1، وأعدوا لكل امرئ جوابه، إن مع السفاهة الندامة، والعقوبة نكال وفيها ذمامة2، ولليد العليا3، العاقبة، والقود4 راحة، لا لك ولا عليك، وإذا شئت وجدت مثلك، إن عليك كما أن لك، وللكثرة الرعب، وللصبر الغلبة، ومن طلب شيئًا وجده، وإن لم يجده يوشك أن يقع قريبًا منه".
"مجمع الأمثال 2: 183".
1 أي من رأى يومًا عدوه رأى مثله على نفسه.
2 الذمامة بالفتح ويكسر، والذمة: العهد، والكفالة: والحق، والحرمة.
3 اليد العليا المعطية، والسفلى: السائلة، وفي الحديث:"اليد العليا خير من اليد السفلى"، وهو حث على الصدقة.
4 القود: القصاص.
78-
وصية دويد بن زيد لبنيه:
لما حضرت دويد1 بن زيد الوفاة قال لبنيه:
"أوصيكم بالناس شرًّا، لا ترحموا لهم عبرة، ولا تقيلوهم عثرة2، قصروا الأعنة، وطولوا الأسنة، واطعنوا شزرًا3، واضربوا هبرًا4، وإذا أردتم المحاجزة،
1 هو دويد بن زيد بن نهد الحميري، وكان من المعمرين. قيل عاش أربعمائة وستًا وخمسين سنة، "قالوا: ولا يعد العرب معمرًا إلا من عاش مائة وعشرين سنة فصاعدا".
2 أقال الله عثرته: رفعه من سقوطه.
3 الطعن في الجوانب يمينًا وشمالًا.
4 هبر اللحم: قطعه قطعًا كبارًا، والهبرة "بالفتح" القطعة المجتمعة منه وضرب هبر وهبير هابر: أي يقطع اللحم.
فقبل المناجزة، والمرء يعجز لا المحالة، بالجد لا بالكد، والتجلد ولا التبلد، والمنية ولا الدنية، ولا تأسوا على فائت وإن عز فقده، ولا تحنوا إلى ظاعن وإن ألف قربه، ولا تطمعوا فتطبعوا1، ولا تهنوا فتخرعوا2. ولا يكونن لكم المثل السوء "إن الموصين بنو سهوان3" إذا مت فأرحبوا4 خط مضجعي، ولا تضنوا على برحب5 الأرض، وما ذلك بمؤد إلى روحا6، ولكن حاجة نفس خامرها الإشفاق".
قال أبو بكر بن دريد في حديث آخر إنه قال:
اليوم يبنى لدويد بيته
…
يا رب نهب صالح حويته
ورب قرن بطل أرديته
…
ورب غيل حسن لويته7
ومعصم مخضب ثنيته
…
لو كان للدهر بلى أبليته8
أو كان قرني واحدًا كفيته
"أمالي السيد المرتضى 1:171".
1 الطبع محركة: الدنس.
2 الوهن الضعف، والخراعة:"كنباهة" اللين والرخاوة خرع: ككرم، وخرع كفرح ضعف وانكسر؛ فهو خرع، وخريع.
3 قال الميداني في مجمع الأمثال"1:6": "هذا مثل تخبط في تفسيره كثير من الناس، قال بعضهم: إنما يحتاج إلى الوصية من يسهو ويغف؛ فأما أنت فغير محتاج إليها؛ لأنك لا تسهو، وقال بعضهم يريد بقوله بنو سهوان جميع الناس؛ لأن كلهم يسهو، والأصوب في معناه أن يقال: إن الذين يوصون بالشيء يستولى عليهم السهو حتى كأنه موكل بهم، يضرب لمن يسهو عن طلب شيء أمر به، والسهوان، السهو، ويجوز أن يكون صفة أي بنو رجل سهوان، وهو آدم عليه السلام حين عهد إليه فسها ونسي، يقال رجل سهوان وساه، أي إن الذي يوصون لا بد أن يسهوا؛ لأنهم بنو آدم عليه السلام".
4 أرحبه: وسعه.
5 الرحب: بالضم مصدر، وبالفتح وصف.
6 أي راحة، أو هو بالضم أي وما ذاك بمرجع إلى روحي.
7 الغيل: الساعد الريان الممتلئ.
8 المعصم: موضع السوار أو اليد، وهو المراد هنا.