الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعززَهما بما لا يلوح لي، حتى إذا ضُمَّ ذلك إلى فوائد الناشر كان مضربَ "كم ترك الأول للآخر"(1).
مؤلف هذه المقدمة:
مرت قرون لم يجر فيها ذكر لمؤلفات خلف الأحمر، ولم يُذكر له في كتب التراجم إلا كتابه في جبال العرب وما قيل فيها من الشعر الذي لا نعرف شيئًا عن وجوده اليوم، فكان ظهورُ هذه المقدمة حدثًا جديدًا في تاريخ تطور دراسة النحو ولا سندَ يُستند إليه في صحة نسبة هذه المقدمة إلى خلف الأحمر إلا ما رقمه ناسخُ النسخة، ولعلّ فيه كفايةً تُغلِّب الظنَّ بصحة نسبة الكتاب إليه؛ لانتفاء دواعي التدليس والإلحاق، ولتوفر قرائن الصدق، وليس لنسبة كثير من الكتب الوحيدة إلى أربابها أكثر من وجود اسم المؤلف على الكتاب. ولا يريبنا في ذلك ما وقع في أثنائه من جملة:"قال خلف الأحمر رحمه الله"؛ فإن مثلَ ذلك يكثر وُرودُه وأكثرَ منه تحليةً وترحمًا، وهو مما يُقحِمه الرّواةُ عن المؤلفين.
إن الذين ترجموا لخلف الأحمر - مثل أبي البركات الأنباري وابن النديم وياقوت (2) - لم يذكروا هذه المقدمة، ولعل عدمَ تعرضهم لها لأنهم لم يعثروا عليها لقلة تداولها. ولعلها لم تشع في التعليم، أو لم تلبث إلا قليلًا؛ إذا استغنى المعلمون عنها بما عُمل بعدها من المقدمات، مثل مقدمة أبي العباس المبرد، ذكرها في كشف
= بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسن، صححه وعلق عليه عبد الله محمد الصديق (بيروت: دار الكتب العلمية، ط 2، 1427/ 2006)، الحديث 1204، ص 497 - 498.
(1)
وذلك بعكس قولهم: "ما ترك الأول للآخر شيئًا"، فلا أحد من العلماء يمكن أن يدعيَ أنه فيما انتهى إليه علمه واجتهاده قد بلغ الغاية وأوفى على النهاية، بل هناك دائمًا مجال لأن يضيف اللاحق لما تركه السابق ويستدرك عليه، وبذلك تنمو المعرفة وتزيد العلوم.
(2)
أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن بن محمد ابن الأنباري: نزهة الألباء في طبقات الأدباء، تحقيق إبراهيم السامرائي (الزرقاء/ الأردن: مكتبة المنار، 1405/ 1985)، ص 53 - 54؛ ابن النديم: الفهرست، ص 72. وقد ترجم له قبلهم ابن قتيبة. الشعر والشعراء، ص 474.
الظنون ولم نقف عليها، ولا ندري أهي موجودة؟ ومثل عوامل (1) الشيخ عبد القاهر المتوَفَّى سنة 471 هـ، وأنموذج الزمخشري المتوفَّى سنة 538 هـ، مقدمة ابن آجروم المتوفَّى سنة 723 هـ، ومقدمات ابن هشام المتوفَّى سنة 761 هـ.
وليس في الكلمة التي رُقمت في أول النسخة: "رب يسر وأعن بلطفك" ما يكسب الظن قوة؛ إذ الافتتاح بأمثال هذه الكلمة في نسخ الكتب مستمرٌّ في سائر العصور غير مقصور على العصور الأولى، فلا يغلِّب ظنَّ نسبةِ التأليف إلى أحد الأقدمين، وذلك صنيع الناسخين والوراقين. وقد تختلف نسخُ الكتب في تلك الفواتح، والأكثر أن تعرُوَ عنها. وإنما يقصد الناسخون بمثلها الاستعانةَ على إتمام العمل، ولذلك لا تجد في "كشف الظنون" تعريف فواتح التآليف بمثل تلك الكلمات.
وما الكلمةُ الواقعة في مطبوعة كتاب سيبويه ببولاق إلا من عمل ناسخ النسخة المطبوع عليها، أو من عمل مخطط لوحة الفاتحة المطبوعة، ولا توجد تلك الكلمة في مطبوعة كتاب سيبويه بباريس سنة 1881 م (2) التي هي طبعةٌ علمية مقابلة بعدة نسخ عتيقة منسوبة. ولا توجد أيضًا في مخطوطة كتاب سيبويه العتيقة، وهي بجامع الزيتونة؛ قال في كشف الظنون:"أول كتاب سيبويه: هذا باب علم ما الكلم من العربية"(3).
(1) والعنوان الكامل للكتاب هو "العوامل المائة النحوية في أصول علم العربية"، حققه - بشرح الشيخ خالد الأزهري الجرجاويِّ - البدراويُّ زهران ونشرته دارُ المعارف بمصر.
(2)
طبعة باريس هي الطبعة التي حققها هرتويغ درنبرغ Hartwig Derenbourg (أستاذ اللغة العربية بمدرسة اللغات الشرقية في باريس، ولد سنة 1844 وتوفِّيَ سنة 1908) وطبعت في مجلدين بعنوان "كتاب سيبويه المشهور في النحو واسمه الكتاب" سنة 1881 م، وهي أول طبعة للكتاب. وطبع بعد ذلك بالهند سنة 1887 م، ثم ترجم في ألمانيا اعتمادًا على الطبعة الفرنسية ما بين سنتي 1895 و 1900 م، ثم تلتها الطبعة الرابعة وهي طبعة بولاق خلال 1898 - 1900 م. وتوالت بعد ذلك نشرات أخرى للكتاب، محققة وغير محققة، وأهمها نشرتا عبد السلام هارون وإميل بديع يعقوب.
(3)
حاجي خليفة: مصطفى بن عبد الله: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، تحقيق محمد شرف الدين يالتقايا ورفعت بيلكه الكليسي وتقديم آية الله السيد شهاب الدين النجفي المرعشي =