الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن كعب، وإلى بني عامر، وإلى قَيس عَيلان، يظن ذلك تلونًا. والحق أن ذلك ليس من التلون في ولائه؛ لأن بني عُقيل بن كعب هم من بني عامر بن صعْصعة، وبنو عامر بن صعصعة هم من قبائل قيس عَيلان بن مضر، إذ عُقيلٌ هو ابن كعب بن ربيعة بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصْفَة بن قيس عَيلان، ويقال: قيس بن عيلان ابن مضر. فما قاله الصفدي قصورٌ في تقصي أنساب العرب.
اسمه وكنيته ولقبه:
صرح بشار باسمه في موضعين فيما بين أيدينا من شعره: الأول قولُه في ورقة 256: "ليس ابن نِهيا من رجال بشار"(1)، والثاني قولُه (في الملحقات):
إِذَا أَنْشَدَ حَمادٌ
…
فَقُلْ أَحْسَنَ بَشَّارُ (2)
(1) من قصيدة من بحر الرجز (مقطوع العروض والضرب)، قالها بشار في هجو حماد عجرد، أولها:
مَهْلًا هِجَائِي يَابْنَ شَخْصِ النَّجَّارْ
…
مَا نَفَرٌ يُدْعَى لَهُمْ بِأَحْرَارْ
وتمامُ البيت الذي استشهد المصنف بشطره الثاني هو:
اقْعُدْ فَقَدْ قَالَ رُوَاةُ الأَشْعَارْ
…
لَيْسَ ابْنُ نِهْيَا مِنْ رِجَالِ بَشَّارْ
ديوان بشار بن برد، ج 2/ 3، ص 218. ولفظة "ورقة" - مُتْبَعةً برقم معين هنا وفيما سيأتي - هي إحالة من المصنف على مخطوطة ديوان بشار، ونحن نحيل إلى النسخة المحققة من الديوان في طبعتها المصورة الصادرة عن دار السلام بالقاهرة.
(2)
الجرجاني: الوساطة بين المتنبي وخصومه، ص 190. ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 87. وقال المصنف في تعليق على هذا البيت (الحاشية رقم 2): "أخذ أبو نواس هذا البيت فزاد عليه بيتين آخرين فقال في داود بن رزين الشاعر، وكان يسرق من شعر بشار:
إِذَا أَنْشَدَ داوود
…
فَقُلْ أَحْسَنَ بَشَّارُ
لَهُ مِنْ شِعْرِهِ الجَمِّ
…
إِذَا مَا شَاءَ أَشْعَارُ
وَمَا مِنْهَا لَهُ شَيْءٌ
…
أَلَا هَذَا هُوَ العَارُ" =
وكان بشار يُكَنَّى أبا معاذ، وكان يُلقَّب بالمرعَّث (بفتح العين المشددة)، والرَّعَث (بالتحريك) الاسترسال والتساقط، أو هو مشتق من رَعْثَة الديك وهي اللحمة الحمراء المتدلية على حنك الديك. وقيل: لُقِّب بذلك بسبب وقوع هذه الكلمة في شعره، إذ يقول:
قَالَ رِيمٌ مُرَعَّثٌ
…
سَاحِرُ الطَّرْفِ وَالنَّظَرْ
لَسْتَ وَالله نَائِلي
…
قُلْتُ أَو يَغْلِبَ القَدَرْ (1)
فيكون من جملة الشعراء الذين لُقبوا بكلمات وقعت في أشعارهم. وقيل: لأنه حين كان صغيرًا كان في أذنيه قُرطان، والقُرط يسمى الرَّعثَة. وقيل لأنه كان لقميصه جَيْبانِ يمينًا وشمالًا، فشُبِّهت تلك الجيوبُ بالرَّعثة (2)، يدل لهذا قولُه في ورقة 148:
لمَّا رَأَتْ لمْحَةً مِنِّي مُرَعَّثَةً
…
خُضْرًا وَحُمْرًا وَصُفْرًا بَيْنَهَا جُدَدَا
قَالَتْ لِتِرْبٍ لَهَا كَانَتْ مُوَطَّنَةً
…
جَاءَ المُرَعَّثُ فَاثْنِي عِنْدَكِ الوُسُدَا (3)
= وانظر الأبيات الثلاثة في: ديوان أبي نواس. نشرة بعناية وشرح محمد أفندي واصف (القاهرة: المطبعة العمومية بمصر، 1898)، ص 180؛ ديوان أبي نواس (بيروت: دار صادر، بدون تاريخ)، ص 338، وسيذكرها المصنف في موضع قادم.
(1)
الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج 3، ص 140 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 644 (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 94 - 95.
(2)
قال الجاحظ: "وكان لِجُرُبَّان قميص بشار الأعمى وجُبْهته لبنتان، فكان إذا أراد نزعَ شيء منها أطلق الأزرار فسقطت الثياب على الأرض، ولم ينزع قميصه من جهة رأسه قط". البيان والتبيين، ج 2/ 3، ص 75. وفي كتاب الأغاني (ج 3، ص 140): "إنما سُمِّيَ بشارٌ المرعَّثَ؛ لأنه كان لقميصه جيبان: جيبٌ عن يمينه وجيب عن شماله، فإذا أراد لُبسَه ضمه عليه من غير أن يدخل رأسه فيه، وإذا أراد نزعَه حلَّ أزراره وخرج منه. فشُبِّهت تلك الجيوب بالرعثات لاسترسالها وتدليها، وسمي من أجلها المرعَّث". وقال أيضًا:"لُقِّب بشارٌ بالمرعَّث لأنه كان في أذنه وهو صغير رِعاث. والرِّعاثُ: القِرَطَة، واحدتها رَعْثة، وجمعها رِعاث ورعثات. ورَعَثاتُ الديك: اللحم المتدلي تحت حنكه".
(3)
ديوان بشار بن برد، ج 1/ 2، ص 141. والبيت من قصيدة طويلة من بحر الخفيف.
وقد لقب نفسه بالمرعَّث في هذا البيت في الديوان، وفي قوله المشهور:
أَنَا المُرَعَّثُ لَا أَخْفَى عَلَى أَحَدٍ
…
ذَرَّتْ بِيَ الشَّمْسُ لِلْقَاصِي وَلِلدَّانِي (1)
وفي قوله في ورقة 41:
حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ بَيْنَهُمُ:
…
شَغَفُ "المُرَعَّثِ" دَاخِلُ الحُبِّ (2)
وقوله في ورقة 132:
فُتِنَ المُرَعَّثُ بَعْدَ طُولِ تَصَاحِ
…
وَصَبَا وَمَلَّ مَقَالَةَ النُّصَّاحِ (3)
والأقرب أنه يلقب به؛ لأنه كان في أذنه رعثة. وذلك يكون لأحد سببين: أحدهما أن بعض النساء يجعل قرطًا للولد الذكر يزعمون أن ذلك يطيل حياتَه فتفعله المِقلاتُ (4) ليعيش ولدُها، فلعلَّ أمَّه كانت ثكِلت أولادًا قبله. والسببُ الثاني
(1) المصدر نفسه، المصدر نفسه، ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4 (الملحقات)، ص 236. قال المصنف في حاشية على هذا البيت:"أحسب أن هذا البيت هو عينه البيت الواقع في الديوان عدد 72 ورقة 9 بلفظ: للداني والنائي، في حرف الهمزة، فاشتبه على ناقليه. ويجوز أن يكون أعاده بشار في قصيدة نونية". والبيت المقصود هو قول بشار (الديوان، ج 1/ 1، ص 148):
أَنَا المُرَعَّثُ لَا أَخْفَى عَلَى أَحَدٍ
…
ذَرَّتْ بِيَ الشَّمْسُ وَلِلدَّانِي ولِلنَّائِي
وهو من قصيدة من بحر الوافر يهجو فيها أبا هشام الباهلي.
(2)
والبيت من قصيدة من البحر الكامل قالها في عبدة، وطالعها:
أَفِدَ الرَّحِيلُ وَحَثَّنِي صَحْبِي
…
والنَّفْسُ مُشْرِفَةٌ عَلَى النَّحْبِ
المصدر نفسه، ج 1/ 1، ص 239.
(3)
المصدر نفسه، ج 1/ 2، ص 93. والبيت من قصيدة من البحر الكامل. وقوله كذلك من قصيدة دالية يتشبب فيها بمحبوبته سلمى:
قال: أَذْرَى المُرَعَّثُ الدَّمْعَ فَانْهَـ
…
ـلَّ نِظَامًا وَكَانَ عَهْدِي جَلِيدَا
المصدر نفسه، ج 1/ 2، ص 136.
(4)
المقلات: المرأة التي لا يعيش لها ولد، أو التي تضع واحدًا ثم لا تحمل. يقال: أقلتت فهي مقلت ومقلات.
أن الفُرس كان من عادتهم ثقبُ أذن المملوك النفيس، ووضع قُرط ذهب في أذنه، ولذلك يُلقَّب المماليك عندهم بمثقوبي الآذان، كما جاء في بعض فقرات السعدي في كتاب "جلستان"(1).
وفي هذا المعنى قول عمر ابن الوردي (2):
مَرَّ بِنَا مُقَرَّطٌ
…
وَوَجْهُهُ يَحْكِي القَمَرْ
قُلْتُ: أَبُو لُؤْلُؤَةَ
…
مِنْهُ خُذُوا ثَأْرَ عُمَرْ (3)
(1) وجلستان أو كلستان (لفظة فارسية معناها حديقة الورد) عنوان ثاني كتابين شهيرين للشاعر والفقيه الفارسي المتصوف سعدي الشيرازي (أبي عبد الله أو أبي محمد عبد الله بن مشرف الدين بن مصلح الدين المتوفَّى سنة 691/ 1292) ألفه عام 656 هـ بينما ألف أولهما وعنوانه بوستان (أي البستان) عام 655 هـ، وقد ضمهما الكثير من الأشعار والحكم والأمثال.
(2)
هو أبو حفص زين الدين عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس بن الوردي، الشافعي المعري الحلبي البكري القرشي، يرجع نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وُلد في معرة النعمان بسورية سنة 691/ 1292، وتوفي بحلب سنة 749/ 1349. كان فقيهًا، أديبًا، شاعرًا، مؤرّخًا. تفقّه في مدينة حماة على القاضي شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم ابن البارِزي وغيره. وأخذ في مدينة حلب عن الفخر خطيب جبرين، وناب في الحكم بها. وولِيَ قضاءَ مَنْبِج وشيزر، ثم تركه. شهر بقصيدته اللامية التي أولها:"اعتزل ذكر الأغاني والغزل". كانت بينه وبين صلاح الدين الصفدي مناقضاتٌ شعرية لطيفة وردت في كتاب "ألحان السواجع بين البادئ والمراجع" للصفدي (صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بتحقيق الدكتور محمد عبد الحميد سالم). من مصنفاته ديوان شعر مطبوع، فيه بعض من نظمه ونثره، وكتاب "تتمة المختصر" الذي يعرف بتاريخ ابن الوردي، وهو مطبوع وقد جعله ذيلًا لتاريخ أبي الفداء وخلاصة له، و"تحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة" نثر فيه ألفية ابن مالك في النحو (مخطوط)، و"الشهاب الثاقب" في التصوف (مخطوط).
(3)
هذا الرجز مختلف في نسبته، فابن العماد الحنبلي الذي أورده بهذا اللفظ نسبه إلى عمر ابن الوردي، والسخاوي والصفدي اللذان تباينت روايتهما له اختلفا في نسبته إلى غيره، فبينما نسبه أولهما إلى عمر بن عبد الله بن عامر الأنصاري الأسواني المولود بأسوان عام 762 هـ، نسبه الآخر إلى علاء الدين الوادعي في آخر ترجمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (وذكرا أنه قاله على لسان صديق له هام بغلام مليح في إحدى أذنيه لؤلؤة)، وقد روياه على النحو الآتي مع اختلاف يسير:
كَمْ قُلْتُ لمَّا مَرَّ بِي
…
مُقَرْطَقٌ يَحْكِي القَمَرْ
هَذَا أَبُو لُؤْلُؤَةَ
…
مِنْهُ خُذُوا ثَأْرَ عُمَرْ =