الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونجدهم فجرة غدرة كذبة، يحاولون غير ما يظهرون، فلما قووا على المكاثرة كاثروه، واقتحموا عليه داره، واستحلوا الدم الحرام، والمال الحرام، والبلد الحرام، لا ترة1 ولا عذر، ألا إن ما ينبغي، لا ينبغي لكم غيره، أخذ قتلة عثمان رضي الله عنه، وإقامة كتاب الله عز وجل:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} الآية".
"تاريخ الطبري 5: 175، والكامل لابن الأثير 3: 105".
1عذر.
163-
خطبة لعلي:
وخطب علي لما سار الزبير وطلحة من مكة ومعهما عائشة يريدون البصرة، فقال:
"أيها الناس: إن عائشة سارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير، وكل منهما يرى الأمر له دون صاحبه، أما طلحة فابن عمها، وأما الزبير فختنها، والله لو ظفروا بما أرادوا –ولن ينالوا ذلك أبدًا- ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع منهما شديد، والله إن راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة ولا تحل عقدة، إلا في معصية الله وسخطه، حتى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة، إي والله ليقتلن ثلثهم، وليهربن ثلثهم، وليتوبن ثلثهم، وإنها التي تنبحها كلاب الحوأب، وإنهما ليعلمان أنهما مخطئان، ورب عالم قتله جهله، ومعه علمه لا ينفعه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، فقد قامت الفتنة فيها الفئة الباغية، أين المحتسبون؟ أين المؤمنون؟ ما لي ولقريش! أما والله لقد قتلتهم كافرين، ولأقتلنهم مفتونين، وما لنا إلى عائشة من ذنب إلا أننا أدخلناها في حيزنا، والله لأبقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته، فقل لقريش فلتضج ضجيجها" ثم نزل.
"ابن أبي الحديد م 1: ص 78".
164-
خطبة لعلي:
ولما رجعت رسل علي من عند طلحة والزبير وعائشة يؤذنونه بالحرب قام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال:
"أيها الناس: إني قد راقبت هؤلاء القوم كي يرعووا أو يرجعوا، ووبختهم بنكثهم، وعرفتهم بغيهم فلم يستحيوا، وقد بعثوا إلي أن ابرز للطعان، واصبر للجلاد، وإنما تمنيك نفسك أماني الباطل، وتعدك الغرور، ألا هبلتهم1 الهبول، لقد كنت وما أهدد بالحرب، ولا أرهب بالضرب، ولقد أنصف القارة2 من راماها، فليرعدوا وليبرقوا، فقد رأوني قديمًا، وعرفوا نكايتي، فكيف رأوني؟ أنا أبو الحسن الذي فللت حد المشركين، وفرقت جماعتهم، وبذلك القلب ألقى عدوي اليوم، وإني لعلى ما وعدني ربي من النصر والتأييد، وعلى يقين من أمري، وفي غير شبهة من ديني.
أيها الناس: إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيد ولا محيص، من لم يقتل مات، إن أفضل الموت القتل، والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف أهون من موتة واحدة على الفراش.
اللهم إن طلحة نكث بيعتي، وألب على عثمان حتى قتله، ثم عضهني3 به ورماني، اللهم فلا تمهله.
اللهم إن الزبير قطع رحمي، ونكث بيعتي، وظاهر علي عدوي، فاكفنيه اليوم بما شئت" ثم نزل.
"ابن أبي الحديد م 1: 101".
1 هبلته أمه: ثكلته.
2 القارة: قبيلة، وهم قوم رماة.
3 عضهه: بهته، وقال فيه ما لم يكن.