المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة - جمهرة مقالات ورسائل الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور - جـ ٤

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بشار بن برد: حياته وشعره

- ‌مقدمة:

- ‌نسب بشار:

- ‌اسمه وكنيته ولقبه:

- ‌أهل بشار:

- ‌مولده ونشأته ووفاته:

- ‌صفته:

- ‌عمى بشار:

- ‌لباسه:

- ‌خلق بشار:

- ‌بداهة جوابه وملحه:

- ‌مجلس بشار:

- ‌اعتقاد بشار:

- ‌سبب وفاته:

- ‌مكانته لدى الخلفاء والأمراء:

- ‌غرامه وهل هو حقيقة أو تصنع

- ‌سعة علمه بالعربية وتفننه:

- ‌البصرة وقبائل العرب حولها:

- ‌مرتبته من العلم:

- ‌شعر بشار

- ‌نظم شعره:

- ‌نسيب بشار:

- ‌هجاء بشار:

- ‌رجز بشار:

- ‌أقدم شعر بشار:

- ‌رواة بشار وكاتبو شعره:

- ‌توسع بشار في اللغة وقياسه فيها:

- ‌توسعه في العروض وفي الضرورة:

- ‌مكانة شعر بشار من حفظ فصيح اللغة ومستعملها:

- ‌مكان شعر بشار من حفظ التاريخ في الجاهلية والإسلام:

- ‌شهادة الأئمة لبشر بجزالة الشعر وسلامة الذوق:

- ‌اهتمام أهل الصناعة بشعر بشار:

- ‌من نقد بشارا ومن أجاب عنه:

- ‌نقده للشعر والشعراء:

- ‌مكانة بشار من النثر:

- ‌علاقة بشار بإفريقية:

- ‌أعلام شعر بشار:

- ‌ديوان بشار:

- ‌النسخة المستخرجة من هذا الجزء من الديوان:

- ‌[خاتمة: منهج المصنف في تحقيق الديوان]:

- ‌قراطيس من نقد الشعر

- ‌القرطاس الأول:

- ‌القرطاس الثاني:

- ‌القرطاس الثالث:

- ‌القرطاس الرابع:

- ‌طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

- ‌السند التونسي في علم متن اللغة

- ‌ابن سيده:

- ‌اتصال السند الأندلسي بتونس:

- ‌المحْوَر الخامِسمُرَاجَعَات وَمُتَابَعَات وَمُتفَرَّقات

- ‌الفَرْع الأَوّلمُرَاجَعَات

- ‌نقد علمي لكتاب "الإسلام وأصول الحكم

- ‌[تقديم]

- ‌الكتاب الأول: الخلافة والإسلام

- ‌الباب الأول: الخلافة وطبيعتها:

- ‌الباب الثاني: في حكم الخلافة:

- ‌الباب الثالث: في الخلافة من الوجهة الاجتماعية:

- ‌الكتاب الثاني: الحكومة والإسلام

- ‌الباب الثاني: الرسالة والحكم:

- ‌الباب الثالث: رسالة لا حكم، دين لا دولة:

- ‌الكتاب الثالث: الخلافة والحكومة في التاريخ

- ‌الباب الأول: الوحدة الدينية والعرب:

- ‌الباب الثاني: الدولة العربية:

- ‌الباب الثالث: الخلافة الإسلامية:

- ‌[خاتمة]

- ‌نظرة في الكتاب المعنون "‌‌مقدمةفي النحو" المنسوب إلى الإمام خلَف الأحمر

- ‌مقدمة

- ‌مؤلف هذه المقدمة:

- ‌هل يعد خلف الأحمر من أئمة النحو؟ وهل يعد من نحاة المذهب البصري أو من نحاة المذهب الكوفي

- ‌وصف هذه المقدمة:

- ‌إيضاح ما يحتاج إليه في المقدمة:

- ‌تفسير الشواهد الشعرية الواردة في هذه المقدمة وهي غير معروفة في شواهد النحو

- ‌نظرة في كتاب "الجامع الكبير" لابن الأثير

- ‌مقارنة وتحليل بين كتاب "المثل السائر" وكتاب "الجامع الكبير

- ‌تُحفةُ المجد الصريح في شرح كتاب الفصيح

- ‌[مقدمة]

- ‌[نسب اللبلي وطرف من حياته ورحلته وأسماء أساتذته وتلاميذه]

- ‌مؤلفاته

- ‌صفة كتاب تحفة المجد الصريح

- ‌كتاب الفصيح وما عليه من الشروح

- ‌هل توجد نسخة أخرى من كتاب تحفة المجد الصريح

- ‌تكملة وتقفية للتعريف بكتاب "تحفة المجد الصريح" وصاحبه وأصله

- ‌تصحيح أخطاء وتحاريف في طبعة جمهرة الأنساب لابن حزم

- ‌الفَرْعُ الثَّانِيمُتَابعَات

- ‌أخطاء الكتاب في العربية: رد على نقد

- ‌تحقيق ترجمة عالم كبير وإصلاح وهْم في تسميته

- ‌نظرات على ترجمة السكاكي

- ‌نسبه:

- ‌اهتمام العلماء بكتاب المفتاح

- ‌نشأة السكاكي الجثمانية والعلمية:

- ‌نحلته ومذهبه

- ‌العصر الذي ألف فيه "المفتاح

- ‌تذييل لترجمة سعد الدين التفتازاني

- ‌الفَرْعُ الثَّالِثمُقَدِّمات كُتُب

- ‌النابغة الذبياني وشعره

- ‌نسبه:

- ‌مكانته في الشعر

- ‌ما عيب به شعره:

- ‌تحكيمه بين الشعراء:

- ‌اتصاله بالنعمان بن المنذر:

- ‌لحاق النابغة بملوك غسان بعد هربه من النعمان بن المنذر:

- ‌انقطاع أخريين النابغة والنعمان، ورجوعه إلى النعمان لما بلغه مرضه:

- ‌شرف النابغة ورفاهية عيشه

- ‌دين النابغة:

- ‌من لقب بالنابغة من الشعراء بعد النابغة الذبياني:

- ‌تنبيه لتكملة ديوان النابغة:

- ‌الواضح في مشكلات شعر المتنبي

- ‌الغرض من هذا الكتاب

- ‌طريقة هذا الكتاب:

- ‌ترتيب الأبيات التي فسرها في هذا الكتاب:

- ‌ترجمة مؤلف كتاب الواضح:

- ‌اسم الكتاب:

- ‌نسخة الكتاب:

- ‌سرقات المتنبي ومشكل معانيه

- ‌من هو ابن بسام صاحب الذخيرة

- ‌غرض هذا الكتاب وطريقته

- ‌مؤلف هذا الكتاب

- ‌صفة نسخة كتاب "سرقات المتنبي ومشكل معانيه" لابن بسام النحوي:

- ‌الفتح ابن خاقان وكتابه "قلائد العقيان

- ‌ترجمة مؤلف "قلائد العقيان

- ‌مشيخته:

- ‌مكانته من الإنشاء والشعر:

- ‌تآليفه:

- ‌أخلاقه وحاله:

- ‌كتاب "قلائد العقيان

- ‌اسم الكتاب:

- ‌حالةُ نسخ كتاب القلائد مخطوطها ومطبوعها:

- ‌النسخ التي أجريت المقابلة بها:

- ‌المطبوعات من "قلائد العقيان

- ‌الفَرْعُ الرَّابعُخُطَب وَرَسَائِل

- ‌خطاب ابن عاشور عند عودته لمشيخة جامع الزيتونة وفروعه عام 1364/ 1945

- ‌خطاب في حفل اختتام السنة الدراسية بجامع الزيتونة

- ‌فضيلة العلم وحظ الأمة التونسية منه:

- ‌النصح للزيتونة هو النصح لمتعلميها:

- ‌كيف كانت العلوم بالزيتونة وكيف يجب أن تكون

- ‌ضبط البرامج:

- ‌عناية ملوك تونس بالعلم:

- ‌شكر الأمة التونسية

- ‌شكر الطلبة الزيتونيين:

- ‌العناية بالفروع الزيتونية:

- ‌العناية بالتعليم الابتدائي:

- ‌دعوة أبوية لشيوخ التدريس:

- ‌النتيجة بعد اطراد العناية:

- ‌الحمد لله .. لنحمد الله

- ‌خطاب في احتفال جمعية الزيتونيين

- ‌خطاب بالفرع الزيتوني بصفاقس

- ‌خطاب في حفل الفرع الزيتوني بسوسة

- ‌خطاب في جامع عقبة خلال زيارة الفرع الزيتوني بالقيروان

- ‌خطاب في الاحتفال السنوي لمكتبة التلميذ الزيتوني

- ‌خطاب في الجلسة العامة للجنة الحي الزيتوني

- ‌خطاب في الذكرى السنوية الأولى لعودته إلى مشيخة الزيتونة

- ‌خطاب في موسم ختم السنة الدراسية

- ‌حوار حول إصلاح التعليم الزيتوني

- ‌[من تقديم محرر المجلة]:

- ‌الرسالة الأولى

- ‌الرسالة الثانية

- ‌الرسالة الثالثة

- ‌الرسالة الرابعة

- ‌الرسالة الخامسة

- ‌ملحق

- ‌رسالتان إلى الشيخ محمد الخضر حسين

- ‌الرسالة الأولى

- ‌الرسالة الثانية

- ‌رسالة إلى مجمع اللغة العربية بالقاهرة بمناسبة تأبين الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور

- ‌قصيدة في مدح الشيخ محمد النخلي

- ‌دعوة إلى الشيخ محمد الخضر حسين:

- ‌مصادر التحقيق ومراجعه

- ‌أعمال المصنف:

- ‌أ) التأليف:

- ‌ب) التحقيق:

- ‌التفسير والدراسات القرآنية:

- ‌الحديث والسنة:

- ‌علم الكلام والفلسفة:

- ‌الفقه وأصول الفقه:

- ‌اللغة والأدب:

- ‌التاريخ والسير والتراجم والطبقات:

- ‌موسوعات ومعاجم وقواميس:

- ‌المجلات والدوريات:

- ‌خطب ورسائل:

- ‌مراجع متنوعة:

الفصل: ‌طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

‌طريقة من شعر العرب في توجيه الخطاب إلى المرأة

(1)

أرى من أحقِّ المباحث التي تُرْسَمُ في طلائع مباحثِ العربية البحثَ عن أساليب لبلغاءِ العرب وشعرائهم قد التزموها، وحاكُوا نِيرَ أدبِهم على اعتبارها، فأصبحت بكثرة الاستعمال لا يلاحظون فيها خصوصيةً من خصائص علم المعاني والبيان، بل يعاملونها معاملةَ الأساليب التركيبية في فصيح الكلام، وبخاصة ما كان من ذلك مغفولًا عن التنبيه إليه في دواوين اللغة والأدب العربي، ليكون الشعورُ به فاتِحًا أعينَ الواقفين على استعمالِ العرب في أدبهم، وحافزًا للمعتنين بمتابعة فحول الشعراء في أساليب الشعر العربي، كَيْ تظهرَ مزيةُ اللاحقين كما ظهرت مزايا السابقين.

نجدُ لشعراءِ العرب في كلامهم سُننًا لا يكادون يحيدون عنها، يتبع فيها المتأخرُ خطواتِ المتقدِّم، بحيث يُعَدُّ الإخلالُ بها حيدةً عن الطريقة المألوفة. فكانت لغةً من لغة الأدب، ولكلِّ فريقٍ من الناطقين بالعربية أساليبُ تمتاز عن أساليبِ غيره، وقد لا يهتدي الشادي في الأدب لرعي ذلك في فهمه وإنشائه.

وقد عد أئمةُ الأدب أشياء من ذلك، وأغفلوا أشياء. فمما عده أئمةُ الأدب من سنن شعراء العرب في أدبهم افتتاحُ كثيرٍ من أغراضهم في الشعر بالنسيب قبل الدخول في المقصود من القصيد، وهو الأسلوبُ الذي بُنيت عليه المعلَّقاتُ ذات الأغراض، مثل معلقات زهير والنابغة والأعشى ولبيد وعمرو بن كلثوم والحارث بن حِلِّزة، وبخاصة ما كان الغرضُ منها المديح، مثل قصيد علقمة في مدح الحارث

(1) المجلة الزيتونية، المجلد 9، العدد 4، 1374/ 1955 (ص 207 - 213).

ص: 1725

الغساني: "طَحَا بِكَ قَلْبٌ فِي الحِسَابِ طَرُوبُ"(1)، وقصيد كعب بن زهير "بانت سعاد"، ومشوبة القطامي "إِنَّا مُحَيُّوكَ فَاسْلَمْ أَيُّهَا الطَّلَلُ"(2) وغيرها. فعدَّ أبو الطيب ذلك من عادة الفصحاء، حيث قال:

إِذَا كَانَ مَدْحٌ فَالنَّسِيبُ المُقَدَّمُ

أَكُلُّ فَصِيحٍ قَالَ شِعْرًا مُتَيَّمُ؟ (3)

ومما عَدُّوه أيضًا من سنن الشعراء خطاب المتنبي بنحو "يا صاحبي" و"يا خليلي" و"يا فتيان". ومن أقدم ما قيل في ذلك قولُ امرئ القيس: "قفا نبك من ذكى حبيب ومنزل"، وقول سُليك:"يَا صَاحِبَيَّ أَلَا لَا حَيَّ بِالوَادِي"(4)، وقولها:

(1) هذا صدر البيت طالع قصيدة - هي الثانية في الديوان - من تسعة وثلاثين بيتًا قالها علقمة - كما ذكر المصنف - في مدح الحارث بن جبلة بن أبي شمر الغساني الذي كان أسر أخاه شاسًا فرحل إليه في طلبه، وتمامه:

طَحَا بِكَ قَلْبٌ فِي الحِسَابِ طَرُوبُ

بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ - حَانَ مَشِيبُ

ديوان علقمة بن عبدة، تحقيق وشرح سعيد نسيب مكارم (بيروت: دار صادر، ط 1، 1996)، ص 21. ومعنى طحا بك: اتسع بك وذهب كلَّ مذهب.

(2)

ديوان القطامي، تحقيق إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب (بيروت: دار الكتب الثقافية، 1960)، ص 28. ومشوبة، وجمعها مشوبات، أحد الأسماء التي أطلقها أبو زيد الأنصاري على الأشعار التي جمعها في جمهرته، حيث وزعها على سبعة أقسام، وجعل في كل قسم سبع قصائد لسبعة شعراء، كما يلي: أصحاب السُّموط، وأصحاب المجمهرات، وأصحاب المنتقيات، وأصحاب المُذْهبات، وأصحاب المراثي، وأصحاب المشوبات، وأصحاب المُلحمات. وهذه الأسماء إنما هي صفات للقصائد، فالسموط هي القلائد التي تعلق، وبالتالي فهي مرادفة للمعلقات. والمجمهرات هي القصائد عالية الطبقة ومحكمة السبك، والمنتقيات هي المختارات، والمذهبات هي التي تستحق أن تُكتب بالذهب لجودتها، والمشوبات هي التي شابها أو شاب أصحابها الكفرُ والإسلام، والملحمات، وربما أراد بها كونها محكمة النظم متينة اللحمة. انظر: البستاني، سليمان: إلياذة هوميروس معربة نظمًا وعليها شرح تاريخي أدبي (القاهرة: مطبعة الهلال بمصر، 1904)، ص 172 - 173 (مقدمة المترجم).

(3)

البيت طالع قصيدة من اثنين وأربعين بيتًا في مدح سيف الدولة قيلت سنة 338. ديوان المتنبي بشرح البرقوقي، ج 4، ص 69.

(4)

هو سُليك بن سُلكة السَّعدي منسوب إلى أمه، وأبوه عمرو بن يثربي من بني كعب بن سعد بن زيد بن مناة بن تميم. قال ابن قتيبة: "وهو أحد أغربة العرب وهجنائهم وصعاليكهم =

ص: 1726

فَإِنْ تَسْأَلَانِي عَنْ هَوَايَ فَإِنَّهُ

مُقِيمٌ بِهَذَا القَبْرِ يَا فَتَيَانِ (1)

وعلَّلُوه بأنه بناء على عادتهم في أسفارهم أن يكون المسافرُ مرافقًا لمسافرين معه، وفي استقراء ذلك كثرة.

إنما المهِمّ لنا أنَّ مما وقع أمام نظري في مطالعاتِ الأدب العربي أني وجدتُ شعراءَهم كثيرًا ما يُوَجِّهون الكلامَ إلى المرأة بطريق الخطاب أو بالاسم أو الضمير، أو يحكون عن المرأة، مع أن المقامَ نابٍ أن تكون امرأة معينة مقصودة بذلك، أو مقصودًا إبلاغ الكلام إليها. فربما طلبوا من المرأة أن تسألَ عن الخبر، وأن تتعرف حادثًا، وأكثرُ ما لاح لي ذلك في السؤالِ المفروض؛ لأن الأصلَ فيه أن يُبْنَى على فرضِ سؤالِ سائلٍ أو سائلين، فيكون مبنيًا على التذكير، كقوله تعالى:{سَأَلَ سَائِلٌ [بِعَذَابٍ وَاقِعٍ] (1)} [المعارج: 1]، وقوله:{آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)} [يوسف: 7].

فلما لاح لي ذلك وتتبعتُه، تَبَيَّنَ لي أن توجيهَ السؤال إلى المرأة بُنِيَ على ملاحظة الغرض الذي من شأن المرأة أن تُسأل عنه. ثم انتقلتُ إلى البحث عن كلِّ مقامٍ فيه

= ورجيلائهم، وكان له بأس ونجدة، وكان أدل الناس بالأرض وأجودهم عدوًا على رجليه، وكان لا تعلق له بالخيل". والبيت من بحر البسيط، وتمامه:

يَا صَاحِبَيَّ أَلَا لَا حَيَّ بِالوَادِي

إِلَّا عَبِيدٌ وَآمٌ بَيْنَ أَذْوَادِ

الدينوري: الشعر والشعراء، ص 215 - 216.

(1)

ذكر الأبشيهي أن سليمان بن عبد الملك خرج ومعه يزيد بن المهلب في بعض مقابر الشام، فإذا امرأةٌ جالسة على قبرٍ تبكي، قال سليمان: "فرفعت البرقع عن وجهها فحكت شمسًا عن متون غمامة، فوقفنا متحيرين ننظر إليها، فقال لها يزيد بن المهلب: يا أمة الله! هل لكِ في أمير المؤمنين بعلًا؟ فنظرت إلينا، ثم أنشأت تقول:

فَإِنْ تَسْأَلَانِي عَنْ هَوَايَ فَإِنَّهُ

يَجُولُ بِهَذَا القَبْرِ يَا فَتَيَانِ

وَإِنِّي لأَسْتَحْيِيهِ وَالتُّرْبُ بَيْنَنَا

كَمَا كُنْتُ أَسْتَحْيِيهِ وَهْوَ يَرَانِي".

الأبشيهي، شهاب الدين محمد بن أحمد أبي الفتح: المستطرف في كل فن مستظرف، تحقيق مفيد محمد قميحة (بيروت: عالم الكتب، ط 1، 1424/ 2003)، ص 213.

ص: 1727

ملاحظةُ الأغراض التي من شأن المرأة أن يكون لها الحظُّ الأوفرُ فيها من الاعتبار، أي من الشؤون التي يغلب على النساء الاهتمامُ بها أكثرَ من اهتمام الرجال، فكلُّ ذلك مما يقيمون كلامَهم فيه على منوال التأنيث. ثم وجدتُ توجيهَ الخطاب إلى المرأة في مواقع أخرى غيرِ طلب السؤال عن خبر، فاتسع لي بابٌ طَرَقْتُه، فإذا وراءه كُوًى تُطِلُّ على أفنانٍ لا يعتريها ذبولٌ ولا ذُوِيّ. وقبل الخوض [في الموضوع] يتعين أن أتعرَّف ما الذي دعاهم إلى ذلك، فوجدته لا يعدو خمسةَ أغراض.

الغرض الأول: أنه كان من عادةِ نسائهم العنايةُ بالأخبار والحوادث يَعْمُرْنَ بالحديث عنها آناء اجتماعهن في الأسمار، فمن أجل ذلك يتناقَلْنها وتشيعها المرأة والأخرى، وينبسطن بالحديث فيها إلى رجالِ بيوتهن في أسمارهم. وأوضحُ مثالٍ لنا في ذلك وأجْمَلُه حديثُ أُمِّ زرعٍ الواقع في كتب السنة (1). فلما عُرف ذلك من عادتهن،

(1) هذه القصة مروية في صحيح البخاري عن عائشة - عليها الرضوان - أنها تحدثت بها في سمرها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي بعض رواياتها في غير الصحيح رفعتها إلى النبي عليه الصلاة والسلام ونصها: "جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن على أن لا يكْتُمْن من أخبار أزواجهن شيئا. قالت الأولى: زوجي لَحْمُ جملٍ غثَّ على رأس جبل، لا سهلٌ فيُرْتقَى ولا سمين فيُنْتقل. قالت الثانية: زوجي لا أَبُثُّ خبرَه، إني أخافُ أن لا أذرَه، إنْ أذكُرْهُ أذكر عُجَرَه وبُجَره. قالت الثالثة: زوجي العشَنَّق، إن أنْطِقْ أُطلَّق، وإن أَسْكُتْ أُعَلَّق. قالت الرابعة: زوجي كَلَيْلِ تِهامه، لا حرٌّ ولا قُرٌّ، ولَا مخآفةُ ولا سآمة. قالت الخامسة: زوجي إن دخل فَهِد، وإن خرج أَسِد، ولا يَسأل عمَّا عَهِد. قالت السادسة: زوجي إنْ أكل لفَّ، وإن شرب اشتفَّ، وإن اضطجع التف، ولا يولِج الكفَّ ليعلم البث. قالت السابعة: زوجي غياياء أو عياياءُ طباقاء، كلُّ داء له داء، شجَّك أو فلَّك، أو جمع كلًا لك. قالت الثامنة: زوجي المسُّ مسُّ أرنب، والريحُ ريحُ زَرْنب، وأغلبُه والناسَ يغلب. قالت التاسعة: زوجي رفيعُ العماد، طويل النَّجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد. قالت العاشرة: زوجي مالكٌ وما مالك؟ مالكٌ خيرٌ من ذلك، له إبلٌ كثيراتُ المبارك قليلاتُ المسارح، وإذا سمعن صوتَ المزْهَر أيقَنَّ أنهن هوالك. قالت الحادية عشر: زوجي أبو زرع، فما أبو زرع؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيِّ أُذُنَيَّ، وملأ من شحمٍ عَضُدّيَّ، وبَجَّحني فبَجَحَتْ إلَيَّ نفسي، وجدني في أهل غُنَيْمة بشِقٍّ فجعلني في أهل صَهيلٍ وأطيط، ودائس ومُنِقٍّ، فعنده أقول فلا أُقَبَّح، وأرْقُد فأَتَصَبَّح، وأشرَب فأتقَمَّح. أُمُّ أبي زرع، فما أم أبي زرع؟ عُكومُها رَداح، وبيتُها فِسَاح. ابنُ أبي زرع، فما ابن أبي زرع؟ مضجِعُه كمسلِّ شَطْبه، ويُشْبِعُه ذِراعُ الجفرة. بنت أبي زرع، فما بنت أبي زرع؟ طوعُ أبيها، وطوعُ أمها، =

ص: 1728

صار توجيهُ الخطاب إلى المرأة بالحثِّ على السؤال عن حادث مشيرًا إلى أهميته وبلوغه الغايةَ في نظائره، وأنه جديرٌ بالإشاعة، فإذا أرادوا ذلك وجَّهُوا الخطابَ إلى ضميرِ الأنثى أو حدَّثوا عنها بطريقِ الغيبة.

وذلك ليس من قبيل انتزاع ذاتٍ من ذات أخرى فيها صفةٌ، المعروفِ بالتجريد؛ لأن التجريدَ معدودٌ في المحسِّنات البديعية لما فيه من اللطافة بادعائه شخصًا ثانيًّا، فكان بذلك محسِّنًا في الكلام. ولا هو من قبيل توجيهِ الخطاب إلى غيرِ مُعَيَّن، وهو كثيرٌ في القرآن؛ لأنه مبنِيٌّ على التعميم لكلِّ مخاطَب، فيُفرض مخاطَبٌ غيرُ معيَّن، مع أن ذلك جارٍ على الأصل الغالب في الكلام، وهو التذكير. وهذا أعمُّ من الخطاب، فيكونُ بصيغةِ مخاطَبَةٍ وغائبة، وأيضًا هو في الغالب مفروضٌ في امرأة معيَّنة كزوجةٍ أو بنتٍ أو حبيبة، ولكنها لم تكن حاضرة.

فتعين أن يلحق غرضُنا بالأساليب المتبعة في الاستعمال، ولا يحق أن يُعدَّ في مبحث وجوه تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر من مباحث علم المعاني، كما عُد توجيهُ الخطاب إلى غير معين؛ لأن بحثنا في الاستعمال جرى على معتاد اللسان في الخطاب في أمثال الغرض الذي هو فيه، بعد أن تكرر ذلك في أمثاله. فهو بناءٌ على

= وملء كسائها، وغيظُ جارتها. جاريةُ أَبِي زَرع، فمَا جاريةُ أبِي زرع؟ لا تَبُثُّ حديثَنَا تبثيثًا، ولا تَنْقُثُ مِيرَتَنا تنقيثًا، ولا تملأ بيتنا تعْشِيشا. قالت: خرجَ أبو زرع والأوطابُ تُمْخَض، فلقِيَ امرأةً معها وَلَدَان لَها كالفَهْدَين، يلعبان مِنْ تحت خَصْرها برُمَّانتين، فطَلَّقَنِي ونكَحَها، فنكحْتُ بعده رجلًا سرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وأخذ خَطِّيًّا، وأراح عليَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وأعطاني من كل رائحة زوجًا، وقال: كُلِي أُمَّ زرع، ومِيرِي أهلَك. قالت: فلو جمعتُ كلَّ شيء أعطانيه ما بلغ أصغرَ آنِيَةِ أبِي زرع، قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنتُ لكِ كأبي زرعٍ لأمِّ زرع". - المصنف. (نقلنا هذه الحاشية من كتابه أليس الصبح بقريب؟ التعليم العربي الإسلامي: دراسة تاريخية وآراء إصلاحية، تحقيق محمد الطاهر الميساوي [حلب: دار الملتقى/ الخرطوم: هيئة الأعمال الفكرية، ط 1، 1431/ 2010]، ص 52 - 53). وانظر القصة في: صحيح البخاري، "كتاب النكاح"، الحديث 5189، ص 926 - 927. هذا وللمصنف شرحٌ مخطوط على هذه القصة، وقد شرحها كذلك القاضي عياض بشرح سماه "لذة السمع بشرح حديث أم زرع".

ص: 1729

حقيقةٍ مزعومة، وهو أشبه بالمبالغة، وقد يتجاذبه علمُ المعاني بناءً على ادعاء وجود امرأة يخاطبها، لكن ذلك خفي. وأيضًا فهم لم يبحثوا عن نظيره، وهو خطابُ المثنى في نحو "قفا نبك". فكما قصدوا عدمَ التعرض لنظيره مع شهرته بين أهل الأدب، فكذلك لا يحق أن نُلحِقَ بهم هذا النظيرَ الذي لم يهتد إليه المتقدمون. وليس مما يُعَدُّ في هذا الغرض من بحثنا كلُّ خطابٍ قُصدت فيه امرأةٌ معينة أو أكثر، كقول الأعشى:

تَقُولُ بنْتي وَقَدْ يَمَّمْتُ مُرْتحلًا:

يَا رَبُّ جَنّبْ أَبي الأَوْصَابَ وَالوَجَعَا (1)

وقول لبيد:

تَمَنَّى ابْنَتَايَ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُمَا

وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ (2)

الأبيات. وقول عبيد بن الأبرص:

تِلْكَ عَرْسِي غَضْبَى تُرِيدُ زِيَالِي

أَلِبَيْنٍ تُرِيدُ أَمِ لِدَلَالِ (3)

وقول ذهلول بن كعب العنبري - وهو من شعراء ديوان الحماسة - ونزل به ضيف وكانت امرأته غائبة، فقام إلى الرحى ليطحن لهم دقيقًا، فجاءت امرأتُه وهو كذلك، فتعجبت من ذلك:

تَقُولُ وَصَكَّتْ صَدْرَهَا بِيَمِينِهَا

أَبَعْلِي هَذَا بِالرَّحَا المُتَقَاعِسُ

فَقُلْتُ لَهَا: لَا تَعْجَلِي وَتَبَيَّنِي

بَلَائِي إِذَا التَقَتْ عَلَيَّ الفَوَارِسُ

(1) ديوان الأعشى، ص 120.

(2)

البيت هو طالع قصيدة قالها لبيد يخاطب ابنتيه حين حضرته الوفاة. ديوان لبيد، ص 50.

(3)

الجاحظ: البيان والتبيين، ج 1/ 1، ص 163. والبيت هو الثامن من قصيدة من ستة وثلاثين بيتًا من بحر الخفيف، يستعيد فيها الشاعر أحداث ويصف أحواله وعلاقاته. ديوان عبيد بن الأبرص، ص 95 - 99.

ص: 1730

لَعَمْرُ أَبِيكِ الخَيْرِ إِنِّي لَخَادِمٌ

لِضَيْفِي وَإِنِّي إِنْ رَكِبْتُ لَفَارِسُ (1)

ولا قول الراجز مما أنشده الجاحظ:

لَوْ صَخِبَتْ شَهْرَيْنِ دَأَبًا لَمْ تُمَلْ

وَجَعَلَتْ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلٍ لَا وَبَلْ

حُبُّكَ لِلْبَاطِلِ قِدْمًا قَدْ شَغَلْ

كَسْبَكَ عَنْ عِيَالِنَا، قُلْتُ: أَجَلْ

تَضَجُّرًا مِنِّي وَعِيًّا بِالحِيَلْ (2)

الثاني: أن المرأة شديدةُ الإعجابِ ببطولةِ الرَّجُلِ، لقصور قدرتها عما يستطيعُه الرجال، ولأنها ترى في بطولةِ الزَّوجِ والقرابة ما يُطمئِنُ بالَها من شر العداة والغارات، فهم يدفعون عن حريتها وكرامتها وأبنائها، وتسلم من الأسر فيهنأ عيشُها. قال النابغة:

حِذَارًا عَلَى أَلَّا تُنَالَ مَقَادَتِي

وَلَا نِسْوَتِي حَتَّى يَمُتْنَ حَرَائِرَا (3)

وكثيرًا ما كانت خصالُ البطولةِ سببًا في ميلِ المرأة إليه ومحبتها. وبعكس ذلك ضدُّه، فتخشى أن يُعَيِّرَها نساءُ الحي بِجُبْن زوجها، قال عمرو بن كثوم في معلقته:

يَقُتْنَ جِيَادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُمْ

بُعُولَتَنَا إِذَا لَمْ تَمْنَعُونَا (4)

(1) المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج 2، ص 696 - 700 (وفيه:"ودقت" بدل "وصكت")؛ الخطيب التبريزي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 474 - 476 (وفيه "فَعَالِي" بدل "بلائي"، و"التفَّت" بدل "التقت"). وجاء في ديوان الحماسة الهُذْلول بتقديم الهاء وضمها، وهو كذلك في: ابن حمدون: التذكرة الحمدونية، ج 2، ص 432، وذكر الأستاذ عبد السلام هارون في حاشية تحقيقه لشرح ديوان الحماسة أن المرزباني في معجم الشعراء أشار إلى أنه يقال كذلك "ذهلول".

(2)

الجاحظ: البيان والتبيين (نشرة موفق شهاب الدين)، ج 1/ 1، ص 10. وانظر كذلك البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام محمد هارون (القاهرة: مكتبة الخانجي، ط 7، 1418/ 1998)، ج 1، ص 6.

(3)

البيت هو السادس عشر من قصيدة من بحر الطويل، قالها في مرض النعمان بن المنذر. ديوان النابغة الذبياني، ص 70 (نشرة محمد أبو الفضل إبراهيم) و 118 (نشرة ابن عاشور).

(4)

والبيت هو السادس والتسعون من المعلقة. ديوان عمرو بن كلثوم، حققه وشرحه إميل بديع يعقوب (بيروت: دار الكتاب العربي، ط 2، 1416/ 1996)، ص 87.

ص: 1731

الثالث: أنهم يريدون إظهارَ ثباتِهم على خصالهم ومحامدهم، وأنهم لا يُغَيِّرُهم عنها مُغَيِّر، ولا يصدُّهم لومُ أزواجهم وحبائبهم، قال:

وَتَرَانَا يَوْمَ الكَرِيهَة أَحْرَا

رًا وَفِي السِّلْمِ لِلْغَوَانِي عَبِيدَا (1)

الرابع: أن يُبْنَى الشعرُ على خطاب المرأة في الشؤون التي يليها النساء، فيكونَ بناءُ ذلك الخطابِ إخراجًا للكلام على الغالب.

الخامس: تذَكُّرُ الخليلةِ عند الوقوع في مآزق الشدة؛ لأن ذلك من تَذَكُّرِ النَّعيم عند حُلول البؤس؛ إذ الشيءُ يُذكَرُ بضَدِّه، أو في حالة المسرة والانبساط، فالسِّيُّ بالسِّيِّ يذكر. فأما ما يرجع إلى الأمر الأول الجاري على أن يُطلبَ من المرأة أن تسأل وتستقري - وهو عمودُ هذا المقال - فأشهرُ وأقدمُ ما فيه قولُ السموأل بن عاديا، وهو عصريُّ امرئ القيس:

سَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنْهُمُ

فَلَيْسَ سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ (2)

والمعروفُ عند الرواة أنها للسموأل، وقد تردَّدَ في ذلك أبو تمام في "ديوان الحماسة"، فنسب القصيدةَ إلى عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي، وهو شاعرٌ إسلامي (3)، فخاطب امرأةً بأن تَسأل عن قومه وعن أقوامٍ دونهم، ولم يتقدم ذكرٌ

(1) البيت من مقطوعة من خمسة أبيات لأبي العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن رزيق بن ماهان الخزاعي، كان واليًا على الدينور في زمن المأمون. كان شهمًا، جوادًا سخيًّا، عالِمًا متأدبًا، وهو الذي قصده أبو تمام وفي ضيافته ألف كتابه "ديوان الحماسة" اعتمادًا على ما جمعه هذا الوالي من كتب ودواوين نادرة. وقيل إن المقطوعة المذكورة لأصرم بن حميد أحد ممدوحي أبي تمام. ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج 3، ص 85 - 86.

(2)

البيت من قصيدة من خمسة عشر بيتًا قالها الشاعر في الافتخار بقبيلته وتعداد خصالها النبيلة من كرم وشرف نسب وسؤدد، وطالعها:

إِذَا المَرْءُ لَمْ يَدْنَسْ مِنَ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ

فكُلُّ رِدَاءٍ يَرْتَدِيهِ جَمِيلُ

ديوانا عروة بن الورد والسموأل (بيروت: دار صادر، بدون تاريخ)، ص 92.

(3)

الخطيب التبريزي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 86. وقد ساق أبو تمام القصيدة كاملة.

ص: 1732

لامرأة ولا توجيهُ خطابٍ إليها من قبل، جريًا على ما مَهَّدْناه من تهمُّمِ النساء بتطلع الأخبار، وإعجابهن بجلائل الفعال. ومثلُه قولُ عنترة:

هَلَّا سَأَلْتِ الخَيْلَ يَابْنَةَ مَالِكٍ

إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي

يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّنِي

أَغْشَى الوَغَى وَأَعفُّ عِنْدَ المَغْنَمِ (1)

وقال النابغة:

هَلَّا سَالتِ بَنِي ذُبْيَانَ مَا حَسَبِي

إذَا الدُّخَانُ تَغَشَّى الأَشْمَطَ البَرَمَا

يُخْبِرْكِ ذُو عِرْضِهِمْ عَنِّي وَعَالِمُهُمْ

وَلَيْسَ جَاهِلٌ شَيْئًا مِثْلَ مَنْ عَلِمَا (2)

فهذا سَنَنٌ قديم في الأدب العربي.

وأما عامرُ بن الطفيل العامري الكلابي فأغرب وأغرق؛ إذ هدد امرأتَه بالطلاق إن زهدت في المسألة عن بلائه، فقال:

طُلِّقْتِ إِنْ لَمْ تَسْأَلِي أَيُّ فَارِسٍ

حَلِيلُكِ إِذْ لَاقَى صُدَاءً وَخَثْعَمَا (3)

(1) البيتان هما التاسع والأربعون والثاني والخمسون من المعلقة. ديوان عنترة، ص 207 و 209 (نشرة مولوي)؛ القرشي: جمهرة أشعار العرب، ص 218.

(2)

ديوان النابغة الذبياني، ص 217 - 218 (نشرة ابن عاشور وص 62 - 63 (نشرة محمد أبي الفضل إبراهيم)، وفي النشرتين:"يُنْبِئْك" بدل "يُخبرك". وفي عدد أبيات القصيدة التي منها هذان البيتان اختلاف بين النشرتين، ففي الأولى جاءت القصيدة في سبعة وعشرين بيتًا، بينما لا تشتمل في الثانية إلا على ثلاثة وعشرين.

(3)

صداء الصاد بالمد، حي من مذحن، وخثعم قبيلة من اليمن. - المصنف. والشاعر هو عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري، وهو ابن عم الشاعر لبيد بن ربيعة. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: تجعل لي نصف ثار المدينة وتجعلني ولِيَّ الأمر بعدك وأُسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم اكفني عامرًا واهد بني عامر". فانصرف وهو يقول: لأملأنها عليك خيلًا جُردًا ورجالًا مُردًا، ولأربطن بكل نخلة فرسًا، فطُعن في طريقه فمات وهو يقول: غُدة كغدة البعير، وموت في بيت سلولية. الدينوري: الشعر والشعراء، ص 194 - 195. والبيت هو الأول من بيتين في ديوان الحماسة نسبهما له. المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 153 (الحماسية 28). =

ص: 1733

وقد يجيءُ لمجرَّدِ الخبرِ بمواقع فخرِهم دون سؤال، كقولِ الأشهب بن رُمَيلة أو حريث بن مخفض من شعراء الحماسة:

وَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلَجٍ دِمَاؤُهُمْ

هُمُ القَوْمُ كُلُّ القَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدِ (1)

وقولِ سيَّار بن قَصِيرٍ الطائي من شُعراء صدر الإسلام، وقد شهد فتح أرمينية:

لَوْ شَهِدَتْ أُمُّ القُدَيْدِ طِعَانَنَا

بِمَرْعَشَ خَيْل الأَرْمَنِيِّ أَرَنَّتِ (2)

وأما ما يرجع إلى الأمر الثاني، ففيه قال عنترة:

إِنْ تُغْدِفِي دُونِي القِنَاعَ فَإِنَّنِي

طَبٌّ بِأَخْذِ الفَارِسِ المُسْتَلْئِمِ (3)

وقتال أُنَيْفُ بن زبَّان الطائي:

فَلَمَّا التَقَيْنَا بَيَّنَ السَّيْفُ بَيْنَنَا

لِسَائِلَةٍ عَنَّا حَفِيٌّ سُؤَالُهَا (4)

وقال لبيد:

= ولكن الخطيب التبريزي استدرك عليه في شأن البيت الثاني، ونسبه لعبد عمرو بن شريح بن الأَحوَص بن جعفر بن كلَاب فارس دعلج، مع اختلاف في اللفظ والمعنى. التبريزي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 119 - 120.

(1)

أنشده سيبويه في باب إطلاق الذي وإرادة الذين، ونسبه لأشهب بن رميلة. الكتاب، ج 1، ص 246. وانظر تخريج البيت مفصلًا في هامش الصفحة نفسها.

(2)

المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 163 (الحماسية 30). وأرنت بمعنى رنت.

(3)

البيت هو الأربعون من المعلقة. ديوان عنترة ومعلقته، تحقيق خليل شرف الدين (بيروت: دار ومكتبة الهلال، 1997)، ص 61؛ ديوان عنترة، ص 205 (نشرة مولوي).

(4)

الحفي الملح. يقال أحفى المسألة، إذا ألح، فجاء حفي على زنة فعيل تخفيفًا، وحقه محف. - المصنف. المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 172 (الحماسية 33)؛ شرح ديوان الحماسة للتبريزي، ج 1، ص 130 (الحماسية 34). واسم الشاعر - كما جاء في ديوان الحماسة بشرح المرزوقي - أُنيف بن حكيم النبهاني، وفي شرح التبريزي: أُنيف بن زبان النبهاني من طيء. الخطيب التبريزي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 128.

ص: 1734

أَوَلَمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارُ بِأَنَّنِي

وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُهَا

تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا

أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا (1)

ومما ينتظمُ في هذا السِّلك مواجهةُ المرأة بأن تَسأل عن كرمه، كما قال مضرَّس العبدي:

فَلَا تَسْأَلِينِي وَاسْأَلِي عَنْ خَلِيقَتِي

إِذَا رَدَّ عَافِي القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرُهَا (2)

وأما الأمر الثالث فقد تعددت فيه الأغراض، على حسب تعدُّدِ الأحوال التي تتطرق فيها النساءُ إلى محاولةِ صَرْفِ الرجلِ عَنْ عزمه أو خُلُقِه، لرِفْقٍ به أو نحو ذلك. فمن ذلك لومُ المرأة زوجَها على السَّخاء إبقاءً على ماله، كقول ضمرة بن ضمرة النهشلي - وهو شاعرٌ جاهليٌّ - أنشده له أبو زيد في كتاب "النوادر":

بَكَرَتْ تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنٍ فِي النَّدَى

بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلَامَتِي وَعِتَابِي (3)

وقولِ النَّمِر بن تَوْلَب:

(1) ديوان لبيد، ص 113. والبيتان من المعلقة.

(2)

البيت هو الثالث من قصيدة من ثمانية عشرة بيت نسبها المفضل لعوف بن ربيعة الأحوص بن جعفر بن كلاب (وينتهي نسبه إلى قيس عيلان) لا مضرس العبدي ها. الضبي: المفضليات، ص 165. (المفضلية رقم 37). وكذلك أنشده الجاحظ والجوهري لعوف بن الأحوص الباهلي. كتاب الحيوان، ج 5، ص 136؛ الصحاح في اللغة، ج 6، ص 2432. وعوف هذا سماه لبيد بن ربيعة "صاحب ملحوب". انظر كتاب الحيوان، ج 2، ص 8 (الحاشية 7).

(3)

الأنصاري: كتاب النوادر في اللغة، ص 143. ومما يحكى عن ضمرة - وهو من خطباء بني تميم واسمه كذلك شقة، وكان قصير القامة دمث الخلق - أنه لما دخل على النعمان بن المنذر قال النعمان: "تسمع بالمعيدي لا أن تراه"، فرد عليه بقوله: "أبيت اللعن، إن الرجال لا تُكال بالقفزان، ولا توزن بالميزان، وليست بمسواك يُستاك بها. وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إن صال صال بجنان، وإن قال قال ببيان".

ص: 1735

لَا تَجْزَعِي إِن مُنْفسًا أَهْلَكْتُهُ

فَإِذَا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَاجْزَعِي (1)

وقول تأبط شرًّا مما أنشده في المفضليات:

بَلْ مَنْ لِعَذَّالَةٍ خَذَّالَةٍ أَشِبٍ

حَرَّقَ بِاللَّوْمِ جِلْدِي أَيَّ تَحْرَاقِ (2)

يَقُولُ أَهْلَكْتَ مَالًا لَوْ قَنِعْتَ بِهِ

مِنْ ثَوْبِ صِدْقٍ وَمِشَنِّ بَزٍّ وَإِعْلَاقِ

ثم قال لها:

لَتَقْرَعَنَّ عَلَيَّ السِّنَّ مِنْ نَدَمٍ

إِذَا تَذَكَّرْتِ يَوْمًا بَعْضَ أَخْلَاقِي (3)

ومنه أن لا يعبأ بمراجعةِ حليلةٍ، أو حبيبةٍ أن تعوقه عن مغامرته، قال كُثَيِّر يَمْدَحُ عبدَ الملك بنَ مروان:

إِذَا مَا أَرَادَ الغَزْوَ لَمْ يَثْنِ هَمَّهُ

حَصَانٌ عَلَيْهَا نَظْمُ دُرٍّ يَزِينُهَا

نَهَتْهُ فَلَمَّا لَمْ تَرَ النَّهْيَ عَاقَهُ

بَكَتْ فَبَكَى مِمَّا شَجَاهَا قَطِينُهَا (4)

(1) البيت هو الرابع من قصيدة في خمسة عشر بيتًا (من بحر المتقارب) قالها الشاعر يصف نفسَه بالكرم، ويعاتب زوجَه على لومها فيه. ديوان النمر بن تولب العكلي، تحقيق محمد نبيل طريفي (بيروت: دار صادر، ط 1، 2000)، ص 84.

(2)

اللام في قوله باللوم عوض عن المضاف إليه أي بلومها كقوله تعالى فإن الجنة هي المأوى. - المصنف.

(3)

الضبي: المفضليات، ص 18 - 19؛ الدينوري: الشعر والشعراء، ص 179 - 180؛ ديوان تأبط شرًّا وأخباره، جمع وتحقيق علي ذو الفقار شاكر (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط 1، 1404/ 1984)، ص 125 - 144. والأبيات هي الخامس والسادس بعد العشرين والأخير من قصيدة من واحد وثلاثين بيتًا من البحر البسيط. وهناك اختلاف بين الروايات، فعند ابن قتيبة وفي المثبت في الديوان:"يَا مَنْ" بدل "بَلْ مَنْ"، و"تَقول" بدل "يَقول".

(4)

الجمحي: طبقات الشعراء، ص 167؛ ديوان كثير عزة، ص 365 - 366. وجاء في الديوان لفظ "عَزْمَهُ" بدل "هَمَّهُ".

ص: 1736

وقد قالَ ذلك من قبل أن يكونَ ما تخيله في شعره واقعًا، كما هو اللائق بحرمة الخليفة. ومنه أيضًا أن يصف ما هو من خواطر النساء ولم تصرح به المرأة، كقول سُلْمَى بن ربيعة:

زَعَمَتْ تُمَاضِرُ أَنَّنِي إِمَّا أَمُتْ

يَسْدُدْ أُبَيْنُوهَا الأَصَاغِرُ خَلَّتِي

تَرِبَتْ يَدَاكِ وَهَلْ رَأَيْتِ لِقَوْمِهِ

مِثْلِي عَلَى يُسْرِي وَحِينَ تَعَلَّتِي

قال ذلك وهي بعيدةٌ عنه، لقوله في أول القصيدة:

حَلَّتْ تُمَاضِرُ غَرْبَةً فَاحْتَلَّتِ

فَلْجَأْ وَأَهْلُكَ بِاللِّوَى فَالحِلَّةِ (1)

وأما ما يرجع إلى الأمر الرابع، فنحوُ قولِ حاتم:

يَا رَبَّةَ البَيْتِ قُومِي غَيْرَ صَاغِرَةٍ

ضُمِّي إِلَيْكِ رِجَالَ الحَيِّ وَالغُرَبَا (2)

وقولُ الشاعر الذي لم يُعرف، وهو من شواهد كتاب المفتاح:

أَتَتْ تَشْتَكِي مِنِّي مُزَاوَلَةَ القِرَى

وَقَدْ رَأَتْ الضِّيفَانَ يَنْحُونَ مَنْزِلِي

فَقُلْتُ لَها لمَّا سَمِعْتُ كَلَامَهَا:

هُمُ الضَّيْفُ جِدِّي فِي قِرَاهُمْ وَعَجِّلِي (3)

(1) المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 546 - 548 (الحماسية 178)؛ البغدادي: خزانة الأدب، ج 8، ص 36.

(2)

ليس البيت في ديوان حاتم الطائي، وقد نسبه المصنف في تفسيره مرةً إلى محكان التميمي، ومَرةً إلى مُرة بن مَحكان التميمي (تفسير التحرير والتنوير، ج 3/ 3، ص 108 وج 6/ 12، ص 118 - 119). والصواب هو الأخير، والشاعر من بني سعد بن زيد مناة التميمي، شاعر إسلامي مقل، من شعراء الدولة الأموية، كان معاصرًا لجرير والفرزدق. والبيت هو الأول من مقطوعة من ثلاثة عشر بيتًا أوردها أبو تمام في باب الأضياف. المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج 4، ص 1562 - 1568 (الحماسية 675).

(3)

البيتان بلا نسبة في: السكاكي: مفتاح العلوم، ص 435 (نشرة هنداوي)؛ القزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، ص 71؛ الجرجاني: الإشارات والتنبيهات، ص 55. وجاء صدر البيت الثاني في هذه المصادر:"فَقُلْتُ كَأَنِّي مَا سَمِعْتُ كَلَامَهَا"، بينما جاء في صدر البيت الأول "عندي" عوض "مني".

ص: 1737

وأما الأمر الخامس، فأقدمُ ما فيه قولُ عنترة:

وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ

مِنِّي وَبِيضُ الهِنْدِ تَفَطَّرُ مِنْ دَمِي

فَوَدَدْتُ تَقْبِيلَ السُّيُوفِ لأَنَّهَا

لمَعَتْ كَبَارِقِ ثَغْرِكِ المُتَبَسِّمِ (1)

وقال أبو عطاء السِّنْديُّ:

ذَكَرْتُكِ وَالخَطِيُّ يَذْكُرُ بَيْنَنَا

وَقَدْ نَهِلَتْ مِنِّي المُثَقَّفَةُ السُّمْرُ (2)

وقال ابن رشيق في قتال البحر:

وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ فِي السَّفِينَةِ وَالرَّدَى

مُتَوَقَّعٌ بِتَلَاطُمِ الأَمْوَاجِ

وَعَلَى السَّوَاحِلِ لِلأَعَادِي غَارَةٌ

وَأَنَا وَذِكْرُكِ فِي أَلَذِّ تَنَاجِ (3)

وقال ابنُ زيدون في التذكُّر عند ساعات السرور:

(1) ديوان عنترة ومعلقته، ص 86؛ الخطيب التبريزي: شرح ديوان عنترة، نشره بعناية مجيد طراد (بيروت: دار الكتاب العربي، ط 1، 1413/ 1992)، ص 191. وهما بيتان مفردان في الغزل من بحر الكامل.

(2)

المرزوقي: شرح ديوان الحماسة، ج 1، ص 56 (الحماسية 7). وفيه:"يَخْطِر" بدل "يذكر"، و"مِنَّا" بدل "مني".

(3)

ساق المصنف البيتين على غير نسقهما، وهما جزء من القطعة الآتية:

وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ في السَّفينَةِ والرَّدى

مُتَوَقَّعٌ بِتَلَاطُمِ الأَمْوَاجِ

وَالجوُّ يَهْطِلُ والرياحُ عَوَاصفٌ

وَاللَّيْلُ مُسْوَدٌّ كالذَّوائِبِ داجِ

وَعَلى السَّوَاحِلِ للأعادي غارةٌ

يُتَوَقّعُونَ لِغَارَة وَهِيَاجِ

وَعَلَت لِأصْحابِ السَّفينَة ضَجَّة

وَأَنا وَذِكْرُكِ فِي أَلَذِّ تَناج

ديوان ابن رشيق القيرواني، جمعه وحققه عبد الرحمن ياغي (بيروت: دار الثقافة، بدون تاريخ)، ص 48.

ص: 1738

إِنِّي ذَكَرْتُكِ بِالزَّهْرَاءِ مُشْتَاقًا

وَالأُفْقُ طَلْقٌ وَوَجْهُ الأَرْضِ قَدْ رَاقَا (1)

وهذا البيتُ من أجمل ما قيل في الذكر؛ لأنه ذكر الحبيبةَ بِمُشَابِهها، وبالمكانِ الذي يليقُ أن تكونَ حاضرةً فيه، وبحصةِ الزمان التي تُعَدُّ من نفائس العمر.

(1) والبيت هو طالع قصيدته في ذكرى ولادة بنت المهدي وهو يشتمل على خمسة عشر بيتا. ديوان ابن زيدون، شرح وضبط وتصنيف كامل كيلاني وعبد الرحمن خليفة (القاهرة: مطبعة عيسى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط 1، 1351/ 1932)، ص 257. وقد أورد الأبيات كذلك شيخ العربية في الهند العلامة المحقق عبد العزيز الميمني عليه رحمة الله في مجموعة بعنوان "النُّتف من شعر ابن رشيق وابن شرف القيروانيَّيْن". الميمني، العلامة عبد العزيز: بحوث وتحقيقات، أعدها للنشر محمد عزيز شمس وراجعها محمد اليعلاوي وقدم لها شاكر الفحام (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط 1، 1995)، ج 2، ص 143.

ص: 1739

ملحق

المِحْوَر الرَّابع

ص: 1741