الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك لبني هاشم، قال قم، فأخرجوه. فقال صعصعة: الوعد بيني وبينك لا الوعيد، من أراد المناجزة، يقبل المحاجزة1، فقال معاوية لشيء ما سوده قومه، وددت أني من صلبه، ثم التفت إلى بني أمية فقال: هكذا فلتكن الرجال!
"صبح الأعشى 1: 254، ومروج الذهب 2: 77".
1 وفي مروج الذهب: "من أراد المشاجرة قبل المحاورة" والوارد في الأمثال: "المحاجزة قبل المناجزة" أي المسالمة قبل المعاجلة في القتال، يضرب لمن يطلب الصلح بعد القتال.
342-
صورة أخرى:
وروى أبو علي القالي هذا الخبر في الأمالي بصورة أخرى، قال:
"دخل صعصعة بن صوحان على معاوية أول ما دخل عليه –وقد كان يبلغ معاوية عنه فقال معاوية: ممن الرجل؟ فقال رجل من نزار، قال وما نزار؟ قال: كان إذا غزا انحوش1، وإذا انصرف انكمش، وإذا لقي افترش، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من ربيعة، قال: وما ربيعة؟ قال كان يغزو بالخيل، ويغير بالليل، ويجود بالنيل، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من أمهر2، قال: وما أمهر؟ قال: كان إذا طلب أفضى3، وإذا أدرك أرضى، وإذا آب أنضى4 قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من جديلة قال: وما جديلة؟ قال: كان يطيل النجاد، ويعد الجياد، ويجيد الجلاد، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من دعمي، قال: وما دعمي؟ قال: كان نارًا ساطعًا، وشرًّا قاطعًا، وخيرًا نافعًا، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من أفصى
1 لم أجد هذه الكلمة في كتب اللغة، وأرى أنها محرفة عن "احترش" كما ورد في رواية صبح الأعشى، وإن اختلف تأليف الجمل في الروايتين.
2 وفي نسخة: "من أسد، قال وما أسد؟ ".
3 أفضى إلى الشيء: وصل إليه.
4 أنضى بعيره: هزله، وأنضى الثوب: أبلاه.
قال: وما أفصى؟ قال كان ينزل القارات1، ويكثر الغارات، ويحمي الجارات، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من عبد القيس قال: وما عبد القيس؟ قال: أبطال ذادة2، جحاجحة3 سادة، صناديد قادة، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من أفصى، قال: وما أفصى؟ قال: كانت رماحهم مشرعة4 وقدورهم مترعة5، وجفانهم مفرغة، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من لكيز، قال: وما لكيز؟ قال: كان يباشر القتال، ويعانق الأبطال، ويبدد الأموال، قال: فمن أي ولده أنت:؟ قال: من عجل، قال: وما عجل؟ قال: الليوث الضراغمة6، الملوك القماقمة7، القروم القشاعمة8، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من كعب، قال: وما كعب؟ قال: كان يسعر9 الحرب، ويجيد الضرب، ويكشف الكرب، قال: فمن أي ولده أنت؟ قال: من مالك، قال: وما مالك؟ قال: هو الهمام للهمام، والقمقام للقمقام، فقال معاوية: ما تركت لهذا الحي من قريش شيئًا، قال: بل تركت أكثره وأحبه، قال: وما هو؟ قال: تركت لهم الوبر والمدر10 والأبيض والأصفر، والصفا والمشعر11، والقبة والمفخر، والسرير والمنبر، والملك إلى المحشر، قال: أما والله لقد كان يسوءني أن أراك أسيرًا قال: وأنا والله لقد كان يسوءني أن أراك أميرًا، ثم خرج فبعث إليه، فرد، ووصله وأكرمه".
"الأمالي 2: 230".
1 القارات: جمع قارة، وهي الجبيل الصغير.
2 جمع ذائد، وهو المدافع.
3 جمع جحجح: وهو السيد، كالجحجاح.
4 مسددة.
5 مملوءة.
6 جمع ضرغام وهو الأسد.
7 جمع قمقام بالفتح ويضم، وهو السيد.
8 القروم، جمع قرم: كشهم، وهو السيد، والقشاعمة: جمع قشعم، كجعفر، وهو الرجل المسن "كناية عن كثرة التجربة" والأسد.
9 سعر الحرب: كمنع، وسعرها: أوقدها.
10 كناية عن البادية، والمدر: المدن والحضر.
11 شعار الحج بالكسر: مناسكه وعلاماته، والشعيرة والشعارة بالفتح، والمشعر موضعها، والمشعر الحرام: بالمزدلفة.
وروى المسعودي في مروج الذهب قال:
"قال معاوية يومًا وعنده صعصعة، وكان قدم عليه بكتاب علي، وعنده وجوه الناس: "الأرض لله، وأنا خليفة الله، فما آخذ من مال الله فهو لي، وما تركت منه كان جائزًا لي" فقال صعصعة:
نمنيك نفسك ما لا يكو
…
ن جهلًا، معاوي لا تأثم.
فقال معاوية: يا صعصعة تعلمت الكلام، قال: العلم بالتعلم، ومن لا يعلم يجهل، قال معاوية: ما أحوجك إلى أن أذيقك وبال أمرك، قال: ليس ذلك بيدك، ذلك بيد الذي لا يؤخر نفسًا إذا جاء أجلها، قال: ومن يحول بيني وبينك؟ قال: الذي يحول بين المرء وقلبه، قال معاوية: اتسع بطنك للكلام كما اتسع بطن البعير للشعير، قال: اتسع بطن من لا يشبع1، ودعا عليه من لا يجمع2".
"مروج الذهب 2: 79".
1 يعرض بمعاوية إذ كان مبطانًا "أي أكولًا" وكان أيضًا بطينًا "أي عظيم البطن"، وقد قال فيه سيدنا علي وقعة صفين:
أضربهم ولا أرى معاويه
…
الجاحظ العين العظيم الحاويه.
"والحاوية ما تحوي من الأمعاء أي العظيم البطن".
2 دعا عليه: معطوف على لا يشبع: أي اتسع بطن من دعا إليه من لا يجمع، والمراد بمن لا يجمع النبي عليه الصلاة والسلام، وقد دعا على معاوية بالنهم وعدم الشبع، ومعنى لا يجمع أي لا يجمع الدنيا ولا يجنح إليها، وهو تعريض آخر بمعاوية. أما دعاء رسول الله صلى الله عليه فقد روى ابن الاثير في أسد الغابة -4: 386- قال: "عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتواريت خلف باب، قال فجاء، فحطاني حطاة –والحطو: تحريك الشيء مزعزعًا- وقال اذهب فادع لي معاوية، قال فجئت فقلت هو يأكل، ثم قال: اذهب فادع لي معاوية، قال: فجئت فقلت هو يأكل، فقال: لا أشبع الله بطنه" أخرج مسلم هذا الحديث بعينه لمعاوية.