الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا شكَّ أنه يعتبر في الوزر من وقت تكليفه وبلوغه مبلغَ الرجال، فنأخذ خمسًا وستين سنة من قبل سنة 161 هـ، فيكون مولد بشار سنة ست وتسعين أو خمس وتسعين أو سبع وتسعين، وسنذكر سببَ وفاته، وصفةَ قتله.
صفته:
كان بشارٌ ضخمًا، عظيم الخَلق، مفرط الطول، عظيم الوجه، أعمى، أكمه، جاحظ العينين قد تغشاهما لحمٌ أحمر، فكان قبيحَ العمى مجدورَ الوجه. وقد ضُرب المثلُ بقباحة عينه، فقالوا:"كعين بشار بن برد"، ذكره الثعالبي في ثمار القلوب، قال: "وفي عين بشار يقول مخلد بن علي السلامي، وهو يهجو إبراهيم بن المدَبِّر ويدعو عليه:
رأَيْتُك لا تُحب الودَّ إلا
…
إذا ما كان مِنْ عصَب وجِلْدِ
أرانِي اللهُ وجهَكَ جَاحِظِيًّا
…
وعَيْنَكَ عَيْنَ بَشَّار بنِ بُرْدِ (1)
وكان قد ولد أعمى، فهو أكمه. وفي ذلك قال:
عَمِيتُ جَنِينًا وَالذَّكَاءُ مِنَ العَمَى
…
فَجِئْتُ عَجِيبَ الظَّنِّ لِلْعِلْمِ مَوْئِلَا
وَغَاضَ ضِيَاءُ العَيْنِ لِلْعِلْمِ رَافِدًا
…
لِقَلْبٍ إِذَا مَا ضَيَّعَ النَّاسُ حَصَّلَا (2)
= الأغاني، ج 1/ 3، ص 699 (نشرة الحسين). ديوان بشار بن برد، ج 2/ 3، ص 248. أما البيت الذي أشار إليه المصنف فلعله الذي جاء فيه قول بشار:"مُنْذُ سِتِّين حِجَّةٍ" من القصيدة التي قالها بشار في هجاء أبي هشام الباهلي.
(1)
الثعالبي: ثمار القلوب، ص 224. وصدر البيت الثاني على غير ما ذكر المصنف، ونصه: "أرانِي اللهُ عِزَّكَ في انْحِناءٍ".
(2)
الأصفهاني: في كتاب الأغاني، ج 3، ص 142 (نشرة القاهرة)، الأغاني، ج 1/ 3، ص 646 (نشرة الحسين). الخطيب البغدادي: تاريخ مدينة السلام، ج 7، ص 612. وللبيتين ثالث يصف فيه بشار شعره فيقول:
وَشِعْرٍ كَنَوْرِ الرَّوْضِ لَاءَمْتُ بَيْنَهُ
…
بِقَوْلٍ إِذَا مَا أَحْزَنَ الشِّعْرُ أَسْهَلَا
ديوان بشار بن برد، ج 2/ 4، ص 158.
وكان إذا أراد أن يُنشد شعرًا صفق بيديه، وتنحنح وبصق عن يمينه وعن شماله، ثم ينشد. قال الجرجاني في كتاب "الكنايات" عن أبي عبيدة:"كان بشار إذا أراد الشعر نفث"(1)، وقال أُبان بن عبد الحميد:"حضرتُ بشارًا يومًا في دهليزه كأنه جبل نفخ فيه الروح"(2). ووصف بشارٌ لِحيةَ نفسه، فقال على لسان جارية:
يُلْصِقُ بِي لِحْيَةً لَهُ خَشُنَتْ
…
ذَاتَ سَوَادٍ كَأَنَّهَا الإِبَرُ (3)
(1) قال الجرجاني: "حكى أبو عبيدة قال: كنت أقود بشارًا فمررنا على باهلة، فسلم فلم يردّوا، فالتفت إلَيَّ وقال: من فيهم؟ قلت: عمرو الظالمي، فنفث، وكان إذا أراد الشعر نفث. . ." الجرجاني، القاضي أبو العباس أحمد بن بن محمد: المنتخب من كنايات الأدباء وإرشادات البلغاء، ويليه كتاب التعريض والكناية لأبي منصور الثعالبي (بيروت: دار الكتب العلمية ببيروت، ط 1، 1405/ 1984)، ص 20. وقريبٌ من هذا ما ذكره الأصفهاني عن الأصمعي قال:"وكان إذا أراد أن ينشدَ صفق بيديه وتنحنح، وبصق عن يمينه وشماله، ثم يُنشد فيأتي بالعجب". كتاب الأغاني، ج 3، ص 141 وكذلك ص 245 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 716 (نشرة الحسين).
(2)
لم أجد هذا الكلام المنسوب لأبان بن عبد الحميد اللاحقي، ولكن أورد الأصفهاني حكايةً في المعنى نفسه عن علي بن الصباح عن بعض الكوفيين قال: "مررت ببشار وهو متبطِّحٌ في دهليزه كأنه جاموس، فقلت له: يا أبا معاذ، من القائل:
فِي حُلَّتي جِسْمُ فَتًى نَاحِلٍ
…
لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ بِه طَاحَا
قال: أنا؛ قلت: فما حملك على هذا الكذب؟ والله إني لأرى أن لو بعث الله الرياحَ التي أهلك بها الأمم الخالية ما حركتك من موضعك. فقال بشار: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة؛ فقال: يا أهلَ الكوفة لا تدَعُون ثقلَكم ومقتَكم على كل حال! " كتاب الأغاني، ج 3، ص 214 - 215 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 695 (نشرة الحسين).
(3)
ديوان بشار بن برد، ج 2/ 3، ص 155. والبيت من قصيدة تشتمل على ستة وعشرين بيتًا من بحر المنسرح، قالها في وصف "تغريره ببنت غريرة، وحيرتها فيما تعتلُّ بها لأهلها لما أبقى لها في جسدها من أثر، وقد وصف فيها حال المخلَّقين". المصدر نفسه، ص 153 (حاشية محقق الديوان وشارحه). الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج 3، ص 183 (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج 1/ 3، ص 673 (نشرة الحسين). وطالع القصيدة:
قَدْ لَامَني في خَلِيلَتِي عُمَرُ
…
وَاللَّوْمُ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ قَدَرُ
ذكر الأصفهاني في ترجمة مطيع بن إياس - وقد نسب إليه ستة أبيات من أول هذه القصيدة ووسطها - أن عمر هذا هو عمر بن سعيد، وأنه كان صديقًا لمطيع، وذكر أن عمر عاتب مطيعًا =