الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
219-
خطبة شبث بن ربعي:
فحمد الله، وأثنى عليه، وقال:
"يا معاوية، إني قد فهمت ما رددت على ابن محصن، إنه والله لا يخفى علينا ما تغزو وما تطلب، إنك لم تجد شيئًا تستغوي به الناس، وتستميل به أهواءهم، وتستخلص به طاعتهم، إلا قولك: "قتل إمامكم مظلومًا، فنحن نطلب بدمه" فاستجاب لك سفهاء طغام، وقد علمنا أن قد أبطأت عنه بالنصر، وأحببت له القتل، لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب، ورب متمني أمر وطالبه، الله عز وجل يحول دونه بقدرته، وربما أوتي المتمني أمنيته، وفوق أمنيته، ووالله ما لك في واحدة منهما خير، لئن أخطأت ما ترجو، إنك لشر العرب حالًا في ذلك، ولئن أصبت ما تمنى لا تصيبه حتى تستحق من ربك صلي1 النار، فاتق الله يا معاوية، ودع ما أنت عليه، ولا تنازع الأمر أهله".
1 صلي النار: كرضي، وصلي بها صليا بكسر الصاد وضمها، قاسى حرها.
320-
خطبة معاوية:
فحمد الله معاوية وأثنى عليه، ثم قال:
"أما بعد: فإن أول ما عرفت فيه سفهك: وخفة حلمك، قطعك على هذا الحسيب الشريف سيد قومه منطقه، ثم عنيت بعد فيما لا علم لك به، فقد كذبت ولومت1،
1 لامه لومًا: عذله، وألامه ولوَّمه للمبالغة.
أيها الأعرابي الجلف1 الجافي في كل ما ذكرت ووصفت، انصرفوا من عندي، فإنه ليس بيني وبينكم إلا السيف".
وغضب وخرج القوم وشبث يقول: أفعلينا تهول بالسيف؟ أقسم بالله ليعجلن بها إليك، فأتوا عليا، وأخبروه بالذي كان من قوله، فأخذ علي يأمر الرجل ذا الشرف، فيخرج معه جماعة، ويخرج إليه من أصحاب معاوية آخر معه جماعة، فيقتتلان في خيلهما ورجالهما، ثم ينصرفان، وكانوا يكرهون أن يلقوا بجمع أهل العراق أهل الشأم، لما يتخوفون أن يكون في ذلك الاستئصال والهلاك.
"تاريخ الطبري 5: 242".
1 الجلف: الرجل الجافي.