الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سرقات المتنبي ومشكل معانيه
(1)
هذا كتابٌ عزيزُ النزعة، غريبُ الوقع: فنزعتُه أنه ينزع إلى غرضٍ مُهِمٍّ كان شغل أقلامَ أهلِ العلم والأدب والشعر، وهو ما تناولوا به شعرَ أبي الطيب المتنبي من توجيهٍ ونقد، وإعلالٍ ورد، وما أخذه في شعره من شعرِ غيره. فذلك كان شُغلَ أمثال أبي الفتح ابن جني (2)، والحاتمي (3)، والأصفهاني (4)، والصاحب ابن عباد (5)، وابن سيده (6)، والمعري (7)،
(1) النحوي، ابن بسام: سرقات المتنبي ومشكل معانيه، تحقيق سماحة الأستاذ الإمام الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور (تونس: دار سحنون/ القاهرة: دار السلام، ط 1، 1430/ 2009، مصور عن طبعة الدار التونسية للنشر 1970)، ص: ز - ع (مقدمة المحقق في 10 صفحات).
(2)
عثمان ابن جني الإمام في النحو والعربية، المتوفى سنة 392 هـ. له "الفسر الكبير" و"الفسر الصغير" على ديوان المتنبي. - المصنف.
(3)
محمد بن الحسن البغدادي الحاتمي - توفى سنة 388 هـ - الذي ابتدأ النقدَ على المتنبي في الرسالة عن مناظرته، وابتدأ بيان مآخذ المتنبي في "الرسالة الحاتمية"، المطبوعة بالكاثوليكية في بيروت سنة 1931 م. - المصنف. واسمها الكامل "الرسالة الحاتمية فيما وافق المتنبي في شعره أرسطو في الحكمة"، وقد حققها فؤاد أفرام البستاني أستاذ الآداب العربية في كلية القديس يوسف ببيروت، ونشرت في أعداد مجلة "المشرق" من الثاني حتى الثاني عشر.
(4)
الأصفهاني هو عبد الله بن عبد الرحمن صاحب كتاب "الواضح في مشكل شعر المتنبي". - المصنف.
(5)
إسماعيل المتوفى سنة 385 هـ. - المصنف.
(6)
علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده، المتوفى سنة 358 هـ. - المصنف.
(7)
أبو العلاء العالم الشاعر، له شرحان على ديوان المتنبي. - المصنف. والشرحان هما "معجز أحمد" و"اللامع العزيزي"، وقد صدر الأولُ 1992 عن دار المعارف بمصر بتحقيق عبد الجيد دياب وصدر الثاني سنة 2008 عن مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية بالرياض بتحقيق محمد سعيد المولوي.
والواحدي (1)، والثعالبي (2)، والعُكبري (3)، وابن هشام الأنصاري (4)، والبديعي (5).
وأما غرابةُ وقعه ففي أن جميع الذين اشتغلوا بديوان أبي الطيب وشعره هم من أعلام المشرق. ولم ينتدب لذلك من علماء المغرب سوى ابن سيده؛ ألف كتابًا في شرح مشكل شعر المتنبي. فهذا الكتاب بنسبته إلى ابن بسام صاحب الذخيرة لم يسبقه من جمع في كتابه بين الغرضين.
أما مصنفُ هذا الكتاب فنتوسم وتوسم بعضُ الأفاضل قبلنا أنه ابنُ بسام، صاحب كتاب "الذخيرة في تراجم أعيان الجزيرة"، كما سنذكره. فعلينا أن نعرفَ مَنِ ابن بسام هذا؛ إذ لا نجد في نسخةِ هذا الكتاب التي بين أيدينا إلا الاقتصارَ على هذه العبارة:"تأليف الشيخ ابن بسام النحوي". وقفَّى ذلك كاتبٌ كتبَ على أول ورقة من النسخة هذه العبارة: "وهو ابن بسام صاحب كتاب الذخيرة في شعراء الجزيرة". وليس في أثناء هذا الكتاب ما يُتَعَرَّفُ منه عصرُ صاحبِه، ولا تعيينُ بلده، أكثر من أنه ابن بسام النحوي.
وقد عُرِف بابن بسام فيمن مضى مِن العلماء فيما انتهى إليه علمُنا أربعة: أحدهم علي بن محمد بسام البغدادي الشاعر، وثانيهم علي بن بسام التغلبي
(1) هو علي بن أحمد الواحدي، المتوفى سنة 468 هـ. - المصنف. وله طبعة قديمة بعناية فريدرخ ديتريصي صدرت في برلين بألمانيا.
(2)
أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي المتوفى سنة 429 هـ، جعل بابًا من كتابه "يتيمة الدهر" لترجمة المتنبي، وأحوال شعره. - المصنف.
(3)
أبو البقاء عبد الله بن الحسن العكبري المتوفى سنة 616 هـ. - المصنف. واسم شرحه "التبيان في شرح الديوان"، حققه مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي، وصدر عن مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة 1355 هـ.
(4)
عبد الله بن يوسف المصري المتوفى سنة 761 هـ، له كتاب مغنى اللبيب في النحو وقد أورد في مواضع منه لبعض شعر المتنبي من جهة صحة العربية. - المصنف.
(5)
لا يعرف بأكثر من أن اسمه يوسف، وأنه دمشقي، خرج من دمشق في صباه وحل في حلب، وولى قضاء الموصل، وتوفي في بلاد الروم سنة 1073 هـ. - المصنف.
الأندلسي، وثالثهم محمد بن أيوب بن بسام من أهل مقالة، ورابعهم أبو الحسن بن بسام المالقي.
فأما الأولُ فهو علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام المعروف بالبسامي، ترجمه ياقوت في "معجم الأدباء"، وابن خلكان في "وفيات الأعيان"، وذكره ابنُ الأثير في "اللباب" في (البسامي) (1). ولا يجوز أن يكون هو صاحب هذا الكتاب؛ لأن ابنَ بسام البغدادي توفي قبل أن يولد أبو الطيب المتنبي. وقد عرض وَهْمٌ لصاحب "كشف الظنون" لما ذكر كتاب "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" فقال:"لأبي الحسن المعروف بابن بسام البسامي الشاعر المتوفى سنة 302 هـ"(2)، فجعل سنةَ وفاة البغدادي هي سنة وفاة الأندلسي. وذلك وهم؛ فإن صاحب الذخيرة توفي سنة 540 هـ كما في نفح الطيب. ولا يُعرف سببُ الاتفاق بين اسم ابن بسام البغدادي واسم ابن بسام الأندلسي، وقد قال هذا:"اتفق أن يكون هذا سَميي". (3)
(1) الحموي: معجم الأدباء، ج 4، ص 1859 - 1866 (الترجمة 806)؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج 3، ص 363 - 366 (الترجمة 464)؛ ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب، ج 1، ص 150.
(2)
الذي قاله صاحب الكشف: "المتوفَّى سنة 403 ثلاث وأربعمائة". حاجي خليفة: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، ج 1، ص 825. وكيفما كان، فهو خطأ.
(3)
وفي ذلك قصة حصلت لابن بسام الأندلسي نفسه لعله من المناسب جلبها هنا، قال:"ولما اتفق أن يكون علي بن بسام هذا (يعني البغدادي) سميي، واجتمعت بالوزير أبي محمد عبد المجيد بن عبدون أول لقائي به بشنترين في جملة أصحاب المتوكل، فأول مجلس اجتمعت معه فيه، وسمع بعض الإخوان يدعونني باسمي، فقال لي: أنت علي بن بسام حقًّا؟ قلت: نعم، قال: أو تهجو حتى الآن أباك أبا جعفر وأخاك جعفرًا؟ قلت له: وأنت أيضًا عبد المجيد؟ قال: أجل، قلت: وحتى الآن فيك ابن مناذر يتغزل؟ فضحك من حضر لهذا الجواب الحاضر. وخبر ابن مناذر مع عبد الوهاب الثقفي أوضحُ من أن يُشرح. وكان من أجمل فتيان ذلك الأوان، وآدبهم، وأظرفهم، فكلف به ابنُ مناذر وتعشَّقه، فاعتُبط لعشرين سنة، فرثاه. . ." وأما حكايةُ ابن بسام البغدادي مع أبيه وأخيه، فقال فيها:"وكان ابنُ بسام هذا في أوانه باقعةَ زمانه، لم يسلم منه عصرَه أمير ولا وزير، ولا من أهل بيته صغير ولا كبير"، حتى إنه هجا أباه وأخاه. ابن بسام النحوي: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، ج 1، ص 143 - 144.